المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) North Atlantic Treaty Organization NATO



هيثم الفقى
10-06-2010, 11:18 AM
منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) North Atlantic Treaty Organization NATO



almoqatel.com

http://img509.imageshack****/img509/9323/image001t.gif

المقدمة

من أهم سمات القرن العشرين، التكتلات والتحالفات الاستراتيجية الكبرى، والتي شملت مجالات عدة، فمنها السياسية، ومنها العسكرية، وكذلك هناك التكتلات الأكثر أهمية منذ الربع الأخير للقرن العشرين، وهي التكتلات الاقتصادية.

كل من تلك التكتلات أو التحالفات ذات صور تعاون متعددة، وقد لا تكون جديدة في مجالات التعاون المختلفة. فقد قامت تحالفات وتكتلات من قديم الأزل، لتحقيق نفس الأهداف الحالية، للتكتلات والتحالفات الجديدة، والتي لم تتعدى "تحقيق المصالح المشتركة لهذه الدول، وزيادة القدرات الدفاعية للدول المتحالفة لدرء أي عدوان عليها".

في مجال التعاون العسكري، إبان زمن الحرب الباردة، في النصف الثاني من القرن العشرين، يمكن إدراك نماذج رئيسية، ذات صور مختلفة، للتكتلات والتحالفات العسكرية الرئيسية، التي واجهت بعضها البعض، دارت في معظمها حول حصار الكتلة الشيوعية، وحصار مضاد من الكتلة الشيوعية للعالم الغربي. وبعض التحالفات، بدأ ثنائياً، ثم اتسع وتعددت عضويته، بتشعب المصالح واتساع مدى الأطماع والطموحات.

كان لظهور كتلتين عقب الحرب العالمية الثانية، الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة، والكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفيتي، أثره في اتباع قطبي العالم سياسات استقطاب واستقطاب مضاد، الأمر الذي أدى إلى ميل العديد من دول العالم لأحد المعسكرين، وهو ما نتج عنه انقسام العالم (رغم عدم انضمام معظم الدول لأي من المعسكرين بشكل رسمي) ولتدور تلك الدول في فلك المعسكرين والقطبين الأعظم، في مرحلة الحرب الباردة، وهو ما جعل العالم يعيش على حافة الهاوية، أو الحرب أكثر من مرة.

كان لتلك السياسات الاستقطابية مستويات عدة، من انحياز كامل، لانحياز متردد بين المعسكرين من فترة لأخرى، ومن ثم انعكس ذلك على الخريطة السياسية في ذلك الوقت، ولتكتشف الدول الصغرى، اختراق أمنها من القوى العظمى، من أجل مصالحها الخاصة، وانجذاب تلك الدول النامية والهامشية، إلى صور من التبعية للدول الكبرى والعظمى، تحت مسميات عدة، تتناسب مع كل إقليم أو مجموعة.

اتخذ الصراع السياسي، في المجتمع الدولي، في تلك الآونة (عصر الحرب الباردة) أحد أشكال ثلاثة، وهي:

1. الأولى: الصراع العنيف (Violent Conflict)، ويقصد به الحرب أو الصراع المسلح الذي تلجأ فيه الدول، إلى العنف والقتال، دفاعاً عن مصالحها الحيوية.

2. الثانية: الصراع غير العنيف (Non-Violent Conflict)، ويشمل كافة أشكال الصراع الأخرى، بخلاف الحرب، أو ما يعرف عادة بوسائل التنافس السلمي، كالدبلوماسية والاقتصادية بصورهما المختلفة، وإجراءات القسر الدولية.

3. الثالثة: الصراع منخفض الشدة (Low - Violent Conflict)، ويشمل العديد من الإجراءات العسكرية المحدودة، المتدرجة في الشدة، بدءاً بالحصار السياسي، والاقتصادي، وكذلك البحري أو الجوى، وانتهاءً بالضربات الجوية والصاروخية، دون اللجوء للحرب الشاملة، بما فيها القوات البرية.

أدى ظهور التكتلات والتحالفات المتضادة، بين المعسكريين، إلى حالة من التوازن الاستراتيجي والعسكري، خاصة حلفي وارسو وشمال الأطلسي فأديا إلى حالة من الاستقرار المشوب بالتوتر في أوروبا، امتدت إلى أربعة عقود، شهدت خلالها القارة العديد من التوترات والأزمات، خاصة في برلين المقسمة حينذاك، وفي كل من المجر وتشيكوسلوفاكيا، عقب الثورات التصحيحية فيهما. كان للتوازن الاستراتيجي والعسكري، الذي كان قائماً بين حلفي وارسو والناتو، الفضل في كبح جماح أي فكر للتصعيد العسكري، غير أن المحافظة على هذا التوازن، أدت على الجانب الآخر إلى سباق للتسلح، شمل كل نظم التسلح التقليدية، وغير التقليدية، وهو ما كان على حساب اقتصاديات دول الحلفين، أضف إلى ذلك ما أدت إليه خطط انتشار واستعداد كل حلف، من ضرورة تواجد قوات تابعة للقوتين العظميين في أراضي دول الحلفين، وهو ما أدى أحياناً لبعض الحساسيات، باعتبارها قوات أجنبية، خاصة في دول شرق أوروبا.

أثير، بعد انتهاء عصر الحرب الباردة، تساؤل عن بقاء حلف الناتو (شمال الأطلسي)؟ إذا كان الهدف من قيام حلف الناتو هو الدفاع عن المصالح الغربية في الأطلسي، وفي أوروبا الغربية، والتطور المستمر له، لمواجهة حلف وارسو. فإن انهيار حلف وارسو الذي يهدف إلى الدفاع عن دول أوروبا الشرقية، ومصالحها، في مواجهة حلف الناتو، وتفكك الاتحاد السوفيتي، الخصم الأول لدول حلف الناتو، ينهي الهدف من قيامه.

وإذا كان ذلك يتم في بيئة دولية جديدة، تعرف بالنظام العالمي الجديد، والتي كان من تداعياته، تحولات جذرية في نظم الحكم في دول أوروبا الشرقية، وانضمام بعضها إلى حلف الناتو، بينما معظم دول أوروبا الشرقية تنتظر اللحاق بها في الحلف، فإن التساؤل الآخر من هو العدو (أو التهديدات) التي من أجلها استمر الحلف؟ وما هي أهدافه الجديدة؟.

هيثم الفقى
10-06-2010, 11:20 AM
المبحث الأول

نشأة ومبادئ وأهداف الحلف

كان من الطبيعي بعد الحرب العالمية الأولى (1912 ـ 1918)، والتي صاحبتها خسائر بشرية ومادية وعسكرية كبيرة، بددت قدرات معظم الدول المشاركة فيها، ظهور رغبة شديدة، بين دول الغرب، لنبذ الحرب. وصل الميل نحو السلام إلى مداه، في الثلاثينيات، بينما كانت طبيعة وغايات السلام، للطرف الآخر، على النقيض، إذ بدأت تطلعات هتلر الأوروبية، في الإفصاح عن طبيعتها التوسعية.

لم يتمكن النظام الدولي، الذي قام بعد الحرب العالمية الأولى، والذي تمثل في عصبة الأمم، من تفادى نشوب حرب عالمية أخرى، فنشبت الحرب العالمية الثانية (أول سبتمبر 1939).

انتهت الحرب بانتصار الحلفاء، وهزيمة ألمانيا وباقي قوات المِحْوَرْ، وأعيد صياغة النظام الدولي، من جديد، فأنشئت الأمم المتحدة، بدلاً من عصبة الأمم، على أساس التعاون بين المنتصرين في الحرب، والمساندين لهم، من أجل الحفاظ على الأمن الجماعي، والاستقرار العالمي، في إطار التوازنات الجديدة التي ظهرت بعد الحرب.

غير أنه بالانتهاء الفعلي للحرب العالمية الثانية، اندفعت القوى المنتصرة في استثمار نصرها، فظهرت تكتلات، وتكتلات مضادة، خاصة في أوروبا، هدفت إلى استقطاب دول أوروبا الشرقية إلى جانب الاتحاد السوفيتي، قابله على الجانب الآخر استمرار ترابط التحالف الغربي، واستقطاب باقي دول أوروبا الغربية إلى جانبه، بما فيها قوات المحور السابق (المنهزمة).

وبذلك ظهرت حرب من نوع آخر، غير معلنة، أطلق عليها الحرب الباردة، وكانت الأحلاف العسكرية أبرز أدواتها ومنها حلف شمال الأطلسي (الناتو).

أولاً: المسرح السياسي قبل نشأة الحلف:

غيرت نتائج الحرب العالمية الثانية، من توازن القوى في العالم، فقد انهارت دول عظمى (ألمانيا واليابان)، وهبطت دول أخرى لمرتبة أدنى (إنجلترا وفرنسا وإيطاليا والنمسا)، وصعدت دول إلى مصاف الدول العظمى (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية)، وتغيرت الخريطة السياسية في وسط وشرق أوروبا، نتيجة لأحداث تلك الحرب.

كان المسرح السياسي العالمي، مازال يستوعب المتغيرات، بينما سارعت الدول العظمى الجديدة، لتأكيد نفوذها، واستثمار مكاسبها في الحرب، وقد وضح أن هناك خللاً، في النظام العالمي يتمثل في:

1. خلفت هزيمة كل من ألمانيا واليابان، فراغاً على جانبي الاتحاد السوفيتي الذي انتهز هذه الظروف غير العادية، ليستغل قدراته العسكرية، ويمارس سياسة توسعية، شكلت من وجهة نظر الدول الغربية تهديداً للسلام وللأمن الجماعي.

كان القلق من قوة الاتحاد السوفيتي الضخمة، ينتاب ساسة أوروبا الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية، وتبادلا فيما بينهما الرأي، فقد كان الموقف المنتظر، بعد الحرب، أن تخفف كل الدول الأوروبية، من أعباء التعبئة، وتنقص من حجم قواتها تدريجياً، والتي لن تتعدى، بعد عام واحد من انتهاء الحرب، إلى أقل من مليون جندي، بينما يحتفظ الاتحاد السوفيتي، بما يزيد عن 6 مليون جندي في الخدمة العاملة (200 ـ 300 فرقة)، إضافة إلى أنه "أسدل ستاراً حديدياً (Iron Curtain) على حدوده، ولم تعد الدول الغربية، تعلم ما يدور بداخله"

2. كان من الطبيعي، على ضوء استسلام ألمانيا، أن بدأت الدول الغربية في إنهاء حالة التعبئة، وبدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في سحب قواتهما من أوروبا، باستثناء القوات الموجودة في ألمانيا الغربية، أو تلك المنتشرة في أماكن أخرى من العالم. كما بدأت الدول الأوروبية في إعداد نفسها لمهام إعادة البناء والتعمير المتعددة، وأنهت حالة التعبئة لقواتها، وهو ما أنقص كثيراً من حجم القوات لدى تلك الدول.

من وجهة أخرى، حاولت الدول الغربية، التوصل إلى صيغة سياسية، مع الاتحاد السوفيتي، لتخفيف التوتر الذي بدأ يتصاعد في العلاقات معه. كما حاولت تأكيد فاعلية الأمم المتحدة، كأداة للسلام، إلا أن الوضع الجديد للنظام الدولي، والسياسة التوسعية السوفيتية، التي بدأت تنتشر إلى خارج القارة الأوروبية كذلك، أحبطت كل المساعي.

كانت الفترة التالية لانتهاء الحرب العالمية الثانية، قد أفرزت عقد عدة اتفاقيات سلام، كما وُقِعْ ميثاق لإنشاء هيئة الأمم المتحدة، في 26 يونيه 1945، من خمسون دولة، كآلية لحفظ السلام العالمي، بدلاً من عصبة الأمم، التي انهارت. ووضح أن هناك مشكلات قد ترتبت على تلك الاتفاقيات، والميثاق:

3. مشاكل اتفاقيات السلام بعد انتهاء الحرب:

أ. لم تمثل بولندا في مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945، إذ أن الاتحاد السوفيتي والقوى الغربية لم يتمكنوا من الاتفاق على تشكيل الحكومة البولندية.

ب. وفي مؤتمر لندن لوزراء الخارجية في سبتمبر 1945، رفض وزير خارجية الاتحاد السوفيتي مستر مولوتوف المقترحات البريطانية لمناقشة الموقف في كل من رومانيا وبلغاريا.

ج. وفي نوفمبر 1945، تمكنت الدول الغربية، من الحصول على موافقة السوفيت، للبدء في مناقشة الخطوط الرئيسية لاتفاقيات سلام مع إيطاليا وفنلندا، وكذلك عن الوجود الألماني السابق في البلقان.

د. وفي مارس 1947، فشل مؤتمر وزراء الخارجية في موسكو في التوصل إلى مسودة اتفاقيات للسلام في كل من ألمانيا والنمسا، ولم يتمكنوا من الاتفاق على مستقبل ألمانيا.

هـ. عقدت عدة مؤتمرات، لوزراء خارجية الدول الأوروبية، والقوى العظمى، في لندن وباريس وموسكو، ولم يصلوا إلى اتفاق، حول نقاط الخلاف مع الاتحاد السوفيتي، لترتيبات السلام في القارة الأوروبية، خاصة ما يتعلق بالوضع في دول أوروبا الشرقية والتي كان الاتحاد السوفيتي يحتلها عسكرياً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وينشر فيها أيدولوجيته الشيوعية، بالقوة

و. أدى توقيع ميثاق الأمم المتحدة، في 26 فبراير 1945، إلى انتعاش الأمل لدى شعوب العالم كافة، لإحلال سلام دائم، إلا أن إساءة استخدام حق الاعتراض في مجلس الأمن (Veto)، والذي نص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، كميزة إضافية للدول العظمى والكبرى الخمس، مكافأة على جهودها في الحرب، أضر بفاعلية قرارات مجلس الأمن، وأسقط هيبة المنظمة الدولية، ووأد آمال السلام مبكراً. استخدم الاتحاد السوفيتي، حقه في الاعتراض مراراً، لمنع صدور قرارات إدانة، أو إجراءات عقابية، ضد الدول التي يشملها برعايته، والتي كانت قد دارت في فلك الشيوعية التي صدرها إليها.

4. التوسع السوفيتي في أوروبا الشرقية:

أ. بدأ التوسع الإقليمي السوفيتي، خلال فترة حكم "ستالين"، أثناء الحرب العالمية الثانية من وجهة النظر الفعلية، بضم: "استونيا، ولاتفيا، ولتوانيا"، مع أجزاء من فنلندا، ورومانيا، وبولندا، وشمال شرق ألمانيا، وشرق تشيكوسلوفاكيا، بإجمالي مساحة 180.000 ميل مربع يقطنها حوالي "23 مليون نسمة". كان ذلك التوسع هو الذي حرك رئيس وزراء بلجيكا ووزير خارجيتها "بول هنري سباك" ليعلن في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، أن دولة كبرى ظهرت بعد الحرب، قامت بالاستيلاء على أراضي الآخرين، وحدد هذه الدولة بأنها الاتحاد السوفيتي، وأشار إلى استمرار التوسع الإقليمي السوفيتي حتى بعد استسلام ألمانيا، من خلال إجراءات سياسية، لتعزيز السيطرة على دول أوروبا الشرقية.

