المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " صوت ريم لا تخفيه المساحيق " من مجموعة " أميرة من كفر خضر " للدكتور عزت سراج



صفاء عطاالله
11-30-2010, 10:18 PM
صَوْتُ رِيمٍ لا تُخْفِيهِ الْمَسَاحِيقُ


تَنْظُرُ رِيمٌ فِي الْمِرْآةِ الْمُؤَطَّرَةِ بِقُضْبَانٍ نُحَاسِيَّةٍ عَتِيقَةٍ وَنُقُوشٍ مُلَوَّنَةٍ بَاهِتَةٍ أَوْشَكَ الصَّدَأُ أَنْ يَتَرَاكَمُ فَوْقَهَا عَامًا بَعْدَ عَامٍ دُونَ أَنْ تَسْتَطِيعَ إِزَالَتَهُ ، مُتَمَسِّكَةً بِتِلْكَ الْمِرَآةِ الشَّرْقِيَّةِ الَّتِي وَرِثَتْهَا عَنْ أُمِّهَا عَنْ جَدَّتِهَا دُونَ أَنْ تَفْهَمَ لِذَلِكَ أَسْبَابًا وَاضِحَةً ، غَيْرَ أَنَّهَا أَصْبَحَتْ كَشُرْيَانٍ يَتَدَفَّقُ بِالْحَيَاةِ إِلَى أَعْمَاقِهَا الْمُنْكَسِرَةِ كُلَّمَا اصْطَدَمَتْ بِأَسْوَارِ الْحَدِيقَةِ الْحَدِيدِيَّةِ فِي لَيَالِي الشِّتَاءِ الطَّوِيلَةِ 0
تَعُودُ بِالذِّكْرَيَاتِ الْمُتَدَاعِيَةِ فِي جُنُونٍ كَمَوْجَةِ بَحْرٍ عَاتِيَةٍ تَبْحَثُ عَنْ شَاطِئٍ 000
تَتَحَسَّسُ رُوحَهَا عِنْدَمَا كَانَتْ تُحَلِّقُ كَفَرَاشَةٍ فِي أَفْنِيَةِ الْجَامِعَةِ ، وَكَيْفَ كَانَ يُلاحِقُهَا الطُّلابُ مُتَأَبِّيَةً عَلَيْهِمْ فِي خُيَلاءَ كَغَزَالٍ بَرِّيٍّ شَارِدٍ أَفْلَتَ مِنْ نُمُورِ الْغَابَةِ ، وَكَيْفَ اسْتَسْلَمَتْ ـ حِينَ نَوَّرَتْ ثِمَارُ الْخَوخِ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ ـ لِهَذَا الأُسْتَاذِ الْبَدِينِ حِينَ أَمْسَكَ يَدَيْهَا مُسْقِطًا أَوْجَاعَهَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ ، وَكَيْفَ حَاوَلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الآخَرُونَ وَاحِدًا بَعْدَ الآخَرِ ، كَنُسُورٍ جَائِعَةٍ تُطَارِدُ يَمَامَةً فَوْقَ غُصْنِ تُوتٍ ، لِتَنْفَرِطَ الْحَبَّاتُ الْحَمْرَاءُ فَوْقَ رِيشِ جَنَاحَيْهَا الْكَسِيرَيْنِ ، وَتَنْهَشَ بَقَايَا لَحْمِهَا الْوَرْدِيِّ كِلابٌ تَضِلُّ
الطَّرِيقَ إِلَى بَيْتِهَا 000
000000
000000
000000
الذِّكْرَيَاتُ تَمُرُّ أَمَامَ عَيْنَيْهَا فِي مَرَارَةٍ ، مُتَدَافِعَةً ضَاغِطَةً عَلَى صَدْرِهَا 000
تَضِيقُ الشَّوَارِعُ ، وَتَنْطَفِئُ الْمَصَابِيحُ 000هَامِسَةً تُسِرُّ إِلَى ذَاتِهَا الْمُجْهَدَةِ :
ـ هَذَا الشَّاعِرُ الْفَارِسُ الأَسْمَرُ الْمُسْتَحِيلُ 000
مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ أَمْنَحَهُ سِوَى رُوحٍ مُعَذَّبَةٍ سَحَقَتْهَا
الأَقْدَارُ طَوَالَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنْ رَجُلٍ
إِلَى رَجُلٍ لا يَعْرِفُ إِلا أَنْ يَبْقَى يَتَسَلَّقُ فَوْقَ
حِبَالِ الرُّوحِ ، قَافِزًا فَوْقَ الأَوْجَاعِ كَقِزْمٍ يَصْعَدُ
أَشْجَارَ التِّينِ ؟ 000
000000
000000
مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ أَفْعَلَ إِنْ جَاءَ الْفَرَسُ الأَبْيَضُ
فِي حَمْحَمَاتِهِ صَاهِلاً بَعْدَ هَذِهِ السَّنَوَاتِ الطِّوَالِ فِي انْتِظَارِ مَا لا يَجِيءُ ؟ 000
هَلْ أَمْلِكُ حُلْمًا يَتَحَقَّقُ خَلْفَ الأَوْجَاعِ ؟ 000
هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَصْهِلَ فَوْقَ حُقُولِي الظَّمْأَى حِينَ يَجِيءُ نَهَارٌ ؟ 000
هَلْ تَسْقُطُ فِي الصَّيْفِ الأَمْطَارُ ؟
000000
000000
000000
تَرْتَعِشُ يَدَاهَا بَاكِيَةً شَارِدَةً تَأْخُذُهَا سَحَابَةُ صَيْفٍ ، لَعَلَّ بَعْدَهَا تَتَسَاقَطُ قَطَرَاتُ حَيَاةٍ 000
تَتَأَمَّلُ فِي الْمِرْآةِ 000
تُرَاقِبُ أَنْ يَأْتِيَ فَارِسُهَا الأَسْمَرُ فَوْقَ جَوَادٍ 00
تَسْنِدُ ظَهْرَهَا إِلَى الْكُرْسِيِّ فِي ارْتِيَاحٍ 000
تُزِيحُ خِمَارَهَا الأَسْوَدَ عَنْ رَأْسِهَا السَّاخِنِ 000
تُرَدِّدُ فِي حُزْنٍ بَالِغٍ :
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ
تُرْسِلُ ـ فِي رِفْقٍ ـمُشْطَهَا الْعَاجِيَّ بَيْنَ ضَفَائِرِهَا الْمَعْقُوصَةِ 000تَفُكُّ تِلْكَ الْخُصَلَ الْمَرْبُوطَةَ 000
يُفْزِعُهَا الشَّعْرُ الأَبْيَضُ يَنْتَشِرُ عَلَى الْجَانِبَيْنِ ،
وَهَذَا الْفَرَاغُ الْمُخِيفُ الَّذِي بَدَا عَاصِفًا فِي مُنْتَصَفِ رَأْسِهَا 000
أَسْرَعَتْ إِلَى أَكْيَاسِ الْحِنَّاءِ تُفْرِغُ أَحَدَهَا فِي مُحَاوَلَةٍ لإِخْفَاءِ هَذَا الشَّيْبِ كَنَارٍ تَشْتَعِلُ فَوْقَ كَوْمَةِ حَطَبٍ فِي لَيْلٍ عَاصِفٍ 000
ظَلَّتْ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً جَالِسَةً تَنْظُرُ فِي مَلامِحِ وَجْهِهَا ، وَقَدْ أَحْكَمَتْ رَأْسَهَا جَيِّدًا حَتَّى لا تَتَسَرَّبَ بَقَايَا الْحِنَّاءِ إِلَى عَيْنَيْهَا الْمُجْهَدَتَيْنِ 000
الْبُثُورُ الْبُنِّيَّةُ تَتَنَاثَرُ فَوْقَ وَجْنَتَيْهَا بِطَرِيقَةٍ مُفَاجِئَةٍ لا تَعْرِفُ كَيْفَ سَتُخْفِيهَا هَذِهِ الْمَرَّةَ 00
الْهَالاتُ السَّوْدَاءُ تَتَجَمَّعُ كَقِطَعِ الْفَحْمِ حَوْلَ جَفْنَيْهَا مُتَزَايَدَةً شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ 000
بَشْرَتُهَا النَّاعِمَةُ الْبَيْضَاءُ كَانَتْ تَتَشَرَّبُ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً سُرْعَانَ مَا أَصَابَتْهَا التَّجَاعِيدُ وَالتَّشَقُّقَاتُ ، مُتَدَلِّيَةً تَحْتَ الذَّقْنِ ، مُلْتَفَّةً حَوْلَ الْعُنُقِ ، مُلْقِيَةً بِظِلالِهَا الْكَئِيبَةِ عَلَى رُوحِهَا الْحَائِرَةِ 000
كَشَفَتْ صَدْرَهَا فِي فَزَعٍ نَاظِرَةً إِلَى ثَدْيَيْهَا وَقَدْ تَرَهَّلا فَوْقَ نُتُوءَاتِ الْبَطْنِ وَالْفَخْذَيْنِ بِطَرِيقَةٍ مُضْحِكَةٍ 000
فَتَحَتْ ـ فِي قَلَقٍ ـ عُلَبَ الْمَسَاحِيقِ الْمَرْصُوصَةَ أَمَامَ الْمِرْآةِ فِي نِظَامٍ تَعَوَّدَتْ عَلَيْهِ طُولَ الأَعْوَامِ الأَخِيرَةِ حِينَ خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهَا ، مُقْسِمًا أَلا يَعُودَ 000
نَجَحَتْ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي إِخْفَاءِ الأَوْجَاعِ ، مُتَوَارِيَةً وَرَاءَ الْمَسَاحِيقِ وَالأَقْنِعَةِ وَالْوُجُوهِ 000
فِي إِصْرَارٍ ـ تُزِيلُ بَقَايَا شُرُوخِ الْجُدْرَانِ بِابْتِسَامَةٍ مَا زَالَتْ قَادِرَةً عَلَى أَنْ تَصْنَعَهَا فَوْقَ
الشَّفَتَيْنِ 000
مُتَجَاهِلَةً نَظَرَاتِ زَمِيلاتِهَا ـ تَنْظُرُ فِي مِرْآةِ حَقِيبَتِهَا ، سَاحِبَةً رُوحَهَا مِنْ كَابُوسِهَا
اللَّيْلِيِّ 000
تَبْتَسِمُ لإِحْدَاهُنَّ فِي بَرَاءَةٍ :
ـ هَلْ رَأَيْتِ حَلَقَاتِ الْبَارِحَةِ ؟
ـ نَعَمْ كَانَ الرَّجُلُ حَكِيمًا فِي تَعَامُلِهِ مَعَ نِسَائِهِ ـ وَهَلْ يُمْكِنُ ـ فِي الْوَاقِعِ ـ أَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ بَيْنَ أَرْبَعِ نِسَاءٍ عَلَى هَذَا النَّحْوِ الْمُسْتَحِيلِ ؟
ـ وَلِمَ لا ؟ الْمُشْكِلَةُ لَيْسَتْ فِي الرَّجُلِ 000
000000
000000
000000
تَدُورُ بِرَأْسِهَا الثَّقِيلِ فِي أَنْحَاءِ الْحُجْرَةِ ، لا تَدْرِي مَاذَا تَصْنَعُ 000
ـ مَاذَا بِكِ يَا رِيمُ ؟
فِي ارْتِبَاكٍ ـ تُسْرِعُ خَارِجًا ، تُلْقِي بِقَدَمَيْهَا الْمُتْعَبَتَيْنِ بَيْنَ زِحَامِ السَّيَّارَاتِ 000
مُسْتَسْلِمَةً لأَبْوَاقِهَا الْمُزْعِجَةِ ـ تُجَرِّبُ صَوْتَهَا غَيْرَ مُصَدِّقَةٍ هَذِهِ الْبَحَّةَ الْمُتَزَايَدَةَ ، وَقَدْ مَلأَتْ فَمَهَا ، وَلَمْ يَعُدْ فِي مَقْدُورِهَا أَنْ تُخْفِيَهَا بَعْدَ
الْيَوْمِ 000
ـ انْتَظِرِي يَا رِيمُ !!
