المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـــبـــحــــر



أم خطاب
11-26-2010, 09:55 PM
الــبــحــر

يا قارئ الشعر هل طابت لك الدارُ = واشتدّ عزمك واسْترضاك دينارُ

يا قارئ الشعر كم أعطتك مقتضبا = هذي الحياة وكم عانتك أقدارُ

هل دار ليلك والآمالُ موصلة = أم أن حلمك عند الفجر أخبارُ

هل عشت دهرك والأيّام آمنة = أم أن دهرك مثل البحر أطوارُ

البحرُ يوما كأن الطير ساكنه = والريح منه الى الربان مضمارُ

جنّدت ركبك والأحلام مشرعة = والوهمُ أنساك أن البحر غدّارُ

تدنو من الجرف بالأسماك ممتلئا = فاكْتظّ جمعك عند الجرف إعصارُ

هذي هي الحال إن ساقتك في جهل = سوءُ النوازع أو ساقتك أشرارُ

نلهو وتجري بنا الأيّام مسرعة = مثل الضياء كأنّ العمر مشوارُ

كم ضاع منّا خليل أو ذوي رحم = حتّى كأنّ جموع الأهل أنفارُ

صرنا كمن هجرالأوطان معتذرا = فالأهلُ ماضون والأصحاب زوّارُ

مثل القطار ركبنا من ولادتنا = فيه المحطّـّات للركاب أدوار

تعطى البطاقات لا ندري مقاصدها = والركب يسري كأنّ القصد أمتارُ

عند المحطات ترسينا مصائرنا = ونترك الركب والآمال أسحارُ

مثل الخيال فإن الموت يتبعنا = حتى علانا , فشدّ النعشَ مسمارُ

يأتي إلينا كأن النوم غالبنا = أو لم نر الموت للأحباب يختارُ

نجري من الموت والآمال تجرفنا = حتّى صحونا وزهو النفس ينهارُ

نعدو من الموت أميالا فنحسبه = قد غاب عنا وبعد الموت أشبارُ

ما لي أرى النفس قد هامت لزائلة = وانسابَ فيها إلى اللّذات إصرارُ

الوقت أصبح أموالا فما ملئت = منها العيون , كأن المال أنوارُ

الناس تلهث والدينار مطلبها = وهل تُشافي ثرى البيداءِ أمطارُ

هل أشبع الدهر نفسا أو شفى ضمأ = وهل أضاءت سرابَ البيد أزهارُ

هذي هي الحال لا تفرح بزائلة = فما استدامت لأهل الأرض أعمارُ

هذي الحياة فلا تيأس لنائبة = إن النوائب للألباب إنذارُ

ما لي إذا ملئت بالمال أوديتي = فانتابني سقم وانتابها نارُ

حسبي الفُتاة وخيط الصوف يسترني = والسّعْف سقفي وطول الدار أشبار

ما يشبع النفس والأطماع سُفْرتها = إلا التراب , وتعلو الثغرَ أحجارُ

ما يذكر الموت إلا مؤمن فطن = قد ساقه العقل واستقرأه أبصار

الناس موتى وهم في حالها هرج = والصالحون بها أحياءُ أبرارُ

ما فاز فيها شقي أو أخو جهل = بل فاز فيها إلى الجنّات أخيار
****
نقل



</i>