المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع الشاعر الكبير الدكتور عزت سراج " أميرة من كفر خضر "



صفاء عطاالله
11-30-2010, 09:51 PM
أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ


فِي الطَّرِيقِ إِلَى مَطَارِ الْقَاهِرَةِ ـ الذِّكْرَيَاتُ الْمُتَدَاعِيَةُ كَأَمْوَاجِ بَحْرٍ فِي لَيْلَةٍ شِتَائِيَّةٍ عَاصِفَةٍ مُمْطِرَةٍ تَسْحَبُ رُوحِي ، وَتُلْقِي بِهَا تَحْتَ عَجَلاتِ السَّيَّارَاتِ الْمُتَزَاحِمَةِ 0
كَأَنَّمَا أَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ أَلْتَقِطُ أَنْفَاسِي ، فَتَرْتَدُّ الرُّوحُ إِلَى صَدْرِي جَرِيحَةً كَقِطْعَةِ زُبْدٍ غَادَرَهَا السِّكِّينُ فِي وَجَعٍ لا يَهْدَأُ 0
تَسْحَقُهَا الْعَجَلاتُ ثَانِيَةً 0
الذِّكْرَى تَدْفَعُ بِالذِّكْرَى0

أَدْخُلُ رُوحِي 000
أَتَوَجَّعُ0000
أَدْخُلُنِي000
ثَمَّةَ بِنْتٌ سَمْرَاءُ بِعُمْقِ اللَّيْلِ ، تَفْرِشُ خُضْرَةُ
عَيْنَيْهَا الْفَاتِرَتَيْنِ فَدَادِينَ الْقَرْيَةِ ، تَنْشُرُ بَهْجَتَهَا عَلَى أَحْزَانِ النَّخِيلِ الْمُرْتَفِعِ وَحْدَهُ فَوْقَ شَطِّ التُّرْعَةِ 0
تَتَدَاعَى أَشْجَارُ الْجُمَّيْزِ بَعِيدًا خَلْفَ حُقُولِ الْقَمْحِ الْحَزِينَةِ 0
أَتَوَجَّعُ 000
ثَمَّةَ وَلَدٌ أَسْمَرُ يَعْرِفُ طَعْمَ السِّكِّينِ السَّاخِنِ فِي جِرَاحَاتِ الرُّوحِ 0
يَزْدَادُ الْوَجَعُ 000
000000
000000
000000
الْقَاعَةُ تَضِجُّ بِالْمُسَافِرِينَ الْمُتَزَاحِمِينَ فِرَارًا مِنْ جَحِيمِ الْبِلادِ ، بَحْثًا عَنْ لُقْمَةِ عَيْشٍ لا يَدْفَعُونَ حُرِّيَّاتِهِمْ ثَمَنًا لَهَا000
يَتَحَوَّلُونَ إِلَى كُتْلَةٍ تَضِيعُ فِيهَا مَلامِحُهُمْ 0
الْحَرَكَةُ فِي الْمَكَانِ تَزْدَادُ ، وَالصُّفُوفُ مَرْصُوصَةٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَالأَكْتَافُ تُلاصِقُ الأَكْتَافَ ، تَحْمِلُهُمْ أَحْلامُ التَّغْيِيرِ عَلَى تَحَمُّلِ مَا لا يَنْتَهِي مِنْ آلامِ الْوَاقِعِ الْمَرِيضِ وَإِحْبَاطَاتِهِ الْمُتَكَرِّرَةِ 0
000000
000000
000000
مَا زِلْتُ أُقَاوِمُ ـ فِي أُذُنَيَّ ـ صَوْتَ احْتِكَاكِ عَجَلاتِ السَّيَّارَاتِ بِالطَّرِيقِ ، وَمَشْهَدَ الرَّصِيفِ الْمُتَحَرِّكِ ثَائِرًا عَلَى فَوْضَى السَّيَّارَاتِ الْمُصْطَدِمَةِ بِحَافَّتِهِ ، وَالأَشْجَارُ فَوْقَهُ تَزْدَادُ تَقَارُبًا وَارْتِفَاعًا مُعْلِنَةً غَضَبَهَا الْمَكْتُومَ 0
000000
000000
000000
دَفَعْتُ بِجَسَدِي الْمُنْهَكِ فِي آخِرِ الصَّفِّ ، وَأَلْقَيْتُ بِهِ بَيْنَ الْجِدَارِ وَالزِّحَامِ 0
أَخْرَجْتُ جَوَازِي مِنْ بَيْنِ أّوْرَاقِي الْمُبَعْثَرَةِ لأَحْصُلَ عَلَى تَأْشِيرَةِ الْخُرُوجِ ، مُرَدِّدًا ـ فِي انْكِسَارٍ لا يَفْتُرُ ـ :
{ بِلادِي وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ 000}
000000
000000
000000
فِي انْتِظَارِ وُصُولِ الطَّائِرَةِ جَلَسْنَا شَارِدِينَ
تَمْلَؤُنَا الأَشْوَاقُ ، الأَوْلادُ ، الأَهْلُ ، طِيبَةُ أَبْنَاءِ
الْقَرْيَةِ ، شَوَارِعُهَا الْمُتْعَبَةُ ، وَبُكَاءُ أُمٍّ تُوَدِّعُ
وَحِيدَهَا لا تَسْتَطِيعُ مِنْهُ فِرَاقًا وَلا تَجِدُ عَنْ رَحِيلِهِ بُدًّا0