تُسْرِعُ خُطْوَتُهَا نَحْوَ الْقَرْيَةِ بَيْنَ حُقُولِ
الصَّفْصَافِ ، فِي اتِّجَاهِ التُّرْعَةِ الْقَدِيمَةِ 000
ـ انْتَظِرِي يَا رِيمُ !!
تَجْرِي فِي ذُعْرٍ ، لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْتَظِرَ لَحْظَةً وَاحِدَةً ، فَالْمَسَاحِيقُ لَنْ تَسْتَطِيعَ إِخْفَاءَ صَوْتِهَا بَعْدَ الآنَ 000
ـ عُودِي يَا رِيمُ ، فَالشَّمْسُ حَارِقَةٌ هَذَا
الصَّبَاحَ !!
زُجَاجُ الْمِرْآةِ الْقَدِيمَةِ يَتَكَسَّرُ أَمَامَ عَيْنَيْهَا ، وَالْمَسَاحِيقُ تَذُوبُ لافِحَةً فَوْقَ مَلامِحِهَا الْحَزِينَةِ فِي إِعْيَاءٍ 000
ـ تَعِبْتُ يَا رِيمُ 000
تَقْتَرِبُ مِنْ حَقْلِ اللَّيْمُونِ 000
الْعَصَافِيرُ ـ غَادِيَةً رَائِحَةً فَوْقَ الأَشْجَارِ ـ تَدْفَعُ ـ بِأَجْنِحَتِهَا الرَّقِيقَةِ ـ حَرَارَةَ الشَّمْسِ
الْمُلْتَهِبَةَ 000
ـ لا تَسْتَسْلِمِي يَا رِيمُ !!
تُسْرِعُ خُطْوَتُهَا بَيْنَ حُقُولِ الْقَمْحِ 000
تَخْلَعُ نَعْلَيْهَا 000
تَسْمَعُ صَهِيلَ جَوَادٍ يِكِرُّ فِي جُمُوحٍ 000
يُنَادِيهَا فَارِسُهَا الأَسْمَرُ 000
تَتَدَاعَى ذِكْرَيَاتٌ بَعِيدَةٌ 000
صَوْتُهَا الْمَذْبُوحُ لا تُخْفِيهِ الْمَسَاحِيقُ 000
تَسْتَلْقِي فَوْقَ الْجِرَاحِ 000
تُرِيدُ أَنْ تُجَرِّبَ ـ هَارِبَةً ـ مَاءَ النِّيلِ 0

امان الواصل
12-18-2010, 04:44 PM
مجهود رائع لك وكعادتك متوج بألايثارة والجنس
لك منا دعوات بمجهود مفيد وعمل يثيرفي موضوعة اكثر من التحفيزعلي الايثارة الجنسية

هدي السماك
12-21-2010, 04:26 AM
شاعرى الرقيق اْروع معانى واْعذب اْحرف الاْشعار والقصائد لفتت كل الانظار فيها فوائد فيضها مثل الانهار معموره بالزوار من كل الاقطار والشكر لله ثم للى قراْ واختار موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .مليئه بالحب واسمى المعانى:karate: