المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " على هامش الروح " من مجموعة "أغنيات الصبا والرماد"للشاعر الكبير الدكتور عزت سراج



صفاء عطاالله
01-08-2011, 04:07 PM
عَلَى هَامِشِ الرُّوحِ




كُلُّهُمْ خَانُوكَ يَا عِزَّتْ سِرَاجْ ، وَغَدَرُوا بِكَ ، وَلَمْ يَصُونُوا لَكَ عَهْدَا ، وَلَمْ يَحْفَظُوا لَكَ وُدَّا ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَكَ وَعْدَا 0
كُلُّهُمْ خَانُوكَ ،وكُلُّهُنَّ غَدَرْنَ بِكَ 0
أتَذْكُرُ تَايِيسَ ؟ أَمْ تُرَاكَ نَسِيتَ شَهْرَ زَاد ؟
أَتَذْكُرُ الْمُجَمَّعَ وَقَصْرَ الثَّقَافَةِ وَشَارِعَ الْبَحْرِ وَحَارَاتِ طَنْطَا الْقَدِيمَةَ وَالسَّيِّدَ الْبَدَوِيَّ وَالْحُسَينَ ؟ أمْ تُرَاكَ نَسِيتَ طَعْمَ الْخِنْجَرِ بَيْنَ ضُلُوعِكَ ، وَأَنْتَ عَالِقٌ فِي شِرَاكِهِنَّ لا تَسْتَطِيعُ مِنْهُنَّ فِكَاكَاً ، يَنْزِفُ جَنَاحَاكَ الْكَسِيرَانِ ، وَأَنْتَ وَحْدَكَ فِي ظُلُمَاتِ الْليلِ الطَويلِ لا يَغْمَضُ لَكَ جَفْنٌ ، وَلا يَفْتَأُ قَلْبُكَ الْجَرِيحُ يُرَفْرِفُ بَينَ جَنْبَيْكَ فِي جُنُون ؟
كُلُّهُمْ خَانُوكَ ،وَكُلُّهُنَّ غَدَرْنَ بِكَ ،وَلَمْ يَرْحَمْنَ ضَعْفَكَ ،
وَأَجْهَزْنَ عَلَى يُوسُفَ فِي وَضَحِ النَّهَارِ0
مَا الْذِي تَبَقَّى مِنْهُنَّ وَمِنْكَ سِوَى حُطَامِكَ بَينَ صَهِيلِ الْخُيُولِ وَهَدِيلِ الْحَمَامِ الْحَزِينِ؟
هَلْ كُنَّ إلا أَصْنَامَاً كَسَرْتَهَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ ؟
وَهَلْ كُنْتَ إلا لَحْظَةً مُدْهِشَةً فِي خَاطِرِ الزَّمَانِ مَاتَتْ؟
أَلَمْ تَمُتْ ؟ وَأَلَمْ يَمُتْْنَ ؟ أَعَادَتْ إِلَيكَ رُوحُكَ تَبْعَثُ فِي جَسَدِكَ عَبَثَ الأَحْلامِ مِنْ جَدِيد ؟
أَنْتَ انْتَهَيْتَ مِنْ قَدِيمٍ ، فَلِمَ عُدَّتَ؟
وَلِمَ تَسْمَحُ لِعَينَيْهَا أَنْ تَطُلَّ مِنْ عَينَيْكَ ثَانِيَةً؟
أَلَمْ تَقْتُلْكَ غَادِرَةً؟
أَلَمْ تَرْحَلْ وَقَدْ خَانَتْ ؟
لِمَ عُدَّتَ مِنْ مَوْتِكَ يَا عِزَّتْ سِرَاجْ ؟
******
كُنْتَ فِي الْعِشْرِينَ يَوْمَ قَالَتْ لَكَ إِنَّهَا لَنْ تَرْحَلَ ،
وَإِنَّهَا سَتَظَلُّ مَعَكَ000
صَدَّقْتَهَا000
كُنْتَ تَرَى فِي وَجْهَهَا حُلْمَكَ الْمُسْتَحِيلَ000
وَكَانَتْ تَرَى فِي عَينَيكَ نِيلاً يَرْوِي قَرْيةً ظَمْأَى
يَحِنُّ نَخْلُهَا لِلسمَاءِ وَيَمُوتُ وَاقِفَاً0