فِي الْجَانِبِ الآخَرِ تَجْلِسُ حَسْنَاءُ فِي الثَّلاثِينَ ، حِجَابُهَا يَكْشِفُ مِنْ رَوْعَتِهَا أَكْثَرَ مِمَّا يُخْفِي ، لَمْ أَسْتَطِعْ مُعَاوَدَةَ النَّظَرِ إِلَيْهَا 0
فِتْنَتُهَا طَاغِيَةٌ تَأْخُذُ بِالأَفْئِدَةِ ، كَأَنَّهَا جِنِّيَّةٌ هَبَطَتْ مِنْ جِبَالِ الأُولِمْبِ تَجْلِسُ قُرْبِي 0
ـ مِنْ أَيْنَ جِئْتِ أَيَّتُهَا السَّاحِرَةُ الْمَاكِرَةُ ؟ وَكَيْفَ لامَسْتِ وَجَعِي فِي لَحْظَةٍ خَاطِفَةٍ كَالْبَرْقِ ، فَاسْتَسْلَمَ الْقَلْبُ ؟
ـ عَلَيَّ أَنْ أُقَاوِمَ سِحْرَ عَيْنَيْهَا ، وَطَلْعَةَ وَجْهِهَا
الآسِرِ 0
ـ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ إِلَيَّ أَيَّتُهَا الْجِنِّيَّةُ الْبَهِيَّةُ الْفَاتِنَةُ الَّتِي نَصَبَتْ فِخَاخَهَا الْحَرِيرِيَّةَ ، فَسَقَطَ قَلْبِي وَعَلَقَ فِي شِرَاكِهَا ؟0
000000
000000
000000
صَعَدْنَا الطَّائِرَةَ 000
لَمْ أُصَدِّقْ عَيْنَيَّ ، فَهَذِهِ الْجِنِّيَّةُ الإِنْسِيَّةُ بِكُلِّ بَهَائِهَا تَجْلِسُ جِوَارِي يُلاصِقُ جَسَدَهَا جَسَدِي 0
ـ لا شَكَّ أَنَّهَا صُدْفَةٌ دَبَّرَتْهَا الأَقْدَارُ لِتَسْحَقَ مَا تَبَقَّى مِنْ رُوحِي الْكَسِيرَةِ 0
دَقَّ قَلْبِي بَيْنَ جَنْبِي فِي جُنُونٍ كَذَبِيحٍ يَلْفِظُ آخِرَ أَنْفَاسِهِ مُحَاوِلاً الْفِكَاكَ مِنْ قُيُودِهِ دُونَ جَدْوَى 0
لِلْمَرَّةِ الأُولَى مُنْذُ سَنَوَاتٍ بَعِيدَةٍ أَشْعُرُ بِخُرُوجِ قَلْبِي مِنْ صَدْرِي أَوْ يَكَادُ 000 اللَّهِيبُ يُشْعِلُ أَعْمَاقِي فَيَشْتَعِلُ الْمِقْعَدُ 000
أَتَصَبَّبُ عَرَقًا 000
فَرِحًا ـ كَطِفْلٍ فِي لَيْلَةِ عِيدٍ أَتَحَسَّسُ مَشَاعِرِي النَّابِضَةَ 0
بَادَرْتُهَا الْحَدِيثَ :
ـ هَلْ أَنْتِ أَمِيرَةٌ سَعُودِيَّةٌ ؟
ابْتَسَمَتْ عَيْنَاهَا النَّاعِسَتَانِ السَّاحِرَتَانِ 0
ـ أَنَا أَعْرِفُكِ مِنْ أَعْوَامٍ طَوِيلَةٍ 00 أَنْتِ مِنْ طَنْطَا ؟
ابْتَسَمَتْ ثَانِيَةً 000
ـ مِنْ طَنْطَا
ـ مِنْ أَيْنَ ؟
ـ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ
تَجَاذَبْنَا الْحَدِيثَ بَيْنَنَا غَرِيبَيْنِ : غَرِيبًا يُرَجِّعُ حُزْنَ غَرِيبٍ 0
أَخَذَتْنِي عَيْنَاهَا الْفَاتِرَتَانِ إِلَى أَحْلامٍ مَوْءُودَةٍ 0
شَفَتَاهَا كَجَمْرَتَيْنِ تُشْعِلانِ الْحَرَائِقَ فِي
جُنُونٍ 000 عَلَى صَدْرِهَا تَحُطُّ يَمَامَتَانِ تَنْقُرَانِ أَشْجَارَ الْخَوْخِ فِي بَرَاءَةٍ 000
تَنَاغُمٌ مُسْتَحِيلٌ بَيْنَ أَعْضَائِهَا 000
ـ كَمْ حَلُمْتُ بِهَذَا الْوَجْهِ الْعَذْبِ الْجَمِيلِ وَأَنَا
طِفْلٌ أُمَارِسُ عَذَابَاتِي كُلَّ مَسَاءٍ 000
رَسَمْتُهُ فِي ذَاكِرَتِي آلافَ الْمَرَّاتِ000
000000
000000
000000
هَبَطَتِ الطَّائِرَةُ 000
تَرَكَتْنِي ـ فِي حَرَكَةٍ مُفَاجِئَةٍ ـ وَحِيدًا أَتَجَرَّعُ
آلامِي 000
أُرَاقِبُ خُطُوَاتِهَا الْمُسْرِعَةَ وَهِيَ تَبْتَعِدُ مُلَوِّحَةً بِيَدَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ سَاحِبَةً رُوحِي خَلْفَهَا 0
الذِّكْرَيَاتُ تَتَدَاعَى000
مُوجِعَةً تَهْبِطُ فَوْقَ صَدْرِي 000
تُشْعِلُ جَمْرَتَهَا أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ 0

هدي السماك
12-13-2010, 06:06 PM
ياطيور المحبة زورية وعن شكرى له خبريه موفق باذن الله شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . .