المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع الشاعر الرقيق فاروق جويدة " هذا عتاب الحب للأحباب "



صفاء عطاالله
12-26-2010, 02:46 PM
هَذَا عِتابُ الحُبِّ.. لِلأحْبابِ
لا تغْضبى مِنْ ثَورتِى.. وَعِتَابِى
مَازالَ حُبــُّـك مِحْنَتِى وَعَذابِى
مَازالَ فِى العَيْن الحَزينَةِ قُبْلَةٌ
للعَاشِقِينَ بسحْرِكِ الخَلابِ
أحْببتُ فِيْكِ العُمْرَ طِفْلاً باسِـماً
جَاءَ الحَياةَ بأطْهَرِ الأثْوَابِ
أحْببتُ فِيكِ اللَيلَ حِينَ يضُمُّنَا
دِفْءَ القُلوبِ.. ورفقَةُ الأصْحابِ
أحْببتُ فيكِ الأمَّ تسكنُ طِفلَهَا
مَهْمَا نَأىَ.. تَلقاهُ بِالتِرْحَابِ
أَحْببتُ فِيْكِ الشَمْسَ تَغْسِلُ شَعْرَهَا
عِندَ الغُروبِ بدمعِهَا المُنسَابِ
أَحْببتُ فِيكِ النِيْلَ يَجْرِى صَاخِباً
فَيَهِيْمُ روضٌ فِى عِناقٍ روَابِ
أحببتُ فيك شُموخَ نهرٍ جامحٍ
كَمْ كانَ يسْكرنى بغيرِ شرابِ
أحببتُ فيك النيلَ يسجدُ خاشِعاً
للهِ رَباً دُونَ أىّ حسابِ
أحببتُ فيك صلاةَ شعبٍ مؤمنٍ
رسَم الوجُودَ عَلى هُدى مِحرابِ
أحببتُ فيك زمان مجدٍ غابرٍ
ضيعته سفهاً على الأذناب
أحْببت فى الشرفاء عهداً باقياً
وكَرهت كلَّ مقامرٍ كذّابٍ
إنّى أحبكِ رغم أنى عاشقٌ
سَئِم الطوَافَ.. وضاقَ بالأعتابِ
كَم طافَ قلْبى فِى رِحابِكِ خَاشِعاً
لم تعرف الأنقى.. من النصاب
أسرفتُ من حبى.. وأنت بخيلةٌ
ضيعت عمرى.. واستبحتِ شبابى
شاخت على عينيك أحلام الصبا
وتناثرت دمعاً على الأهدابِ
من كان أولى بالوفاء؟..عصابة!
نهبتك بالتدليس.. والإرهابِ؟
أم قلب طفلٍ ذاب فيكِ صبابةً
ورميتهِ لحماً على الأبواب؟!
عمرٌ من الأحزان يمرح بيننا
شبح يطوف بوجهه المرتاب
لا النيلُ نيلكِ.. لا الضفافُ ضفافهُ
حتى نخيلك تاهَ فى الأعشاب!
باعوكِ فى صخبِ المزاد.. ولم أجدْ
في صدرك المهجورِ غيرَ عذابِ
قد روّضوا النهر المكابر فانحنى
للغاصبين.. ولاذ بالأغرابِ
كم جئتُ يحملنى حنينٌ جارفٌ
فأراك.. والجلادَ خلف البابِ
تتراقصين على الموائد فرحةً
ودمى المراق يسيل فى الأنخاب
وأراكِ فى صخب المزاد وليمةً
يلهو بها الأفاق.. والمتصابى
قد كنت أولى بالحنان.. ولم أجدْ
فى ليل صدرك غير ضوءٍ خابِ
فى قمة الهرم الحزينِ عصابةٌ
ما بين سيفٍ عاجزٍ.. ومُرابِ
يتعبدون لكل نجمٍ ساطعٍ
فإذا هوى صَاحوا: نذير خرابِ
هرمٌ بلون الموت.. نيلٌ ساكنٌ
أُسدٌ محنطةٌُ بلا أنيابِ
سافرتُ عنكِ وفى الجَوامِح وحشةٌ
فالحزن كأسى.. والحَنينُ شَرابى
صَوتُ البلابلِ غابَ عنْ أوكارِه
لم تعْبئِى بتشرّدى.. وغِيابى
كُلّ الرِفاقِ رأيتهُم فى غُربتى
أطلالُ حلمٍ.. فِى تِلال تُرابِ
قد هَاجروا حُزناً.. ومَاتوا لوعةً
