من روائع الكتب .... كتاب الإسلام السياسي والمعركة القادمة
الكلام السخيف الذي يرفض الدولة الإسلامية لأنها دولة دينية ..
لم يفهم كلمة عمر بن الخطاب و أبي بكر و هم السادة و المثل ..
حينما يقول الواحد منهم صبيحة بيعته : “ إن أصبت فاعينوني و إن أخطأت فقوموني ”
لا عصمة لحاكم إذن .. و لا حكم إلهي في الإسلام ..
و إنما هو حكم"مدني" "ديمقراطي" يخطيء صاحبه و يراجع .
..
-- د. مصطفى محمود || كتاب : الإسلام السياسي والمعركة القادمة --
رائعة من كتاب: أناشيد الإثم والبراءة
منذ أن تفتح عينيك لتصحو، حتى تغلقهما لتنام، لا تعلق همتك بأمر من الأمور الدون،
لا تنم على غلّ ولا تصحَ على شهوة، ولا تسع إلى طمع ولا تسابق إلى سلطة،
وإنما اجعل همك واهتمامك في الخير والبر والحق والصدق،
والمروءة والمعونة قاصدا وجه ربك على الدوام .
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: أناشيد الإثم والبراءة
رائعة من كتاب / الشيطان يحكم
إنها ليست نكتة و لكنه التاريخ ..
فالإسكندر الذي خرج من مقدونيا فاتحاً
و هب على العالم القديم كالإعصار
لم يعد إلى بلاده ثانية
فقد مات بالملاريا .. في أثناء عودته من الهند
بلدغة بعوضة ! .. و لا أحد يدري أين دُفن ...
~~
من كتاب / الشيطان يحكم
من مقالة ... لماذا تمرض نفوسنا
النفس المؤمنة لا تعرف الملل ولا تعرف البلادة أو الكآبة،
وحزن هذه النفس حزن مضيء حافل بالرجاء،
وهي في ذروة الألم لا تكف عن حسن الظن بالله،
ولا يفارقها شعورها بالأمن لأنها تشعر بأن الله معها دائما،
وأكثر ما يحزنها نقصها وعيبها وخطيئتها.
Dr. Mostafa Mahmoud
مقال: لماذا تمرض نفوسنا
العذاب ليس له طبقة ....من كتاب "أناشيد الإثم والبراءة "
العذاب ليس له طبقة ..
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط.
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات.
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا و الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.
..
-- د. مصطفى محمود || أناشيد الإثم والبراءة --
رائعة من كتاب ...... القرآن كائن حي
نرى الله يقول لليهود الماديين : " اتقوا النار " .
ويقول للمؤمنين أولي الألباب : " اتقوني يا أولي الألباب "
لأن العقليات المادية لا تخاف إلّا النار المادية . أما أولوا الألباب فإنهم يعرفون أن خالق النار أخطر شأناً من النار ، ولهذا نراه يضيف الضمير فيقول :
...
" اتقوني يا أولي الألباب " .
وهكذا نرى أن الحروف في القرآن لا ترد اعتباطاً وإنما تأتي بحساب ولحكمة .
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب / القرآن كائن حي
رائعة من كتاب / القران كائن حي
لست تافها عند ربك و لا هين الشأن،
فقد نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته،
و سخر لك أكوأنه كلها، و أعطاك التسرمد و الخلود، ومنحك الحرية..
إن شئت كنت ربانيا و إن شئت كنت شيطانيا..فأين هوان الشأن فى هذا كله!.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب / القران كائن حي
رائعة من كتاب : على حافة الزلزال
و انتظار المهدي لن يصنع مهدياً ..
و إنما العمل و الصبر و الكفاح و البطولة في قلب الميدان و في قلب المعركة هو الذي سيفرز القيادات الرائدة و الزعامات التي يجتمع عليها الناس ..
الأعمال و ليست الدعاوَى هي التي تصنع الأبطال و ليس العكس ..
" و قل اعملوا فسيرى الله عملكم "..
-- د. مصطفى محمود || كتاب : على حافة الزلزال
رائعة من كتاب ... في الحب والحياة
نحن مصنعون من الفناء،
ولا ندرك الأشياء إلا في لحظة فنائها،
نشعر بثروتنا حينما تفر من يدنا، ونشعر بصحتنا حينما نخسرها، ونشعر بحبنا حينما نفقده،
فإذا دام شيء في يدنا فإننا نفقد الاحساس به.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: في الحب والحياة
رائعة من كتاب ........ لغز الحياة
:good:
ها نحن نتباعد عن بعضنا أكثر فأكثر كل يوم و كأننا شظايا تتناثر فى الفضاء ،
و يعجز الواحد منا أن يسمع الآخر أو يوصل إليه رأيا أو يلقى له أذنا أو يفتح له قلبا ..
دكتور مصطفى محمود
~~
رائعة من كتاب : أناشيد الإثم والبراءة --
أهل النار ..
الغضب .. الحقد .. الحسد .. الغل .. الشهوة .. كلها نار ..
كلها تعتمل في النفس اعتمال النار و تأكل فيها كما تأكل النار في الحطب .
و جهاد النفس هدفه محاصرة هذه النار و مغالبتها والتحكم فيها و تخليص القلب منها .
