المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث فى نظام التأديب بين العقاب الجنائي والمسئولية المدنية



هيثم الفقى
11-02-2010, 02:33 PM
بحث فى نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)بين العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والمسئولية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)المدنية
إعداد: المستشار / طارق البشري

موجز الدراسة
تمهيد

نظام التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)هو وسيلة من وسائل الرقابة الذاتية ، التي تمارسها السلطة الرئاسية في أي من مجالات العمل علي مرءوسيها والعاملين بها ، وهو محاسبة العامل علي ما جنته يداه في عمله من أخطاء أو إخلال بما يفرضه نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العمل عليه من واجبات.
وهو نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)يتولد من علاقات العمل ، ولقد ظهر وازدادت أهميته حيثما تظهر علاقات العمل وتزدد أهميتها.
وعلاقات العمل تختلط بأوضاع قانونية متعددة ومتنوعة ، حسب المحال الاجتماعي الذي تلتبس به هذه العلاقات. فهي تلتبس بالقواعد القانونية للأحوال الشخصية في حالات الإنتاج العائلي ، وذلك في المشروعات والوحدات صغيرة الحكم التي يتوحد فيها مجال العمل بملكية المشروع الإنتاجي أو الاقتصادي ، وتكون هذه الوحدات بحجم يكفيه في إعادة الجهد المبذول من العامل صاحب المشروع وأفراد أسرته. وهنا تكون علاقة العمل مستوعبة في علاقات الأسرة ، ويذوب التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)في السلطة الأبوية التي يملكها كبير العائلة تجاه عائلته.
وعلاقات العمل ترتبط بعلاقات التعاقدات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، في المشروعات الإنتاجية والاقتصادية التي تعتمد علي العمل المأجور ، وتتخذ شكل العلاقات التعاقدية بين طرفين منفصل كل منهما عن الآخر ، أحدهما رب العمل صاحب المشروع ومالكه ، والأخر العامل الذي يعمل تحت إدارة رب العمل وإشرافه وبأدوات عمل لا يملكها وفي مشروع لا يملكه ، ولكنه يعمل لحساب رب العمل لقاء اجر. وهذه هي علاقة العمل في صورتها النقية ، وهي الصورة التي ينصرف إليها الذهن عادة عندما يشار إلى علاقة العمل. وهي المقصود الأساسي في قوانين العمل ونظمه الفردية والجماعية. وهي حسب التصنيفات القانونية الجارية ألان في علم القانون ، تعتبر من علاقات القانون الخاص ، التي تصل بين تعاملات الإفراد بعضهم مع البعض دون أن تتسم بأي من سمات السلطة العامة ، ولا بأي من أربطة القانون العام.
وعلاقات العمل تتصل ثالثاً بعلاقات القانون العام ، بما يسمي بالوظيفة العامة ، والقانون العام كما هو معروف يتناول الدولة والهيئات العامة بوصفها سلطة عامة ، كما يتناول الروابط القانوني التي تكون أي من هذه الهيئات طرفاً فيها ، فالوظيفة العامة هي علاقة عمل ولكنها تتميز بان أحد طرفي هذه العلاقة واحد من الهيئات العامة بوصفها سلطة عامة ، وان هذه الهيئات العامة تحتل مركز رب العمل في هذه العلاقة.
ووجه الخصوص في هذه العلاقة انها علاقة عمل يتصل أعمالها بإدارة شئون الدولة وبتسيير المرافق العامة التي تقوم عليها وظيفة الهيئات العامة. وبذلك فان خصوص علاقة الوظيفة العامة يتصل بعموم علاقات العمل التي تنشا بين أرباب العمل والعمال ؛ ومن هنا وجه الطرافة في هذه العلاقة ، ذلك انها من العلاقات المحكومة بأربطة القانون العام ، ولكنها تتصل اتصال خصوص بعموم بعلاقة العمل المحكومة بأربطة القانون الخاص.
ومن هنا ترد الطرافة التي يتميز بها نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)في الوظائف العامة ، طرافة تجعله يتردد بين المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)بوصفه نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)عقاب وردع تتولاه سلطة عامة علي أفراد ، والمجال المدني بوصفه مسئولية عن إخلال بعمل.
علي أننا نلحظ انه كما أمكن اختفاء علاقة العمل في علاقة الأسرة فيما يسمي بنظام الإنتاج والاقتصاد العائلي ، واختفي نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)(الملازم لعلاقة العمل) في السلطة الأبوية ، كذلك فقد أمكن اختفاء علاقة رب العمل بالعامل في الوظيفة العامة والفرد ، أي بين حاكم ومحكوم.
ويطرد الفقه علي أن يصف علاقة الوظيفة العامة بأنها علاقة تنظيمية لائحية ، تتعلق بروابط القانون العام ، وذلك بسبب كون أحد أطرافها هيئة عامة ولأنها لازمة لتسيير مرفق عام. كما يطرد علي بيان أن هذه الصفة تفرق بين علاقة الوظيفة العامة وبين علاقة العمل ، التي تعتبر علاقة عقدية وتتعلق بروابط القانون الخاص.
هذه الفروق تبدو كما لو كانت باهرة الوضوح في الوهلة الأولى ، ولكننا عند إمعان النظر نجد أن المتشابهات عديدة ، ومساحة التداخل واسعة. فان هناك مع روابط القانون الخاص ما حظي من المشرع – لاعتبارات اجتماعية رآها – بقدر واسع جد من الضبط والأحكام في تحديد أساليب التعاقد وأثاره ، بحيث انه لم تبق لطرفي العلاقة العقدية إرادة حقيقية يعملونها وفق مشيئتهما الثنائية لتحديد آثار التعاقد المادي بينهما وإحكامه.
إن عقد أيجار الأماكن المبنية وعقد أيجار الأراضي الزراعية ، قد صدرت لهما في مصر ( مثلاً ) علي مدي نصف قرن تقريبا ، قوانين وتشريعات وتعديلات تشريعية رئيسية وفرعية وقرارات لائحية ، صدرت لهما من تلك ما يجعلهما اقرب للعلاقات اللائحية التنظيمية وليس للعلاقات العقدية الرضائية التي تولي عاقدوها تعيين شروطها وأثارها. وإن عقد العمل الفردي الذي ظل محسوبا من أربطة العلاقات الخاصة ، اطرد تنظيم المشرع لأحكامه وأثاره بحيث لم يعد لطرفيه مكنة واسعة لتعديلها. حتى أن فكرة مثل هذه العقود صارت اقرب إلى مفهوم الفكرة " الجعلية " التي تحدث عنها الشافعية في الفقه الإسلامي وخلاصتها أن آثار العقد تترتب بجعل من الشارع ، وان حدود الإرادة تقتصر في الغالب علي مبدأ رضاء الطرفين في اصل الدخول في هذه العلاقة أو عدم الدخول فيها ، فان تراضيا علي الدخول فيها فقد ترتبت الآثار علي ذلك " بجعل " من الشارع اكثر مما تترتب " بشرط " من المتعاقدين .
إن علاقة التوظيف هي قمة هذا التصور ، من حيث كونها علاقة جعلية تترتب أثارها "بجعل" من القانون وليس بشرط من المتعاقد ، وينحصر ما تتمتع به هذه العلاقة الجعلية من دور للإرادة والرضاء في اصل الدخول فيها ، فلابد للموظف أن يرتضي التوظف بطلب منه أو موافقة ، ولابد لجهة الإدارة ( رب العمل ) أن تقبله بقرار تعيين وتوظيف – ثم بعد ذلك تترتب آثار لا دخل لأي من الطرفين في اشتراطها وتحديدها.
قد يظل الفارق الأساسي بين العقود الجعلية الخاصة ( كإيجار الأرض والمسكن وعقد العمل في مصر ) والعقود الجعلية العامة ، هو أن النوع الخاص منها أحكامه مقررة لحماية الطرف الذي رآه المشرع طرفاً ضعيفاً ، بما يسمح بتعديل تلك الأحكام لصالح هذا الطرف وليس ضده . بينما أحكام العلاقة الوظيفية لا تتيح هذا السماح ، ولكن يبقي وجه للاتفاق حتى في هذا المجال ، مما تتيحه علاقة التوظف من مرونة في الترقي ومنح المزايا بالاختيار ، وما تتيحه للموظف من المطالبة بما يراه حقا له.
علي آية حال فقد قصدت من هذا البيان ، إثارة أن تخصيص علاقات أيجار المساكن والأراضي الزراعية بنمط "جعلي" لائحي تنظيمي من العلاقات ، لم يؤثر في اصل بقائها متضمنة في طلب القوانين المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الخاصة التي تعتمد علي العلاقات الشرطية غير اللائحية.
ولكن تخصيص علاقة التوظف بنمط جعلي لائحي ، قد أدى بالفقه إلى أن ينقل هذه العلاقة من روابط القانون الخاص إلى مجال علاقات القانون العام. ويبدو لي أن سبب هذا النقل لم يكن هو "لائحية" الأحكام وجعليتها ، فان علاقات العمل الخاص لا تقل كثيرا من حيث اللائحية والجعلية عن علاقات التوظف ، إنما كان السبب الذي حدا بالفقه إلى هذا الانتقال هو أن إحدى طرفي العلاقة هيئة عامة تستخدم أساليب السلطة العامة ، وأنها علاقة تتصل بتسيير مرفق عام ومن ثم تداخل وصف السلطة بوصف رب العمل فيها.
انعكست هذه الطبيعة المزدوجة للسلطة العامة ولرب العمل اكثر ما انعكست علي نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)في الوظيفة العامة.