بينَ الحَنين.. ورفقةِ الأصحابِ
بينى وَبينك ألفُ ميلٍ.. بَينمَا
أحْضَانك الخضْراءُ للأغرابِ!
تبنينَ للسُفهاءِ عُشاً هادئاً
وأنا أمُوت على صَقيعِ شَبابى!
فى عتمَةِ الليلِ الطَويلِ يشدُّنى
قلبى إليكِ.. أحِنُّ رَغْم عَذابِى
أَهفُو إِليكِ.. وفى عُيونكِ أحْتمِى
مِنْ سجْنِ طَاغيةٍ وقصْفٍ رِقابِ
هل كان عدلٌ أنّ حبك قاتلى
كيف استبحتِ القتل للأحبابِ؟!
ما بين جلادٍ.. وذئبٍ حاقدٍ
وعصابةٍ نهبت بغير حسابِ
وقوافلٍ للبؤس ترتع حولنا
وأنين طفلٍ غاص فى أعصابى
وحكايةٍ عن قلب شيخٍ عاجزٍ
قد مات مصلوبًا على المحرابِ
قد كان يصرخ: «لى إلهٌ واحدٌ
هو خالق الدنيا.. وأعلم مابي»
يا ربـّ سطرت الخلائق كلها
وبكل سطرٍ أمةٌ بكتابِ
الجالسون على العروشِ توحشوا
ولكل طاغيةٍ قطيع ذئابِ
قد قلت: إن الله ربٌ واحدٌ
صاحوا: «ونحن» كفرتَ بالأربابِ؟
قد مزقوا جسدى.. وداسوا أعظُمى
ورأيت أشلائى على الأبوابِ
. . . ما عدتُ أعرف أين تهدأ رحلتى
وبأى أرضٍ تستريح ركابى
غابت وجوهٌ.. كيف أخفتْ سرّها؟
هرب السؤالُ.. وعزّ فيه جوابى
لو أن طيفاً عاد بعد غيابه
لأرى حقيقة رحلتى ومآبى
لكنه طيفٌ بعيدٌ.. غامضٌ
يأتى إلينا من وراء حجابِ
رحل الربيعُ.. وسافرت أطيارهُ
ما عاد يجدى فى الخريف عتابى
فى داخل المشوار تبدو صورتى
وسط الذئاب بمحنتى وعذابى
ويُطل وجهكِ خلف أمواج الأسى
شمسًا تلوّح فى وداع سحابِ
هذا زمانٌ خاننى فى غفلةٍ
منى.. وأدمى بالجحود شبابى
شيعتُ أوهامى.. وقلت لعلنى
يومًا أعود لحكمتى وصوابى
كيف ارتضيتُ ضلال عهدٍ فاجرٍ
وفساد طاغيةٍ.. وغدر كلابِ؟!
ما بين أحلامٍ توارى سحرُها
وبريق عمرٍ صار طيف سرابِ
شاختْ ليالى العمر منى فجأةً
فى زيف حلمٍ خاضعٍ كذابِ
لم يبق غير الفقر يستر عورتى
والفقرُ ملعونٌ بكل كتابِ
سربُ النخيل على الشواطئ ينحنى
وتسيلُ فى فزعٍ دماء رقابِ
ما كانَ ظنّى أنْ تكون نهايتى
فى آخر المشوار دمع عتابِ
ويضيع عمرى فى دروب مدينتى
ما بين نار القهرِ.. والإرهابِ
ويكون آخر ما يطل على المدى
شعبٌ يهرول فى سواد نقابِ
وطنٌ بعرض الكون يبدو لعبةً
للوارثين العرش بالأنسابِ
قتلاكِ يا أم البلاد تفرقوا
وتشردوا شيعاً على الأبوابِ
رسموك حلماً ثم ماتوا وحشةً
ما بين ظلم الأهل والأصحابِ
لا تخجلى إن جئتُ بابك عارياً
ورأيتنى شبحاً بغير ثيابِ
يخبو ضياء الشمسِ.. يصغر بيننا
ويصير فى عينى.. كعود ثقابِ
والريح تزأر.. والنجوم شحيحةٌ
وأنا وراء الأفق ضوء شهابِ
غضبٌ بلون العشق.. سخطٌ يائسٌ
ونزيف عمرٍ.. فى سطور كتابِ
رغم انطفاء الحلم بين عيوننا
فيعود فجرك بعد طول غيابِ
فلترحمى ضعفى.. وقلة حيلتى
هذا عتابُ الحبِ.. للأحبابِ

هدي السماك
12-26-2010, 04:25 PM
الى الاستاذة صفاء اين قصائد شاعرى الرقيق التى تميز هذا المنتدى رجاء حار من فضلك نشر مايمكنك نشره لانك وعدتى ان تنشرى المزيد والمزيد لك منى ارق تحية

امان الواصل
12-26-2010, 07:03 PM
نشكرك استاذة صفاء احسنتي صنعا
لكي وافر الشكر نرجو المزيد من اشعار الحبيب العاشق المهذب
الغالي علي قلوبنا ادام اللة علية الصحة والعافية
وارتقت بة بلادة
الحبيب فاروق جويدة
نرجو المزيد

صفاء عطاالله
12-26-2010, 08:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك أ / هدى وأوعدك أنه بإذن الله تعالى علي نهاية هذا الأسبوع
سأقوم بتجميع بقية مؤلفات كاتبنا وشاعرنا العظيم د . سراج
وسوف تكون هذه المؤلفات هي أحدث مجموعات شاعرنا وأديبنا د. سراج
أما الموجود حاليا فبرغم قوتها وروعتها إلا أن أغلبها مؤلفات قديمة كتبت من سنوات عديدة
لذا أوعدك إن شاء العلي القدير أن أقدم أعمال شاعرنا الحديثة قريبا
دمتي بود
خالص تحياتي وتقديري

هدي السماك
12-27-2010, 02:36 AM
الاستاذة صفاء اشكرك كثيرا على ماقدمتيه وماستقدمينه من اعمال قيمه لشاعرى العظيم اريد المزيد والمزيد و للعلم ان كتابات سراجنا المنير ليست قديمه بل هى تواكب عصرنا هذا حتى ولو بعد قرن من الزمن اما بالنسبه لمجموعاته كان يجب ان تكتب منذ فتره اتمنى ان تنشر فى اقرب وقت ممكن لكى الف شكر وتقدير واحترام ولشاعرى وسراجى المنير كل( حب )وتقدير

totate
07-11-2012, 09:57 PM
قصيدة الى نهر فقد تمرده للرائع فاروق جويده

وأرضعتنا الخوف عمرا طويلا

وعلمتنا الصمت.. والمستحيل..

وأصبحت تهرب خلف السنين

تجيء وتغدو.. كطيف هزيل

لما استكنت؟

وقد كنت فينا شموخ الليالي

وكنت عطاء الزمان البخيل

تكسرت منا وكم من زمان

على راحتيك تكسر يوما..

ليبقى شموخك فوق الزمان

فكيف ارتضيت كهوف الهوان..

لقد كنت تأتي

وتحمل شيئا حبيبا علينا

يغير طعم الزمان الرديء..

فينساب في الأفق فجر مضيء..

وتبدو السماء بثوب جديد

تعانق أرضا طواها الجفاف

فيكبر كالضوء ثدي الحياة

ويصرخ فيها نشيد البكارة

ويصدح في الصمت صوت الوليد

لقد كنت تأتي

ونشرب منك كؤوس الشموخ

فنعلو.. ونعلو..

ونرفع كالشمس هامتنا

وتسري مع النور أحلامنا

فهل قيدوك.. كما قيدونا..؟!

وهل أسكتوك.. كما أسكتونا؟



* * *

دمائي منك..

ومنذ استكنت رأيت دمائي

بين العروق تميع.. تميع

وتصبح شيئا غريبا عليا

فليست دماء.. ولا هي ماء.. ولا هي طين

لقد علمونا ونحن الصغار

بأن دماءك لا تستكين
وراح الزمان.. وجاء الزمان

وسيفك فوق رقاب السنين

فكيف استكنت..

وكيف لمثلك أن يستكين

وفي مقلتيك انهيار وخوف

لماذا تخاف؟

لقد كنت يوما تخيف الملوك

فخافوا شموخك

خافوا جنونك

كان الأمان بأن يعبدوك

وراح الملوك وجاء الملوك

وما زلت أنت مليك الملوك

ولن يخلعوك..

فهل قيدوك لينهار فينا

زمان الشموخ؟

وعلمنا القيد صمت الهوان

فصرنا عبيدا.. كما استعبدوك