و من مات و في نفسه شهوة مات و للنار فيه نصيب ...
ففي الآخرة تنتهك الأسرار .. و تنكشف الأستار و تظهر الخبايا و تفتضح الخبايا ة تبدو النفوس على ما هي عليه في حقيقتها إن كانت نورا فنور و إن كانت نارا فنار .
فإن كانت نارا اتصلت بما يجانسها .. ألا ترى بقع الزيت الطافية في الماء تجتمع و تنادي بعضهاو تلتحم ببعضها .. كما تلتحم حبات الزئبق معا و تتلصق معا .
فكذلك النار حينما تطلع على الأفئدة فإنها تلابس الأفئدة النارية و تسرح فيها كما تسرح النار في الهشيم .
و مهلة العمر هي الفرصة الوحيدة لمعالجة هذه النار الداخلية و إخمادها و ذلك بالصلاة و الذكر و جهاد النفس و معاناة الخطأ و الأكتواء بعواقبه و اكتساب العبرة و الخبرة و الخروج بنور الحكمة من نار الألم .
فمن عاش عمره المديد و لم يزدد حكمة و لم يكتسب خبرة و لم يجاهد نقصا و خرج من الدنيا بلا توبة و هو ما زال مغلوبا بشهواته منقادا لناره فهو إلى النار ذاهب .. فهو والنار كلاهما من معدن واحد و هو في النار منذ الأزل و هو فيها دنيا و آخرة بحكم المشاكلة والمجانسة والنار حقيقته .. و هو بضعة منها .. إنما أطفأ الله ناره لبرهة قصيرة من العمر حينما خلقه و ألقى عليه الماء والتراب و سواه طينا .. فلما عاد ترابا .. و خلع الله ثوبه الطيني عادت حقيقته النارية و ظهر البركان الذي كان مستورا خلف الضلوع.
و هذا حال أهل النار الذين هم أهلها " وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل " (37-فاطر)
و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و إنهم لكاذبون .. فإنهم نار بحكم حقائقهم .. و لو أعاد الله خلقهم ألف مرة .
ولا يصح أن يلتبس الأمر على القارئ فيشتبه عليه أن الله جبرهم على الشر بحكم ما أودع فيهم من حقائق الحسد والحقد .. سبحانه و تعالى عن ذلك علوا كبيرا فإن الله يذكرهم في قرآنه فينسب حسدهم إلى أنفسهم فيقول " حسدا من عند أنفسهم "
فالله يخلق القلب محايدا صالحا لأن الله يحتوي نية صاحبه إن كانت خيرا فخيرا و إن كانت شرا فشر.. و الله جعل النية حرة والمبادرة القلبية حرة تماما حتى الشيطان لا يستطيع أن يدخل القلب إلا بإذن صاحبه .. لم يجعل الله للشيطان سلطانا قاهرا على القلوب فقال له : " عبادي ليس لك عليهم سلطان "
ولهذا لا يستطيع الشيطان أن يستهوي إلا الشياطين أمثاله الذين ستضيفونه مختارين في قلوبهم و يفتحون له آذانهم .
و حقائق ثابت للنفوس منذ الأزل .. و هي أسرارها المعلومة لله علما قديما لم يجبر الله نفسا على شر..
و كل نفس هي التي أسرت و كتمت و أخفت في طويتها هذه الشرور أو الخيرات .
"والله مخرج ما كنتم تكتمون " (72- البقرة )
لم يقل "خالق ما كنتم تكتمون " .. بل قال مخرج ما كنتم تكتمون فهو ليس مسئولا عن حسد الحاسد و عن حقد الحاقد .. و إنما هو مخرج و مظهر هذه الأشياء فقط بما يجريه على الدنيا من اختيار و ابتلاء و تقليب في الأحوال .. و لكنه لم يخلقها في نفوس أصحابها .. و الأمر خطير ..
و لو أدرك كل منا أنه على شفا حفرة من النار الفعليه و أن ناره فيه أقرب إليه من أنفاسه لخر على ركبته ساجدا باكيا صارخا متوسلا .
و لأصبح من أهل الخوف و الرجاء الذين يموتون كل يوم قبل أن يموتوا .
فإن الله الذي خلق العالم بدقة مذهلة و إحكام مدهش و الذي خلق الإلكترون المتناهي في الصغر مدارا لا يستطيع أن يتجاوزه .. فإذا اقتضى الأمر أن ينتقل من مدار إلى مدار لا يستطيع أن يتجاوزه .. فإذا اقتضى الأمر أن ينتقل من مدار إلى مدار فإنه لا يستطيع أ يقفز إلى الخارج أو إلى الداخل .. إلا إذا أعطى أو أخذ شحنة مساوية لحركته .
الخالق الذي قدر هذا الضبط والربط في حركة إلكترون منتهاه في الصغر لن يستطيع أن يفلت منه مجرم و لن يستطيع أن يمكر به ماكر و هو الذي وصف نفسه بأنه خير الماكرين .. و بأنه خالق كل شئ .. بيده مقاليد كل شئ .. العزيز الجبار المهيمن الذي ليس كمثله شئ .. السميع اللطيف الخبير الذي لا تأخذه سنة و لا نوم .. الذي له الشفاعة جميعا ..