ب. استمر الجيش السوفيتي في وجوده في دول شرق ووسط أوروبا ونشر الفكر الشيوعي بها. وأدى ذلك إلى تشكيل حكومات بتلك الدول، تمثل جبهات شعبية تكونت حديثاً بفعل التغلغل الأيدولوجي الشيوعي، ألبانيا، بلغاريا، رومانيا، ألمانيا الشرقية، بولندا، المجر، تشيكوسلوفاكيا نتج عنها الوقوع في قبضة الهيمنة السوفيتية، وتقدر مساحة هذه الدول بحوالي 390.000 ميل مربع يقطنها حوالي "90 مليون نسمة".

وقد تمكن الاتحاد السوفيتي، في غضون أقل من عام، من فرض سيطرته على الحكومات الشيوعية، في تلك الدول، والتي كانت بدورها، قد قمعت معارضة الأحزاب الديمقراطية، وحولت البلاد إلى تابع للاتحاد السوفيتي، وحذت حذوه في نظام الحكم الشمولي، ذو الحزب الواحد (الحزب الشيوعي).

مارس الاتحاد السوفيتي، ضغوطاً سياسية، في مناطق كثيرة من العالم، لتحقيق أهدافه السياسية، والايدولوجية، ونشر الفوضى والصراعات المسلحة في تلك المناطق، ففي إيران كانت القوات السوفيتية مازالت رابضة في شمالها، ضاربة عرض الحائط بمعاهدة طهران، والمعارضة التي أبدتها الأمم المتحدة، وفي تركيا تصدى الشعب والحكومة لمحاولات التسلل الشيوعي، بينما ساد اليونان حرب أهلية بين العناصر الشيوعية، والمقاومة الشعبية دامت عدة سنوات. ومد الاتحاد السوفيتي نشاطه نحو آسيا، فاحتل معظم منشوريا، وشمال كوريا، وبدأ في نشر ايدولوجيته الشيوعية في الدول الفقيرة هناك كذلك، في فيتنام ولاوس وكمبوديا، وتايلاند والصين وإندونيسيا.

تصدت فرنسا وهولندا لتصفية العناصر الشيوعية في إندونيسيا والجزر المجاورة، كما حاربت القوات البريطانية المد الشيوعي في الملايو وبورما، وعاونت الولايات المتحدة حكومة الفلبين لمقاومة حرب العصابات التي تشنها العناصر الشيوعية بها.

ثانياً: الصراع الأمريكي، السوفيتي على النفوذ في القارة الأوروبية:

اتجهت دول أوروبا الغربية، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، طلباً للمساعدة، للوقوف ضد الضغط السوفيتي، والانتشار الأيدولوجي للشيوعية في كثير من تلك الدول

كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تملك القوة العسكرية، والاقتصادية، كما كان لديها نفوذ سياسي، بدأ في الانتشار خلال الحرب العالمية الثانية، في كثير من الدول الأوروبية، ودول العالم الأخرى، وهو ما هيأها لتتبوأ القمة في النظام العالمي الجديد، وتنافس الاتحاد السوفيتي في النفوذ، لذلك، بدأت في مساعدة أوروبا الغربية، وطرحت عدة مبادرات لذلك منها:

1. مذهب (عقيدة) ترومان: Truman Doctrine

في 12 مارس 1947 أخطر الرئيس الأمريكي "هاري ترومان ـHarry Truman"، الكونجرس الأمريكي: "بأن يجب على الولايات المتحدة إتباع سياسة مساعدة الشعوب الحرة، التي تقاوم محاولات إخضاعها، من خلال العمل العسكري، أو من خلال الضغط الخارجي". وعلى ضوء بيان ترومان الذي أصبح يعرف باسم "مذهب (عقيدة) ترومان"، اعتمد الكونجرس 400 مليون دولار لمساعدة اليونان وتركيا في يونيه 1948 لمواجهة الضغط السوفيتي على هذين البلدين

لم يكن الموقف في غرب أوروبا بشكل عام أقل خطراً، فبالرغم من المساعدات التي تلقتها الدول الأوروبية، الحرة، من الولايات المتحدة، للتغلب على الآثار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، إلا أن أداء الاقتصاد الأوروبي، استمر رديئاً، وظهر أن كثير من الدول الأوروبية على حافة الانهيار اقتصادياً، مما يوقعها في براثن الشيوعية، والنفوذ السوفيتي.

2. مشروع مارشال: (برنامج إنعاش أوروبا)

في 5 يونيه 1947 أعلن وزير الخارجية الأمريكي، الجنرال جورج مارشال -George C. Marshall، عن مبادرة لبرنامج إصلاح اقتصادي لأوروبا. بأن تساعد الولايات المتحدة الدول الأوروبية التي عليها أن تعد مطالبها، وأن تعد برامج عامة يتم الموافقة عليها من الدول الأوروبية. كما أوضح أن هذه السياسة ليست موجهة ضد أي دولة أو مذهب، لكنها لمواجهة الجوع، واليأس، والفوضى.

كانت المعونة الاقتصادية الأمريكية التي تم تقديمها من خلال مشروع مارشال، والتي دعمت في السنوات التالية، هي عملية إصلاح اقتصادي للدول الغربية، وكانت متاحة كذلك للاتحاد السوفيتي، وللدول الدائرة في فلكه. رفض الرئيس السوفيتي "جوزيف ستالين ـJoseph Stalin" كل المساعدات الأمريكية للاتحاد السوفيتي، وضغط على الحكومات التي تدور في فلكه لإتباع نفس السياسة.

رأى الاتحاد السوفيتي في مشروع مارشال، هدفاً أمريكياً لتقوية الدول الأوروبية وحثها على مقاومة النفوذ السوفيتي في القارة، مما يشكل تحدياً له، أكثر مما يشكل دعوة للمشاركة الاقتصادية في أوروبا. ووصف تأييد بريطانيا وفرنسا للمشروع بأنه يستهدف تقسيم الدول الأوروبية إلى مجموعتين، متواجهتان فهو يعطى الفرصة لبعض الدول، لفرض سيطرتها على الأطراف الأخرى.

خسرت الولايات المتحدة الأمريكية، صراعها ضد النفوذ السوفيتي في الصين، والتي كانت تمثل أملاً للاقتصاد الغربي، لاتساع سوقها، وأدى انتصار الشيوعيون فيها، بزعامة "ماوتسي تونج ـMao Tse,- Toung (MAO ZED)ONG، إلى خلل جديد في موازين القوى الدولية، لثقلها الديموجرافي، وإمكاناتها الاقتصادية المتوقعة، خاصة مع الضعف الذي كانت تعاني منه اليابان، عقب هزيمتها في نهاية الحرب العالمية الثانية. كذلك خسرت الولايات المتحدة الأمريكية،الصراع على النفوذ في وسط وشرق أوروبا، بتراجع تشيكوسلوفاكيا، عن موافقتها الاستفادة من مشروع مارشال، تحت ضغط الاتحاد السوفيتي، الذي وضح أنه لن يسمح للدول في تلك المنطقة، بالخروج من دائرته، وكان تراجع تشيكوسلوفاكيا، إنذاراً لباقي دول المنطقة، التزم به الجميع.

اتهمت الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي بخرق اتفاقيتي يالتا"Yalta" ، وبوتسدام"Potsdam" ، وتوعدته بالوقوف ضد أي محاولة للتوسع من جانبه، في غرب القارة الأوروبية. وأدى تشدد الجانبان، إلى توقف المباحثات بين الدول الأربع العظمى والكبرى، لتحديد مصير ألمانيا.

3. نشأة الكومنفورم Cominform:

اتجهت موسكو إلى تكوين تكتل، يضم جميع الأحزاب الشيوعية باسم الكومنفورم، رداً على مشروع مارشال، وبذلك بدأت مرحلة تقسيم أوروبا إلى كتلتين مختلفتين، من الناحية الأيديولوجية، نشب الصراع بين كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والذي عرف فيما بعد بالحرب الباردة.

أنشأ ستالين "الكومنفورم" في 5 أكتوبر 1947، بهدف التصدي لمشروع مارشال الإمبريالي، من وجهة نظره. كما كان هدفه التعاون الاقتصادي بين دوله، والعمل على تنسيق النشاطات السياسية للحركات الشيوعية في الدول المختلفة.

في 2 يناير 1948، اقترح "أرنست بيفينErnest Bevin" وزير الخارجية البريطاني، فكرة أولية للتعاون الأوروبي، في شكل اتفاقيات ثنائية، على نمط "اتفاقية دنكرك"، التي كانت قد وقعت في 4 مارس 1947 بين فرنسا وبريطانيا، وهي معاهدة تحالف ودعم مشترك، لمدة "50 عاماً"، توحد الدولتان بموجبها جهودهما، في حالة أي محاولات اعتداء جديدة من ألمانيا، كما اتفقتا على استمرار المشاورات بينهما في المسائل الاقتصادية التي تهم البلدين، واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لزيادة فاعلية واستقرار اقتصادهما، حتى يمكنهما القيام بأدوار فعالة، في إطار أهداف الأمم المتحدة، السياسية والاقتصادية.

كانت معاهدة "دنكرك" المشار إليها، قاصرة على حالة "عودة التهديد الألماني مرة ثانية"، لذلك وجد أنه من الأفضل الأخذ بنموذج "معاهدة ريو"، التي كانت قد وقعت في 2 نوفمبر 1947 بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية (باستثناء نيكاراجوا والإكوادور)، كنموذج لتحالف دفاعي ضد العدوان، كتجمع إقليمي في إطار ميثاق الأمم المتحدة.

بينما دول أوروبا الغربية مازالت تبحث عن الأنسب لأمنها، وقع انقلاب "براغ" في فبراير 1948، وعلى الفور قضى السوفيت عليه بالقوة وأعيدت تشيكوسلوفاكيا إلى المدار السوفيتي، وأعطى الحدث تنبيهاً قوياً للغرب، بأن الدفاع الجماعي أصبح ضرورة.

4. اتفاقية بروكسل Brussels Treaty:

في 4 مارس 1948 اجتمع في بروكسل مندوبو بلجيكا، هولندا، لوكسمبرج، فرنسا، المملكة المتحدة، للاتفاق على معاهدة للمساعدة المتبادلة. وفي 17 مارس 1948، وقعت الدول الخمس المعاهدة آخذة على عاتقها بناء نظام للدفاع الجماعي، ولتقوية الروابط الاقتصادية والثقافية

اجتمع في لندن في 30 أبريل 1948 وزراء الدفاع، ورؤساء أركان، دول اتفاقية بروكسل، لبحث كيفية تدبير المعدات العسكرية اللازمة، من مواردهم، وما هي المساعدات الإضافية التي يمكن طلبها من الولايات المتحدة. انضم خبراء من الولايات المتحدة، ومن كندا لهذه الاجتماعات كمراقبين اعتباراً من يوليه 1948.

بعد توقيع معاهدة بروكسل، حاصر الاتحاد السوفيتي برلين الغربية بدأً من 24 يونيه 1948 واستمر الحصار 323 يوماً، نظم الغرب خلالها جسر جوي لإمداد المدينة باحتياجاتها. أيقنت الدول الغربية بضرورة الإسراع في تنظيم الدفاع المشترك الغربي، والتعاون فيما بينهم لمواجهة التهديدات الأمنية، التي بدأت في الظهور.

ثالثاً: التغيرات التي طرأت في المجالات المختلفة على دول أوروبا الغربية وانعكاساتها على قضية الأمن الأوروبي:

تعرضت دول أوروبا الغربية، لعدة تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية، أثرت في تصورات هذه الدول لمفهوم الأمن الأوروبي، وكيفية تحقيقه، وكانت أهم التغيرات:

1. نمو الأحزاب اليسارية بصفة عامة، وتزايد نشاطها، مع التطور الذي لحق بمواقفها ومدى تبعيتها للاتحاد السوفيتي، والذي ظل يؤثر سلباً على مواقفها، من خلال الانتخابات العامة، أو من خلال تقييم الرأي العام لهذه الأحزاب، ونوعية نشاطاتها، الأمر الذي أدى إلى وصول العديد من الأحزاب الاشتراكية إلى الحكم في دول غرب أوروبا (ألمانيا الغربية، النمسا، الدانمارك، إيطاليا، بلجيكا)، هذا بجانب تزايد ثقل الأحزاب الشيوعية، في كثير من الدول الأوروبية الغربية، خاصة في كل من فرنسا وإيطاليا.

2. التغير الذي طرأ على مواقف الأحزاب اليسارية، إذ اتجهت إلى التعاون مع الأحزاب الشيوعية، بدلاً من التنافس، وهو ما أضر بموقف الأحزاب الديمقراطية.

3. الضغوط التي زاولتها نقابات العمال، في دول غرب أوروبا، على الحكومات القائمة، والتدخل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إلى الحد الذي كاد أن يعصف بالحكومات التي لم تستجيب لتلك الضغوط.

4. الإخفاق في التوصل إلى تسوية، فيما يتعلق بمشكلة برلين، الأمر الذي انعكس على الاستقرار والأمن الأوروبي بشكل عام.

وإزاء هذا الوضع اتجهت الولايات المتحدة، إلى تقوية نفوذها وسيطرتها على دول القارة الأوروبية، فاتجهت لتكوين اتحاد، يجمع شعوب دول غرب أوروبا، في اتحاد فيدرالي، وتقويته، بحيث يكون رادعاً للاتحاد السوفيتي، إذا حاول فرض نفوذه على الدول الأوروبية بالقوة. وفي نفس الوقت يساند الدول الأوروبية في مقاومتها ضد التغلغل الشيوعي، غير أن هذا الاتجاه لم يحقق النجاح المرجو منه، إذ لم تكن ظروف هذه الدول مهيأة لذلك.

5. مساعدات الدفاع المشترك (1949):

أقر الكونجرس الأمريكي، اتفاق للمساعدات العسكرية، بغرض زيادة فاعلية السياسة الخارجية الأمريكية، والدفاع عن البلاد، بإمداد الدول بالمساعدات العسكرية، تمت ادعاء المحافظة على السلام والأمن الدوليين.

6. اتفاق الأمن المشترك (1952):

بعد عامين من اتفاق مساعدات الدفاع المشترك (برنامج العون المتبادل)، كانت الظروف السياسية والاقتصادية، قد اختلفت في أوروبا. كان نجاح برنامج "مارشال" محدوداً، وكانت الحاجة للأسلحة والمعدات العسكرية، الأمريكية، تزداد في أوروبا الغربية، ولم يعد اتفاق المساعدات المشترك كافياً. كانت القوة العسكرية السوفيتية تزداد تضخماً، ويزداد التهديد السوفيتي لأوروبا الغربية، تبعاً لذلك.