الوضع التاريخي لنظام التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)و التنظيم الادارى

المرحلة الأول: الطابع الشخصى
و قد يكون من المفيد أن نشير إلى الوضع التاريخي للمسألة في بلادنا فنحن نعلم أن تنظيم الإدارة العامة مر بمرحلتين تاريخيتين.

المرحلة الأول: الطابع الشخصى
يتسم التنظيم الإداري لهذه المرحلة بالطابع الشخصي حيث تندمج الوظيفة في شخص القائم بها ، ويرتبط أشخاص القائمين بالوظائف العامة بشخص الحاكم ، ويمارسون وظائفهم وما تتيحها لهم من سلطات عن طريق علاقاتهم الشخصية بالحاكم ، وتنحدر مستويات التنظيم الإداري وتتشعب علي أساس من العلاقات الشخصية بين الرئيس والمرءوس ، وتنفصم بانقطاع تلك العلاقات ، وواجبات العمل العام تتحدد بمشيئة الرئيس ، والوظائف غير محددة بالاستمرار والانتظام ، والاختيار والترقي يحدث في صورة العطاء أو المنع بالأريحية أو بالغضب. والعامل يقوم بعمله بأدوات مملوكة له في الأساس ، فلا فرق بين مقر إقامته ومقر عمله ، ولا بين مرءوسيه وتابعيه ، ولا بين ما يستخدمه من وسائل الركوب لعمله وما يستخدمه لمعاشه الشخصي ، وكذلك بالنسبة للأوراق والسجلات وغيرها ، وكانت المناصب تتوارث كالحرف والمال.
ومن الطبيعي أن يتسم الجزاء التأديبي للعامل بهذا الطابع الشخصي المختلط ، فتترابط في الجزاء شئون العمل العام وشئون العامل الخاصة ، ولا يغيب عن ذهن المطالع لأحداث التاريخ الوسيط في العالم كله ، أن العزل عن الوظيفة كان يختلط بمجموعة من الإجراءات المتعلقة بمصادرة أمواله أو الاستيلاء علي بيته أو حبسه . لان الاندماج بين العمل والعامل كان غير منفك ، والاندماج بين سلطة الحكم وبين صفة رب العمل كان اندماجا غير منفك . ومن هنا اختلط الجزاء التأديبي بالعقاب الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، أو كانا أمرا واحداً ، ولكن التطور ألت به الأوضاع إلى أن صرنا نميز بينهما في نظمنا الحديثة.

هيثم الفقى
11-02-2010, 02:34 PM
المرحلة الثانية: القواعد الموضوعية
والمرحلة الثانية أتت في العصور الحديثة ، إذ يقسم العمل الإداري العام إلى مجالات وظيفية تنظمها قواعد موضوعية ، وتنظم مستوياتها تنظيما هرمياً بصرف النظر عن شاغل كل وظيفة في هذه المستويات ، وتحدد العلاقات بين مجالات العمل ومستوياته وقواعد شغل العاملين له ومسئولياتهم وواجباتهم ، يحدد كل ذلك في صورة قوانين وقرارات وتنظيمات إدارية. ويعتمد العمل علي الوثائق المكتوبة التي تحفظ أصولها ، ويختار العاملون بمعايير محددة سلفا وفقا لقواعد موضوعية وبما يتوافر في العامل المختار من أوصاف مؤهلة ، والأصل أن يجري ذلك وان يستمر وفق معايير لا تتعلق بالصلات الشخصية أو القرابية ، ويتقاضى العامل اجره راتباً دورياً ثابتاً ومتدرجاً وفقاً لقواعد معدة سلفاً ، وهي تندرج من الأقل للأكثر حسب تدرج العامل من الوظيفة الأدنى للوظيفة الأعلى. ويخضع التنظيم لثلاثة أصول ، أولاً قاعدة تقسيم العمل ، إذ يتوزع العمل الواحد علي عدد من المراحل يتخصص في كل منها بعض الناس ، وثانياً انفصال العامل عن أدوات العمل وأحواله ووسائله ، وثالثاً قاعدة الوثائق المكتوبة.
وبهذا كله ينفصل العمل الوظيفي عن مجال النشاط الشخصي والفردي للموظف ، ويمارس العمل لا وفقا للمشيئة الفردية ولكن بالقرارات المجردة ، كما تنفصل أدوات العمل من جهة منشاته وأماكن مزاولته ووسائله كلها عن الملكية الشخصية والحوزة الشخصية للموظف. وهذا التنظيم ينجح بمقدار ما يمكنه من تجريد العاملين فيه من عواطفهم وعلاقاتهم الذاتية.


تعديل النظام الإداري

الرابطة الوثيقة بين نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ونظام التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الإداري
في هذا الإطار تعدل النظام الإداري في بلادنا في مراحل متفاوتة ، وفي هذا الإطار من العلاقات المعدلة والأوضاع التنظيمية والتشريعات المصاحبة جري تعديل نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)تأديب العاملين في الإدارة العامة . ويمكن ضرب المثل في ذلك من تجربة محمد علي باشا في حكم مصر والسودان والشام في فترات تراوحت بين أعوام 1805 و 1848م. وكانت هذه هي الفترة التي شهدت تعديل أساليب الإدارة العامة إلى النمط الحديث ، وهي ذاتها الفترة التي شهدت حركة مماثلة في عاصمة الدولة العثمانية في استانبول.

الفصل الاول: الرابطة الوثيقة بين نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ونظام التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الإداري
وأول ما نلاحظه هو تلك الرابطة الوثيقة بين نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ونظام التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الإداري ، وانعكس ذلك في أن عقوبات الإيذاء البدني التي تقتصر في تصوراتنا الحالية علي الجرائم الجنائية دون المخالفات التأديبية – كالحبس والجلد وغيرها – هذه العقوبات كانت توقع بوصفها من جزاءات التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)للعاملين بالدولة ، حتى بدا أن العقوبة ذات الطابع الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)كانت هي الأصل في نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، وكانت تصل إلى حد الإعدام. ومن الطريف أن عرف نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)وقتها عقوبة الحبس في مكان العمل ، فيقضي العامل مدة العقوبة في مكان عمله يمارسه فيه.
وفي عهد محمد علي صدر عدد من التشريعات ، منها ما سمي " قانون الفلاحة " الذي صدر في 1830 ، ومنها " قانون سياسة نامة " الذي صدر في 1837 ، وقانون "المنتجات" الذي جمع عدداً من القوانين السابقة. ونحن عندما ننظر في قانون سياسة نامة نجد أن الفصل الثالث منه خصص لمخالفات المصالح العامة ، ومنها ما يتصل بالجرائم الجنائية التي يرتكبها الموظفون مثل الاختلاس والرشوة والتزوير وأتلاف الأمتعة ، وهذه الجرائم يتنوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)فيها بين الحبس في اللومان مع الربط بالزنجير (القيود) مددا تتراوح بين الشهور والخمسة الأعوام وبين الربط في القلعة ، ومنها ما لا يجاوز المخالفات التأديبية بالمعني المحدد لها في مفاهيم الحاضر مثل مخالفة "مضمون الأوامر ومنطوق اللوائح والقوانين" وممارسة ما يجاوز الاختصاص المحدد للموظف والإهمال والتكاسل في العمل ، وهذه المخالفات يعاقب عليها بالحبس مددا محددة أو بتحديد الإقامة بالمنازل "بلا معاش" أو "الحبس بمحل المصلحة المأمور بها بلا معاش من ثلاثة اشهر إلى ستة اشهر" . . . الخ.
كما نجد انه من الصعب الفصل بين ما نتعارف علي تسميته ألان بالاختصاص القضائي ، وبين ما يعرف ألان بوصف الاختصاص الإداري ، وجري نوع من الشيوع بين الوظيفة القضائية وبين الوظيفة الإدارية ، أضف الى ذلك أنه لم يكن هناك تمييز واضح بين ما نسميه الآن بالوظائف المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)وبين الوظائف العسكرية ، أي ما كان يسمي في وثائق تلك الأيام "بهيئة طوائف المستخدمين (المدنيين) والعسكرية". وكانت مجالس الأحكام تختص بنظر الدعاوى المتعلقة "بالعسكرية والأهالي".
وبالمقابل لهذه الصورة التي تقرن الجزاءات التأديبية بالعقوبات الجنائية ، نجد العكس عندما ننظر في "قانون الفلاحة" وقد تضمن عديداً من المخالفات التي توقع علي المزارعين بسبب إهمال الزراعة وأشغال الترع والجسور أو عدم أداء الضرائب أو امتناع الفلاح عن الحضور عند استدعائه أو الرعي في الزراعة الغير أو أتلاف السواقي . . . الخ. وقد اشتملت أنواعها من الجزاءات تتراوح بين عقوبات الإيذاء البدني أو الحرمان من بعض المزايا أو الغرامات المالية. وهنا اقترنت أحيانا العقوبات الجنائية بما يشبه مخالفات العاملين والموظفين المستوجبة توقيع الجزاء التأديبي ، وان بعض الأفعال المعاقب عليها كانت تدخل في وصف "الإخلال بالعمل" المستوجب توقيع الجزاء التأديبي منها في وصف الفعل المجرم المستوجب العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، وهذا يعكس نظرة من الحكومة لجمهور المواطنين بوصفهم من عمال الحكومة ، وخاصة في مشروعات الإنتاج الزراعي ، فان صفة الحاكم التبست بصفة رب العمل ، وكذلك التبست صفة المواطنة ببعض سمات صفة العامل.
ويلاحظ انه حتى ألان في نظمنا المعيشية المعاصرة ، لا يزال يقوم قدر من التداخل بين أنواع العقوبات التأديبية والجنائية ، وبين صفة الإخلال بالعمل ووصف ارتكاب الجرم ، وبين وصف المواطن ووصف العامل ، وبين وصف رب العمل ووصف سلطة الحكم ، وذلك في مجال الخدمة العسكرية وتنظيم الجيوش ونظمها الانضباطية

طبيعة و عناصر عقد العمل
تنص المادة 674 من القانون المدني المصري علي أن "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بان يعمل في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل اجر يتعهد به المتعاقد الآخر".
وقديما كان عقد العمل واحدا من أنواع عقد الإيجار ، إذ يوجد عقد أيجار الأشياء وهو الذي يقع علي منفعة الأشياء ، ويوجد عقد أيجار أهل الصنائع أي عقد المقاولة أو عقد الاستصناع الذي يتعلق بصنع شئ أو أداء عمل ، ثم عقد أيجار الأشخاص ، وهو عقد العمل الذي يتميز بان العامل يقدم عمله تحت "إدارة أو إشراف" رب العمل.
عقد العمل إذا يقوم متميزاً علي عنصرين : الأجر وتقديم العمل تحت إدارة رب العمل وإشرافه.
1- الأجر:
ولكن الأجر ليس هو العنصر الأوضح تمييزاً ، ذلك لأنه عنصر مشترك في عقود بيع المنافع العامة سواء وردت علي أشياء أو علي أشخاص ، وهي عنصر مشترك في عقدي الاستصناع ( المقاولة ) والعمل ، فلا يفرقهما إلا أن الاستصناع عمل لا يؤدي تحت إشراف رب العمل ولا بإدارته ، بينما عقد العمل لا يؤدي إلا تحت هذا الإشراف أو بهذه الإدارة.
ومن جهة ثانية فان المادة 681 من القانون المدني تنص علي انه "يفترض في أداء الخدمة أن يكون بأجر إذا كان قوام هذه الخدمة عملاً لم تجر العادة بالتبرع به أو عملا داخلا في مهنة من أداه" ومن هنا فان القانون يفترض وجود عنصر الأجر في العمل المؤدي ، وهذا الافتراض يعني أن إغفال النص في العقد علي الأجر لا يفيد بذاته نفي علاقة العمل ، وان عدم أداء رب العمل للأجر المغفل لا يفيد بذاته أيضا نفي علاقة العمل.
وهذا يعني أنه عند المنازعة في طبيعة النشاط المبذول ، وهل يكون علاقة عمل أم لا. فإن الإفصاح عن الأجر أو عدم الإفصاح عنه ، وأداءه أو عدم أدائه ، لا يصلح أي من ذلك لتعيين طبيعة العلاقة وحسم ما إذا كانت علاقة عمل أم لا ، لان المطلوب أن نحسم طبيعة العلاقة لنفرع علي ذلك وجوب الأجر ووجوب استحقاقه للعامل. وان الأجر وهو من العنصرين المميزين لهذه العلاقة ، فهو العنصر الذي يمكن أن يفترض وجوده ، وهو العنصر الذي يتقبل منطق القانون ومنطق تنظيم العلاقة أن يكون عنصرا خفيا أو ضامرا ، وان يكون تقرير وجود الأجر واستحقاقه أثرا مترتبا علي الجزم بان العلاقة علاقة عمل ، وليس مقدمة لازمة لتقرير هذا الجزم وسابقة عليه.
أقول هذا لأصل إلى أن خفاء أحد عنصري علاقة العمل أو ضموره ، إنما يلقي علي العنصر الآخر جهداً مضاعفاً ، لأنه يصير من الناحية التطبيقية هو ما عليه المعول في بيان طبيعة العلاقة. وهذا العنصر الحاسم هو عنصر التابعية ، أي أن يكون العمل جاريا تحت إدارة رب العمل أو إشرافه. فان تحقق ذلك قامت علاقة العمل بعنصريها بحسبان ما يتمتع به عنصر الأجر من وجود مفترض ، وهو وجود لا ينفيه إلا أن يثبت أن أداء العمل كان علي وجه التبرع.
2-التابعية:
ولا أريد أن استطرد في ذكر آراء تزخر بها أحكام المحاكم وشروح الشراح ، وحسبي في ذلك بيان الخلاصات والتفريع عليها والتوليد منها. والحاصل أن عنصر التبعية المطلوب لا يلزم أن يقوم علي درجة من التبعية الفنية أو التوجيه الفني. وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري يحمل حكما في المادة 933 منه هو "يتميز عقد العمل عن عقد المقاولة بأنه يخول رب العمل حق توجيه ما يؤدي له من خدمات ، أو علي الأقل حق الإشراف علي طريقة القيام بهذه الخدمات". ومؤدي هذا أن في "التوجيه" درجة أوثق في درجات التبعية من الإشراف والإدارة ، لان في التوجيه نوع هيمنة فنية علي العمل تتعلق بعلم الصنائع التي يقوم عليها العمل وبفنون هذه الصنائع ، أما الإشراف أو الإدارة فيقوم أيهما علي أساس من التبعية الإدارية وحدها ، أو يكفي لتحققهما هذا النوع من التبعية التنظيمية ، المتعلقة بضبط العمل.
وتتراوح تعبيرات الفقهاء في هذا الشأن بين أن التبعية المميزة لعقد العمل هي التبعية القانونية ، دون لزوم أن تكون تبعية فنية أو تبعية تخضع العامل للتوجيه الكامل أو شبه الكامل لصاحب العمل ، وان التبعية المميزة لعقد العمل هي ما ينحصر في خضوع العامل لصاحب العمل في شان الظروف الخارجية التي تم في ظلها تنفيذه . ومن ثم يكفي لقيام التبعية القدرة علي تنظيم العمل بتعيين مكانه وزمانه.
ويكاد يكون موضع استقرار في مدارس الفقه ومذاهبه ، أن تقوم علاقة العمل علي عنصر "التوجيه في أداء الخدمات" أو علي الأقل "الإشراف علي طريقة أداء الخدمات". وثبت هذا المعيار في القضاء الإنجليزي بحسبان انه كلما كان حق الرقابة المقرر لرب العمل قويا فعالا غلبت علي العلاقة القانونية صفة عقد العمل ، وكذلك القضاء الألماني الذي يربط بين علاقة التبعية وبين عقد العمل ، والقضاء الفرنسي والإيطالي وقضاء الولايات المتحدة.
وإن مطالعة كتب الشرح وأحكام المحاكم في هذا الشأن ، تكشف عن أن الحركة التاريخية لفقه علاقات العمل ، شرحا وقضاء وتشريعا ، تتجه في دأب إلى التوسعة والإفساح في المعايير الضابطة لعلاقة العمل ، لتحمل كل الصنوف والألوان ، في نمط علاقة تتميز بالتنوع البالغ والتغير الدائب ، لما تضم من أعمال غير محصورة ، ولما تتضمنه وتتميز به من تبعية اقتصادية تضع أحد طرفيها في مراتب الإذعان ، وتضع الطرف الآخر في مرتبة من فرض السيطرة ومحاولة التحلل من ضوابط القانون ، فكان الجهد التاريخي للشرح وللقضاء وللتشريع من بعد هو ملاحقة صنوف التحايل علي هذه العلاقة وإسباغ وصف العمل المحمي علي كل هذه الضروب المتنوعة.
كل ذلك يصل بنا إلى بيت القصيد من الاستطراد السابق ، وهو أهمية النظام التأديبي كوسيلة من أهم وسائل الكشف عن وصف التبعية التنظيمية الذي يقوم عليه المعول الأساسي في تمييز علاقة العمل .


