هيثم الفقى
01-25-2011, 03:29 PM
الْفَأْرَةُ تُفَضِّلُ الْمَصْيَدَةَ أَحْيَانًا
قصة قصيرة من مجموعة
لَيْلَى تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى بَيْتِهَا
للشاعر الدكتور / عزت سراج
ـــــــــــــ
فِي دَهْشَةٍ ظَلَّتْ لَيْلَى مُخْتَبِئَةً تُرَاقِبُ مِنْ بَيْنِ قُضْبَانِ النَّافِذَةِ تِلْكَ الْفَأْرَةَ التَّعِيسَةَ الَّتِي دَخَلَتِ الْمَصْيَدَةَ رَاضِيَةً فِرَارًا مِنْ تِلْكَ الْقِطَطِ الْمُطَارِدَةِ قَفْزًا وَرَاءَها فَوْقَ الْجُدْرَانِ وَتَحْتَ الْكَرَاسِيِّ الْمُتَنَاثِرَةِ فِي أَنْحَاءِ الْحُجْرَةِ 000
تَلْتَقِطُ الْفَأْرَةُ أَنْفَاسَهَا الْمُتَسَارِعَةَ فِي ارْتِيَاحٍ بَعْدَ أَنْ أُغْلِقَ بَابُ الْمَصْيَدَةِ ، وَأَصْبَحَتْ فِي أَمَانٍ بَعِيدًا عَنْ مَخَالِبِ الْقِطَطِ الْجَائِعَةِ الَّتِي لا تَرْحَمُ ضَعْفَهَا 000
قَانِعَةً بِالسَّاعَاتِ الْمُتَبَقِّيَةِ دَاخِلَ الْمَصْيَدَةِ تُحَرِّكُ ذَيْلَهَا فِي فَرَحٍ تَغِيظُ الْقِطَطَ الْمُتَرَبِّصَةَ فِي انْتِظَارِ خُرُوجِهَا ثَانِيَةً 000
فِي يَأْسٍ تَدْفَعُ الْقِطَطُ بِالْمَصْيَدَةِ بَيْنَ أَرْجُلِهَا تُحَاوِلُ الْوُصُولَ لِلْفَأْرَةِ الَّتِي تَرْمُقُهَا بِعَيْنَيْنِ مَاكِرَتَيْنِ تَضْحَكَانِ فِي زَهْوٍ ظَافِرَةً بِالنَّجَاةِ مُحَقِّقَةً بِحِيلَتِهَا نَصْرًا غَالِيًا عَلَى تِلْكَ الْقِطَطِ الْمَهْزُومَةِ هَذِهِ الْمَرَّةَ 000
فِي سُخْرِيَةٍ تَرْقُبُهَا الْقِطَطُ حَانِقَةً تَعَضُّ بِأَنْيَابِهَا أَسْلاكَ الْمَصْيَدَةِ دُونَ جَدْوَى 000
000000
000000
000000
ـ مَاذَا تَصْنَعِينَ يَا امْرَأَةُ ؟
ـ أُرَاقِبُ الْفَأْرَةَ دَاخِلَ الْمَصْيَدَةِ يَا حَسَنُ 000 حَمْدًا ِللهِ عَلَى سَلامَتِكَ 000
ـ أَلَيْسَ لَدَيْكِ مَا تَصْنَعِينَ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ لِمَاذَا تَشْتِمُنِي الآنَ ؟ وَمَاذَا صَنَعَتْ لَكَ أُمِّي؟
ـ وَتَرُدِّينَ عَلَيَّ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ رَبُّنَا يُسَامِحُكَ يَا حَسَنُ !!
ـ اخْرَسِي يَا فَاجِرَةُ !!
ـ حَاضِرٌ يَا حَسَنُ ، خَرَسْتُ 000
ـ أَحْضِرِي الْعَشَاءَ يَا امْرَأَةُ !!
ـ حَاضِرٌ حَاضِرٌ ، فِي الْحَالِ يَا حَسَنُ 000
فِي ارْتِبَاكٍ تَجُرُّ قَدَمَيْهَا الثَّقِيلَتَيْنِ دَاخِلَ الْمَطْبَخِ ، تُشْعِلُ الْمَوْقِدَ مُسْتَسْلِمَةً لِلْبُكَاءِ 000
تَشْدُو أُمُّ كُلْثُومٍ فِي الْبَيْتِ الْمُجَاوِرِ { آهِ مِنْ قَيْدِكَ أَدْمَى مِعْصَمِي } 000
رَائِحَةُ الثَّوْمِ الْمَقْطُوعِ تَمْلأُ أَنْفَهَا ، وَرَذَاذُ الْبَصَلِ الْمَبْشُورِ يُلْهِبُ عَيْنَيْهَا الدَّامِعَتَيْنِ فَوْقَ خَدَّيْهَا 000
عَاطِسَةً تَمْسَحُ دُمُوعَهَا مُشَمِّرَةً يَدَيْهَا ، تُسْرِعُ غَاسِلَةً أَعْوَادَ الْجَرْجِيرِ الطَّازَجِ 000
ـ بِسُرْعَةٍ يَا بِنْتَ الْـ 000 !!
ـ حَاضِرٌ ، دَقِيقَةً وَاحِدَةً فَقَطْ 000
فِي تَأَفُّفٍ يَحْمِلُ الْمَصْيَدَةَ خَارِجَ الْحُجْرَةِ صَاعِدًا فَوْقَ السَّطْحِ تَارِكًا الْفَأْرَةَ دَاخِلَهَا لِتَلْفَظَ أَنْفَاسَهَا الأَخِيرَةَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ 000
خَالِعًا مَلابِسَهُ يُلْقِي بِجَسَدِهِ الْمُتَرَهِّلِ فَوْقَ السَّرِيرِ 000
ـ جَهَزَ الْعَشَاءُ يَا حَسَنُ ، هَيَّا ، كُلْ لُقْمَةً !!
ـ فُولٌ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ نِعْمَةٌ وَالْحَمْدُ ِللهِ !!
ـ أَيَّةُ نِعْمَةٍ وَأَنْتِ مَعِي يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
بِرَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ يُبَعْثِرُ الأَطْبَاقَ بِقَدَمَيْهِ مُمْسِكًا بِشَعْرِهَا لاطِمًا وَجْهَهَا ضَارِبًا بَطْنَهَا مُلْقِيًا بِجَسَدِهَا النَّحِيلِ تَحْتَ رِجْلَيْهِ 000
صَارِخَةً تَسْتَغِيثُ بِصِغَارِهَا الْخَائِفِِينَ فِي الْحُجْرَةِ الْمُجَاوِرَةِ دَافِعَةً رَكَلاتِهِ الْعَنِيفَةَ بِيَدَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ 000
يَحُولُ الصِّغَارُ بَيْنَهُمَا فِي بُكَاءٍ ، يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ مُبْتَعِدًا عَنْهَا 000
ـ بِكَمْ جُنَيْهٍ عَمِلْتِ الْيَوْمَ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ هَذِهِ عِشْرُونَ جُنَيْهًا ، خُذْهَا يَا حَسَنُ !! رَبُّنَا يَهْدِيكَ 000
بَاصِقًا فِي وَجْهِهَا يَشُدُّ الْجُنَيْهَاتِ مِنْ صَدْرِهَا مُنْسَحِبًا لِلْخَارِجِ بَاحِثًا فِي قَلَقٍ عَنْ رِفَاقِهِ دَاخِلَ الْمَقْهَى 000
000000
000000
000000
تَحْتَضِنُ لَيْلَى صِغَارَهَا فِي رِفْقٍ تُحَاوِلُ أَنْ تَهْدَأَ قَلِيلاً 000
تَقْتَرِبُ فِي انْكِسَارٍ تَخْتَلِطُ دُمُوعُهَا بِابْتِسَامَتِهَا الْهَارِبَةِ 000
ـ لا بَأْسَ يَا أَوْلادُ ، سَيَهْدَأُ حِينَ يَعُودُ 000
ـ وَلِمَاذَا تَصْبِرِينَ يَا أُمِّي عَلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ ؟
ـ مِنْ أَجْلِكُمْ يَا أَحْبَابِي أَصْبِرُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ !
ـ أَنْتِ عَظِيمَةٌ يَا أُمِّي !!
ـ الْمُهِمُّ أَنْ تَتَفَوَّقُوا وَتَنْتَصِرُوا عَلَى هَذِهِ الظُّرُوفِ 000
ـ حَاضِرٌ يَا أُمِّي 000
فِي عَطْفٍ يُقَبِّلُونَ جَبِينَهَا جَالِسِينَ حَوْلَهَا يُذَاكِرُونَ دُرُوسَهُمْ ، يُوَاصِلُونَ الإِجَابَةَ عَنِ الأَسْئِلَةِ الَّتِي لا تَنْتَهِي 000
000000
000000
تَرْكِنُ ظَهْرَهَا بَيْنَهُمْ فَوْقَ الأَرْضِ سَانِدَةً رَأْسَهَا بِكَفَّيْهَا مُسْتَسْلِمَةً لِذِكْرَيَاتِهَا أَوَّلَ يَوْمٍ قَابَلَهَا فِيهِ وَدَفَعَ لَهَا مُقَابِلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قَضَتْهَا فِي فِرَاشِهِ 000
فِي الْيَوْمِ التَّالِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَقْسَمَتْ أَنْ تَظَلَّ مُخْلِصَةً لَهُ وَلا تَعُودَ لِلرَّصِيفِ ثَانِيَةً 000
فِي وَفَاءٍ ظَلَّتْ مُحِبَّةً لَهُ صَادِقَةً لا تَنْسَى فَضْلَهُ عَلَيْهَا 000
فِي الصَّبَاحِ تَتَنَقَّلُ فِي إِبَاءٍ خَادِمَةً بَيْنَ الْبُيُوتِ مُقْسِمَةً أَنْ تَظَلَّ عَفِيفَةً بَعْدَ أَنْ ذَاقَتْ حَلاوَةَ الْحَلالِ 000
وَبَعْدَ الْعَصْرِ تُتُابِعُ الصِّغَارَ فِي شَغَفٍ دُونَ مَا كَلَلٍ 000
تَرْجُو أَنْ يَكْبَرُوا سَرِيعًا مُخَفِّفِِينَ عَنْهَا بَعْضَ الأَلَمِ ، وَتُحَلِّقَ الْعَصَافِيرُ فَوْقَ عُشِّهَا مِنْ جَدِيدٍ خَافِضَةً أَجْنِحَتَهَا دَافِئَةً بِالْحَيَاةِ 000
وَفِي الْمَسَاءِ تَتَحَمَّلُ قَسْوَتَهُ الَّتِي لا تَلِينُ لَعَلَّهُ يَحِنُّ إِلَيْهَا ثَانِيَةً 000
000000
000000
000000
فِي غَيْرِ تَرَدُّدٍ قَافِزَةً سَلالِمَ الْبَيْتِ تَصْعَدُ إِلَى السَّطْحِ 000
مُرْتَجِفَةً عَلَى غَيْرِ هُدًى تَفْتَحُ ـ فِي إِصْرَارٍ ـ بَابَ الْمَصْيَدَةِ 000
تُهَرْوِلُ الْفَأْرَةُ بَعِيدًا نَحْوَ جُحْرِهَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَ الْقِطَطُ السَّمِينَةُ 000
فِي فَزَعٍ يَصْعَدُ الصِّغَارُ إِلَيْهَا يُعَانِقُونَ صَدْرَهَا مُرْتَعِشِينَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهَا 000
كَنَسْمَةِ الرَّبِيعِ تَضُمُّ ضُلُوعَهَا مُلْتَصِقِيْنَ بِقَلْبِهَا النَّابِضِ كَطَاحُونَةٍ 000
يَهْبِطُونَ سَلالِمَ الْبَيْتِ فَرِحِينَ يَتَفَادَوْنَ الْعَتَبَةَ الْمَكْسُورَةَ 000
فِي انْتِظَارِ عَوْدَةِ حَسَنٍ تَضَعُ ـ فِي حُنُوٍّ ـ جَسَدَهَا تَحْتَ الْمَاءِ الدَّافِئِ غَاسِلَةً شَعْرَهَا ، تُزِيلُ بَقَايَا الْعَرَقِ 000
تَرْتَدِي أَجْمَلَ ثِيَابِهَا بَاسِمَةً كَنَبْقَةٍ مُثْمِرَةٍ 000
تُمَدِّدُ أَعْضَاءَهَا فَوْقَ السَّرِيرِ فِي اسْتِرْخَاءٍ 000
مُسْتَسْلِمَةً لِضَعْفِهَا رَاضِيَةً بِأَحْلامِهَا الصَّغِيرَةِ تُدَاعِبُ أَطْفَالَهَا 000
يَنْعَسُونَ كَيَمَامَاتٍ بَرِّيَّةٍ عَلَى كَتِفَيْهَا آمِنِينَ فِي سَلامٍ 000
شَارِدَةً يُشْرِقُ وَجْهُهَا كَمَلاكٍ يُرَاوِغُهَا ضَوْءُ الْمِصْبَاحِ تَدَلَّى مِنْ أَعْلَى السَّقْفِ 000
تَفُكُّ ضَفِيرَتَهَا تُرْسِلُ شَعْرَهَا فِي انْسِيَابٍ خَلْفَ ظَهْرِهَا 000
تَنْحَنِي هَادِئَةً فِي انْتِشَاءٍ ، تُدْرِكُ لِمَاذَا تُفَضِّلُ الْفَأْرَةُ الْمَصْيَدَةَ أَحْيَانًا 0
ــــــــــــ
قصة قصيرة من مجموعة
لَيْلَى تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى بَيْتِهَا
للشاعر الدكتور / عزت سراج
ـــــــــــــ
فِي دَهْشَةٍ ظَلَّتْ لَيْلَى مُخْتَبِئَةً تُرَاقِبُ مِنْ بَيْنِ قُضْبَانِ النَّافِذَةِ تِلْكَ الْفَأْرَةَ التَّعِيسَةَ الَّتِي دَخَلَتِ الْمَصْيَدَةَ رَاضِيَةً فِرَارًا مِنْ تِلْكَ الْقِطَطِ الْمُطَارِدَةِ قَفْزًا وَرَاءَها فَوْقَ الْجُدْرَانِ وَتَحْتَ الْكَرَاسِيِّ الْمُتَنَاثِرَةِ فِي أَنْحَاءِ الْحُجْرَةِ 000
تَلْتَقِطُ الْفَأْرَةُ أَنْفَاسَهَا الْمُتَسَارِعَةَ فِي ارْتِيَاحٍ بَعْدَ أَنْ أُغْلِقَ بَابُ الْمَصْيَدَةِ ، وَأَصْبَحَتْ فِي أَمَانٍ بَعِيدًا عَنْ مَخَالِبِ الْقِطَطِ الْجَائِعَةِ الَّتِي لا تَرْحَمُ ضَعْفَهَا 000
قَانِعَةً بِالسَّاعَاتِ الْمُتَبَقِّيَةِ دَاخِلَ الْمَصْيَدَةِ تُحَرِّكُ ذَيْلَهَا فِي فَرَحٍ تَغِيظُ الْقِطَطَ الْمُتَرَبِّصَةَ فِي انْتِظَارِ خُرُوجِهَا ثَانِيَةً 000
فِي يَأْسٍ تَدْفَعُ الْقِطَطُ بِالْمَصْيَدَةِ بَيْنَ أَرْجُلِهَا تُحَاوِلُ الْوُصُولَ لِلْفَأْرَةِ الَّتِي تَرْمُقُهَا بِعَيْنَيْنِ مَاكِرَتَيْنِ تَضْحَكَانِ فِي زَهْوٍ ظَافِرَةً بِالنَّجَاةِ مُحَقِّقَةً بِحِيلَتِهَا نَصْرًا غَالِيًا عَلَى تِلْكَ الْقِطَطِ الْمَهْزُومَةِ هَذِهِ الْمَرَّةَ 000
فِي سُخْرِيَةٍ تَرْقُبُهَا الْقِطَطُ حَانِقَةً تَعَضُّ بِأَنْيَابِهَا أَسْلاكَ الْمَصْيَدَةِ دُونَ جَدْوَى 000
000000
000000
000000
ـ مَاذَا تَصْنَعِينَ يَا امْرَأَةُ ؟
ـ أُرَاقِبُ الْفَأْرَةَ دَاخِلَ الْمَصْيَدَةِ يَا حَسَنُ 000 حَمْدًا ِللهِ عَلَى سَلامَتِكَ 000
ـ أَلَيْسَ لَدَيْكِ مَا تَصْنَعِينَ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ لِمَاذَا تَشْتِمُنِي الآنَ ؟ وَمَاذَا صَنَعَتْ لَكَ أُمِّي؟
ـ وَتَرُدِّينَ عَلَيَّ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ رَبُّنَا يُسَامِحُكَ يَا حَسَنُ !!
ـ اخْرَسِي يَا فَاجِرَةُ !!
ـ حَاضِرٌ يَا حَسَنُ ، خَرَسْتُ 000
ـ أَحْضِرِي الْعَشَاءَ يَا امْرَأَةُ !!
ـ حَاضِرٌ حَاضِرٌ ، فِي الْحَالِ يَا حَسَنُ 000
فِي ارْتِبَاكٍ تَجُرُّ قَدَمَيْهَا الثَّقِيلَتَيْنِ دَاخِلَ الْمَطْبَخِ ، تُشْعِلُ الْمَوْقِدَ مُسْتَسْلِمَةً لِلْبُكَاءِ 000
تَشْدُو أُمُّ كُلْثُومٍ فِي الْبَيْتِ الْمُجَاوِرِ { آهِ مِنْ قَيْدِكَ أَدْمَى مِعْصَمِي } 000
رَائِحَةُ الثَّوْمِ الْمَقْطُوعِ تَمْلأُ أَنْفَهَا ، وَرَذَاذُ الْبَصَلِ الْمَبْشُورِ يُلْهِبُ عَيْنَيْهَا الدَّامِعَتَيْنِ فَوْقَ خَدَّيْهَا 000
عَاطِسَةً تَمْسَحُ دُمُوعَهَا مُشَمِّرَةً يَدَيْهَا ، تُسْرِعُ غَاسِلَةً أَعْوَادَ الْجَرْجِيرِ الطَّازَجِ 000
ـ بِسُرْعَةٍ يَا بِنْتَ الْـ 000 !!
ـ حَاضِرٌ ، دَقِيقَةً وَاحِدَةً فَقَطْ 000
فِي تَأَفُّفٍ يَحْمِلُ الْمَصْيَدَةَ خَارِجَ الْحُجْرَةِ صَاعِدًا فَوْقَ السَّطْحِ تَارِكًا الْفَأْرَةَ دَاخِلَهَا لِتَلْفَظَ أَنْفَاسَهَا الأَخِيرَةَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ 000
خَالِعًا مَلابِسَهُ يُلْقِي بِجَسَدِهِ الْمُتَرَهِّلِ فَوْقَ السَّرِيرِ 000
ـ جَهَزَ الْعَشَاءُ يَا حَسَنُ ، هَيَّا ، كُلْ لُقْمَةً !!
ـ فُولٌ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ نِعْمَةٌ وَالْحَمْدُ ِللهِ !!
ـ أَيَّةُ نِعْمَةٍ وَأَنْتِ مَعِي يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
بِرَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ يُبَعْثِرُ الأَطْبَاقَ بِقَدَمَيْهِ مُمْسِكًا بِشَعْرِهَا لاطِمًا وَجْهَهَا ضَارِبًا بَطْنَهَا مُلْقِيًا بِجَسَدِهَا النَّحِيلِ تَحْتَ رِجْلَيْهِ 000
صَارِخَةً تَسْتَغِيثُ بِصِغَارِهَا الْخَائِفِِينَ فِي الْحُجْرَةِ الْمُجَاوِرَةِ دَافِعَةً رَكَلاتِهِ الْعَنِيفَةَ بِيَدَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ 000
يَحُولُ الصِّغَارُ بَيْنَهُمَا فِي بُكَاءٍ ، يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ مُبْتَعِدًا عَنْهَا 000
ـ بِكَمْ جُنَيْهٍ عَمِلْتِ الْيَوْمَ يَا بِنْتَ الْـ 000 ؟
ـ هَذِهِ عِشْرُونَ جُنَيْهًا ، خُذْهَا يَا حَسَنُ !! رَبُّنَا يَهْدِيكَ 000
بَاصِقًا فِي وَجْهِهَا يَشُدُّ الْجُنَيْهَاتِ مِنْ صَدْرِهَا مُنْسَحِبًا لِلْخَارِجِ بَاحِثًا فِي قَلَقٍ عَنْ رِفَاقِهِ دَاخِلَ الْمَقْهَى 000
000000
000000
000000
تَحْتَضِنُ لَيْلَى صِغَارَهَا فِي رِفْقٍ تُحَاوِلُ أَنْ تَهْدَأَ قَلِيلاً 000
تَقْتَرِبُ فِي انْكِسَارٍ تَخْتَلِطُ دُمُوعُهَا بِابْتِسَامَتِهَا الْهَارِبَةِ 000
ـ لا بَأْسَ يَا أَوْلادُ ، سَيَهْدَأُ حِينَ يَعُودُ 000
ـ وَلِمَاذَا تَصْبِرِينَ يَا أُمِّي عَلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ ؟
ـ مِنْ أَجْلِكُمْ يَا أَحْبَابِي أَصْبِرُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ !
ـ أَنْتِ عَظِيمَةٌ يَا أُمِّي !!
ـ الْمُهِمُّ أَنْ تَتَفَوَّقُوا وَتَنْتَصِرُوا عَلَى هَذِهِ الظُّرُوفِ 000
ـ حَاضِرٌ يَا أُمِّي 000
فِي عَطْفٍ يُقَبِّلُونَ جَبِينَهَا جَالِسِينَ حَوْلَهَا يُذَاكِرُونَ دُرُوسَهُمْ ، يُوَاصِلُونَ الإِجَابَةَ عَنِ الأَسْئِلَةِ الَّتِي لا تَنْتَهِي 000
000000
000000
تَرْكِنُ ظَهْرَهَا بَيْنَهُمْ فَوْقَ الأَرْضِ سَانِدَةً رَأْسَهَا بِكَفَّيْهَا مُسْتَسْلِمَةً لِذِكْرَيَاتِهَا أَوَّلَ يَوْمٍ قَابَلَهَا فِيهِ وَدَفَعَ لَهَا مُقَابِلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قَضَتْهَا فِي فِرَاشِهِ 000
فِي الْيَوْمِ التَّالِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَقْسَمَتْ أَنْ تَظَلَّ مُخْلِصَةً لَهُ وَلا تَعُودَ لِلرَّصِيفِ ثَانِيَةً 000