أَلْقَتْ رُوحَهَا تَحْتَ السَّرِيرِ0
دَخَلَتْ غَيْبُوبَةَ الأَوْهَامِ ، وَعَلَّقَتْ بَقَايَا جَسَدِهَا النَّحِيلِ فَوْقَ مِقْصَلَةٍ0
خَلَعَتْ وَجْهَهَا ، فَتَدَحْرَجَتْ رَأَسُهَا سَاخِرَةً مِنْ جَلادِهَا ،
وَبَصَقَتْ فِي أُذُنَيْهِ 0
غَرَسَتْ مَكَانَ عَينَيْهَا السَّاحِرَتَيْنِ ذَاكِرَةً حُبْلَى بِعَشْرِ سِنِينَ أَوْ يَزِيدُ 0
حَبَلَتْ نَادِمَةً
وَضَعَتْ فِي سُوقِ الْقَرْيَةِ مَوْلُودَا 0
ظَلَّتْ تَجْرِي 0
اخْتَبَأَتْ فِي أَوْجَاعِ الرُّوحِ ،
وَانْدَاحَتْ أُغْنِيَةً بَاكِيَةً0
دَخَلَتْ حُجْرَتَهَا 0
أَخْرَجَتْكَ مِنْ عَينَيْهَا طِفْلا أَسْمَرَ يَعْرِفُ كَيْفَ يَبُوحُ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ ، وَانْطَلَقَتْ أَجْنَادُ الأَرْوَاحِ0
قَالَتْ لَكَ :
مَا زِلْتُ أَنَا 000
وَأَنَا مِنْكَ 000
أنْتَ وَحْدَكَ تُشْعِلُ جَسَدِي الْمُلْقَى عَلَى طُرُقَاتِ الْمَوْتِ
يَبْلَعُهُ رَصِيفُ الأَحْزَانِ0
وَحْدَكَ أَنْتَ كُنْتَ وَتَكُونُ 000
فَكُنْ لِي0
قَالَتْ لَكَ 000
كُنْتَ صَغِيرَاً
لا تَعْرِفُ طَعْمَ الْغَدْرِ
إذَا سَكَنَ السِّكِّينُ فِي ظَهْرِ يَمَامَةٍ0
******
الآنَ يَا أنْتِ !!!
مَاذَا تَبَقَّى لَكِ مِنْكِ ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى أُخْرَى سَكَنَتْ جَسَدَكِ ،
وَاغْتَالَتْ مَوَّالاً بَيْنَ ضُلُوعِكِ ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى حُلْمٍ مَاتَ ؟
سِوَى رُوحٍ خَرَجَتْ صَارِخَةً مِنْ جَسَدٍ
جَفَّتْ رَائِحَةُ التُّفَّاحِ عَلَى صَدْرِهِ ؟
وَأَلْقَى بَقَايَا لَيْمُونِهِ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى جَسَدٍ مَاتَ وَأَلْقَى وَرَقَهُ ؟
******
كَيفَ أَصْبَحْتِ يَا أَنْتِ الْيَوْمَ ؟
غَادَرَ أَعْشَاشَهُ الْيَمَامُ
وَأَقْبَلَ الْخَرِيفُ
وَتَعَالَتْ ـ فِي رُدُهَاتِ النَّفْسِ ـ أَوْجَاعُ الرُّوحِ 0

نادين
01-08-2011, 11:04 PM
ما أحلاها من كلمات وما أجملها من معاني
شكرا أيها الرقيق الحالم ونتطلع إلى المزيد من روائعك
التي تسعد قلوبنا

هدي السماك
01-23-2011, 02:34 PM
(كانت فى عينيك نيلا يروى قريه ظماْى) ان الكلام لايفى حق شاعرنا وصرحنا الكبير ولكن لايسعنى سوى الشكر على مجهوداته المميزة لك منى الف الف الف الف الف تحيه مليئه بالحب والامانى الجميله الرقيقه التى تتمناها