" و كم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لم يشاء و يرضى " (26- النجم)
"ما من شفيع إلا بعد إذنه "( 3- يونس)
" ما لكم من دونه من ولى و لا شفيع " (4- السجدة )
ذلكم الله فطوبى لمن أدركه الخوف..
طوبى للذاكرين الموت .. الباكين في ساعات الوحدة .. المشفقين من يوم اللقاء ..
الذين رأوا النار في أنفسهم قبل أن يروها رأي العين ..
الذين استشفوا الحقائق و استبصروا الغيب .. و لمسوا الشواهد ..
و أدركوا الآيات و أيقنوا قبل زمان الإيقان .
أهل التسليم و الخضوع ..
اللهم اجعلنا منهم .
..
-- د. مصطفى محمود ||
رائعة من كتاب: السؤال الحائر
كان محمد علية الصلاة والسلام مثالا للحلم والصبر وسعة الصدر وحسن الاستماع إلى الخصم والجدل بالتى هى أحسن والعفو عن المسيء،
ألم يدخل مكة غازيا منتصرا على أعداء الأمس الملطخى الأيدى بالدماء المسلمين ليقول في سماحة ومغفرة : " اذهبوا فأنتم الطلقاء "
لقد أخذ أصحابنا عن النبي لحية وجلباب ولم يأخذوا عنه عدله وحلمه ومغفرته ومكارم أخلاقه.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: السؤال الحائر
رائعة من كتاب .... رأيت الله
الكثير منا يذكر قصة الأسد الذي اغتال مدربه ( محمد الحلو ) وقتَله غدرًا في أحد عروض السيرك بالقاهرة .
وما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة الحيوان واضِعًا نهاية عجيبة لفاجعة مثيرة من فواجع هذا الزمن ..
والقصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلَقَى تصفيق النظارة بعد نمرة ناجحة مع الأسد " سلطان " ..
وفي لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف وأنشب مخالبه وأسنانه في ظهره !! ..
وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً ومن فوقه الأسد الهائج ..
واندفع الجمهور والحُرّاس يحملون الكراسي وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد وتمكن أن يخلص أباه بعد فوات الأوان ..
ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام .
أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة اكتئاب ورفَض الطعام
وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسدًا شرِسًا لا يصلح للتدريب ..
وفي حديقة الحيوان استمر سلطان على إضرابه عن الطعام ..
فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة !!
وطردها وعاود انطوائه وعزلته واكتئابه ..
وأخيراً انتابته حالة جنون، فراح يعضّ جسده ..
وهَوَى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين !!! ..
ثم راح يعضّ ذراعه ، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه ..
وراح يأكل منها في وحشيّة ، وظل يأكل من لحمها حتى نزف ومات واضعًا بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد ..
ندَم حيوان أعجم ومَلِك نبيل من ملوك الغاب ..
عرف معنى* الـوفـــاء * وأصاب منه حظًا لا يصيبه الآدميون !!
أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين ..
درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التي تأكل شعوبًا ..
وتقتل ملايين في برود على الموائد الدبلوماسية وهي تقرع الكؤوس وتتبادل الأنخاب .
ثم تتخاصر في ضوء الأباجورات الحالمة وترقص على همس الموسيقى وترشف القبلات في سعادة وكأنه لا شيء حدث !!
إنّي أنحني احترامًا لهذا الأسد الإنسان ..
بل إني لأظلمه وأسبّه حين أصفه بالإنسانية .. !!
كانت آخر كلمة قالها ( الحلو ) وهو يموت .. أوصيكو ما حدش يقتل سلطان ..
وصية أمانة ما حدش يقتله .
هل سمع الأسد كلمة مدربه ؟ ..
وهل فهمها ؟
يبدو أننا لا نفهم الحيوان ولا نعلم عنه شيئاً .
....
ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذي انتحر على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس .. ؟!
وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسؤولية ؟؟ !! ..
نفس لها ضمير يتألّم للظلم والجور والعدوان ؟؟!!
~~
د. مصطفى محمود
من كتـــاب / رأيـــت اللــــّــــه
رائعة من كتاب سقوط اليسار
الإسلام هو الحل،
ولكن ليس الإسلام الشكلي، ولا التدين المظهرى،
وإنما الإسلام في حقيقته وجوهره، إسلام العلم والعمل ومكارم الأخلاق، إسلام الحرية والديموقراطية والعدالة الأجتماعية، إسلام الفكر والعمل.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: سقوط اليسار
رائعة من كتاب في الحب والحياة
أنت لا تحس بالفانلة على جسمك إلا فى اللحظة التى تلبسها .. و فى اللحظة التى تخلعها .. أما فى الساعات الطويلة بين اللحظتين .. و هى على جسمك فأنت لا تحس بها ..
إنها على جسمك .. تلامس جلدك و تلتف حول صدرك و ظهرك و ذراعيك و لكنك لا تحس بها و لا تشعر بوجودها .
و المرأة بالمثل تحس بها و أنت تشرع فى الزواج منها فى فترة التعارف و الخطوبة و كتب الكتاب و شهر العسل .. فإذا لبستها تماما كالفانلة و أحاطت بصدرك و ذراعيك فقدت الشعور بوجودها .. و أصبحت مثل قطعة أثاث فى البيت تدخل كل يوم لتجدها فى مكانها .. مثل المنظر تطل عليه من نافذتك يثيرك للمرة الأولى ثم يصبح عاديا ثم تنساه تماما ...
و تظل المرأة منسية كالفانلة .. حتى تأتى اللحظة التى يدب فيها الخلاف بينك و بينها و يتأرجح الزواج على هاوية الطلاق و تبدأ فى خلعها كما تخلع فانلتك .. و فى تلك اللحظة تعود للشعور بها بعنف و ترتجف من خشية فراقها .
إن الزواج الذى يسمونه الزواج السعيد .. الزواج الذى يدوم فيه الوداد و تنتظم فيه العلاقة بين الزوجين فى سياق رتيب هادىء .. يفتر فيه شعور كل واحد بالآخر و ينطفىء الوهج من قلب الاثنين ..
ما السر ؟ ..
السر فى كيمياء الأعصاب ..
إن أعصابنا مصنوعه بطريقة خاصة .. تحس بلحظات الانتقال و لا تحس بالاستمرار ..
حينما تفتح الشباك فجأة تسمع دوشة الشارع تملاء أذنيك ..
ثم تخف الدوشة شيئا فشيئا حينما يستمر صخبها فى أذنك ..
و حينما تركب الأسانسير تشعر به فى لحظة تحركه .. و فى لحظة توقفه .. أما فى الدقيقة الطويلة بين اللحظتين فأنت لا تشعر به لأن حركته تكون مستمرة ..
و حينما تنظر للشمس لأول مرة تغشى عينيك و لكنك حينما تتعود عليها تبحلق فيها دون أن تتأثر ..
و حينما تعيش متمتعا بصحة مستمرة لا تحس بهذه الصحة .. و لا تتذكرها إلا حينما تمرض.
و حينما تدخل السجن تفقد وزنك فى الشهور الأولى ، لأنك تحس بالفارق بين هواء الحرية و هواء الزنزانة .. ثم تتعود على الزنزانة فتفقد إحساسك بضيقها .. و تبدأ تأكل بشهية و تسمن ..
إن الدوام قاتل الشعور .. لأن أعصابنا عاجزة بطبيعتها عن الاحساس بالمنبهات التى تدوم ..
نحن مصنعون من الفناء .. و لا ندرك الأشياء إلا فى لحظة فنائها ..
نشعر بثروتنا حينما تفر من يدنا ..
و نشعر بصحتنا حينما نخسرها ..
و نشعر بحبنا حينما نفقده ..
فإذا دام شىء فى يدنا فإننا نفقد الاحساس به ..
* * *
كيف تحافظ الزوجة على زوجها و تجعل حبه يدوم ؟ ..
لا توجد إلا وسيلة واحدة .. أن تتغير .. و تتحول كل يوم إلى امرأة جديدة .. و لا تعطى نفسها لزوجها للنهاية ، تهرب من يده فى اللحظة التى يظن أنه استحوذ عليها ، و تنام كالكتكوت فى حضنه فى اللحظة التى يظن أنه فقدها .. و تفاجئه بألوان من العاطفة و الاقبال و الادبار لا يتوقعها .. و تحيط نفسها بجو متغير .. و تبدل ديكور البيت و تفصيله .. و ألوان الطعام و تقديمها .
على الزوجة أن تكون غانية لتحتفظ بقلب زوجها شابا مشتعلا ..
و على الزوج أن يكون فنانا ليحتفظ بحب زوجته ملتهبا متجددا ..
عليه أن يكون جديدا فى لبسه و فى كلامه و فى غزله .. و أن يغير النكتة التى يقولها آخر الليل .. و الطريقة التى يقضى بها إجازة الأسبوع .. و يحتفظ بمفاجأة غير متوقعة ليفاجىء بها زوجته كل لحظة ..
* * *
و زمان كانت الزوجة تتطوع بالرضا بالزوج على أنه قسمة و نصيب و تحبه كما تحب أمر الله .. و كان الزوج يتزوج ليعيش .. و كان الزواج ينجح لأنه مدعم بإرادة إلهية أقوى من الحب و أقوى من السعادة و أقوى من كل شىء .. كانت الزوجة تحب زوجها طيبا و تحبه مجرما .. وتحبه مريضا .. و تحبه صحيحا ..
و كان حبها فى الحقيقة تديناً و عقيدة أكثر منه حباً ..
أما الآن فالزوجة تقرأ الصحف و تدخل السينما و تسمع الاذاعة و تطلب من زوجها غراميات متواصلة من نوع غراميات روك هدسون ..
و لينجح الزواج لابد أن يكون الزوج بهلواناً .. و الزوجة بهلوانة .. ليضع الإثنان الشطة فى فطيرة الحب كل يوم ..
و بالطبع الزواج الآن ألذ من زمان .. و لكنه متعب و يغور بمشاكله ..
و أنا أفضل زواجا أستريح فيه على زواج أتشقلب فيه كل يوم لأحرك أعصاب زوجتى و أحافظ على حبها .. و أجدد شهيتها نحوى ..
أفضل أن تحبنى زوجتى فى تدين .. فأكون ربها و رجلها و بيتها و حياتها .. و يدوم حبنا لأنه عقيدة و إيمان قبل أن يكون حبا ..
لكن فين أيام زمان .. هذه أحلام ..
ليس أمامنا الآن فى هذا الجيل من البنات العفاريت .. غير ألاعيب روك هدسون ..
ليس أمامنا غير أعصاب زوجاتنا و تقديم المشهيات العاطفية من كل لون .. لنحتفظ بهن .. و ليحتفظن بنا ..
Dr. Mostafa Mahmoud
مقال : أســــرار الشـــعور
من كتاب / في الحب و الحياة
رائعة من كتاب .... الشيطان يحكم
احترم كل شيء مهما صغر شأنه،
الطفل، والحشرة، وزبّال الطريق، وجرسون المقهى، وبهلوان السيرك، ومن لا حيلة له أو صولجان في يده،
فالله وحده يعلم من في الغد يكون في يده الصولجان.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب : الشيطان يحكم .
رائعة من كتاب القرآن كائن حي
وتضيع عظمة الدين في طوفان هذه النظرة الضيقة المتعصبة ..
بل قد يطلع علينا شيخ يشتم العلم ويشتم كل من يفسر القرآن بالعلم .. وينادي بفصل الدين والعلم ..
ويقول بأن القرآن كتاب عقيدة وتشريعات أزلية و وصايا خلقية .. ولا يصح ولا يجوز الربط بينه وبين معارف علمية زائلة فانية !
بل قد نسمع من الشيوخ من يأمرنا بالتسليم الإيماني في قضايا الدين .. وينهانا عن الخوض بالجدل العقلي ..
وينسى هؤلاء أن جوهر ديننا هو العلم والعقل .. وأن الله قال لنبيه "وجادلهم بالتي هي أحسن". وأن خواتيم أكثر الآيات .. لعلهم يعقلون .. لعلهم يتفكرون .. لعلهم يتدبرون ..
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب / القرآن كائن حي .
رائعة من كتاب الإسلام ما هو
إبك ما شئت من البكاء
فلا شيء يستحق أن تبكيه لا فقرك ولا فشلك ولا تخلفك ولا مرضك،
فكل هذا يمكن تداركه أما الخطيئة التي تستحق أن تبكيها فهي خطيئة البعد عن إلهك،
فإن ضيعت إلهك فلا شيء سوف يعوضك، وكل أحلام الشعراء لن تغنيك شيئا.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: الإسلام ما هو
رائعة من كتاب: سواح فى دنيا الله
يدك هي التي تحفر بها قبرك وتصنع بها مصيرك، ولسانك هو الذي يهوي بك الي الهاويه او يصعد بك الي اعلي عليين،
انت ماتقول وانت ماتفعل،
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك، وتشهد قيامتك قبل قيامتك، وتعلم ساعتك قبل ساعتك.
Dr. Mostafa Mahmoud
كتاب: سواح فى دنيا الله
رائعة من كتاب : في الحب والحياة
ماذا تريد منا الطبيعة ؟ ..
هل كل واحد منا جاء إلى هذه الدنيا بمهمة .. و تكليف .. ورسالة .. عليه أن يؤديها .
هل الميلاد و النزول على هذه الأرض .. كان له سبب و غاية ..
في بريدي كل يوم أسئلة حائرة من هذا اللون ..
لماذا خُلقنا ..
لماذا جئنا إلى هذه الدنيا ..
ماذا يُراد بنا أن نفعل ..
هل كان لوجودنا حكمة و سبب و غاية .. أم أننا خُلقنا لنموت ..
و المسألة كلها عبث و سخف كما نقرأ في كتب فلاسفة العبث و كما نرى في مسرح اللا معقول ؟ ..
و هل دورنا فقط أن نواجه هذا السخف و بطولتنا أن نتمرد عليه و نتحدّاه كما يقول كامو .. بطولتنا أن نعلق جراحنا و نصرخ .. سنعيش برغم العذاب و برغم الألم . و نصطنع لأنفسنا وهمًا وحلمًا ..
و هل تكون حياة تلك التي نبنيها على وهم ؟
سؤال خطير و كبير ..
و الإجابة القاطعة عليه تحتاج إلى الاحاطة الكاملة بعملية الحياة . و الاحاطة بالزمن كله .. و ما دار فيه من مبدئه في الماضي السحيق إلى مُنتهاه في المستقبل .. في الآخرة بعد عمر طويل ..
لكي تعرف لماذا قامت الحرب .. و ما دورها .. لا بد أن يكون لديك علم كامل بما كان يجري قبل هذه الحرب .. و ما جرى أثناءها .. و ما جرى بعدها .. أما إذا كنت جنديًا بسيطا في الكتيبة تتلقى أمرا و تُنفذه ثم تموت فلن تكون حياتك أكثر من لحظة في هذه الحرب .. و لن تستشرف من مكانك رؤية تعرف منها القصة كلها بخباياها و أسرارها .
إن العلم عند القائد .. عند الخالق الذي بعث بك إلى الصفوف الأولى .. وزودك بذخيرة العمر المحدودة من ستين طلقة فى ستين سنة هي كل عمرك ..