الجزاءات التي ينظمها ويسمح بها قانون العمل

التنفيذ بمقابل أي التعويض
تكاد قوانين العمل تطرد علي الإفساح في أحكامها لما يتعلق بالجزاءات التي يمكن لرب العمل أن يوقعها علي العامل ، في حالات إخلال العامل بأي من التزاماته.
والجزاءات التي ينظمها ويسمح بها قانون العمل بالنسبة لعلاقات العمل الخاصة ، وبالرغم من انها علاقات تقوم في إطار روابط القانون الخاص ، فهي أنواع جزاءات تتجاوز ما يتعارف علي كونه من جزاءات الإخلال بالتنفيذ التي تقتصر عليها روابط القانون الخاص.
وإيضاحا لهذه النقطة أقول : أن المطالع فقه القانون المدني وفقه العقود ، يتبين له أن الإخلال بالتنفيذ في أي من عقود القانون الخاص ، يترتب عليه رضاء أو قضاء عدد من الآثار ، أما التنفيذ الجبري قضاء كتسليم العين المبيعة للمشتري ، وأما فسخ العلاقة العقدية وإنهاؤها ، وأما التنفيذ بمقابل لما اختل الوفاء به مما يستحيل إنفاذه بالجبر عينا أي ترتيب تعويض عن عدم تنفيذ.

الفصل الاول: التنفيذ بمقابل أي التعويض
ولا تقوم مشكلة فقهية في سياق الموضوع المعروض الآن ، بالنسبة للتنفيذ الجبري لأنه إنفاذ جبري لعين ما كان اتفق العاقدان علي إبرامه ، وكما لا تقوم المشكلة بالنسبة للفسخ لأنه إنهاء للعلاقة العقدية. إنما ما نود لفت النظر إليه هو ما يسمي في القانون المدني بالتنفيذ بمقابل أي التعويض ، والتعويض كما هو معلوم أما أن يكون اتفاقيا بما يسمي بالشرط الجزائي ، وأما أن يكون قانونيا بما يسمي بالفائدة ، وأما أن يكون قضائيا. وإذا استثنينا التعويض القانوني المسمي بالفائدة لأنه يتعلق بإخلال بأداء التزام نقدي ، إذا استثنينا هذه الحالة الخاصة ، فان التعويض اتفاقياً كان أو قضائيا لا يكفي لاستحقاقه أن يقوم خطا من المتعاقد أو إخلال منه في تنفيذ التزامه ، إنما يتعين أن ينشا عن هذا الخطا أو الخلل "ضرر" بالطرف الآخر. والتعويض القضائي يتحدد في حدود "الضرر" الناشئ عن الإخلال ، فليست العبرة في تعيين التعويض بحجم الخطا الحادث أو الإخلال الحاصل ، إنما العبرة هي بحجم الضرر الناشئ عن ذلك.
كما أن حجم الضرر هو الحاكم لقدر التعويض في حالات التعويض الاتفاقي أيضا. آية ذلك أن للقاضي خفض التعويض الإتفاقي إذا تبين له أنه اكبر كثيراً من حجم الضرر المتحقق عن الإخلال بالتزام ، رغم أنه تعويض تراضي عليه الطرفان عند عقد العقد ، وآية ذلك أن القاضي يمكن إلا يقضي بالتعويض الاتفاقي أصلا مع ثبوت إخلال ، وذلك إذا اطمأن إلى عدم تحقق أي ضرر عنه ، وآية ذلك أن ما يعرف بالغرامة التهديدية التي توقع علي الطرف المخل بالالتزام عن كل من أيام الإخلال أو أسابيعه ، فهي غرامة المقصود من توقيعها جبر المخل علي الوفاء بالتزامه ، ولكن قيمتها النهائية كتعويض تتحدد وفق حجم الضرر الناجم عن عدم التنفيذ ومدي عناد الطرف المخل.
وبهذا فان نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقود المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)لا يعرف جزاء علي الإخلال بالالتزام إلا أن يكون تعويضا ، وان يكون التعويض مقدار في النهاية علي وفق حجم الضرر الناتج عن الإخلال وليس طبقا لنوع الإخلال الحادث في ذاته أو لحجمه في ذاته.


العقاب الجنائى
ومن جهة ثانية فانه من نافلة القول الحديث عن المبدأ الخاص بالعقاب الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ومدي ما يفترق به عن الجزاء المدني . لان العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ذو هدف رادع لضبط السلوك الاجتماعي للأفراد ، أما الجزاء المدني فقد شرع لدرء ما أصاب المضرور ، والعقاب الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)يقدر حسب نوع الفعل المجرم وحجم الخطا الحاصل ، أما الجزاء المدني هو يقدر حسب الضرر المتحقق عن الخطا أو الإخلال بالالتزام ، والعقاب الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)شخصي يلحق الفاعل في شخصه ، أما الجزاء المدني فهو مالي يشمل الذمة المالية ويئول إلى ما تئول إليه الالتزامات بعامة.
في هذا الإطار من النظر الفقهي لكل من مجالي القانونين المدني والجنائي ، يمكن النظر في علاقة العمل ، وهي علاقة مدنية كما سبقت الإشارة ، ومن ثم كانت أحكام الالتزام بالعمل خاضعة حسب النظر الفقهي الخالص لاحكام الالتزامات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)بعامة ، وحسب هذا النظر الفقهي الخالص أيضا يكون الإخلال بالالتزام بالعمل خاضعاً لاحكام المسئولية المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقدية اتفاقية وقضائية ، وكلا النوعين الاتفاقي والقضائي لهذه المسئولية يجعل "الضرر" ودرءه مناطا لتحقيق المسئولية ومناطا لتقدير حجم الجزاء المترتب عليها. وقد نجد في أحكام الالتزامات ما يؤدي هذا المعني ، عندما ننظر في المواد من 208 إلى 214 من القانون المدني المصري التي تتعرض لاحكام التنفيذ العيني "في الالتزام بعمل" أو الامتناع عن عمل.


الطبيعة الخاصة المميزة لعقد العمل

فرض السطوة يفترض إمكان توقيع نوع عقاب
علي أن ما فارق بين هذا النظر الفقهي الخالص ، والأحكام القانونية المتعلقة بتنفيذ عقد العمل هو الطبيعة الخاصة المميزة لهذا العقد المسمي وهو أن أحد طرفي العلاقة يتعهد بالعمل "في خدمة المتعاقد الآخر وتحت إداراته أو إشرافه" ومؤدي "العمل في الخدمة" و "تحت الإدارة أو الإشراف" أن يلتزم العامل "بان يأتمر بأوامر رب العمل الخاصة بتنفيذ العمل المتفق عليه أو العمل الذي يدخل في وظيفة العامل ، إذا لم يكن في هذه الأوامر ما يخالف العقد أو القانون أو الآداب ولم يكن في أطاعتها ما يعرض للخطر". وهذا ما حرصت علي إثباته المادة 685 من القانون المدني المصري بحسبانه الالتزام الثاني الذي "يقع علي عاتق العامل في عقد العمل ، وهو الالتزام التالي مباشرة لالتزام العامل بان يؤدي العمل بنفسه.

الفصل الاول: فرض السطوة يفترض إمكان توقيع نوع عقاب
وموجب جريان تنفيذ العقد بالعمل "في الخدمة" و "تحت الإدارة أو الإشراف" أن يكون للطرف المخدوم والمدير للعمل سلطة تتحقق بها الإدارة في التنفيذ العملي اليومي الجاري للالتزام. فلا إدارة ولا إشراف إلا بنوع سطوة يمارسها المدير أو المشرف علي من يدير أو يشرف عليه. وفرض السطوة يفترض إمكان توقيع نوع عقاب من الأمر علي المأمور ، ردعا للعامل وضبطا لنظام العمل وكفالة لإمضاء الأمر علي المأمور.
وأيد هذا المعني وأوجبه ظهور منشآت العمل ، إذ صارت "وحدة العمل" والإنتاج ذات سعة وتستدعي عمل العديد من العمال ، وإذا كان كل منهم يرتبط بعلاقة عمل فردي مع صاحب العمل ، فان سعة العمل توجب وضع نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)للعامل يخضع له العمال جميعاً من حيث مكانه ومواعيد إنجازه وطرائق التعامل. ومن هنا تظهر أهمية الجزاء التأديبي الذي يضمن ضبط نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العمل وعقاب المخل ، وهذا الجزاء يستعير من منطق العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)سمته وصبغته فهو مقصود به الردع ، وهو شخصي يتعلق بالمخطي ، وهو يقدر علي حسب نوع الخطا ودرجته دون النظر في حجم الضرر المترتب علي هذا الخطا ، وكل هذه السمات تقربه من العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي.
علي انه ينبغي التدبر في أن هذه "الاستعارة" لسمت العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)وصبغته ، في الجزاء التأديبي ، قد جرت التحاقاً بتنظيم مدني بالضرورة وبالتعريف ، وعلاقات العمل الخاصة ليست فقط فرعاً من فروع العلاقات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، وليست تنظيما فرعياً من نظم القانون الخاص فحسب ، وانما هي علاقة لا تقوم في جوهرها وبمنطقها إلا في ظل نظرية العقود بعامة ، ونظرية الالتزام علي الوجه الأعم. ومن ثم كانت أربطة القانون الخاص هي الضابط والحاكم وهي المهيمن علي التنظيم العقابي التأديبي المتصل بعلاقة العمل.
فإذا كان الجزاء التأديبي يتخذ طبيعة العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)(الرادع الشخصي المكتفي بالخطأ) ، فإن نوع هذا العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)ومضمونه ومؤداه يتصل ويرتبط أوثق ارتباط "بالحقوق العقدية" لأنه في النهاية يدور في إطار هذه الحقوق.


العقاب يشكل انتقاصا للحقوق
لذلك فان نوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)يشكل انتقاصاً لما يتعارف علي كونه من حقوق الإنسان بوصفه الإنساني ، فالعقاب بالإعدام ينتقص من حق الإنسان في الحياة ، والعقاب بالأشغال الشاقة أو السجن أو الحبس ينتقص من حقوق الإنسان في الحرية وفي العمل المأجور . . الخ. والعقوبات التبيعة الجنائية تنتقص من حق المواطن بموجب كونه مواطناً في دولة ، سواء حق التوظف أو الترشيح أو أهل صلاحيته للولاية العامة.
أما نوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديبي فهو يشكل انتقاصاً لما يتعارف علي كونه من الحقوق العقدية للعامل ، فعقاب الفصل يعني فصم العلاقة العقدية للعمل ، وعقاب الخصم من الأجر ينتقص من حق العامل التعاقدي في الأجر ، وعقاب الحرمان من العلاوة أو المكافأة أو الترقي ينتقص من حقوقه العقدية لأي من هذه الأمور.
والحاصل أن فقه القانون يكاد يطرد علي بيان الفروق بين العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والجزاء التأديبي في عدد من الجوانب تتعلق بعموم العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)للمواطنين جميعاً وخصوص الجزاء التأديبي للعاملين في منشاة معينة ، وبان الأول لا يكون إلا بحكم بينما الثاني قد يصدر من سلطات إدارية ، وبان درجة الألم تختلف في النظامين ، كما تختلف أنواع الخطأ. والحقيق بالنظر انه مع صواب كل من هذه الفروق ، فإنني أتصور أن الفارق الرئيس بين النظامين ، هو ما أسلفت الإشارة إليه مما يتعلق بأصل الوضع القانوني الذي يندرج النظام العقابي بين طياته ، ويتصل بنوع الحقوق التي ينتقص منها العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، وهل هي من حقوق الإنسان والمواطنة ، أم من الحقوق المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والعقدية. وهذا الفارق الأصلي يتفرع عنه فارق أخر وهو أن العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الذي ينتقص من حقوق الإنسان والمواطن ، دائما يحدد عن أفعال ترد في القانون علي سبيل الحصر ، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، أما الجزاء التأديبي فإنه لكونه ينتقص من الحقوق المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والعقدية ومحصوراً في الإطار التعاقدي الذي يقوم بين طرفين ، فهو بالمقابل يتعلق بأفعال ليست محصورة ولا يمكن حصرها ، شانها في ذلك شان الإخلال بالالتزام المدني الذي تحكمه قواعد المسئولية المدنية. والجزاء التأديبي في النهاية وبأي من درجاته القصوى لا يزيد عن مجمل الحقوق المكفولة للمتعاقد في العقد المبرم ، لان غاية القدرة العقابية فيه هي الفصل وهو لا يعدو أن يكون فسخاً للتعاقد.
وان التنظيم القانوني "الجعلي" لعقد العمل حسبما سلفت الإشارة إليه ، قد عمل علي أن يشمل بتنظيمه الأسس العامة لاحكام الجزاء التأديبي. وقد اعتادت النظم القانونية الخاصة بالعمل علي أن تضع ضوابط وقيوداً علي سطوة رب العمل في استخدام سلطته التأديبية ، وخاصة عند استخدام جزاء الفصل ، فهي تحدد أحياناً الحالات التي لا يوقع جزاء الفصل إلا عند قيامها ، كما توضح إجراءات معينة لإتمام توقيع هذا الجزاء ، وذلك كفالة لبعض الضمانات الإجرائية للعامل. ثم هي توجب أحياناً علي رب العمل أن يعد لائحة الجزاءات وان يضعها في مكان ظاهر ، ليتاح للخاضعين لها أن يكونوا علي بينة بحجم الجزاء الممكن تقريره لكل من أنواع المخالفات التأديبية التي يمكن تسميتها ثم هي توجب أحياناً أن تصدر الجهة الإدارية (الحكومية) الوصائية علي تنظيم علاقة العمل لوائح تأديب نموذجية أو أن تعتمد لوائح التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التي يقترحها أرباب الأعمال لمنشآتهم (علي سبيل المثال المادة 59 من قانون العمل المصري الحالي الصادر به القانون رقم 137 لسنة 1981 م).
والخلاصة أن النظام التأديبي في إطار علاقات العمل الخاصة ، رغم استعارته بعضاً من قواعد العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)كوسيلة لإجراء الجزاء التأديبي علي نحو يحقق التبعية اللازمة لتحقق طبيعة علاقة العمل ، فان هذا النظام مصمم وقائم علي أساس من روابط القانون الخاص . وهو قائم في إطار العلاقة العقدية ، محكوم بأنواع عقاب تتجانس مع الحقوق التعاقدية . والاختصاص القضائي بشأنه يتصل بالاختصاص المدني وحده دون القضاء الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، والمنازعة بشأنه تخضع لقواعد المرافعات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)دون أحكام الإجراءات الجنائية ، قولا واحداً . وذلك رغم السمت الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)للجزاء من حيث الردع وشخصية العقوبة وارتباطها بالخطأ وحده ، ورغم الأسلوب الجعلي لنظام العمل ونظام التأديب.


النظام التأديبى للموظفين العمومين

رابطة الموظف العام بجهة الادارة
نصل بعد ذلك إلى النظام التأديبي للموظفين العموميين أو ما يسمي بنظام العاملين المدنيين بالدولة.

الفصل الاول: رابطة الموظف العام بجهة الادارة
والموظف العام هو بأجمال من يشغل وظيفة دائمة مما تسير به المرافق العامة ، بطريق الاستغلال المباشر من الدولة أو وحداتها العامة . وكان الرأي السائد حتى خواتيم القرن الماضي وفواتيح هذا القرن ، أن رابطة الموظف بجهة الإدارة رابطة عقدية . وكان يتردد الوصف القانوني لهذه الرابطة العقدية بين عقد " إجازة الأشخاص " بالنسبة لمن يقوم بعمل مادي ، وقعد الوكالة بالنسبة لمن يقوم بعمل قانوني يمارس به ولاية إنفاذ وإمضاء لشان من الشئون العامة ، وأحيانا ما كانت توصف العلاقة بأنها من العقود غير المسماة.
ولكن جري العدول عن هذا النظر في فرنسا ثم في غيرها ، لما تعرضت له النظرة العقدية لهذه العلاقة من نقد ، وذلك (من جهة أولى) انها نظرة لا تفسر تماماً حقيقة الوضع القانوني. ووجه النقد أن موضوع العقد وشروط التعاقد والحقوق والالتزامات المتبادلة لا يجري الاتفاق عليها بين طرفي العلاقة ، ولا يملك أي من العاقدين تعديل أوضاع هذه العلاقة ، ولا جهة الإدارة رب العمل تملك ذلك. (ومن جهة ثانية) فان التصور الأساسي للعقود أن طرفيها يملكان تعديل أحكامها ، الأمر غير القائم في علاقات التوظف مادامت السلطة إلادارية لا تملك أن تتفق مع العامل علي تعديل أحكام العلاقة القائمة بينهما ، والمنظمة بموجب القوانين واللوائح المعينة للوظيفة العامة. (ومن جهة ثالثة) فانه يمكن تغيير مركز الموظف في أي وقت دون أن يستطيع أن يحتج بالحق المكتسب في أن يعامل بالنظام القديم الذي عين في ظله مادام التعديل يشمل أوضاعه اللاحقة علي هذا التعديل .
ومع العدول عن النظرة العقدية لهذه الأسباب ، تبني الفقه والقضاء فكرة المركز التنظيمي ، وهو مركز ينشا بإرادة طرف واحد هو جهة الإدارة وينتهي بإرادة هذا الطرف وحده. ويخضع للأحكام والشروط واللوائح الصادرة بها القوانين واللوائح دون أن يكون في مكنة أي من طرفي العلاقة تعديل هذه العلاقة علي خلاف الأوضاع الواردة بالقوانين واللوائح ، ويمكن تعديل هذه العلاقة علي خلاف الأوضاع الواردة بالقوانين واللوائح ، ويمكن تعديل مراكز الموظفين ويسري النظام الجديد المعدل عليهم بالنسبة للمستقبل دون أن يملكوا التمسك بالنظام القديم الذي عينوا في ظله .
ومن هذا النظر للمركز التنظيمي للموظف ، نظر إلى طبيعة السلطة التأديبية التي يخضع لها عند اخلاله بما يلتزم به ويأتمر . ونظر إلى المسئولية التأديبية بوصفها نوعا قائما برأسه من نظم المسئوليات ، وهي تتميز بذلك عن كل من المسئولية الجنائية والمسئولية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html).
وفي ظني أن الاعتبار بمفهوم العقد الجعلي المعروف لدي الشافعية في الفقه الإسلامي ، والتوليد علي هذه الفكرة ، إنما يحل كثيرا من اللبس القائم حول العلاقة الوظيفية ، فالعقد تترتب آثاره بجعل من المشرع ، والإرادة هي السبب المحرك لهذه الآثار ، دون أن يكون للإرادة دخل في ترتيب أنواع الآثار المقررة علي الدخول في علاقة ما . والمثل الفذ علي هذا النوع من العقود هو عقد الزواج ، يدخله الداخلون بإرادتهم ، ولكن أحكامه كلها مقررة بجعل من الشارع سبحانه وتعالي . ونحن لا نقول بان العقود كلها عقود جعلية كما يفهم من فقه الشافعية ، ولكننا نقول أن هذا نمط من العقود مقصود بذاته ، يمكن أن يضاف إلى نوع أخر هو العقد الإرادي ، وان ما نسميه اليوم بالعلاقة التنظيمية ، يمكن أن يكون مجالاً لإعمال مفهوم العقد الجعلي ، فنجمع بذلك بين دور الإرادة في اصل إنشاء العلاقة واصل إنهائها وبين الجعل الشرعي الحاكم لأثار هذه العلاقة.
وأياً كان الأمر ، فقد سلفت الإشارة إلى أن لما نسميه بالعلاقة التنظيمية في مجال القانون العام ، وجه شبه بما فصله المشرع بأحكام ملزمة بالنسبة لبعض أنماط العلاقات العقدية التي تدخل المشرع لتعرض فروضه بشأنها حماية لأضعف طرفيها ، مثل إجارة الأراضي الزراعية وإجارة المساكن وعقد العمل.
وما أريد أن اصل إليه مما سبق ، هو أن الوصف الجعلي أو الوصف التنظيمي للعلاقة لا يفيد بذاته استقلال العلاقة القانونية المعنية من إطار القانون الخاص وصيرورتها من شئون القانون العام . ومن ناحية أخرى فليس من فاصل صارم بين نوعي أربطة القانون الخاص والقانون العام ، وأية ذلك أن العقد الإداري هو من مباحث القانون الإداري بوصفه من فروع القانون العام – ومع ذلك فنحت نعتبر العقد الإداري تنظيماً خاصا ، ونلجاً عند النص فيه علي حكم ما ، نلجاً إلى القانون العام له ، وهو القانوني المدني ، وهو عمدة فروع القانون الخاص.
وبالمثل فان نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العلاقة الوظيفية ، بوصفها من مباحث القانون الإداري أحد فروع القانون العام ، تعتبر أحكامها إحكاماً خاصة ونظامها القانوني العام هو عقد العمل ، وهو من الفروع النوعية للقانون المدني عمدة فروع القانون الخاص.
ومع تبين تلك الوشيجة التي تصل العلاقة الوظيفية في نهاية مالها من حيث الإطار المرجعي الحاكم لها ، تصلها بقانون العمل والقانون المدني ، مع تبين ذلك ، يلزم فحص نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)في نظم الموظفين ومدي قربه أو بعده من التنظيم المدني لعلاقة العمل.
والحادث أن مطالعة أي ثبت ورد بأي تنظيم قانوني أو لائحي للجزاءات التي توقع علي الموظفين مرتكبي المخالفات الوظيفية يظهر أن هذه الجزاءات تتعلق كلها بالحقوق الوظيفية للموظف ، فهي أما تتعلق بالخصم من الراتب أو بتأجيل استحقاق العلاوات الدورية أو الترقية أو بخفض الدرجة التي يشغلها الموظف أو بالوقف عن العمل ، أو بالفصل وهو أقصى العقوبات . والنظام التأديبي الوظيفي في ذلك يتفق تماماً مع النظام التأديبي في علاقات العمل الخاصة ، ومن ثم جاز اعتبار الأحكام العامة للتأديب في المجالين متصلة بعضها ببعض اتصال خصوص بعموم شانها في ذلك شان صلة علاقة التوظف بعلاقة العمل ، حسبما سلف البيان.
وخلاصة هذا الأمر كله ، انه أيا كان وجه اتصال علاقات التوظف بعلاقات العمل الخاصة ، ووجه اتصال نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)تأديب الموظفين بقواعد تنظيم تأديب العمال بعامة ، وسواء قويت الآصرة أو ضعفت بين هذين المجالين ، وسواء اعتبر اتصال التوظف بالعمل اتصال خصوص بعموم أو اتصال اصلين ندين في مجال قانوني واحد ، أو حتى إذا اعتبر كل منهما قائماً برأسه . فلا يظهر علي أي من الفروض السابقة صلة بين أي من النظامين التأديبيين وبين نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، إلا أن يكون استعارة لبعض الأوصاف التي سلفت الإشارة إليها ، ولكنها استعارة أخضعت لنظام قانوني أخر وتحددت طبيعتها لا بتلك الأوصاف (الردع والشخصية واعتبار الخطأ وحده) ولكن بنوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الذي ينحصر في إطار الحقوق العقدية والوظيفية.

