المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلاقات الدولية في الإسلام



هيثم الفقى
10-10-2010, 04:13 AM
العلاقات الدولية فيالإسلام
الدكتور عادل عامر

الأسس التي بنى عليها الإسلام علاقاتهالدولية والإنسانية.
هناك أسس كثيرة بنى عليها الإسلام علاقاتهالدولية والإنسانية، ولعل من المناسب الإشارة إلى أهم تلك الأُسس:
1- العدلفي المعاملة والحكم بين الناس بالعدل مطلقا بغض النظر عن أديانهم، وأجناسهم،وألوانهم. ولقد تضافرت النصوص التي تحض وتأمر بالعدل حتى مع الأعداءوالأولياء
﴿ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداءبالقسط ولا يجرمنَّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾المائدة: 8.
2- احترام الكرامة الإنسانية انطلاقًا من إيمانه بأنالناس كلهم من أصل واحد، ومن نفس واحدة، وإنما جعلوا شعوبًا وقبائل ليتعارفواويتآلفوا، لا ليختلفوا، ويتنافروا
﴿يا أيها الناس إنا خلقناكممن ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا﴾الحجرات: 13.
3- اعتبار الناس كلهم أمة واحدة(كلكم لآدم وآدم من تراب )
وذلك بعد أن يقرر أن أصل الناس كلهم واحد، وأن الأجنبي ليس عدوًا مطلقًامادام الأصل واحدًا.
4- الحث على التعاون الإنـساني على نصرة المظلـوم،وإغاثـة الملهوف ورفـع الظــلم، وردع الظالمــين المجرمــين، ولذلك ليـس من عجـب أنيكـون التعاون أصـلاً من أصول الإيمـان
﴿وتعاونوا على البرّوالتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾المائدة: 2.
5- بناء العلاقات الإنسانية على التسامح غير الذليل وهذاالتسامح أساسٌ طبّقه الرسول ³ مع ألدّ أعدائه في حروبه، كما حدث في غزوة بنيالمصطلق، وطبَّقه في معاهداته كما يشهد لذلك جليا موقفه من قريش الذين منعوه منالعمرة ودخول المسجد الحرام ظلما وشططا عام الحديبية.
6- بناء العلاقاتالإنسانية على مراعاة الحرية الشخصية لأن في ذلك تحريرا للنفوس من سيطرة الأهواءوالشهوات، ولذلك لم يشأ الإسلام إكراه أحد على اعتناق العقيدة
﴿لا إكراه في الدين﴾البقرة: 256.
7- التمسك بالفضيلة فيمعاملة الناس وحمايتها في كل الأحوال واعتبارها أساس العلاقات الدولية في حالتيالحرب والسلم. ولا غرو أن يحفظ التاريخ على أزهى صفحاته وأنصعها تلكم الوصيةالخالدة التي يقولها رسول الإسلام ³ لجيوشه عندما يبعثهم: (اخرجواباسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا،ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع )رواه أحمد في المسند بإسنادحسن.
8- وجوب الوفاء بالعهد ضمانًا لبقاء عنصر الثقة في التعامل بين الناسأفرادًا وجماعات وحكومات، ولذلك جعل الإسلام هذا الأساس مستلزمًا من مستلزماتالإيمان بالله،
﴿ إنما يتذكر أولوا الألباب ¦ الذين يوفونبعهد الله ولا ينقضون الميثاق﴾الرعد: 19، 20.
9- تأمين الرسلوالسفراء على أنفسهم حتى يعودوا سالمين إلى من بعثهم، ولهذا الأساس أهمية قصوى،وأهداف كبرى، وذلك أنه مدعاة إلى فتح باب الدعوة على مصراعيه إلى الدين وتعريفالناس به، ويعتبر وسيلة من وسائل تبادل الأسرى والفداء في الوقت نفسه، إضافة إلىتسهيل تبادل الود بين أمم الأرض، وفض المنازعات وعقد المعاهدات؛ لذلك أقر الإسلامالحصانة الشخصية لمبعوثي الدول والسفراء ـ الدبلوماسيين ـ فلم يُجِز التعرضلأشخاصهم وأموالهم وأسرهم، وأتباعهم، وأقر كذلك الحصانة القضائية لهم، فلم يلزمالوالي بتنفيذ العقوبات التعزيرية عليهم بل مال بعض الفقهاء إلى إعفائهم منالمسؤولية الجنائية المتعلقة بحق الله ـ كالزنى والسُكْر ـ وقرر الإسلام الحصانةالمالية لهم، فذهب الفقهاء إلى القول بإعفائهم من متعلقات الحصانةالمالية.
هذه بعض الأسس التي بنى عليها الإسلام علاقاته الدولية والإنسانية،وليس هناك من ريب أن الغرب تأثر بها أو بأكثرها ـ وإن لم يصرح بذلك ـ وخاصة تلكالتي تتعلق بقواعد ومبادئ معاملة أسرى الحرب والجرحى ـ كما سيأتي ـ وقواعد الهدنةوالحرب والصلح، أضف إلى ذلك تأمين المبعوثين والسفراء والرسل ليقوموا بمهامهملمصلحة الأطراف المتنازعة. وإذا كانت هذه هي بعض الأسس التي بنى عليها الإسلامعلاقاته الدولية والإنسانية، فلماذا شرع القتال ـ الحرب ـ وما أهدافه؟
لماذا شرع القتال.
يمكننا تلخيص أسباب وأهداف القتال فيالإسلام في النقاط الآتية: تأمين حرية نشر الدعوة، وكفالة حرية العقيدة، ومنعالفتنة في الدين، ورد العدوان، وحماية الأوطان من الاعتداء على الأعراض والمقدسات. وفي ذلك كله إعلاء لكلمة الله والمحافظة على القيم والأخلاق الفاضلة، ودرء الفتنةومنع الردة والبغي داخل المجتمع الإسلامي وخارجه.
معاملةأسرى الحرب في الإسلام.
مادام القتال مشروعا في الإسلام من أجلتحقيق الأهداف السابقة فإن أولئك الذين يقعون أسرى تحت أيدي المسلمين أوصى الإسلاموقرر مبادئ تقوم عليها معاملتهم وهي: الرحمة واللطف والرفق بهم والإحسان إليهم
﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا ¦ إنمانطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا﴾الإنسان: 8، 9.
ثم تحريمقتل الأسرى إلا في حدود ضيقة كأن يقتل الأسير عمدًا فيقتص منه، أو لظروف خاصةتمليها ضرورة العداوة وإمعان في الأذى من ****م، أو لنقض العهد المتكرر، أوالاستخفاف بالمسلمين فيكون قتلهم عندئذ استئصالا لجذور الشر ومصادر الفتنة.
هذهبعض المبادئ والأسس التي قررها الإسلام في معاملة أسرى الحرب.
أما قتلىالكفار فإن الإسلام اهتم بضرورة احترام الميت، وكان المسلمون يدفنون قتلى عدوهمويوارونهم كما حدث ذلك في غزوة أحد، ونهى الإسلام نهيا قاطعا عن التمثيل بالميت لمافي ذلك من امتهان لكرامة الإنسان، والبعد عن الفضيلة.. وفي الحديث الذي سقنا نحوهآنفًا: (سيروا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولاتمثِّلوا ) .
وكما نهى عن التمثيل نهى عن حرق الجثث بالنار أو التعذيببالنار حتى الموت، كما ورد ذلك في صحيح مسلم أن هشام بن حكيم بن حزام مر على أناسمن الأنباط (هم فلاحو العجم) بالشام قد أقيموا في الشمس فقال: ما شأنهم؟ قالوا: حبسوا في الجزية فقال هشام: أشهد سمعت رسول الله ³ يقول: (إن اللهيعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ) .
فالعدالة هي الميزان الذييحدد به الإسلام العلاقات بين الناس في السلم والحرب، ففي السلم يكون حُسن الجوارقائما على العدالة وكل العلاقات الدولية والإنسانية في الإسلام يحكمها ميزان العدل،وإذا استعرت نيران الحرب يكون العدل.