بعد مناقشات عديدة في الكونجرس الأمريكي، وافق الكونجرس عام 1952 على "اتفاق الأمن المشترك" والذي بمقتضاه، تمنح حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، الدول الصديقة، مساعدات عسكرية واقتصادية، وفنية، شملت أوروبا الغربية، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا، بهدف "المحافظة على السلامة الدولية، وزيادة فاعلية السياسة الأمريكية، والنفوذ الأمريكي، في تلك المناطق". وقد أعلن أن ذلك الاتفاق من أجل "تقوية الأمن المشترك، والدفاع الفردي والجماعي، للعالم الحر. وتنمية موارد الدول، بما يمكنها من الاستقلال، واستقرار أمنها، وتحقيق الأهداف الوطنية الأمريكية، وتسهيل انضمام الدول لعضوية الأمم المتحدة، لتقوية الأمن الجماعي".

رابعاً: نشأة حلف شمال الأطلسي:

أحد أكبر الأحلاف العسكرية في التاريخ. ضم عند نشأته أثنى عشر دولة، أغلبها من دول أوروبا الغربية، ارتفعت إلى تسع وعشرين دولة في نهاية القرن العشرين. نشأت فكرة هذا الحلف عام 1929، بهدف تكتل الدول الديمقراطية، في مواجهة النظم الديكتاتورية، (الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية والشيوعية السوفيتية) إذ فشلت عصبة الأمم، في معالجة المشاكل الدولية، وقد أوقف تنفيذ فكرة قيام الحلف، نشوب الحرب العالمية الثانية.

بدء التفكير في إنشاء الحلف اثر نشر كتابين في الولايات المتحدة، أحدثا ضجة كبيرة، وكان لهما أثر قوي في الرأي العام الأمريكي. الكتاب الأول بعنوان "الاتحاد في الحال"، ألفه "كلارنس ستريت"، سنة 1939.

وكان من رأيه، الذي ضمنه الكتاب، أن نظام عصبة الأمم مصيره إلى الفشل، وأنه لا بد أن يحل محلها في الحال اتحاد بين الدول الديموقراطية، الخمس عشرة، التي تربط بينها العوامل الجغرافية والتاريخية والمدنية القائمة على مبادئ الديموقراطية وحرية الفرد، وتربطهم كذلك حالة السلام السائدة بينهم منذ أكثر من قرن. تلك الدول، التي نادى بها كلارنس باتحادها في الحال، هي: الولايات المتحدة، كندا، بريطانيا، أيرلندا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، السويد، النرويج، الدانمارك، فنلندا، سويسرا، استراليا، نيوزيلندا، اتحاد جنوب أفريقيا.

وأوضح كلارنس، أن هذا الاتحاد ستمثل فيه أكبر قوى العالم، إذ يضم 300 مليون نسمة، وأن هدفه ليس مهاجمة الديكتاتورية، بل الدفاع ضد أي اعتداء يأتي من خارج هذه الدول. قامت على أثر ذلك، عدة جمعيات، في مختلف المدن الأمريكية، سميت "جمعيات الاتحاديين"، وأنشئت لها مجلات شهرية، تحت عنوان "الاتحاد في الحال"، وكلها تروج لتنفيذ فكرة كلارنس، وتنادي باتحاد ديموقراطيات.

لم تتاح الفرصة لتنفيذ هذه الفكرة، إذ أعلن هتلر الحرب، في أول سبتمبر سنة 1939، فاحتجبت الفكرة، إلى أن بعثت مرة أخرى، على يد الكاتب الثاني والتر ليبمان "Walter Lippmann" خلال الحرب العالمية الثانية.

نشر ليبمان كتابه، تحت عنوان "السياسة الخارجية للولايات المتحدة" عام 1943، وقد أوضح فيه العلاقة الوثيقة التي تربط الشعوب الواقعة حول المحيط الأطلسي، لا سيما إنجلترا والولايات المتحدة، وهما محور تلك الكتلة. وكان من رأيه، أن المحيط لا يمثل عائق أمام تلك الدول، ولكنه مسطح مائي متسع، على ضفافه عائلة دولية، مرتبطة منذ كشف أمريكا، بروابط تاريخية وجغرافية، وهي راغبة في تنمية هذه الروابط.

كان للكتابين أثر كبير في توجيه الرأي العام الأمريكي، نحو فكرة التكتل مع الدول الديموقراطية في أوروبا، والتخلي عن سياسة العزلة، التي أسسها الرئيس الأمريكي "جيمس مونرو ـ "James Monroe ، وتبعه فيها من تلاه من الرؤساء.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد قيام هيئة الأمم المتحدة، وظهور الاتحاد السوفيتي كقوة كبرى، تسعى إلى فرض نفوذها خارج حدودها، عادت الفكرة تتجسد مرة أخرى من أجل تضافر جهود دول أوروبا الغربية، لإنشاء دفاع جماعي عن نفسها، ضد أي عدوان شيوعي محتمل، خاصة بعد أن استولى الشيوعيون، على مقاليد الحكم في تشيكوسلوفاكيا، وإنشاء الكومنفورم، وبعد أن زاد التوتر بين الكتلتين الغربية والشرقية، ووضح عجز هيئة الأمم المتحدة، عن وقف الصراع بين الكتلتين.

شعرت الدول بمدى الخطر الذي يتهددها، وضعف قدراتها العسكرية إزاء القوة السوفيتية الهائلة، على حدودها الشرقية وكان ذلك من أسباب توقيع الدول الخمس لاتفاقية بروكسل في 17 مارس 1948. وفي نفس اليوم صرح الرئيس الأمريكي هاري ترومان بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستدعم الأمم الحرة، وتقدم لها المساعدة التي تطلبها.

خامساً: التوقيع على معاهدة إنشاء حلف شمال الأطلسي:

شهدت المرحلة النهائية للحرب العالمية الثانية ـ بعد استسلام ألمانيا النازية وقبل القصف الذري لمدينة "هيروشيما ـHiroshima" في اليابان في 6 أغسطس 1946 ـ اجتماع مندوبي خمسين دولة ليوقعوا ميثاق الأمم المتحدة في "سان فرانسيسكو ـSan Francisco" في 26 يونيه 1945، والذي شكل أملاً للعالم، بإمكان المحافظة على السلام.

لم تكد تمر أربع سنوات على ذلك، حتى وجدت دول أوروبا الغربية نفسها، معرضة للتهديد، الذي كانت طبيعته تحتاج إلى إجراءات حماية، غير واردة في ميثاق الأمم المتحدة، الذي يعطي الحق لأي دولة، بمفردها أو في إطار مشترك، بالدفاع عن نفسها ضد أي هجوم مسلح

اتجه الأوروبيون الغربيون إلى الولايات المتحدة وكندا، للبحث عن إمكانية تحقيق الأمن المتبادل، وفي 4 أبريل 1949 وقعت اثنتي عشرة دولة، على معاهدة حلف شمال الأطلسي.

تأسس حلف الأطلسي في إطار المادة "51" من ميثاق الأمم المتحدة، التي تبيح للدولة الحق في الدفاع عن نفسها، منفردة أو بالتعاون مع دول أخرى. وذلك نتيجة لعجز الأمم المتحدة عن إرساء قواعد بناء لنظام أمن جماعي دولي، وذلك على ضوء الانقسام الإيديولوجي بين القوى الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وبروز المعسكرين الغربي والشرقي. (أُنظر ملحق نص المادة الرقم (51) من ميثاق الأمم المتحدة والتي أنشئ حلف شمال الأطلسي في إطارها)

بدأت الاتصالات في 6 يوليه سنة 1948، بين دول غرب أوروبا ثم توالى دخولها في الحلف الجديد تباعاً، وفي يوم 18 مارس 1949 أعلنت نصوص الميثاق الجديد، وحدد ميعاد التوقيع في أبريل سنة 1949 في واشنطن.

مارس الاتحاد السوفيتي الضغط على الدول الإثنى عشر التي أعلنت عن مشاركتها في الحلف، مقدماً مذكرة لكل منهم، توصف إقدامها على المشاركة في الحلف بالعدوانية. وعلى الرغم من ذلك، فقد وقعت تلك الدول اتفاقية حلف شمال الأطلسي في 4 أبريل 1949، في واشنطن، وصدقت عليها المجالس النيابية للدول الموقعة، خلال الخمسة أشهر التالية للتوقيع('صدقت المجالس النيابية، لتلك الدول على الميثاق، والذي أصبح نافذ المفعول اعتباراً من 24 أغسطس 1949. وهذه الدول هي: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، إنجلترا، فرنسا، إيطاليا، النرويج، الدانمارك، إيسلندا، البرتغال، بلجيكا، هولندا، لوكسمبرج. وكانت أولى نتائج ذلك التحالف، إنهاء الاتحاد السوفيتي حصاره لبرلين، في 9 مايو 1949 (أي أقل من شهر).

تدريجياً، بعد ذلك، انضمت أربع دول أخرى إلى الدول المؤسسة، ليرتفع عدد الأعضاء إلى "16" عضواً، ففي سبتمبر 1951 تم دعوة اليونان وتركيا للانضمام للحلف، وقد انضمتا رسمياً في 18 أبريل 1952. كما دعيت جمهورية ألمانيا الاتحادية (الغربية)، للانضمام للحلف، عقب التوقيع على اتفاقية باريس في أكتوبر 1954، غير أنها لم تصبح عضواً بصفة رسمية إلا في 9 مايو 1955. (أُنظر خريطة دول الناتو أبريل 1949)

في 10 ديسمبر 1981 وقع بروتوكول انضمام أسبانيا للحلف، وعقب تصديق المجالس النيابية لجميع دول الحلف، أصبحت أسبانيا عضوا بصفة رسمية اعتباراً من 30 مايو 1982.

سادساً: ميثاق حلف شمال الأطلسي: (أُنظر ملحق ميثاق حلف شمال الأطلسي The North Atlantic Treaty) و(ملحق الترجمة العربية لاتفاقية حلف شمال الأطلسي)

بدأت مقدمة الميثاق، بتأكيد الدول الموقعة عليه، إيمانهم بميثاق الأمم المتحدة، ومبادئه، ورغبتهم في الحياة في سلام، مع الشعوب والحكومات الأخرى، وأكدوا كذلك إصرارهم على حفظ حرية شعوبهم وحضارتهم، القائمة على مبادئ الديموقراطية وحرية الفرد وسيادة القانون، ولذلك فإنهم قد قرروا توحيد جهودهم، للدفاع المشترك، وللمحافظة على الأمن والسلام.

كان من المهم أن يطمئن الآخرين (الدول خارج الحلف)، على أمنهم الخاص، لذلك، ذكرت المقدمة، تأكيد دول الحلف، بأنه "حلف دفاعي بحت، ليس الغرض منه العدوان على أحد، وأنه غير موجه ضد أحد بصفة خاصة".

من وجهة أخرى، اشترط لعضوية الحلف، توفر نظام ديموقراطي في الدول الأعضاء، قوامه سلطة الدستور، وتعدد الأحزاب، وحرية الفرد، وفيما يلي أهم مواد الميثاق:

1. المادة الأولى:

نصت على تعهد الدول الأعضاء، بفض المنازعات بالطرق السلمية، وتجنب التهديد أو استعمال القوة، في علاقاتهم الدولية، وهو ما يطابق ميثاق الأمم المتحدة.

2. المادة الثانية:

نصت على تعهد الدول الأعضاء، بالعمل على توثيق علاقاتهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك لدعم التعاون بين الدول، لتستطيع التصدي للتيار الشيوعي. كما يتعهدوا بالعمل، على استقرار الأحوال الداخلية، في بلادهم، ونشر الرفاهية بها.

3. المادة الثالثة:

نصت على إقرار مبدأ التعاون المتبادل، لتقوية إمكانيات الدول الأعضاء الفردية، والجماعية، في صد أي اعتداء مسلح، يقع عليها.

4. المادة الرابعة:

نصت على إقرار مبدأ التشاور فيما بين الأطراف الموقعة على الميثاق، في حالة حدوث تهديد لسلامة أراضي إحداها، أو تهديد استقلالها السياسي، أو أمنها.

5. المادتان الخامسة والسادسة:

تشير إلى إقرار مبدأ الضمان المتبادل، ونصتا على أن أي اعتداء مسلح على إحدى الدول الأعضاء، يعتبر اعتداء مسلح على باقي الدول كذلك، ويجب المبادرة بمباشرة حق الدفاع الشرعي، الفردي والجماعي، وفقاً للمادة 51 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة.

سابعاً: مبادئ وأهداف الحلف:

من مواد الميثاق، استنبطت مبادئ الحلف وأهدافه، والتي روعيّ أن تتمشى مع مبادئ وأهداف الأمم المتحدة كذلك:

1. مبادئ الحلف:

أ. تسوية جميع المنازعات الدولية بالطرق السلمية.

ب. الامتناع عن التهديد أو استعمال القوة بطريقة لا تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة.

ج. التعاون المتبادل بين دول الحلف في كل المجالات.

د. ألا تؤثر المعاهدة على حقوق الأطراف والتزاماتها، المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

هـ. عدم الدخول في اتفاقيات تتعارض مع هذه المعاهدة.

و ـ التشاور مع الأعضاء فيما يتعلق بمسائل الأمن.

2. أهداف الحلف:

يتضمن ميثاق الحلف مجموعة من الأهداف التي تعكس الأسباب الحقيقية التي أنشئ من أجلها، وأبرزها الآتي:

أ. العمل على توثيق العلاقات الدولية السلمية والودية.

ب. العمل على استقرار ورفاهية دول الحلف.

ج. العمل على تحقيق التعاون فيما بين الأعضاء.

د. توحيد الجهود للدفاع المشترك، والمحافظة على السلم والأمن الدوليين.

هـ. العمل على مقاومة أي هجوم مسلح بشكل فردى أو جماعي، وبكل وسيلة ممكنة، من وسائل الاستعداد الخاص والتعاون المشترك.

3. نقاط هامة في ميثاق الحلف (النقاط التنظيمية):

أ. النطاق الجغرافي للحلف:

تعتبر أوروبا بشكل عام، وأوروبا الغربية بشكل خاص، نطاق عمل الحلف. إضافة إلى شمال المحيط الأطلسي، أمريكا الشمالية (كندا، الولايات المتحدة) كذلك، من المنظور التالي:

(1) الأراضي التابعة للدول أعضاء الحلف في أوروبا.

(2) الأراضي التابعة للدول أعضاء الحلف في أمريكا الشمالية.

(3) القوات التابعة لدول الحلف، في أي منطقة شمال المحيط الأطلسي، شمال مدار السرطان، أي السفن والطائرات التابعة لدول الحلف في هذه المنطقة.

ب. يتفق الأعضاء، على أن أي هجوم مسلح، ضد دولة أو أكثر منهم، في أوروبا أو أمريكا الشمالية، سوف يعتبر هجوماً مسلحاً، عليهم جميعاً.

ج. من الممكن لأي دولة الانسحاب من المعاهدة. (غير أنه لم تنسحب دولة واحدة منه منذ إنشائه حتى الآن وقد علقت فرنسا مشاركتها، لكنها لم تنسحب).

د. لا يؤثر الانضمام للحلف، على سيادة واستقلال أي من الدول المشاركة فيه، كما أنه ليس للحلف آلية إجبارية ملزمة لحكومات أعضائه.

4. عضوية الحلف:

تضع المادة العاشرة من الميثاق، شروط ومواصفات، لا بد من تحقيقها، عند تقدم دولة جديدة لعضوية الحلف. وهي مبدئياً تفرق بين الدول المؤسسة الأثنى عشر، والتي وقعت الميثاق في 4 أبريل 1949، وتلك الجديدة التي ترغب في الانضمام إليه، وتشير المادة العاشرة من الميثاق، إلى شروط خمسة وهي:

أ. موافقة الأعضاء الأصليين بإجماع الآراء.

ب. أن تكون الدولة الجديدة أوروبية.

ج. أن تكون الدولة الجديدة في مركز يساعد على تعزيز مبادئ معاهدة الحلف، أي مبادئ الديموقراطية، وحرية الفرد، وسلطة القانون، كما جاء في مقدمة الميثاق.

د. أن تكون الدولة المراد ضمها (بدعوتها للانضمام) في مركز يمكنها من المساعدة، على تعزيز المحافظة على السلام، في منطقة شمال الأطلسي.

هـ. الشرط الخامس يتعلق بالإجراءات القانونية التي أضيفت بعد إبرام المعاهدة.

فيما بعد، أصبحت المادة العاشرة، الخاصة بالعضوية الجديدة للحلف، عائقاً، أمام كثير من الدول، رغبت في الانضمام للحلف. فالشرط الثاني منها، ينص على أن تكون تلك الدولة الجديدة الراغبة في العضوية، دولة أوروبية، وهو ما أغلق الباب أمام الدول الأمريكية الأخرى، لتبقى كندا والولايات المتحدة الأمريكية، الدولتان الأمريكيتان الوحيدتان بالحلف. ولاشك أن السياسة الأمريكية، كانت وراء هذا الشرط، إذ كان يربطها بدول أمريكا الجنوبية معاهدة دفاع مشترك (معاهدة ريو)، ولم تكن راغبة في وجود نفوذ لدول أخرى، في فناءها الخلفي، حتى لو كانت دولة حليفة.

كذلك، فإن دولتي تركيا واليونان، حاولتا الانضمام إلى الحلف منذ عام 1950، إلا أن النرويج والدانمارك عارضتا انضمامهما، بمقتضى الشرط الأول للمادة العاشرة، وذلك استناداً إلى:

أ. الدولتان، من دول البحر المتوسط، وليس لهما صلة بالمحيط الأطلسي.

ب. الموقف الاستراتيجي للدولتان، لا يساعد على تعزيز المحافظة على السلم والأمن (الشرط الرابع)، فكلتا الدولتان لديها حدود مشتركة مع الاتحاد السوفيتي مباشرة (تركيا) أو دول شيوعية، وهو ما يجعل الحلف في مواجهة مباشرة مع الدول الشيوعية.

ج. يمكن المحافظة على سلامة الدولتين، بإنشاء حلف لدول البحر المتوسط، أو بتكتل لهما مع يوغسلافيا، أو بمعاهدات ثنائية مع الولايات المتحدة.

وقد أمكن في فبراير 1952، اشتراك الدولتان في عضوية الحلف، ووضعت قواتهما البرية والجوية، تحت قيادة الحلف العسكري. (أُنظر ملحق بروتوكول ملحق باتفاقية شمال الأطلسي بخصوص انضمام كل من اليونان وتركيا الموقع في لندن في 22 أكتوبر 1951).

تصدت فرنسا لمحاولة أخرى لانضمام دولة جديدة، إذ رغبت الولايات المتحدة، في انضمام ألمانيا الغربية إلى الحلف، وكانت فرنسا ترى خطورة ذلك استناداً إلى:

أ. ألمانيا الغربية دولة غير محيطية، أي لا تطل على المحيط الأطلسي مباشرة، وإنما من خلال سواحلها على بحر الشمال.

ب. تتخوف فرنسا من بعث ألمانيا الموحدة مرة أخرى في المستقبل، وسياستها دائماً هجومية توسعية، تعتمد على نظرية المجال الحيوي، وهو ما جعلها تُقْدِمْ على بدء حربين عالميتين، في أقل من أربعة عقود، وكانت فرنسا أكثر الدول تأثراً بويلاتهما.

ج. عضوية ألمانيا الغربية في الحلف، سيعطيها حرية كافية لزيادة قدراتها العسكرية، مما قد يهدد سلام دول غرب أوروبا.

د. رفض الاتحاد السوفيتي لتوحيد الألمانيتين، سينعكس على الحلف، الذي يرغب في توحيدهما، في إطار النظم الديموقراطية.

هـ. قبول ألمانيا الغربية، عضوه بالحلف، في ذلك الوقت (بداية الخمسينيات)، قد يعجل بالحرب، والحلف لم يستعد بعد.

رغم الاعتراضات الفرنسية، فقد تمكنت الولايات المتحدة، من ضم ألمانيا الغربية إلى الحلف في 5 مايو 1955، حيث رأت، وكذلك معظم أعضاء الحلف، أهمية موقع ألمانيا الغربية، عند قيام حرب مع الكتلة الشرقية، وكذلك أهمية إمكانياتها التصنيعية والبشرية. (أُنظر ملحق بروتوكول ملحق باتفاقية شمال الأطلسي بخصوص انضمام جمهورية ألمانيا الاتحادية الموقع في باريس في 23 أكتوبر 1954).

بالمثل، فقد قبلت عضوية أسبانيا، في 10 ديسمبر 1981، في الحلف، وأصبحت عضويتها سارية، بصفة رسمية، اعتباراً من 30 مايو 1982، بعد إيداع الوثائق الرسمية اللازمة لذلك، بالإدارة المختصة، وإعلان الأعضاء بها. (أُنظر ملحق بروتوكول ملحق باتفاقية شمال الأطلسي بخصوص انضمام أسبانيا الموقع في بروكسل في 10 ديسمبر 1981).
أرسل ونستون تشرشل ` Winston Charchill` ، رئيس وزراء بريطانيا، في نهاية الحرب العالمية الثانية (12 مايو 1945)، برقية إلى الرئيس الأمريكي هاري ترومان، بهذا المضمون، مبدياً تخوفه من عدم قدرة بريطانيا والولايات المتحدة وكندا من التصدي للاتحاد السوفيتي. وقد أطلق تعبير `الستار الحديدي` في خطابه في فلتون Fulton في ميسوري بالولايات المتحدة، في 16 مارس 1946.

كان النظام العالمي ذو قطبية ثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وكلاهما له صلاحية الاعتراض في مجلس الأمن ( Veto)، وهو ما يمكن أي منهما الاعتراض على مشروعات القرارات التي تدينه أو تدين الدول المتحالفة معه، مما أفقد الأمم المتحدة فاعليتها مبكراً، وأصبح الصراع في قمة النظام العالمي هو الذي يحرك الأحداث، ويحكم العلاقات الدولية.

واقعياً، يعتبر مؤتمر وزراء الخارجية في موسكو (مارس 1947) نهاية التعاون بين الاتحاد السوفيتي والغرب، والذي كان قد بدأ أثناء الحرب العالمية الثانية، ونما خلالها لأقصى حد سياسياً، وعسكرياً.

دول، تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 390 ألف ميل مربع، يقطنها 90 مليون نسمة، وهي: ألبانيا وبلغاريا ورومانيا، وبولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا، وألمانيا الشرقية.

كانت الأحزاب الشيوعية، المدعومة من الاتحاد السوفيتي في كل من إيطاليا وفرنسا، من القوة بحيث كادت أن تصل إلى الحكم، وتسيطر على البلاد، لولا التدخل الأمريكي السياسي، والدعم المادي للأحزاب الأخرى.

اقترح ترومان إعادة تنظيم اقتصاد اليونان، ومعاونة الحكومة في السيطرة على أقاليمها الداخلية، أما تركيا، فقد كان يرى إعدادها كقاعدة عسكرية، يمكن منها مهاجمة الاتحاد السوفيتي، إضافة إلى قدرتها على الدفاع عن نفسها.

الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والاتحاد السوفيتي.

عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة `العدوان`، في قرارها الرقم 3314، الصادر في 14 ديسمبر 1974، المادة الأولى بأنه `استعمال القوة المسلحة، من قبل دولة، ضد سيادة دولة أخرى، وضد سلامة أراضيها أو استقلالها السياسي، أو كل وسيلة أخرى تتعارض وميثاق الأمم المتحدة.

نص البند السابع من معاهدة بروكسل على أن: أياً من الدول المتعاهدة في حالة تعرضها للعدوان المسلح في أوروبا، فإن على باقي الدول الموقعة على المعاهدة أن تقاوم القوى المهاجمة بكل إمكانياتها العسكرية، بالإضافة للمساعدات الأخرى، وقد حددت مدة المعاهدة `50 عاما`. وتعتبر تلك المعاهدة النواة التي نتج عنها اتفاق حلف شمال الأطلسي فيما بعد.

في 6 يوليه 1948، بدأت محادثات بين دول معاهدة بروكسل، والولايات المتحدة، وكندا، لبحث إنشاء نظام دفاعي في شمال الأطلسي، أسفرت عن اتفاق وزراء الدفاع على إقامة منظمة دفاعية للدول الغربية، في اجتماعهم يوميّ 27، 28 سبتمبر 1948.

مصطلح سياسي، يطلق على دول أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، والذي تعتبرهما الولايات المتحدة، في نطاق أمنها الداخلي، ولا يحق لأحد التدخل في تلك المنطقة سواها.

كان القائد العام لقوات الحلف في ذلك الوقت، الجنرال داويت أيزنهاور، الرئيس الأمريكي فيما بعد.

هيثم الفقى
10-06-2010, 11:35 AM
المبحث الثالث

التطوير لمواجهة نمو القوة السوفيتية، وكذا تغير السياسة الخاصة للاتحاد السوفيتي(1952 ـ 1967)

استطاع الاتحاد السوفيتي، أن يوطد علاقاته الخارجية مع العديد من الدول الصغرى ودول العالم الثالث، وجاهرت عدة دول بتحولها إلى النظام الشيوعي، بينما حرصت دول أخرى على اتباعه دون إعلان، أو تحت مسميات أخرى. كذلك فإن الاتحاد السوفيتي فاجأ الغرب بانتزاعه المقدمة، في عدة مجالات علمية وعسكرية، وسياسية أحياناً، وهو ما كان ينذر الغرب بالخطر، لفقده مصداقيته، وضعفه عن مواجهة السوفيت، الذين كانوا يحتفظون بحجم كبير من القوات، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

أولاً: تطوير الهيكل التنظيمي للحلف، لمواجهة المتغيرات الجديدة:

1. السكرتارية الدائمة للحلف: (أُنظر شكل السكرتارية العامة للحلف):

وُسّعَتْ السكرتارية الدائمة للحلف، لتشمل إدارات عديدة، حتى يمكنها مواجهة أي متغير جديد (هيئة الأركان الدوليةNATO International Staff "NIS" ). وأصبحت مهمتها، التحضير والتنظيم لأعمال مجلس الحلف، وقد أصبح لكل دولة عضو بالحلف، عضو بالسكرتارية الدائمة، وهؤلاء الأعضاء، موظفون مدنيون، ذو صفة دولية. وهم مسؤولون أمام السكرتير العام. بعضهم يلحق للعمل بالحلف فترات محدودة، إعارة من حكوماتهم، والبعض الآخر يعين مباشرة بواسطة الحلف، حسب مؤهلاتهم وتخصصاتهم، التي يحتاجها العمل:

أ. السكرتير العام: "Secretary General"

(1) المسؤول عن إصدار القرارات، وتقديم المشورة، ويرأس مجلس شمال الأطلسي على مستوى المندوبين (السفراء)، ولجنة تخطيط الدفاع، ومجموعة التخطيط، وإدارة هيئة الأركان الدولية، وهو المتحدث باسم الحلف.

(2) يعين نائب للسكرتير العام "Deputy Secretary General"، ينوب عنه في حالة غيابه، ويرأس لجنة الحد من الأسلحة التقليدية، ولجنة الدفاع للناتو.

(3) يتبع السكرتير العام، مكتب سكرتارية يضم سكرتارية تنفيذية، وهيئة للصحافة، ومكتب الأمن، ومستشاراً للشؤون القانونية.

ب. الأقسام الخمسة المعاونة للسكرتير العام: (أُنظر شكل الأقسام المعاونة للسكرتير العام)

خمسة أقسام، يرأس كل منها نائب أو مساعد للسكرتير العام، يختص بمعالجة وتناول القضايا في مجال تخصصه وهي:

(1) قسم الشؤون السياسي:

ويتكون من ثلاث إدارات (سياسية، اقتصادية، إعلامية).

(2) قسم التخطيط، والسياسة الدفاعية:

ويتكون من إدارتين (إدارة تخطيط وسياسة القوات، إدارة التخطيط النووي).

(3) قسم الدعم الدفاعي:

وهو المسؤول عن بحوث التسليح والتطوير والإنتاج ويتكون من أربع إدارات (التسليح وبحوث الدفاع ـ قيادة ومراقبة واتصال ـ دفاع جوي ـ تخطيط التعاون وتوحيد المعايير).

(4) قسم البنية الأساسية والإدارية، والتخطيط لحالات الطوارئ المدنية:

ويتكون من ثلاث إدارات (بنية أساسية ـ إمداد إداري ـ التخطيط لحالات الطوارئ المدنية).

(5) قسم الشؤون العلمية والبيئة:

وهذا القسم مسؤول عن تقديم المشورة في القضايا العلمية والتقنية وشؤون البيئة.

2. اللجان والمؤسسات المختلفة للحلف:

استمرت اللجان المنشأة في أعمالها، وكان معظمها قد أنشئ في المرحلة الأولى، بتوسع، لتشمل معظم الأنشطة المحتمل أن يعمل فيها الحلف، وكان أهمها:

أ. اللجان العليا للحلف:

وهي لجان متخصصة، مهمتها وضع إطار السياسات التي يقرها مجلس الحلف، ولجنة التخطيط الدفاعي، وعددها 19 لجنة رئيسية، ينبثق منها عدد كبير من اللجان الفرعية في كافة المجالات والأنشطة. وأهم تلك اللجان:

لجنة تخطيط الدفاع ـ مجموعة التخطيط الفوري ـ اللجنة السياسية ـ لجنة العمليات والتدريب.

ب. المؤسسات المدنية التابعة للحلف:

أنشأ الحلف، بناء على توصية لجانه العليا، عدة مؤسسات، ذات أنشطة مختلفة، تبعاً لحاجة الحلف، وهي مدنية الصبغة.

3. مؤتمر لشبونة (25 فبراير 1952):

كان على رأس الموضوعات التي بحثها مجلس الحلف في مؤتمر لشبونة، التقرير المقدم من لجنة الطوارئ، عن التحليل التفصيلي للقدرات الدفاعية لدول الحلف، وقد وافق المجلس على الهدف النهائي لحجم القوة المقترح بواسطة لجنة الطوارئ (TCC)، الذي يهدف إلى توفير"50 فرقة، 4000 طائرة قتال، قوات بحرية قوية" وذلك بنهاية عام 1952. وكانت لجنة الطوارئ قد قدرت، أن الفترة الانتقالية لذلك، تمتد حتى عام 1953-1954.

عقد اجتماع آخر لمجلس الحلف، على المستوى الوزاري في باريس في مايو 1952، حيث رحب المجلس فيه رسمياً بانضمام كل من اليونان وتركيا، اللتين قامتا بالتوقيع على اتفاقية الحلف ثم التصديق عليها.

4. إنشاء قيادات عسكرية للحلف جديدة:

شهد عام 1952 تطوير الهيكل العسكري للحلف، بإضافة قيادتين جديدتين، هما: قيادة التحالف في الأطلسي Allied Command Atlantic (ACLANT)، في نورفولك بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة في يناير 1952، وقيادة التحالف في القنال (الإنجليزي) Allied Command Channel (ACCHAN) "ببورت سموث" في المملكة المتحدة في 21 فبراير 1952.

في الاجتماع الوزاري الذي عقد في باريس من 15ـ 18 ديسمبر 1952، قدم السكرتير العام، أول تقرير له عن مدى التقدم في أعمال الناتو. وطالبه المجلس بمزيد من الدراسة الاقتصادية. كما قدمت اللجنة العسكرية كذلك، تقريراً عن مدى التقدم الذي تحقق، وخاصة في مجال التدريب، ومدى فاعلية القوات التي تحددت للقيادة العامة، وكذلك ما تم في مجال توحيد النظم والعقائد العسكرية لقوات الحلف. كان هذا الاجتماع، فرصة انتهزها المجلس ليتخذ أول قرار في موقف دولي، خارج حدود مسؤولية الحلف، حيث أعلن أن الحرب الدائرة في الهند الصينية، التي تواجهها فرنسا، يجب أن تقدم لها المعونة من دول الحلف.

أما الاجتماعين الوزاريين، اللذين عقدا في عام 1953، فقد اعتمد المجلس فيهما خططاً دفاعية بعيدة المدى، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات لتحسين نوعية قوات الناتو، وهو ما دفع إلى عمل خطة للمشاركة في النفقات مدتها " 3 " سنوات، لمتطلبات البنية الأساسية للحلف.

ثانياً: المتغيرات المؤثرة على الحلف:

بعد أن توصل الحلف لأهمية انضمام ألمانيا الغربية إليه، وتسليحها، عمل على تنفيذ ما سبق إقراره بانضمامها، حتى يمكنه الاستفادة من المميزات التي تضيفها الدولة الألمانية على الحلف، من عمق دفاعي، وقوة مضافة، إضافة إلى حرمان الاتحاد السوفيتي من محاولة ضمها إليه تحت إغراء اتحاد شطري ألمانيا، وهي أحد المخاوف البعيدة، التي عان منها الحلف كثيراً، في تحسبه لكل الاحتمالات. كذلك كانت الأوضاع والمتغيرات في الجانب الآخر (الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية) موضع رقابة ونقاش في الحلف (وقد تضمنت الفترة من 1952 إلى 1956 عدة متغيرات في الجانب الشرقي).

1. انضمام ألمانيا الغربية للحلف:

كان الجهد الرئيسي للحلف خلال عام 1954، هو الانتهاء من انضمام ألمانيا الغربية للحلف، وقد تمت الموافقة على ذلك بالمؤتمر الذي عقد في لشبونة في 29 أغسطس 1954، غير أن فرنسا رفضت توسيع الحلف، واقترحت إقامة نظام دفاعي أوروبي، إلا أنه أمكن بعد جهود مضنيه وضغط أمريكي التوصل لحل بديل، ومن ثم عقد مؤتمر في لندن في 28 سبتمبر 1954، على مستوى وزراء الخارجية، حيث توصلوا لصياغة سلسلة من القرارات لكل ما يتعلق بقدرات الناتو، كما سجلوا وجهات نظر حكومات دول الحلف التي أشارت إلى أن: معاهدة حلف شمال الأطلسي يجب أن تعتبر مستديمة غير محدودة المدة.

وقع في باريس يوم 23 أكتوبر اتفاقية، ترحب بانضمام ألمانيا الغربية إلى الحلف، مع توقع عدم التوصل إلى اتفاقية قريبة مع الاتحاد السوفيتي، تتعلق بتسوية تهدف إلى سلام نهائي.

نظمت الاتفاقيات، العلاقات بين الدول الأعضاء في الناتو وبين ألمانيا الغربية، حيث أدمجتها في إطار التحالف الغربي، كما شملت كذلك ضمانات تتعلق بمستويات القوة والتسلح الأوروبي، وقد شملت اتفاقيات باريس عدة عناصر هامة، كان أبرزها:

أ. إنهاء الاحتلال الأمريكي/ البريطاني/ الفرنسي، لألمانيا الغربية، واعتبارها دولة ذات سيادة، ونقل مسؤولية القوات المحتلة بها لتكون في إطار اتفاقيات حلف الناتو. وإعادة تسليح ألمانيا الغربية، والسماح لها بتعبئة قوات في حدود نصف مليون جندي، وبناء 1350 طائرة، وبعض الوحدات البحرية الصغيرة، تحت قيادة حلف شمال الأطلسي، مقابل تعهد كونراد أديناور، المستشار الألماني، بعدم استخدام القوات الألمانية، التي سمح بتعبئتها، لتوحيد شطري ألمانيا بالقوة.

ب. موافقة كل من ألمانيا الغربية وإيطاليا على معاهدة بروكسل، وتحول الاتحاد الغربي ليكوّن اتحاد أوروبا الغربية (WEU)، وأصبح هناك تعاون وثيق بين اتحاد أوروبا الغربية وحلف الناتو.

ج. دعوة ألمانيا الغربية للانضمام إلى الناتو، لتساهم بجيشها الوطني في إيجاد توازن عسكري مع الشرق وانضمامها إلى اتحاد أوروبا الغربية كذلك.

د. موافقة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة (والأخيرة بواسطة احتياطيات معينة في الظروف الاضطرارية، أو عند وجود مصاعب في التمويل) على توفير القوات اللازمة لأوروبا عند الضرورة، على أن يتم إنشاء تشكيل موحد يتبع القائد العام للتحالف في أوروبا، ويتمركز في نطاق مسؤولية قيادته.

أصبح انضمام ألمانيا الغربية إلى حلف الناتو ساري المفعول اعتباراً من 5 مايو 1955. وبعد يومين أدان الاتحاد السوفيتي الاتفاقيات، وفي 14 مايو 1955 أعلن إنشاء حلف وارسو، من دول أوروبا الشرقية التي تدور في فلكه، رداً على اتفاقيات باريس.

وفي اليوم التالي (15 مايو 1955) تم توقيع اتفاقية مع النمسا، والتي بموجبها تم إنهاء الاحتلال الرباعي لها (الولايات المتحدة/ الاتحاد السوفيتي/ بريطانيا/ فرنسا ). وقد قامت فرنسا بمحاولة لحل مشكلة انضمام ألمانيا للحلف، إذ دعت لعقد اجتماع في جنيف على مستوى رؤساء حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي في المدة من 18 ـ 21 يوليه 1955، تم الإعداد له بواسطة وزراء الخارجية. غير أن الاجتماع فشل وانتهى دون التوصل لاتفاق، وكلف رؤساء الحكومات وزراء خارجيتهم بمواصلة دراسة المشكلات المثارة.

عقد مجلس الحلف (على المستوى الوزاري) لمناقشة مقترحات وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، قبل انعقاد مؤتمر جنيف مرة ثانية في 27 أكتوبر 1955. كان المقترح وضع مسألة توحيد ألمانيا ضمن جدول أعمال المباحثات، مع استمرارها ضمن التحالف الغربى، الأمر الذي رفضه الاتحاد السوفيتي، وبذلك لم يتوصل وزراء الخارجية إلى أية نتائج.

في الاجتماع الوزاري لمجلس الحلف، في ديسمبر 1955 أعلن المجلس أن النتائج السلبية لاجتماعات جنيف، لم تنجح في التوصل إلى اتفاق بشأن توحيد ألمانيا، لذلك دعيّ المجلس إلى مشاورات أخرى، داخل الناتو، لمسألتي توحيد ألمانيا، وبرلين.

2. المتغيرات في الاتحاد السوفيتي:

أ. كانت أولى المتغيرات هي وفاة الرئيس السوفيتي جوزيف ستالين، يوم 5 مارس 1953. وبدا وقتها أن القيادة الجديدة، يمكن التفاهم معها في نقاط الخلاف، حول السلام والأمن في أوروبا، ومستقبل ألمانيا، حيث كان الزعيم الجديد نيكيتا خروشوف Nikita Khrushchev ينتقد، في تصريحات غير معلنة، سياسة ستالين وأسلوب حكمه للبلاد.

ب. فجر السوفيت مباغتة هائلة بتوصلهم إلى القنبلة الهيدروجينية، والتي نجحوا في تجربتهم لها وأعلنوا ذلك، في 8 أغسطس 1953. وقد قوى ذلك من موقفهم إزاء حلف الأطلسي، إذ أصبحت القوة النووية، التي يعتمد الحلف على تفوقه فيها، في طريقها للتعادل، وقد يتفوق الروس فيها.

ج. ضم السوفيت قوات دول أوروبا الشرقية المسلحة، إلى قواتهم، في حلف وارسو، رداً على ضم حلف الناتو لألمانيا الغربية. وقد أعطى حلف وارسو مميزات عدة للاتحاد السوفيتي، فاقت ما حصل عليه حلف الناتو من انضمام ألمانيا الغربية، إذ أصبح للاتحاد السوفيتي عمق دفاعي على جبهة عريضة، كذلك أضاف إلى قوته الهائلة، عدة مئات الألوف من الأفراد العسكريين المدربين جيداً، ويوضع في الاعتبار، أن دول أوروبا الشرقية هي في معظمها دول صناعية، خاصة بولندا، وهو ما يضيف إلى الصناعات العسكرية السوفيتية قوة مضافة في الإنتاج العسكري.

د. رغم أن خروشوف كان ينتهج سياسة معتدلة، مقارنة بسلفه، إلا أنه لم يتردد في سحق تمرد في المجر بالقوة المسلحة في 4 نوفمبر 1956، ليحذر أي دولة في دائرة الشيوعية من محاولة الخروج عنها، كذلك تقرب إلى يوغسلافيا، محاولاً إعادتها إلى صفوف الشيوعية السوفيتية.

3. تأثير المتغيرات السوفيتية على حلف الناتو:

أدت تلك المتغيرات إلى عدم فاعلية استراتيجيات الحلف وسياساته، خاصة العسكرية منها، لذلك بدأ الحلف في حلقة أخرى من التطوير، إذ كان خروشوف قد اتجه إلى الدول الأفريقية والآسيوية، وأمريكا الجنوبية ليستميلها إلى الكتلة الشيوعية، وهو ما أشعر الحلف بخطر تلك السياسة، خاصة الولايات المتحدة، التي وجدت الأفكار الشيوعية تملأ فنائها الخلفي.

ثالثاً: تغيير الاتحاد السوفيتي لسياسته الخارجية (1956 ـ 1967):

1. التغيير في السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي:

أدت سياسة ستالين، بعد الحرب العالمية الثانية، إلى عزلة الاتحاد السوفيتي، والتي انعكس آثارها على تقلص النفوذ السوفيتي، في كثير من المناطق في أنحاء العالم. لذلك بدأ خلفاؤه، في تغيير تلك السياسة، عقب وفاته (5 مارس 1953)، وكانت أولى الخطوات توقيع معاهدة صداقة وتعاون متبادل، مع سبع دول أوروبية، شيوعية، وإنشاء قيادة عسكرية مشتركة، وهو ما عرف باسم حلف وارسو، حيث وقعت تلك المعاهدة، في العاصمة البولندية وارسو، في 14 مايو 1955. وتعهدت الصين الشعبية علناً بتضامنها وتأييدها الكاملين للمعاهدة وحلفها.

حاول الاتحاد السوفيتي كذلك، إقامة حاجز بينه وبين دول أوروبا الغربية، من الدول المحايدة، يمتد من الدول الإسكندنافية شمالاً وحتى اليابان جنوباً. كما انتهج استراتيجية سياسية، سميت بسياسة التعايش السلميّ، والتي رحبت بها دول حلف الأطلسي، وأدت تلك الاستراتيجية السياسية، إلى انخفاض حدة التوتر بين الشرق والغرب نسبياً.

وضح أن الاتحاد السوفيتي، يسعى في سياسته الخارجية الجديدة، إلى منافسة الغرب في النفوذ السياسي والاقتصادي، في ثلاث مناطق، في آن واحد، لكسر طوق العزلة التي فرضها ستالين بسياسته "الستار الحديدي"، والتي ساعدت الأمريكيون على زيادة نفوذهم في الدول المحيطة بالاتحاد السوفيتي والدول الأوروبية، الشيوعية. كان للاتحاد السوفيتي أهدافاً متشابهة في المناطق الثلاث، التي بدأ في توثيق العلاقات معه، ومنافسة النفوذ الغربي فيها وهي:

أ. أوروبا الغربية:

(1) التصدي للدعاية الغربية، في أوروبا الغربية، ومقاومتها، والعمل على نشر الأيدولوجية الشيوعية في دول أوروبا الغربية، استعداداً لبسط النفوذ السوفيتي عليها وتوحيد أوروبا شرقاً وغرباً، في إطار الشيوعية العالمية، وإبعاد الولايات المتحدة الأمريكية عنها.

(2) إنشاء قوة بحرية كبيرة، يمكنها تهديد مواصلات الغرب. وإيجاد قواعد بحرية وجوية، خارجية، تمكن الاتحاد السوفيتي من السيطرة الكاملة على أوروبا الغربية، والبحر المتوسط.

(3) الاقتراب من القواعد الأمريكية الخارجية، والأراضي الأمريكية والكندية كذلك، بإيجاد قواعد في الجزر الأطلسية، خاصة أيسلندا، التي تتحكم من موقعها في القطب الشمالي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية.

(4) إنشاء قواعد للصواريخ الباليستية، قريبة من دول حلف الأطلسي، يمكن منها السيطرة على كل أراضي الحلف في أوروبا، وما خلفها كذلك.

ب. الشرق الأوسط:

(1) استغلال مساوئ الاستعمار البريطاني والفرنسي للمنطقة، لإقصائهما منها تماماً.

(2) منافسة الولايات المتحدة في الأسواق المحلية، ونشر المذهب الشيوعي في المنطقة.

(3) عزل أوروبا، عن أفريقية وآسيا، وفرض السيطرة السوفيتية على تلك المناطق مباشرة.

(4) الوصول إلى جنوب آسيا وشرق أفريقية، وتطويقهما، ومنع النفوذ الغربي من الوصول إليهما.

(5) حرمان الغرب من الحصول على النفط من الخليج العربي، للتأثير على نموه الاقتصادي، وإضعافه صناعياً.

ج. الشرق الأقصى:

(1) منافسة النفوذ الأمريكي في كوريا الجنوبية، وطرده منها، مثلما حدث في الصين.

(2) استعادة النفوذ الشيوعي في فرموز، وعودتها للصين.

(3) إلغاء السيطرة الغربية على اليابان.

(4) تطويق الهند، بنشر النفوذ الشيوعي في الدول المحيطة (الملايو، إندونيسيا).

(5) التعامل التجاري مع جنوب آسيا، والسيطرة على أسواقه واستقلال خاماته.

(6) بسط النفوذ، والسيادة، على المحيط الهادي والمحيط الهندي.

تعتبر تلك السياسة، سعياً مباشراً، لتحقيق الشيوعية العالمية، كما وردت في أقوال لينين، بالسيطرة على العالم، من خلال الاتجاه جنوب شرق، فجنوباً، ثم الشرق الأوسط، فالبحر المتوسط، فأوروبا، وبذلك تسيطر الشيوعية على العالم
2. توسيع نشاط الحلف، وتنوع مجالاته، خارج النطاق الدفاعي والعسكري:

عقد في مايو 1956 اجتماع وزاري لمجلس الحلف، أشار في بيانه إلى ضرورة امتداد أنشطة الحلف إلى المجالات غير العسكرية، كما تشير إلى ذلك المادة الثانية من معاهدة التحالف. لذلك كونت لجنة ثلاثية، من ثلاث وزراء للخارجية (إيطاليا، النرويج، كندا) بهدف إعداد توصيات، بالأساليب التي تمكن المجلس من القيام بعمله على الوجه الأكمل في المجالات الغير عسكرية.

قدمت اللجنة الثلاثية تقريرها، في الاجتماع الوزاري الذي عقد في 13 ديسمبر 1956، وقد صدق المجلس على مقترحاتهم، واتفق على أن يقوم المندوبون الدائمون بإخطار مجلس الحلف عن أي تطورات مؤثرة على الحلف، حتى يمكن إجراء مشاورات فعالة للإجراءات الواجب إتباعها، على أن يقوم وزراء الخارجية، في ربيع كل عام، بتقييم مدى التقدم السياسي للتحالف، بناء على مراجعة يتم إعدادها، بواسطة السكرتير العام للحلف. وفي نفس الاجتماع، وافق المجلس كذلك على توجيه خاص، بالخطط العسكرية المستقبلية، التي أعدت بناء على المتابعة المستمرة لتطوير القدرات السوفيتية، في مقابل الأنواع المختلفة المتيسرة من الأسلحة الجديدة، للدفاع عن الحلف، وتأكيد اعتناق الحلف لاستراتيجية الدفاع المتقدم (Forward Defense).

على صعيد آخر، كان هناك حدثان هامان في نهاية عام 1956، فقد حشدت كل من بريطانيا وفرنسا قواتهما، وهاجمتا بالتعاون مع إسرائيل، الأراضي المصرية، في 29 أكتوبر 1956، إثر تأميم الرئيس المصري جمال عبدالناصر، لقناة السويس في 26 يوليه 1956، ولم تنجح القوات البريطانية الفرنسية في تحقيق مهامها العسكرية أو السياسية رغم احتلالها لمدينة بور سعيد المصرية، واحتلال إسرائيل لكل شبه جزيرة سيناء.

وفي المعسكر الآخر (الشيوعي)، ثار الشعب المجري على حكومته الشيوعية، واضطر الاتحاد السوفيتي للتدخل، تحت ستار حلف وارسو، لضرب الثورة وسحقها في 4 نوفمبر 1956. كانت تلك الأحداث، تؤكد أن المواجهة بين الحلفين اتخذت أبعاداً جديدة نتيجة لتغير السياسة السوفيتية الخارجية، وأن كل حلف يحاول استمرار سيطرته على مناطق نفوذه، مع خلخلة نفوذ الحلف الآخر في المناطق التي يسيطر عليها.

3. التصريح بالحصول على أسلحة نووية للدول الأوروبية الغربية:

كانت إحدى توصيات اللجنة الثلاثية، ضرورة عقد مجلس الحلف من وقت لآخر، في العواصم المختلفة لدول الحلف. لذلك عقد الاجتماع الوزاري لمجلس الحلف في مايو 1957 "ببون"، حيث نوقشت سياسة الحلف الدفاعية، على ضوء الحملات السوفيتية، التي استهدفت احتواء الرأي العام في مختلف دول الحلف، وحثها على معارضة، سياسات تحديث قوات الحلف الدفاعية. واتفق المجلس، على أن الهدف الرئيسي للحملة، تأكيد أن الاتحاد السوفيتي هو القوة النووية الوحيدة، في القارة الأوروبية. ولمواجهة هذا التهديد، يجب على دول الحلف أن تكون في الوضع الذي يمكنها من مواجهة أي اعتداء عليها.

أعلنت اللجنة أنه لا توجد قوة يمكنها أن تعيق أو تمنع الحلفاء من حقهم في الحصول على الأسلحة التي يحتاجون إليها للدفاع عن أنفسهم، سواء كانت تقليدية أو نووية.

وكما أعلن المجلس، أنه مازال في حاجة مستمرة إلى درع قوى من القوات البرية والجوية والبحرية التقليدية لتوفير الحماية لدوله، وقرر الوزراء تكثيف جهودهم لتوحيد ألمانيا، من خلال انتخابات حرة، باعتبارها قضية ممتدة، بالإضافة إلى الوضع الشاذ لمدينة برلين التي تشكل تهديداً مستمراً للسلام العالمي.

4. لقاء رؤساء الحكومات:

أ. تقابل الرئيس الأمريكي أيزنهاور، في أكتوبر 1957، مع هارولد ماكميلان رئيس الوزراء البريطاني، لدراسة الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة التهديدات السوفيتية، وقد دعي السكرتير العام للحلف للانضمام إليهما، في أحد مراحل مباحثاتهما، التي دارت في واشنطن. وفي نهاية الاجتماع، أصدر الرئيسان بياناً متعدد الأهداف:

(1) التأكيد على ضرورة أن تعتمد دول العالم الحر على نفسها، وأنه يجب العمل على زيادة التعاون فيما بينها.

(2) حشد الموارد من أجل توفير الأمن والرخاء.

(3) تقرر إظهار وحدة الحلف بعقد مجلس الحلف، للمرة الأولى، على مستوى رؤساء الدول.

ب. تنفيذاً لما جاء في البيان الأمريكي ـ البريطاني، وبمشاركة السكرتير العام للحزب، عقد رؤساء الحكومات لقاء في باريس في المدة من 16 ـ 19 ديسمبر 1957، لتأكيد المبادئ والأهداف التي قام عليها الحلف، والتي تهدف إلى المحافظة على الأمن والسلام لجميع الدول الأعضاء. والتي كان أهمها:

(1) في المجال العسكري:

(أ) أكد المجلس على ضرورة امتلاك الحلف لأقصى قوة دفاعية مؤثرة، مع الوضع في الاعتبار التطورات الأخيرة في الأسلحة وأساليب استخدامها.

(ب) من الضروري بناء مخزون من الرؤوس النووية، تكون جاهزة للدفاع عن الحلفاء، عند الحاجة.

(ج) من منظور السياسات السوفيتية في ميدان الأسلحة الجديدة، قرر المجلس كذلك وضع الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، في يد القائد العام للحلف في أوروبا، على أن يتم اتخاذ قرار نشر الأسلحة النووية في أماكنها، وعمل ترتيبات استخدامها من خلال اتفاقيات مع الدول المعنية مباشرة.

(2) وفي المجال السياسي:

اعترف رؤساء الحكومات بالحاجة إلى التشاور المكثف، وإلى تنسيق سياسي كبير، كما أعادوا تأكيد اتفاق وجهة نظرهم تجاه عدد من المسائل هي:

(أ) مشكلة إعادة توحيد ألمانيا، وتأمين وحرية المرور إلى برلين.

(ب) وفي مجال نزع التسلح أكدوا على الحاجة إلى سيطرة دولية كافية، حتى لا تنتشر مبيعات الأسلحة، عشوائياً لتشمل أسلحة متقدمة تقنياً.

(ج) الموافقة على تشكيل مجموعة فنية لتقديم المشورة في مشكلات نزع التسلح التي قد تنشأ نتيجة التقدم التكنولوجي.

(د) الإعلان عن الرغبة في تنمية أية مباحثات مع الاتحاد السوفيتي يمكن أن تقود إلى السيطرة على خفض التسلح إلى الحدود التي تفرضها العوامل الأمنية. وقد أعلنوا أنهم (أي رؤساء دول الحلف) مستعدين لمناقشة أي مقترح يقدم من أية جهة، وذلك فيما يتعلق بنزع التسلح الكلى أو الجزئي.

(3) الموضوعات العلمية والاقتصادية:

كان أحد أسباب اللقاء الأمريكي ـ البريطاني إطلاق الاتحاد السوفيتي لقمر صناعي، إلى الفضاء الخارجي "سبوتنيك Sputnik" في 4 أكتوبر 1957، متفوقاً على الغرب ومنافساً لها في مجال الاستطلاع والتجسس.

لذلك وضع في اللقاء الأمريكي ـ البريطاني الأسس التي يمكن أن تقود للتعاون في المجالين العلمي والتقني بين دول الحلف، على أن يعتمد ذلك، على مدى ما تبديه كل دولة من نشاط ومن تعاون بين العلماء، سواء داخل كل دولة أو بين دول الحلف.

أكد رؤساء الحكومات، رغبتهم في زيادة فاعلية الجهود الدولية، من خلال التبادل العلمي والمعلومات، ومن خلال المشاركة في ذلك. ولذلك فقد قرروا إنشاء لجنة علمية، يمكن لكل دول الناتو أن تشارك فيها بالخبراء المفوضين، في مجال السياسة العلمية. كما أوصوا بتعيين مستشار علمي للسكرتير العام للناتو.

وقد أكد رؤساء الحكومات الحاجة كذلك إلى مشاركة وثيقة بين دول الحلف وبين دول العالم الحر ككل. وأن على مجلس الحلف من وقت لآخر، على ضوء المادة الثانية من المعاهدة وبدون حدوث ازدواجية مع أجهزة الحلف الأخرى، أن يقوم بمراجعة الاتجاهات الاقتصادية وتقييم التقدم الاقتصادي وتقديم المقترحات لتحسينه.

رابعاً: المبادرة السوفيتية وتداعيات الوفاق بين الشرق والغرب:

1. المبادرة السوفيتية:

قبل أن يعقد الرؤساء اجتماعهم في ديسمبر 1958 بباريس، شن الاتحاد السوفيتي هجوم دبلوماسي، في شكل مبادرة، استمرت حتى بعد انعقاد المؤتمر. إذ أرسل سيل من الرسائل، إلى مختلف أعضاء الحكومات، كان أغلبها موقعاً من رئيس الوزراء السوفيتي بولجانين. أثارت هذه الرسائل عدداً من الموضوعات الحيوية للطرفين أهمها:

أ. الدعوة إلى عقد مؤتمر مشترك.

ب. إيقاف التجارب النووية.

ج. التخلي عن استخدم الأسلحة النووية.

د. إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في أوروبا.

هـ. التوقيع على معاهدة عدم اعتداء بين الكتلتين.

وكان هدف السوفيت من تلك الرسائل بذر الخلاف بين دول الحلف، حتى يمكنهم استغلالها بدفع دول الحلف إلى التفاوض المنفرد مع الاتحاد السوفيتي.

2. مدى الاستجابة الغربية:

توصل الحلفاء، للرد على هذا الهجوم الدبلوماسي، من خلال المشاورات السياسية، بالموافقة على مناقشة هذا الموضوع في مجلس الحلف، بدراسة خطابات الاتحاد السوفيتي، ومسودة الخطابات المعدة بواسطة كل دولة من دول الحلف للرد عليها، وبذلك نجح التحالف في إيجاد قاعدة موحدة لآرائهم، ويمكن الاعتماد عليها في المواقف المقبلة.

أدت القدرات العسكرية الجديدة، التي حققها الاتحاد السوفيتي، في كلا المجالين النووي والتقليدي، إلى البحث عن حل سلمي للموقف المتفجر، الذي شكله استمرار تقسيم ألمانيا، فبينما كان يتم متابعة خطط الدفاع بعيدة المدى، فإن دول الحلف، في الوقت نفسه، بذلوا جهوداً ملحوظة نحو تنظيم عقد مؤتمر لمناقشة تسوية أوروبية مع الاتحاد السوفيتي.

3. الاجتماع الوزاري لمجلس الحلف في كوبنهاجن (15 ـ 17 أبريل 1958):

في ذلك الاجتماع، روجع التقرير السياسي الذي أعده السكرتير العام للحلف، طبقاً لتوصيات اللجنة الثلاثية، حيث قُيَّمَتْ هذه الوثيقة، التقدم الذي قام به الحلفاء، في مجال التعاون السياسي. وقد وافق المجلس على الفكرة المقترحة لعقد مؤتمر للتسوية الأوروبية، من منظور أن مثل هذا الاجتماع يجب أن يقدم الخطوط الرئيسية التي يمكن التوصل من خلالها إلى تسوية للمسائل الهامة، ومن ثم يجب أن يعد له ويعقد في نفس الظروف الملائمة.

أقر وزراء الخارجية بضرورة مناقشة مشكلتي إعادة توحيد ألمانيا، والسيطرة على نزع التسلح. وقد استعرض المجلس الرغبة في التفاوض بشأن نزع التسلح، باقتراح إجراءات جزئية، يمكن في وقت لاحق تطبيقها على نطاق أوسع. لتمنع الهجوم المباغت، أو للوقاية من الانفجارات الذرية، وهو ما يمكن أن يقود بعد ذلك، نحو وضع الأطر للتوصل إلى اتفاقية لنزع التسلح. ورغم أن المفاوضات لعقد المؤتمر استمرت خلال صيف 1958، إلا أن الاتحاد السوفيتي، فقد الدوافع لفكرة عقد المؤتمر، ففشلت الفكرة.

استمر مجلس الحلف في التشاور، في المسائل التي تتعلق بالعلاقات مع الاتحاد السوفيتي، والتي شملت إيقاف التجارب النووية، ومنع الهجوم المباغت.

4. إعلان برلين في ديسمبر 1958:

قام السكرتير العام للحلف بدور نشط، في جهود تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء، وتوصل إلى حلول مقبولة لمشكلة أيسلندا، وكذلك مستقبل قبرص. وظلت مشكلتا مستقبل كل من ألمانيا وبرلين دون حل.

وفي 10 نوفمبر 1958 أعلن خروشوف، رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي، عن رغبة الاتحاد السوفيتي في إنهاء الوضع الحالي لبرلين، وفي 27 نوفمبر 1958 أعادت الحكومة السوفيتية تأكيد هذا الموضوع، إذ أعلنت، أنها تقترح أن تنقل إلى السلطات في ألمانيا الشرقية خلال ستة أشهر، كل الصلاحيات التي تقوم بها الحكومة السوفيتية، في برلين الشرقية، طبقاً لاتفاقيات عام 1945، إضافة إلى السيطرة على الاتصالات (المرور) بين ألمانيا الغربية وبرلين.

عقد المجلس الوزاري للحلف، اجتماعه الدوري، في باريس، المدة من 16 ـ 18 ديسمبر 1958، حيث أعطى اهتماماً خاصاً لمشكلة برلين،على ضوء وجهات النظر التي عرضتها حكومات كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا وكذلك ألمانيا الغربية، والتي ركزت في معظمها على:

أ. أن دول الناتو قد لا توافق على المقترح السوفيتي الخاص ببرلين، الذي يمكن أن يعرض للخطر حقوق الدول الغربية الثلاث (أمريكا، بريطانيا، فرنسا). لذلك يجب أن يظلوا في برلين حتى يمكنهم القيام بمسؤولياتهم خاصة ما يمكن أن يؤثر على انتظام الاتصالات بين برلين والعالم الحر. وقد أعلن المجلس أنها يمكن التوصل إلى تسوية بخصوص مشكلة برلين فقط في حالة الاتفاق مع الاتحاد السوفيتي على المشكلة الألمانية ككل.

ب. أعيد الإعلان عن استعداد القوى الغربية الدائم لمناقشة هذه المشكلة، بالإضافة لمسألتي الأمن الأوروبي ونزع التسلح.

ج. راجع المجلس التقرير الخاص بالتعاون السياسي بين الحلفاء والذي قدمه السكرتير العام للحلف، وأكد المجلس أن المشاورات يمكن أن تتقدم من خلال الدراسة المستمرة للمسائل السياسية بعيدة المدى.

د. بعد أسبوعين من مؤتمر باريس، الذي اتخذ وقفة حازمة في مواجهة التهديد السوفيتي الجديد لألمانيا، قامت الدول الغربية الثلاث (أمريكا، بريطانيا، فرنسا)، بإرسال ردود رسمية، على الملاحظات السوفيتية، في 27 ديسمبر 1958، أعادوا من خلالها تأكيد نواياهم لاستمرار قواتهم في برلين، ورفض القرار السوفيتي المعلن، بنقل المسؤوليات السوفيتية في برلين إلى نظام ألمانيا الشرقية بما فيها محاور الطرق من وإلى برلين. وبذلك فشلت الجهود السوفيتية، لزعزعة موقف دول الحلف.

5. الإعلان السوفيتي للوفاق:

خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 1959، شرع خروشوف في الانسحاب التدريجي من موقفه المتشدد السابق، وإعادة الوفاق بين الكتلتين على أساس التعاون السلمي في إطار استمرار الصراع بين النظامين الشيوعي والديمقراطي، ولكن بالوسائل السلمية، بدلاً من الصراع النووي. لتبدأ مرحلة جديدة من الوفاق.

6. احتمالات الوفاق:

درست الدول الغربية احتمالات التوصل إلى اتفاقية مع السوفيت في ظل سياسة الوفاق. وكانت الاتصالات قد استؤنفت في فبراير 1959 بين السوفيت والغرب، واتفقوا على عقد مؤتمر يحضره وزراء الخارجية الأربعة لبحث المشكلة الألمانية.

أ. الاجتماع السنوي العاشر للحلف من 2 ـ 4 أبريل 1959:

ركز التحضير لهذا المؤتمر على نقطة أساسية، إذ وضح أن وحدة العمل لدول الحلف، هي أفضل ضمان في المباحثات مع الحكومة السوفيتية لبحث الحلول المناسبة للمشكلات المعلقة بينهم.

ب. في الاجتماعين الوزاريين لمجلس الحلف في 15 ـ 22 ديسمبر 1959 شهد إنشاء قيادة جديدة للحلف في باريس. وفي 30 أبريل 1960، في إستانبول، وجه الوزراء اهتمامهم لمراجعة الموقف العام، للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من خلال مشاورات مع حلفائهم. ورغم أن هذه المشاورات قد كشفت أن المواقف الغربية والسوفيتية بألمانيا مازالت بعدية عن التوصل لاتفاق عليها. إلا أن المناقشات التي تمت بين رؤساء الدولتين أيزنهاور، وخروشوف، في كامب ديفيد، فتحت الأبواب لمواصلة المفاوضات، على مستوى رؤساء الحكومات. وفي الإعلان الذي صدر عن اجتماعات إستانبول، أعاد المجلس تأكيد الموقف الغربي من مشكلتي ألمانيا (إعادة التوحيد، وحق تقرير المصير)، وأعلنوا كذلك، أن تحقيق نزع السلاح الشامل والكامل، يمكن أن يتم على مراحل، تحت السيطرة الدولية الفعالة.

ج. انهيار مؤتمر القمة:

في اليوم التالي لاجتماعات إستانبول (أول مايو 1960)، حدثت مفاجأة أدت إلى اختلال كل الموازين، فقد انهارت كل الترتيبات الخاصة بعقد مؤتمر للقمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، إذ أعلن خروشوف أن طائرة تجسس أمريكية تعمل على الارتفاعات العالية جداً، أسقطت داخل الأراضي السوفيتية، وهى طائرة من نوع ى ـ 2 "U - 2". وأعلن خروشوف تأجيله حضور قمة أمريكية ـ سوفيتية، لعدم رضاه عن الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأمريكي، لمواجهة الموقف الناتج عن إسقاط الطائرة الأمريكية

7. مؤتمر القمة للدول الشيوعية ـ التعايش السلمي:

بعد أقل من أسبوعين وفي 27 يونيه 1960، تركت دول الكتلة الشرقية فجأة محادثات نزع التسلح في جنيف، بشكل مفاجئ وأعتبر أن ذلك سياسة سوفيتية جديدة متشددة.

وزاد الأمر تعقيداً، ما طرحه خروشوف عند حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر مايو، بربط إتمام مقابلة الرئيس الأمريكي، بضرورة أن تدين الولايات المتحدة عملية التجسس. وقد أعقب ذلك عقد مؤتمر في نوفمبر بموسكو ضم "81" حزباً شيوعياً من معظم دول العالم التي وافقت على وجهة نظر خروشوف فيما يتعلق بالتعايش السلمي.

8. تم عقد مؤتمر وزاري للحلف في مايو 1961، في أوسلو، لتداول الموقف، عبر فيه المجلس عن أسفه لعدم إحراز تقدم في مسألتي إعادة توحيد ألمانيا، ومباحثات نزع السلاح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وأعاد الاتحاد السوفيتي التهديد السابق إعلانه، بتوقيع اتفاقية سلام منفصلة مع ألمانيا الشرقية.

9. الإنذار السوفيتي النهائي بشأن برلين:

زار الرئيس الأمريكي جون كيندي "John F.Kennedy" مجلس الحلف بباريس في أول يونيه 1961، ثم تقابل مع خروشوف بفيينا يومي 2 ـ 3 يونيه 1961، في إطار إقامة علاقات ثنائية شخصية، وتبادل الآراء، ولم يكن متوقعاً من هذا اللقاء أن يخرج بنتائج فورية، في ظل الاختلافات الكبيرة بين وجهات نظر الشرق والغرب، خاصة ما يتعلق ببرلين. وقد أكد ذلك الإنذار الذي وجهه خروشوف في خطاب له بموسكو في 15 يونيه كإنذاراً نهائياً (مثل الإنذار السابق توجيهه للغرب في نوفمبر 1958)، بتوقيع اتفاقية سلام منفردة مع ألمانيا الشرقية، بنهاية عام 1961. وهو ما ينهي حقوق الغرب في الوصول إلى برلين. تصاعدت الأزمة بسرعة، وفي 8 يوليه أعلن خروشوف وقف خطة تخفيض قواته المسلحة، وقام بزيادة النفقات الدفاعية بمقدار الثلث.

رداً على الإجراءات السوفيتية، دعا الرئيس الأمريكي كنيدي في 25 يوليه إلى ضرورة بناء قوات ضخمة للحلف.






--------------------------------------------------------------------------------
هي الصين الوطنية، والتي اضطرت إلى ترك الأراضي الصينية، والتمركز في جنوب فرموزا الصينية، وإقامة دولة غير شيوعية بها.

من أقوال لينين: "أقرب الطرق إلى باريس، هو طريق الجنوب الشرقي ثم جنوب آسيا، فالشرق الأوسط ومنه إلى باريس".

كانت برلين مقسمة إلى جزء غربي (كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تحتله) وآخر شرقي، وكل جزء منهما يتبع لأحد شطري ألمانيا، وقد أنشأت السلطات الشيوعية حائطاً خرسانياً لعزل الجزء الشرقي عن الغربي. كما أن الوصول للجزء الغربي كان لا بد من المرور عبر أراضي خاضعة لألمانيا الشرقية.
كان قد تم أسر قائدها كذلك، وهو الطيار فرانسيس باورز.

كان الرئيس الأمريكي أيزنهاور، قد أعلن إيقاف طلعات التجسس فقط، بينما كان خرشوف يود أن يعلن عن إدانة تلك الطلعات، ومعاقبة المسؤولين عنها، باعتبارها تمت دون علم الإدارة الأمريكية.

في أغسطس 1968، بدأت مجموعة عمل، تم إنشاؤها، تحت إشراف المجلس، تبعاً لقرار 1965، لتقديم وجهات النظر في العلاقات مع مالطة، حيث قامت حكومة مالطة، بتعيين ممثليها في بروكسل، لعرض وجهة نظرها في علاقتها بالناتو.

لم يكن لأيسلندا "الدولة الخامسة عشر" قوات بالحلف.

صدر هذا الإعلان بواسطة وزراء خارجية هذه الدول عقب لقائهم في 15 ديسمبر 1966.

تردد أن الأمريكيين تراجعوا عن هذه الاستراتيجية إلى استراتيجية أخرى لشكهم في قدرة بقاء قوات الضربة الثانية الأمريكية وأنهم أتبعوا استراتيجية `التدمير المتبادل Mutual Assured Destruction` ، إلا أن ذلك لم يتأكد، ومن المعتقد أن الاستراتيجية السائدة ظلت هي استراتيجية `الرد المرن`.

تم إلغاء هذا المنصب بعد ذلك عام 1968.

اختلف تكوين هذه المجموعة عدة مرات، ولكن في نوفمبر 1979، قررت الدول الثلاث عشرة الاشتراك بشكل دائم.

هيثم الفقى
10-06-2010, 11:38 AM
المبحث الخامس

التجديد الشامل للحلف، والتعاون مع المنظمات الأوروبية (1990 ـ 1993)

برز تعبير النظام العالمي "الجديد" (New World order)بين المتخصصين في العلوم السياسية، وفي وسائل الإعلام الدولية، بعد أن أطلقه الرئيس الأمريكي " جورج بوش" في أعقاب حرب تحرير الكويت (حرب الخليج الثانية 1991). ومع كثرة الحديث عن هذا النظام الجديد، فإن أحدا لم يستطع تحديد مكوناته ودعائمه حتى نهاية القرن العشرين، رغم مرور عقد كامل على ذلك التغيير. ربما كان ذلك لأن هذا النظام ظل في حاله من السيولة لم تستقر لفترة طويلة، لكثرة المتغيرات والتداعيات المؤثرة، إلا أنه هناك مؤشرات عامه تدل على أبرز التوجهات لهذا النظام الجديد.

أدى انهيار الكتلة الشرقية، وتفكك الاتحاد السوفيتي نفسه، واختفاؤه من المسرح السياسي ـ وقد سبقته النظم الشمولية في دول أوروبا الشرقية ـ إلى تصاعد الجدل بصورة لافتة، حول قضية المستقبل، لحركة النظام الدولي "الجديد"، نظراً للممارسات غير المنصفة، التي تميزت بالازدواجية في هذا النظام، الذي وصف بأنه أحادي القطبية، بمعنى انفراد الولايات المتحدة بقمته كقوة عظمى وحيدة.

أدت التحولات التي شهدها النظام الدولي، إلى تراجع مهمة "الدفاع الجماعي" للناتو ضد عدو أو أعداء محددين مسبقاً، في إطار مواجهة التهديدات التي أفرزتها البيئة الجديدة لما بعد الحرب الباردة. ورغم أن مهمة الدفاع الجماعي بقيت المهمة الرئيسية للحلف، وفق المادة الخامسة من اتفاقية واشنطن.

قد كشفت بيئة ما بعد الحرب الباردة كذلك عن بروز تهديدات للأمن الأوروبي/ الأطلسي، كما اعتبرها الحلف، من خارج المنطقة التقليدية المحددة لنشاطه، وفق المادة السادسة من اتفاقية واشنطن، وهي"أوروبا وشمال الأطلسي". باتفاق أعضاء الحلف على استمراره، كان لابد من تعديل مهام الحلف، بما يتواءم مع المناخ الدولي ما بعد الحرب الباردة، خاصة بعد وقوع العديد من الأزمات، والحروب الأهلية، والصراع على السلطة، في بلدان شرق ووسط أوروبا، وأقاليم أخرى من العالم، والتي اعتبرت تهديدا للاستقرار في القارة الأوروبية، وللولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

بدأت محاولات التواؤم، بعد اجتماع مجلس شمال الأطلسي في تيرنبري "Turnberry" باسكتلندا، في 7 ـ 8 يونيه عام 1990. حيث بدا واضحاً التحول في مهمة الحلف، من مواجهة تهديد مباشر من حلف وارسو، إلى تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية، وهو ما غير مضمون التحالف من كونه أداة "للدفاع الجماعي"، إلى منظمة مشتركة تبحث عن توفير الحماية في مواجهة تهديدات غير محددة، تهدد بتقويض أمن الدول الحليفة. وإلى جانب استمرار المهمة الأساسية للحلف (الدفاع الجماعي)، برزت مهمة بناء هيكل جديد للاستقرار في كل أوروبا، وهو ما يتطلب دعم عمليات التحول السياسي والاقتصادي، في دول شرق أوروبا (المعسكر الشرقي سابقا).