إجراءات التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)تحقيقا ودعوي
تبقي عندي فقرة واحدة في هذا الموضوع ، وهي فقرة تعيدني من جديد إلى مجال التردد وعدم الحسم. وهي تتعلق بإجراءات التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)تحقيقا ودعوي ، بالنسبة للموظفين العموميين. وإذا كانت الفقرات السابقة قد أفضت إلى ترجيح وضع النظام التأديبي برمته في النطاق الإداري المدني ، بعيدا عن المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، فان التعرض لما يتبع وما هو مرسوم من إجراءات للتحقيق والدعوى تعيدنا ثانية علي الحفاف من القانون الجنائي.
ومن المعروف أن قانون الإجراءات الجنائية يفترض وجود قانون العقوبات ، فالجريمة والعقوبة المحددتان في قانون العقوبات هما ما يتعلق بهما نشاط السلطات العامة الذي ينظمه قانون الإجراءات الجنائية ، فقانون الإجراءات هو وسيلة تحريك قانون العقوبات.
وإذا كان الجريمة تمثل عدوانا علي المجتمع وعلي أمنه وسلامته واستقراره ، فان نوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)المحدد لمواجهة الجرائم ، يبلغ من الشدة ما يبرره الحفاظ علي أمن الجماعة وسلامته. وهي شدة تصل كما سبقت الإشارة إلى حد إهدار حياة المجرم أو حريته أو ماله. فالجريمة التي يقررها قانون العقوبات فادحة الأثر علي المجتمع والعقاب الذي يواجهها به القانون عينه فادح الأثر علي مرتكب الجريمة.
وعلي هذا المستوي الخطير من الخلل وردعه ، ترك أحكام قانون الإجراءات الجنائية ، لذلك فهي تفوق أنواعا من التدابير من جنس المخاطر والمعالجات التي يتضمنها القانون العقابي ، أي تعرف الحبس الاحتياطي ، والتفتيش وغير ذلك مما يمس مبادئ حقوق الإنسان والمواطن.
وعلي قدر هذه الخطورة ترد الضمانات التي يوردها قانون الإجراءات الجنائية ، كفالة لحصر استخدام السلطات العامة نشاطها في مواجهة الجريمة ، حصره في أضيق نطاق يمكن من تعقب الجريمة ومرتكبيها ومحاكمتهم والحكم عليهم . لذلك يتضمن هذا القانون تقسيما للسلطات العامة التي تتولى معالجة الجرائم ، بين هيئات عديدة ، لكل منها من الضمانات ما يكفل أعمالها للسلطة في احسن حال يرتجي . وهذه الهيئات في النظام المصري هي: الضبطية القضائية ، والنيابة العامة ، وقاضي التحقيق ، والمحاكم ، وسلطات تنفيذ العقاب.
ومن أهم الضمانات أيضاً الكافلة لحسن أعمال السلطة في هذا الشأن . أن تكون الهيئات المنوطة بها هذه السلطة ذات وضع احتكاري لما نيط بها من نوع نشاط ، ليكون لها من الاستقلال ومن السطوة ما تستطيع به إنفاذ مهامها في إطار التوازن الدقيق بين ملاحقة الجريمة وفرض نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)المجتمع وبين مراعاة حقوق الإفراد وضماناتهم كبشر ومواطنين ، وكفالة حرياتهم وكراماتهم.
إن ذكر كل ما سبق يكشف عن فروق عميقة واسعة بين النظام الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والنظام التأديبي للموظفين والعاملين بعامة . فالقانون الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)– عقوبة وإجراءات – يهدف إلى حماية المجتمع ، والنظام التأديبي يهدف إلى حماية مؤسسة العمل ، هيئة كانت أو مرفقاً عاماً ، أو منشاة خاصة . والجريرة هنا تتعلق بأوضاع العمل في المرفق ، وعقوبتها هي من جنسها خطراً ، فهي تنحصر في الحقوق العقدية أو الوظيفية التي ترتبت علي عمل العامل في هذا المرفق. ولذلك فان المجال التأديبي جرائر وجزاءات لا يحمل ثقل الأدوات التي أعدها نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)الإجراءات الجنائية للمجال الجنائي.
لذلك لم يكن التنظيم الإداري بحاجة إلى توزيع السلطات العامة التي تتداول تحريك نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديبي بمثل ما صنع قانون الإجراءات الجنائية. ولا كان التنظيم الإداري بحاجة ماسة إلى أن يقيم هيئات ذات وضع احتكاري بالنسبة لأي من مستويات تتبع الجريرة الإدارية وتوقيع الجزاء عليها ، وان كان ثمة حرص علي التأكيد علي كفالة نوع الضمانات التي تحمي العامل والموظف مما عسي أن تعتسفه السلطات الرئاسية من حقوق في العمل فاشترطت القوانين وجوب التحقيق لإثبات واقعة المخالفة ومواجهة العامل بما نسب إليه وسماع أقواله بشأنه ، وذلك قبل توقيع الجزاء عليه. واشترطت بعض الإجراءات بالنسبة لأوضاع توقيع الجزاءات الشديدة كالفصل مثلاً. وكان توقيع الجزاءات أمراً يسند إلى الجهات الرئاسية في كل مجال عمل أو إلى لجان أو مجالس يتوافر في تشكيلها بعض الحيدة ومراعاة النصفة.
ولكن حدث أن بدا النظام التأديبي يقتبس من النظام الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)من حيث الإجراءات والضمانات والهيئات المنوط بها التحقيق وتقرير الجزاء. ومن هنا في ظني يعود اقترابه من النظام الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، من الناحية الإجرائية.
هناك ملاحظات أوردها سريعة ، وهي اقرب إلى مباحث علم اجتماع القانون منها إلى النظر القانوني الفقهي ، (الملاحظة الأولى): وهي أن الوظيفة العامة في بلادنا تشغل وضعا اجتماعيا لا يبلغه عمل أخر إلا في القليل النادر ، وهي سمة من سمات غالب المجتمعات الشرقية وخاصة المجتمعات التي تعتمد علي الزراعة النهرية ، حيث كان للدولة المركزية من قديم الزمان وظيفة اجتماعية تتعلق بضبط موارد المياه والإشراف علي توزيعها وعلي شبكات الري ، وهي وظيفة تتصل بأصل انتظام الجماعة ومعاشها في هذه الأقطار. وهذا أمر تشهد به أوضاع الجغرافيا السياسية . فللدولة سيطرة وللعمل فيها كرامة ، هذه واحدة.
(والملاحظة الثانية) وهي مستدعاة من التاريخ المصري ، وهي أن ذوي الفكر السياسي ودعاة الإصلاح الاجتماعي منذ الثلاثينيات من هذا القرن ، كانوا يعتبرون اصلاح أداة الحكم وإصلاح أوضاع الإدارة العامة في مقدمة عواصل النهضة بالمجتمع كله ، وقد نظروا إلى تداول الأحزاب والقوي السياسية للحكم بوصفه عامل اضطراب وعدم استقرار لجهاز الإدارة العامة ، لاختلاف السياسات وتعارضها ، ولان كل حزب يصل إلى الحكم يميل إلى إفادة أنصاره في الوظائف العامة ، مما أشاع ما عرف باسم "المحسوبية" و "الأستثناءات" في توليه الوظائف والترقي فيها. وكاد أن يستقر عن مطالب الإصلاح في الفكر الاجتماعي السائد منذ ذلك الوقت ، موضوع إقرار ضمانات للموظفين يؤمن استقرار هذا الجهاز ، وانصرافه عن الاضطرابات والصراعات الحزبية ، إلى وضع السياسات الاجتماعية اللازمة للنهوض وتنفيذها علي المدى الطويل. ومن هنا عاد التفكير في إنشاء " مجلس الدولة " ليكون من وظائفه إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة ومنها ما يتعلق بدعاوى الموظفين ، ومن هنا أيضا جد التفكير في إنشاء " ديوان الموظفين " ليكون جهة مركزية تضع السياسات العامة للتوظف وتشرف عليها في أجهزة الإدارة كلها. وقد تم الإصلاح الأول في 1946 والثاني في 1950م. وصار تأمين الأوضاع الوظيفية من شروط النهضة الوطنية ومن عوامل الاستقرار الاجتماعي.
(والملاحظة الثالثة) أن المرحلة التاريخية التي مرت بها مصر في الخمسينيات والستينيات ، قد قرنت أهداف النهوض الاجتماعي والاقتصادي بسيطرة الدولة علي المقدرات الاقتصادية ، وعرفت حركة التاميمات وظهور القطاع العام في كل مجالات الإنتاج والخدمات ، وادي ذلك إلى أن صارت الهيئات المشرفة عليها الدولة سواء أجهزة الإدارة العامة أو هيئات الخدمات أو الإنتاج ، صارت هذه كلها هي مجال العمل الأساسي بالنسبة لكافة فئات العمالة وأنواعها ، وخاصة بالنسبة لخريجي الجامعات والمعاهد العليا.
تكشف لي الملاحظات السابقة عن ثلاثة عوامل اخذ بعضها بسناد بعض ، لتقضي مجتمعة إلى شعور عام اجتماعي بان الوظيفة العامة تكاد أن تصل إلى أن تكون من حقوق المواطنة ، وان الضمانات التي تكفل للموظف استقراره إنما تكفل للمواطن أمنه الاجتماعي في الحصول علي العمل والبقاء فيه والحصول علي دخله ، وفي الترقي وكسب القيمة الاجتماعية . لا أقول أن قائلا افصح عن ذلك ، ولا أقول أن مذهبا سياسيا أو اجتماعيا دعا إلى ذلك ، ولا أقول أن مبدأ قانونياً جرت به أحكام المحاكم أو آراء الفقهاء ، قعد قاعدة بهذا المدلول . ولكن أقول أن شعوراً جمعياً وتوافقاً اجتماعياً عاماً ، كان يهدي السالكين في مجال الإفتاء والقضاء إلى ما به يتحقق هذا المفاد ، وكان ذلك ينعكس في الحلول التشريعية التنظيمية والإجرائية.
ولقد ظهر في مصر تنظيم "النيابة الإدارية" كهيئة تتولى التحقيق في المخالفات الإدارية للموظفين واقامة الدعوى التأديبية عليهم. ظهر هذا التنظيم في 1954 م بالقانون رقم 480 ، ثم أعيد تشكليها بالقانون رقم 117 في سنة 1958. وقد تكونت علي صورة قريبة من صورة النيابة العامة التي تتولى شان الدعوى الجنائية ، ولكن جاء تكويناً – بطبيعة الحال – ايسر كثيراً مما يلائم يسر الدعوى التأديبية مقارنة بالدعوى الجنائية. ولم يجز للنيابة الإدارية حبس المتهم احتياطياً وان أجاز لها القانون الأذن بتفتيش الأشخاص والمنازل (م9) ، ولم اعلم أن هذه السلطة مورست ، إلا أن يكون ذلك في النذر النادر من الحالات ، وبعد ذلك نشأت المحاكم التأديبية بمجلس الدولة تقام أمامها الدعاوى من النيابة الإدارية. ثم ما لبث دستور 1971 أن خص مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، بوصف ذلك من جوهر أعمال حكم المؤسسات ومراعاة ضمانات الإفراد.
كل ذلك أحاط النظام التأديبي بعبق جنائي ، ولم يكن أساس ذلك طبيعة المخالفة ولا نوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، ولكن كان أساسه ومحركه ومثيره هو التشابه في التكوين التنظيمي والإجرائي بين النيابة الإدارية والنيابة العامة وبين مرحلتي التحقيق والدعوى في كل منهما. وتردد استخدام المصطلح الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)في هذا الشأن بما يلائم النظام التأديبي.
وإذا كانت المحكمة الإدارية العليا قد ذهبت في عامي 1961 ، 1962 م إلى تطبيق الإجراءات الخاصة بقانون المرافعات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والتجارية في شان الدعاوى التأديبية ، بحسبان أن هذا القانون هو ما أحالت إليه أحكام قانون مجلس الدولة فيما لا يرد بشأنه حكم في قانون المجلس ، فان المحكمة عدلت من بعد عن ذلك المذهب ، وصارت في شئون الدعاوى التأديبية تستعين وتستهدي بقانون الإجراءات الجنائية فيما لا نص فيه في قانون مجلس الدولة وأيدها في ذلك غالب فقه القانون الإداري . وهذا ما عليه العمل إلى ألان.