الخطة كلها في رأسه .. أنت بند واحد في الخطة ..
أنت ورقة في الدوسيه ..
سطر ..
كلمة ..
حرف .. في كتاب رائع لا نهائي اسمه الدنيا .
و لن يستطيع الحرف أن يدرك الغاية من وجوده إلا إذا أدرك الدور الذي يقوم به في السطر الذي يشترك في حروفه .. و إلا إذا أدرك المعنى الذي يدل عليه السطر في داخل المقال .. و المقال في داخل الكتاب ..
لابد أن يكون عمرك هو عمر الأبد لتحضر رواية الحياة بكل فصولها و تعرف الحكاية ..
أما و أنت حالك حال ممثل في مسلسلة إذاعية يُطلق عليه الرصاص فى الحلقة الأولى و يموت .. فإن طلبه معرفة معنى حياته .. يكون طلبا يتجاوز فيه حدوده .. و يطلب فيه المستحيل ..
الجواب اليقين في هذا السؤال إذن غير ممكن .
و كل ما نستطيع أن نفعله هو أن نحدس .
و نُخمّن .. و نشطح بذهننا ..
و أنا أحاول دائما أن أقرأ الاجابة .. لا من كتاب .. و لا من نظرية .. و لا من عقيدة .
و لكني أحاول أن أقرأ الاجابة من التاريخ نفسه .. من حكاية التطور .. من استقراء الطبيعة مباشرة .
أنا أحاول أن أفهم ماذا تريد الحياة بنباتاتها و حيواناتها ..
و ماذا فعلت بهذه المخلوقات على مر العصور ..
الحياة لها حكاية ..
لقد بدأت بسيطة على شكل ميكروب .. خلية واحدة تقوم وحدها بكل الوظائف .. تتنفس و تتغذى و تنمو و تتحرك بدون أجهزة متخصصة ..
ثم انقسمت الخلية إلى خليتين .. و كل خلية إلى خليتين و خرجت من الخلية الواحدة أعداد لا حصر لها من الخلايا ..
ثم بدأت هذه الخلايا تتجمع في قبائل و قطعان تتحرك معا و تتعايش معا .. ثم تلاصقت هذه الأعداد .. لتؤلف مخلوقات مركبة عديدة الخلايا ذات أجهزة متخصصة .. أقسام من خلاياها للتنفس .. و أقسام للتغذي .. و أقسام للحركة .. و أقسام للافراز .. و نشأ النبات و الحيوان المتطور ..
و يمضي الأجيال و الأحقاب الطويلة .. نشأت فصائل من النبات و الحيوان .. كل منها تكيفت مع بيئتها .. نباتات الصبار في الصحارى اتخذت لنفسها أوراقا و سيقانا لتختزن فيها الماء .. و الحيوانات المائية اتخذت لها زعانف لتسبح .. و الحيوانات البرية اتخذت لها أرجلا لتمشي .. و الحيوانات الجوية اتخذت لها أجنحة لتطير .
مرحلة بعد مرحلة .. انتقلت الحياة من الوحدة إلى التعدد .. و من البساطة إلى التركيب .. ثم مزيد من التركيب .. و هو تركيب له غاية واضحة .. هو سيادة الحيوان على بيئته .. و سيطرته على ظروفه .. الأجنحة أعطت الطائر القدرة على ركوب الجو و الزعانف منحت الأسماك القدرة على ركوب البحر .. و الأرجل منحت الدواب القدرة على الدبيب على البر ..
و حينما ظهر الانسان استطاع عن طريق عقله أن يقفز قفزة واسعة .. فهو لم ينتظر مليون سنة لتنمو له أجنحة يطير بها و زعانف يسبح بها .. و إنما اخترع الأدوات .. اخترع العربة و الباخرة و الطائرة و الغواصة و الصاروخ .. و هي أعضاء جديدة حديدية أضافها إلى بنيانه و انطلق يغزو بها الكون .. و لكنه ما زال يجري في نفس الخط الذي كان يسير فيه الميكروب .. من الوحدة إلى التعدد " من الفرد إلى المجتمع " و من البساطة إلى التركيب .. و من التركيب إلى مزيد من التركيب " الاختراعات و القوى الآلية التي تزداد تركيبا و تعقيدا يوما بعد يوم .. و بالحياة المدنية التي يعيشها و التي ينعقد فيها كل شيء بشكل مطرد .. من الكساء إلى الغذاء إلى الدواء إلى المعاملات و التنظيمات إلخ .. إلخ ..
و مرة أخرى كان هذا التعقد يهدف إلى نفس الغاية التى هدف إليها الميكروب فى تطوره .. كان يهدف إلى السيطرة على البيئة و السيادة على الظروف .. إلى ركوب الطبيعة و استغلالها و قيادتها بدلا من الخضوع للطبيعة و الانقياد لها و التقيد بأغلالها ..
كان يهدف إلى القوة و القدرة و المعرفة و الوعي و الحرية و يكافح في سبيل الاستمرار و البقاء و هزيمة الموت .. و في سبيل أن يكون الانسان هو السيد .. هو القدر .
