الموت من وجهة النظر الإكلينيكية (الطبية)
الموت من وجهة النظر الإكلينيكية (الطبية)
moqatel.com
وقد واجه الناس الموت بمجموعة من المعتقدات الدينية التي تعطي الموت معنى يتجاوز حدود العالم الطبيعي. كما ظهر في الآونة الأخيرة علمٌ جديدٌ يطلق عليه علم الموت (Thanatology) الذي يقوم بدراسة الموت، وفحص المتغيرات الحيوية التي تحدث قبل، وأثناء، وبعد خروج الروح. كذلك يبحث هذا العلم في النواحي الاجتماعية، والنفسية، والعاطفية، والقانونية، والأخلاقية التي تصاحب الموت، أو تترتب عليه.
ويُعرِّف العلماء الموت على أنه نضوب مصدر الطاقة التي تحتاجها الخلية لأداء وظائفها الحيوية. وبدون هذه الطاقة تتحول الخلايا إلى مجموعة من الجزيئات العضوية وغير العضوية التي لا حياة فيها. ومن المعروف أن الخلايا تستمد طاقتها من مركب يعرف بالأدينوسين ثلاثي الفوسفات الذي يتكون من اتحاد الأكسجين مع أحد أنواع الأحماض الدهنية أو الجلوكوز.
ولأن الإنسان -وكذا أنسجته وخلاياه- لا يستطيع تخزين الأكسجين، فإن الخلايا تكون بحاجة ماسة إلى إمداد مستمر من الأكسجين الذي تحصل عليه من الدم الجاري في الشعيرات الدموية.
فإذا ما انقطع وصول الدم إلى الخلايا. استحال استمرار حياتها إلاّ لفترات قصيرة، تراوح بين 5-8 دقائق لخلايا الدماغ العصبية، و50 ـ 60 دقيقة في حالة خلايا القلب، والكلية، والكبد. ويُعزى هذا التباين إلى درجة نشاط الخلية، وكمية الطاقة التي تحتاجها لاستمرار هذا النشاط. فإذا ما عاد الأكسجين إلى الخلايا خلال هذه الفترة، استعادت هذه الخلايا نشاطها، وبقيت حية. وعلى النقيض من هذا، إذا حُرمت الخلايا من الأكسجين لفترة طويلة، استحالت عودتها إلى الحياة مرة أخرى.
وقد تستمر حياة الإنسان على الرغم من موت بعض خلاياه، مثل استمرار حياة الإنسان رغم موت جزءٍ من عضلة القلب (وهو ما يطلق عليه الاحتشاء). كما يمكن أن يعيش الإنسان إذا بُتر جزءٌ من ساقيه أو ذراعيه، وعلى النقيض من ذلك لا يستطيع الإنسان الحياة، إذا ماتت خلاياه العصبية المكوِّنة للمراكز الهامة في المخ الأوسط. ولأن القلب هو العضو الذي يدفع الدم، بعد تشبعه بالأكسجين في الرئتين، إلى جميع خلايا الجسم، اُعتُقد قديماً أن الشخص يكون ميتاً - من وجهة النظر الطبية - إذا توقفت ضربات قلبه
إلا أنه مع الطفرة التي حدثت في مجال التقنية الطبية ظهر عديد من العقاقير والأجهزة الاصطناعية الطبية التي مكنت الأطباء من إعادة التنفس، وضربات القلب للمريض بعد توقفها. ليس ذلك فحسب، بل تستطيع هذه الأجهزة الإبقاء على استمرارية عمل القلب والرئتين، حتى عند تلف دماغ المريض. نتيجة لذلك عُدِّل التعريف السابق للموت ليُقِر أن الموت هو توقف وظائف الدماغ، وعندئذ يكون الإنسان قد فقد إدراكه كاملاً، ولم يعد يستجيب للمؤثرات الخارجية، حتى لو ظل قلبه ينبض.
ومن الممكن التأكد من موت الدماغ بعديد من الاختبارات الطبية التي تؤكد توقف الدماغ عن العمل، عندئذ تسحب الأجهزة المساعدة للحياة، وتتوقف ضربات القلب.
وفي المستشفيات تستخرج شهادة الوفاة إذا فقد الإنسان إدراكه، ولم يعد يستجيب لأي مؤثر، مع غياب رد الفعل المعاكس. كذلك إذا أعطى رَسّام المخ الكهربائي خطّاً مستقيماً، دلالة على توقف عمل الدماغ، على مدى يومين متتاليين.
وقرار سحب الأجهزة المساعدة قرار صعب جدّاً، لذلك لا يُتخذ مثل هذا القرار إلا من قِبَل لجنة مكوَّنة من أساتذة الجامعات، والأطباء، والأخصائيين الاجتماعيين، وأهل المريض ليتحملوا مسئولية اتخاذ هذا القرار الصعب.
واستخراج شهادة الوفاة عقب التأكد من الموت الإكلينيكي هامٌّ جداً في الحالات التي تتم فيها عمليات نقل الأعضاء، حيث تؤخذ هذه الأعضاء، وتزرع في مكان عضو تالف في مريض آخر حَيٍّ.
وتحدث بعض التغيرات بعد الموت، حيث تنخفض درجة حرارة الجسم بمعدل 2.5 درجة مئوية كل ساعة، حتى تماثل درجة الحرارة المحيطة. كما تحدث بعض التغيرات في العضلات، فتتيبس بعد 5-6 ساعات من الوفاة، فيما يطلق عليه التيبس الرَّمّي ((Rigor Mortis. وفي النهاية تنمو الكائنات الدقيقة على الجثة، وتسبب تحللها.
- Aries, Philippe, The Hour of our Death, 1981.
- Aries, Philippe, Western Attitudes toward Death, 1974.
- Burnell, G.M., Final Choices: To Live and Die in an Age of Medical Technology, 1993.
- Clark, David, The Sociology of Death, 1994.
- Kbler-Ross, Elizabeth, Living with Death and Dying, 1982.
- Kbler-Ross, Elizabeth, On Death an Dying, 1993.
- Lamerton, Richard, Care of the Dying, 1976.
- Moreland, J.P., and Geisler, N.L., The Life and Death Debate, 1990.
- Nuland, S.B., How We Die: Reflections On Life's Final Chapters, 1994.
- Saunders Cicely, and Baines, Mary, Living or Dying: The Management of Terminal Diseases, 2nd ed., 1989.
- Siebold, Cathy, Hospice Movement, 1992.
- Smith, W.J., Dying in the Human Life Cycle, 1985.
- Weir, R.F., ed., Ethical Issues in Death and Dying, 2nd ed., 1986.
- Wolf, S.G., Jr., et al., eds., The Responsible Physician and Thanatology, 1988.