بعض التحفظات
علي انه في هذا المجال يحسن إظهار التحفظات التالية :
أولاً : أشير إلى ما أسلفت بيانه من قبل ، من أن العبرة في تصوري بما يدخل المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)وما لا يدخل ، هو بنوع المخالفة وما إذا كانت تمثل انتهاكا لنظام المجتمع وأمنه أو تمثل انتهاكا لمؤسسة معينة ، وبنوع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)وما إذا كان ينتقص من حقوق الإنسان والمواطن أو ينتقص من الحقوق العقدية والوظيفية. والنوع الأول من المخالفات والعقوبات هو إدخال في المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، والنوع الثاني منهما هو ادخل في المجال المدني ، حتى وان علقت به بعض أوصاف العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)من حيث كونه رادعاً وشخصياً ومرتبطاً بحجم الخطأ ونوعه. أن العقد الإداري يتضمن إمكان توقع ما يسمي "غرامات التأخير" وهي توقع علي المتعاقد مع الجهة الإدارية بمحض تأخره في إنجاز ما اتفق علي إنجازه دون نظر في حجم الضرر المترتب علي ذلك. وهذا السمت سمت عقابي ، ومع ذلك لم يقل أحد بإخراج العقد الإداري أو النزاع علي غرامات التأخير من المجال المدني العام.
ثانياً : إذا كان التنظيم الإجرائي هو ما قارب بين الدعويين الجنائية والتأديبية بإنشاء النيابة الإدارية ثم تنظيم الدعوى التأديبية والمحاكمات التأديبية ، فلا يزال البون شاسعاً بين المجالين ، حتى من هذه النواحي الإجرائية. لان النيابة الإدارية لا تملك سلطة التحقيق وحيدة بمثل ما تملك النيابة العامة في الشأن الجنائي. أن جهات الإدارة تشارك النيابة الإدارية في سلطة التحقيق. كما أن النيابة الإدارية لا تحتكر سلطة السير في الإجراءات حتى توقيع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، ولا تستمد سلطتها في ذلك من القانون وحده ، وانما تشاركها جهة الإدارة في قرارها تقديم الدعوى إلى المحاكمة أو عدم تقديمها.
كما أن المحكمة التأديبية ليست الجهة الوحيدة التي تملك سلطة توقيع الجزاء التأديبي ، لان السلطة الرئاسية تشارك المحكمة في توقيع بعض الجزاءات ، وفي هذه الحالات تتحول المحكمة التأديبية من محكمة ترفع لها الدعوى التأديبية لتوقع الجزاء ، إلى محكمة يطعن أمامها في الجزاء الموقع من الجهة الإدارية لتنظر المحكمة في مدي مشروعيته.
وفضلاً عن ذلك ، فثمة مجالس خاصة للتأديب خولت سلطة التحقيق وتوقيع العقاب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديبي بالنسبة لبعض فئات العاملين الذين تنظم شئونهم الوظيفية قوانين خاصة ، مثل جهات القضاء وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والشرطة والقوات المسلحة وغير ذلك.
ثالثاً : لمحكمة النقض المصرية قضاء مستقر علي أن قانون المرافعات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والتجارية يعتبر هو "القانون العام" في الإجراءات القانونية علي اختلاف فروعها ، وبهذا يكون قانون الإجراءات الجنائية "قانوناً خاصاً" بالنسبة لإجراءات التحقيق والدعوى الجنائية. وهو ينطق في مجاله ، وما لا يرد فيه نص في قانون الإجراءات الجنائية ، فيمكن الرجوع إلى قانون المرافعات دون أن يستلزم هذا الرجوع إحالة صريحة إليه ترد في قانون الإجراءات الجنائية. ويكون هذا الرجوع أيضاً في تفسير ما غمض من أحكام الإجراءات أو سد ما نقص.
ومن جهة ثانية فان قانون مجلس الدولة المصري يحيل إلى أحكام قانون المرافعات المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)والتجارية فيما لا يرد فيه نص إجرائي في قانون المجلس. ومن ثم لا يقوم قانون الإجراءات الجنائية بوصفه قانوناً عاماً لدي محاكم مجلس الدولة. إنما ما يقوم بهذا الوصف هو قانون المرافعات.
والحاصل أن الرجوع لاحكام قانون غير القانون المنظم للحالة المعروضة ، أي في غير حالة الخضوع المباشر لمجال انطباق القانون ، يكون هذا الرجوع بوصف أن القانون المرجوع إليه هو القانون العام ، أو بطريق القياس.
ومادام قانون الإجراءات الجنائية لا يمثل قانوناً للقضاء الإداري ومنه القضاء التأديبي ، وهو لا يعتبر الشريعة العامة في الإجراءات القانونية بعامة ، فان الرجوع إليه يكون بطريق القياس وحده. وهنا تثور مشكلتان ، مشكلة إمكان القياس علي قاعدة اجرائية ، ومشكلة إمكان القياس علي قاعدة تتعلق بالمجال الجنائي. والأمر هنا يحتاج في التطبيق إلى تدقيق شديد في وزن كل حالة خاصة وفي مراعاة الضبط اللازم لاحكام القانون ومناهج القياس في شانه.


خاتمة
وحسبي من هذه الدراسة أن أكون قد أثرت عدداً من الأفكار حول مدي ما يتردد نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)بين النظام الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)عقابا وإجراءات وبين النظام المدني جزاء وإجراءات .
وقد يدرك القارئ ما أكاد أرجحه في هذا الشأن من أن نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)هو جزء من أنظمة العمل التي تقع في النهاية في المجال المدني لا الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، حتى ولو كانت داخلة في صميم القانون الإداري. إلا تري أننا في شئون العاملين المدنيين بالدولة نتبع أحكام النظم القانونية الخاصة بهؤلاء العاملين ، فان لم نجد طبقنا أحكام قوانين العمل ، فان لم نجد طبقنا الأحكام المدنية (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، ما يتلاءم منها بطبيعة الحال مع الطبيعة الخاصة لعلاقات التوظف العام وتسيير المرافق العامة.
وفي النهاية فأرجو للقارئ أن يلاحظ معي ، من قراءة هذا الموضوع – أن المسالة ليست مسالة ترجيح فكري محض بين وجهتي نظر إحداهما تذهب إلى حاكمية المجال المدني علي نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)تأديب العاملين ، والأخرى تذهب إلى حاكمية المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، كما أن المسالة ليست محض اجتهاد فردي من كاتب هذه الدراسة أو من غيره. إنما يتأثر الترجيح في النهاية باعتبارات ترد "مما وراء القانون" مما يعبر عنه بعلم اجتماع القانون ، وبهذا أرجو أن يلاحظ القارئ معي أن نظام (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)التأديب (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)موضوع هذا الحديث هو بين المجالين المدني والجنائي كبندول الساعة ، وانه حيثما ترجح في أوضاع المجتمع المشروعات الخاصة يمل البندول نحو المجال المدني ، وحيثما ترجح المشروعات العامة ويزيد دور الدولة ينجذب البندول نحو المجال الجنائي (http://www.law-zag.com/vb/forum101/thread6547.html)، هكذا نلحظ حركته عبر القرنين الماضيين.