فِي وَفَاءٍ ظَلَّتْ مُحِبَّةً لَهُ صَادِقَةً لا تَنْسَى فَضْلَهُ عَلَيْهَا 000
فِي الصَّبَاحِ تَتَنَقَّلُ فِي إِبَاءٍ خَادِمَةً بَيْنَ الْبُيُوتِ مُقْسِمَةً أَنْ تَظَلَّ عَفِيفَةً بَعْدَ أَنْ ذَاقَتْ حَلاوَةَ الْحَلالِ 000
وَبَعْدَ الْعَصْرِ تُتُابِعُ الصِّغَارَ فِي شَغَفٍ دُونَ مَا كَلَلٍ 000
تَرْجُو أَنْ يَكْبَرُوا سَرِيعًا مُخَفِّفِِينَ عَنْهَا بَعْضَ الأَلَمِ ، وَتُحَلِّقَ الْعَصَافِيرُ فَوْقَ عُشِّهَا مِنْ جَدِيدٍ خَافِضَةً أَجْنِحَتَهَا دَافِئَةً بِالْحَيَاةِ 000
وَفِي الْمَسَاءِ تَتَحَمَّلُ قَسْوَتَهُ الَّتِي لا تَلِينُ لَعَلَّهُ يَحِنُّ إِلَيْهَا ثَانِيَةً 000
000000
000000
000000
فِي غَيْرِ تَرَدُّدٍ قَافِزَةً سَلالِمَ الْبَيْتِ تَصْعَدُ إِلَى السَّطْحِ 000
مُرْتَجِفَةً عَلَى غَيْرِ هُدًى تَفْتَحُ ـ فِي إِصْرَارٍ ـ بَابَ الْمَصْيَدَةِ 000
تُهَرْوِلُ الْفَأْرَةُ بَعِيدًا نَحْوَ جُحْرِهَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَ الْقِطَطُ السَّمِينَةُ 000
فِي فَزَعٍ يَصْعَدُ الصِّغَارُ إِلَيْهَا يُعَانِقُونَ صَدْرَهَا مُرْتَعِشِينَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهَا 000
كَنَسْمَةِ الرَّبِيعِ تَضُمُّ ضُلُوعَهَا مُلْتَصِقِيْنَ بِقَلْبِهَا النَّابِضِ كَطَاحُونَةٍ 000
يَهْبِطُونَ سَلالِمَ الْبَيْتِ فَرِحِينَ يَتَفَادَوْنَ الْعَتَبَةَ الْمَكْسُورَةَ 000
فِي انْتِظَارِ عَوْدَةِ حَسَنٍ تَضَعُ ـ فِي حُنُوٍّ ـ جَسَدَهَا تَحْتَ الْمَاءِ الدَّافِئِ غَاسِلَةً شَعْرَهَا ، تُزِيلُ بَقَايَا الْعَرَقِ 000
تَرْتَدِي أَجْمَلَ ثِيَابِهَا بَاسِمَةً كَنَبْقَةٍ مُثْمِرَةٍ 000
تُمَدِّدُ أَعْضَاءَهَا فَوْقَ السَّرِيرِ فِي اسْتِرْخَاءٍ 000
مُسْتَسْلِمَةً لِضَعْفِهَا رَاضِيَةً بِأَحْلامِهَا الصَّغِيرَةِ تُدَاعِبُ أَطْفَالَهَا 000
يَنْعَسُونَ كَيَمَامَاتٍ بَرِّيَّةٍ عَلَى كَتِفَيْهَا آمِنِينَ فِي سَلامٍ 000
شَارِدَةً يُشْرِقُ وَجْهُهَا كَمَلاكٍ يُرَاوِغُهَا ضَوْءُ الْمِصْبَاحِ تَدَلَّى مِنْ أَعْلَى السَّقْفِ 000
تَفُكُّ ضَفِيرَتَهَا تُرْسِلُ شَعْرَهَا فِي انْسِيَابٍ خَلْفَ ظَهْرِهَا 000
تَنْحَنِي هَادِئَةً فِي انْتِشَاءٍ ، تُدْرِكُ لِمَاذَا تُفَضِّلُ الْفَأْرَةُ الْمَصْيَدَةَ أَحْيَانًا 0
ــــــــــــ