و نحن حينما نبني سدا عاليا ننظم به ماء النيل .. نحن نسير في خط التطور .. وفق الغايات العليا المكتوبة في سفر الحياة .. و هي أن نسود الطبيعة و ننظمها و نستغلها . و نخط قدرنا و قسمتنا بأنفسنا ..
الحياة إذن فيها غاية ..
و هي برغم الموت .. و برغم الألم و المرض و الشيخوخة و الشر و العبث .. برغم كل هذا تبدو متماسكة متصلة الحلقات منطلقة إلى غايتها مكرسة فيها الزمن كله و الخليقة كلها جيلا بعد جيل .
هناك مهمة ورسالة و تكليف ..كل منا ينزل إلى الأرض و في عنقة هذا التكليف .. أن يضيف طوبة جديدة إلى القلعة الحصينة التي بنتها الحياة لتتحصن فيها و تقود منها التاريخ و تسوس الكون و الطبيعة لصالحها ..
و نحن مزودون من أجل هذه المهمة بكافة الأدوات الضرورية .
بالعقل و الارادة و الاصرار ، و مزودون بتراث من العلوم و المعارف و الخبرات .
نحن الوارثون لكل هذه المعارف لكى نضيف إليها .. و يضيف الذين يأتون بعدنا فى سعى متصل .. لا يعنى فيه الموت شيئا .. و لا يؤدى إلى أى انقطاع .. و كأنما الانسانية كلها .. و الحياة كلها مخلوق واحد .
حتى الجماد كان له فى سفر التطور شأن مماثل .. فقد خضع لنفس الناموس .. فمن ذرة الأيدروجين البسيطة المؤلفة من ألكترون واحد و بروتون واحد .. من هذه الوحدات الأولية .
و بدخولها في علاقات .. نشأت ذرات أكثر تركيبا .. و أكثر تعقيدا .. مرة أخرى .. انتقال من البساطة إلى التركيب و من الوحدة إلى التعدد حتى نصل إلى ذرة اليورانيوم و هى ذرة ثقيلة نشطة ترسل إشعاعا .
.
و من ذرة الكربون القلقة المتعطشة إلى الاتحاد بالذرات الأخرى نشأت سلاسل المواد الهيدروكربونية و هى مواد أكثر تراكبا و أكثر تعقدا ، حتى نصل إلى جزيء البروتين الحي فنصل إلى أكثر الوحدات المادية تعقدا و تراكبا و ثقلا ..
و هناك نظرية فلكية تقول : إن كل شيء نشأ من النور من هذه المادة اللطيفة المفرطة في البساطة .. هذا الاشعاع المؤلف من فتافيت مادية مفرطة في الصغر .. اسمها الفوتونات .. هذه الوحدات التي هى أصغر وحدات الكون و أسرعها حركة و أبسطها تكوينا فتافيت أشعة جاما .. و بيتا و الأشعة الكونية .. هذه الوحدات التقت في فضاء الكون الشاسع في مكان ما و نشأت منها تواليف هي التي انتجت فيما بعد الألكترون و البروتون .. و من الإلكترون و البروتون تكونت ذرة الايدروجين .. ثم سائر الذرات .. إلخ .. من البساطة إلى التركيب ثم إلى مزيد من التركيب .
هناك خط سير إذن .
الحياة ليست خبط عشواء .. و لا مصادفات و لا عبث ..
و الكون ليس حركة بلا وجهة .
و إنما حركة ذات وجهة .
المادة تتطور فى خط سير و اضح من الوحدة إلى التعدد .. و من البساطة إلى التركيب . و من العجز إلى القدرة .. و من العماء إلى الرؤية .. و من عبودية الغريزة إلى تحرر العقل .. و من الخضوع للطبيعة إلى السيادة على الطبيعة .. و إضاع الطبيعة .. و من الظلام إلى النور و من الجهل إلى المعرفة .
و قد يعود السائل فيسأل مرة أخرى .
و لماذا تكون هناك حياة من الأصل ، و لماذا يكون هناك أي اتجاه إلى السيادة على الطبيعة .
ألا يكفي أن تكون هناك طبيعة .. ما الداعي لأن تعى الطبيعة نفسها .. و تقود نفسها بنفسها ..
و الجواب أنها بهذا تُحقق الحرية .
بالمعرفة و الوعي و القوة و السيادة يكتشف الانسان نفسه و يمتلك كنوز عقله .. و يسيطر على الطبيعة حوله و يحقق حريته ووجوده و يعرف نفسه و يعرف ربه و يبلغ السعاده .. و السعادة لا تبحث لنفسها عن سبب .. فهي دائما غاية ذاتها .
و يعود السائل فيقول إن هذا الكلام يفسر لنا التطور و التاريخ و اتجاه الطبيعة فى سيرها .. و لكنه لا يفسر وجودها لماذا وجدت من الأصل ..
لماذا يكون هناك امتلاء و لا يكون هناك خلاء ، لماذا وجود لا عدم ؟
و العقاد رحمه الله له رد على هذه المعضلة .. فهو يقول بأسلوبه المنطقى .. إن العدم معدوم فلا وجه للقول بوجوده أو مناقشة وجوده .
و ما دام العدم معدوما فالوجود امتلاء صرف لا نهاية له و لا آخر و لا حدود .. لأن الوجود لا يمكن أن يحده سوى العدم و العدم معدوم ..
فالوجود إذن لا مبدأ له و لا منتهى .. و لا يصح السؤال عن متى خلق .. و لم خلق .. فهو أبدى فى الزمان ، و لم يكن معدوما ليقال .. متى خلق .. و هى حجج منطقية ترضى العقل .. و لكنها لا تشبع الشعور الذى يعانى الموت .. و يحس بدبيب العدم فى زحف الشيخوخة على الأوصال ..
إن السؤال يفرض نفسه برغم لا معقوليته و يلح على الحواس ..
و لم كان كل هذا ..
و ما الحكاية .. و ما القصة ..
و لم بدأت .. مادام مصيرها أن تنتهي ..
هناك سر ..
هناك ثغرة .. فى هذا البناء المنطقي الذي بنته لنا الفلسفة .. إن كل حجج الفلسفة تنهار أمام ضربات الموت و كأنها خيوط عنكبوت .. و كأنها كلام .. مجرد كلام .. لايشفي و لا يشبع .. و لا يزن شيئا أمام واقع مر أليم شاخص أمام الحواس .
هذا البناء المتهاوى من المنطق لا يمسك نفسه .. و هو يكشف عن قصوره ..
هناك سر ..
و أنا أعتقد أن هناك أسرارا لا سر واحدا .. و أن علمنا لا يغطى كل شىء .. و أن عمرنا المحدود لا يمكن أن يعطى إلا لمحة محدودة من الحقيقة .. و إننا نحن جنود الكتيبة التى اسمها " القرن العشرين " موفدون فى مهمة محدودة تنتهى بنهاية عمرنا .. و لا يمكن أن نعرف خبايا الخطة كلها .. فالخطة فى رأس القائد .. الخالق .. و نحن مجرد بند فى الخطة .. ورقة فى الدوسيه .. حرف .. و لا يمكن لنا أن نحيط بالحقيقة ..
الحقيقة لا تدركها إلا عين تنظر من ربوة الأبدية على الزمن كله ..
كل ما أستطيع معرفته هو أن هذه الحياة ليست عبثا و لا سخفا .. و إنما هى نظام محكم له غايات .. و أننا نسير كالجيش .. لنا مسيرة .. و لنا مخطط و أنا لا أعرف المخطط كله و إنما أعرف القليل جدا ..
و لكن على مرور الحياة طريقها .. لزمن اللانهائى .. تكتشف الحياة طريقها و تزداد معرفتها قليلا بقليل .. فيعرف أحفادى ما لم أعرف أنا .. و يتصل مجرى العلم الذى لا يبدو أنه ينقطع أبدا بموت أحد .. و إنما هو يستمر يحفر طريقه فى الظلمة .
و لا يوهن من عزمى أنى موفد فى هذا الطريق فى بعثة غامضة .. و مهمة غير مفهموة .. فمنتهى شرفى أنى فعلت كل ما أستطيع ..
و إذا كان كل ما وصلت إليه أن هدف هذه الرحلة هو التكامل .. تكامل القوة .. و تكامل الحس .. و تكامل السمع .. و تكامل البصر .. و تكامل العقل .. وصولا بذلك إلى معرفة الانسان لنفسه و إدراكه لربه و من ثم عبادته .. فإن جلال هذه الأهداف و عظمة هذه الغايات هى مبرر كاف لمشقة الطريق ..
و هل بعد الله هدف ..؟؟!!
و هل بعد الله سؤال ..؟؟!!
..
-- د. مصطفى محمود || كتاب : في الحب والحياة --
من كتاب : في الحب والحياة
إذا كنت تُعدّ مائدتك بنفس الطريقة التي تعلمتها من والديك وتختار ثيابك في الحدود التي ترسمها لك الموضة كل عام .. وتنتقي كلامك من لوائح العادة والعرف والتقليد .. ولا تعرف من قاموس اللغة إلا كلمة نعم ، فأنا أمام هذه الستائر الكثيفة التي تحجبك
سوف أجد مشقة في الكشف عن حقيقتك كإنسان ..
إني أراك مجرد اسطوانة .. مجرد مرآة مسطحة تعكس الأشياء دون أن تُضيف إليها شيئًا من مادتها ..
أنت لا تملك جديدًا في داخلك .. لا تملك نفسًا ..
إن المجتمع الصالح ليس مجموعة أصفار ، وإنما هو مجموعة أفراد .. وقدر صغير من الفردية ضروري ليفترق به الانسان عن الدابة .. وليفترق به المجتمع عن القطيع .
إن مليون إنسان يقولون نعم .. دائمًا .. في كل مناسبة .. لا يعول على رأيهم .. لأنهم لا يختلفون عن مليون قالب طوب يجاوبون على الصوت بترديد صداه ..
ليس من صالح المجتمع إذن أن يذوب فيه أفراده .. فيفقدون فردياتهم و يتحوّلون إلى تشيكلات آلية من النمل .
وإنما يجب أن يحتفظ كل فرد بنطاق من الحرية حوله يتنفس فيه ..
..
-- د. مصطفى محمود || كتاب : في الحب والحياة --