كان تقدير دول حلف الأطلسي، للتحديات الإستراتيجية الجديدة، التي ستواجههم، كما صاغوها في "رسالة تيرنبري Message From Turnberry"، هي تلك الأزمات والصراعات، التي ستنشب في مناطق الفراغ الأمني، الذي تخلف عن انهيار الاتحاد السوفيتي، في شرق ووسط أوروبا، والقوقاز ووسط آسيا، حيث يوجد حجم ضخم من القوات الروسية المسلحة، ومخزون كبير من الأسلحة النووية. كذلك منطقة شمال أفريقيا وجنوب وشرق البحر المتوسط، وجنوب غرب آسيا، وهي مناطق مهددة بصراعات وحروب أهلية وإقليمية ـ طبقاً لرؤية دول الحلف ـ ويؤثر ذلك على استقرار القارة الأوروبية، مشكلاً التهديد الجديد لدول الحلف.

أولاً: إعادة صياغة دور الحلف، وتنظيم هيكله ومؤسساته:

اتجه الحلف إلى استبدال مهمة مواجهة التهديد المباشر من حلف وارسو إلى مهمة دعم وتعظيم الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية. وأدى هذا التحول إلى تغيير حتمي في مهام المنظمة بهدف توفير الحماية في مواجهة أشكال مختلفة من التهديدات غير المحددة. فإلى جانب استمرار المهمة التقليدية للحلف (الدفاع الجماعي) برزت مهمة رئيسية هي الحفاظ على السلام ومواجهة الاضطرابات في كافة أنحاء القارة الأوروبية، وحولها أيضا، ويشمل ذلك:

1. دعم عمليات التحول السياسي والاقتصادي في دول المعسكر الشرقي سابقا، لاحتواء التهديدات التي يمكن أن تظهر في هذه المنطقة، وهي العملية التي وصلت قمتها فيما بعد بضم عدد من دول شرق ووسط أوروبا للحلف.

2. البحث عن صيغة الاتفاق مع عدد من دول جنوب المتوسط لتوفر غطاء قانونيا دوليا وتسهيلات للعمل السريع في مواجهة ما تراه دول الحلف تهديدا لأمنها الوطني من هذا الاتجاه، وهو ما أدى إلى ظهور فكرة "الشراكة" بين الحلف وعدد من دول جنوب المتوسط.

حددت الدول الأعضاء بالحلف، الاتجاهات المحتمل تفجر الصراعات فيها، مما يؤثر على أمن دول الحلف في عدة اتجاهات، هي: (أُنظر خريطة مناطق تهديد أمن الحلف)

1. الاتجاه الشرقي:

منطقة عدم استقرار بين ألمانيا وروسيا، في شرق ووسط أوروبا.

2. الجنوب الشرقي:

منطقة القوقاز ووسط آسيا.

3. المحور الجنوبي:

مناطق شمال أفريقيا وجنوب وشرق البحر المتوسط، وجنوب غرب آسيا، وتحددت التهديدات التي قد تؤثر على استقرار القارة الأوروبية، بالصراعات العرقية، والحروب الإقليمية والأهلية، إضافة إلى العديد من أنماط المخاطر غير العسكرية المتصلة بالآثار الممتدة للعنف الداخلي، والهجرة غير الشرعية، وما إلى ذلك، وهو ما يخرج بالحلف عن نطاقه التقليدي المحدد في اتفاقية إنشاؤه.

ومن تلك النظرة كانت المشكلات الخاصة بالأسس الإستراتيجية ـ الدفاعية لتوسيع الحلف. فقد كانت الوظيفة الأساسية للحلف، هي احتواء الخطر السوفيتي على أوروبا، وهو ما كان يمثل مصدر تهديد عسكري خارجي، مباشراً وواضحاً، لأمن القارة، يتم التعامل معه من خلال "هيكل عسكري"، يستند على إستراتيجية دفاعية، مرتكزة على "الردع النووي"، في إطار القطبية الثنائية الأمريكية ـ السوفيتية. وأدى تفكك الاتحاد السوفيتي، إلى الإطاحة بالمفاهيم والضوابط والمؤسسات، التي حكمت الأوضاع الأمنية، طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بصورة جعلت من الصعب ارتكاز عملية إعادة التواؤم، على أسس دفاعية. فلم يعد ردع عدوان محتمل، يمثل أساساً متصوراً لبناء الأمن والدفاع الأوروبي، وحتى إذا كانت روسيا الاتحادية، نتيجة الأزمات الداخلية التي تعانى منها، يمكن أن تشكل تهديداً كامناً، فإن هذا التهديد لا يرقى للمستوى، الذي يبرر نفقات هذا الحلف الضخم. كما أن هذا التهديد ليس مباشراً، حيث من الممكن أن يمس الدول المجاورة لروسيا، وليس هيكل النظام الدفاعي الأوروبي (الناتو).

اختفي المفهوم التقليدي للتهديد، ببروز توجهات "التعايش الأمني"، وتقلص الأهمية التقليدية الدفاعية للحلف. لكن الأهم هو أن المهام الجديدة للحلف، استندت على مفاهيم جديدة، مبهمة، مثل "المخاطر" و "التحديات" و "عدم الاستقرار"، وارتبطت بصراعات قومية وإقليمية "منخفضة الشدة" وكذلك مشكلات غير عسكرية، حلت محل مفهوم التهديد، وفقدت المفاهيم المحددة للأمن والدفاع مضامينها، وأصبح هيكل الحلف العسكري ربما غير ملائم للتعامل معها.

وضح منذ العام 1991، أن المفاهيم الأمنية الجديدة للحلف تواجه أزمة، وخاصة:

أ. عمليات حفظ السلام خارج حدود الحلف. فتجربة الحلف في "البوسنة والهرسك"، تشير إلى أن تدخل قواته لم يؤد إلى حل المشكلة، وإنما إلى تجميد الأوضاع القائمة، في الوقت الذي ظلت احتمالات التدهور قائمة، في حالة سحب قوات الحلف خارج أراضى البوسنة، وهو ما تكرر مرة أخرى عند التدخل ضد الصرب لمصلحة كوسوفا.

ب. مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهي المهام التي ترتبط بعمليات العنف المسلح والجرائم الخطرة (كتهريب المواد النووية)، وتنطوي على طبيعة مختلفة، قد تدفع إلى التحول لصيغة جديدة، قد يكون من الصعب التعامل معها بفعالية.

باختلاف أسس بقاء الحلف، اختلفت الأسس الأمنية ـ الدفاعية له كذلك، وكان من الضروري إعادة صياغة للحلف، وليس مجرد تطوير لمهامه فقط.

ثانياً: مهام الناتو في عصر الفوضى الدولية (قبل استقرار النظام الدولي الجديد):

حتى يمكن صياغة المهام، بعد التغيرات الجذرية في النظام العالمي، وتغير التهديدات كان لا بد من تحديد شكل وقوة التهديدات، والاتجاه المتوقع لها، وهو ما يعني ضرورة تحديد ودراسة الخصم. كانت رسالة تيرنبري (يوليه 1990) قد حددت ملامح عامة للتهديدات، والمواقع المحتملة لحدوثها، وشكلت مجموعة لمراجعة العقيدة العسكرية للحلف، بناء على ذلك التحديد، لذلك عكفت المجموعة على دراسة متأنية للوصول إلى طبيعة التهديدات، والإلمام بكافة المعلومات عنها.

أصدر قادة الحلف إعلان روما في 7 ـ 8 نوفمبر 1991 حول السلام والتعاون، وكانت المجموعة العسكرية قد أنهت أعمالها فيما كلفت به، وأكدت في تقريرها على اختلاف "طبيعة التحديات والمخاطر الأمنية" التي على الحلف أن يواجهها في المستقبل، عما كانت عليه في الماضي. وحددت الآتي: (أُنظر ملحق نص إعلان روما (الإستراتيجية الجديدة للحلف 1991))

1. لم يعد التهديد بهجوم شامل على كافة الجبهات قائماً، وهو ما يخفف من قوة التهديدات المستقبلية، ولم تعد تلك النقطة مثار تركيز في إستراتيجية الحلف.

2. من وجهة أخرى، لم يعد التهديد محصوراً في الهجمات من اتجاه واحد، كان مقدراً أن تكون من الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، بل أصبحت الهجمات ذات اتجاهات محتملة متعددة. يصعب التنبؤ بأيهما الأكثر توقعاً.

3. كذلك لم يعد التهديد محصوراً في عمل عسكري تقليدي، أو نووي، بل أصبح ذو أوجهه مختلفة يصعب تقييمها.

4. لم يعد من الممكن حدوث خطر مباغت، فقد أتاحت مساحة الدول التي خرجت من دائرة الاتحاد السوفيتي، والتقنية المتقدمة في أجهزة الحصول على المعلومات، مدة زمنية متسعة للإنذار، بالنسبة للحلف.

5. لم تعد المخاطر قاصرة بالعدوان على أراضي دول الحلف، بل من الممكن أن تكون نتيجة أوضاع داخلية متدهورة، اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً، أو صراع عرقي أو نزاع حدود، وهو ما كثر بعد انهيار الكتلة الشرقية في وسط وشرق أوروبا، ويمكن أن تهدد استقرار أوروبا بتطورات غير متوقعة، أو بتدخل خارجي، قد يكون طرفاً فيه أحد أعضاء الحلف.

6. مازالت روسيا الاتحادية، تمثل نفس الخطر الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي. فهي الأكبر قوة في أوروبا، تقليدياً ونووياً.

7. حساسية الموقف في الشرق الأوسط عامة، وجنوب البحر المتوسط خاصة. واستقرار الأمن في تلك المناطق، أمر ضروري لأمن أوروبا ـ على ضوء تجربة حربيّ الخليج الأولى والثانية، والحروب العربية الإسرائيلية الأخيرة ـ بسبب انتشار الأسلحة ذات التقنية المتقدمة في المنطقة، خاصة أسلحة الدمار الشامل، والصواريخ الباليستية، التي يزداد مداها وقدراتها ودقتها، يوماً بعد يوم، وأصبحت قادرة على الوصول إلى بعض دول الحلف.

8. يجب أن يوضع في الاعتبار أن أمن دول الحلف سوف يتأثر، نتيجة مواجهتهم لأي اعتداء (طبقاً للمادتين الخامسة والسادسة من معاهدة واشنطن)، نتيجة استخدام أسلحة وإجراءات ذات مجال واسع، مثل أسلحة الدمار الشامل، وحظر تصدير الموارد الأولية الحيوية، وعمليات الإرهاب والتخريب.

وضح من إعلان روما، أن العقيدة العسكرية الجديدة للحلف، ترتكز على مبادئ أربعة:

1. الاستمرار في مهمة "الدفاع الجماعي".

2. المحافظة على وحدة الأمن للأعضاء، وزيادة مسؤولية الأعضاء الأوروبيين في الدفاع عن أنفسهم

3. استمرار الهيكل العسكري الموحد للحلف، وإعادة بناءه، ليعتمد أكثر على تعدد الجنسيات، وتكون قواته أكثر مرونة وخفة حركة، حتى يمكن المشاركة في المهام الخاصة، التي أبرزتها المتغيرات الجديدة (حفظ السلام، توفير الراحة، تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالقوة).

4. استمرار الاعتماد على كلا القوتين التقليدية والنووية، على أن يخفضا لأدنى حد ممكن، دون المساس بفاعليتها، لذلك يزداد الاعتماد على القوات الاحتياطية، مع تقليل حالات التأهب.

أدى هذا التصور، للمبادئ الرئيسية المكونة للعقيدة العسكرية الجديدة، إلى التسليم بانتهاء خطر هجوم واسع من الشرق، كما شاع دفء البيئة الأمنية الجديدة في أوروبا، والتي تحقق الاستقرار والرفاهية في شمال الأطلسي، وصلاحيتها كمناخ ملائم لتطوير العلاقات الدولية، التي تقوم على السلام. ونتيجة لذلك أقرت دول حلف الأطلسي، إنشاء مجلس تعاون شمال الأطلسي ـNorth Atlantic Cooperation Council، تحقيقاً لمبدأ التعاون مع دول حلف وارسو (السابق)، وقد انبثق عن تلك الخطوة فكرة الشراكة من أجل السلام، ومنها أمكن انضمام بعض دول حلف وارسو السابق، إلى حلف شمال الأطلسي.

ثالثاً: المفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف:

رغم اتفاق دول الحلف على شكل وقوة واتجاه التهديدات، والتي وصفت بالعمومية في كل ما يتعلق بها، وصعوبة التنبؤ بها، فإن الاتفاق على المفهوم الإستراتيجي الجديد كان من الصعوبة، بحيث فشل الحلف في الاتفاق على مفهوم إستراتيجي موحد، إذ كان هناك رؤيتان مختلفتان، الأولى أوروبية تسعى إلى حلول ذات صبغة أوروبية جماعية، في إطار الدفاع الجماعي، والثانية أمريكية تسعى إلى الانفراد بالحل، فهي صاحبة القرار لتحريك آلة الحرب، واستخدام القوة العسكرية. كان المفهوم الأوروبي يركز على "أمن الأعضاء"، بينما كان المفهوم الأمريكي يركز على "المصالح الأمنية".

كانت المناسبة تضيف قوة ضاغطة أثناء عمل مجلس الحلف، فهي قمة احتفالية لمرور خمسون عاماً على إنشاء الحلف، كما أنها قمة فاصلة بعد انهيار خصم لدود. لذلك كان لا بد التوصل إلى صيغة تتفق مع كل وجهات النظر، لذلك أكد البيان الختامي، مجدداً، على المبادئ العامة المتفق عليها، لمواصلة المهمة الرئيسية للحلف "الدفاع الجماعي" عن الدول الأعضاء، وتقوية علاقات الشراكة مع روسيا الاتحادية وأوكرانيا، والاستمرار في الحوار مع دول الشرق الأوسط، ودفع الجهود لمواجهة مخلفات الحرب الباردة، من انتشار أسلحة الدمار الشامل، ووسائل إيصالها. أما القضايا محل الخلاف، فقد صيغت في عبارات عامة، غير محددة.

أوضحت صياغة البيان الختامي لدورة الانعقاد الخمسين، اتجاهات الحلف الجديدة، فقد كانت التعديلات في المفهوم الإستراتيجي، تتمشى مع المنظور الأمريكي، أكثر من مواءمتها للمنظور الأوروبي، والذي كانت فرنسا وألمانيا تتمسكان به، وقد أوضح التعديل المدخل على المفهوم الإستراتيجي، المهام المستقبلية للحلف كذلك، وفي فقرة واحدة، جاء المعنى كله، ووضحت ملامح التغيير للمفهوم الإستراتيجي للحلف.

أما الفقرة فقد جاء فيها: "يتعرض أمن الحلف لمخاطر عسكرية وغير عسكرية كثيرة التنوع، تأتي من اتجاهات عديدة، وغالباً ما يصعب توقعها. وتتضمن هذه المخاطر، عدم الاستقرار واحتمال نشوء أزمات إقليمية قابلة للتطور السريع في المناطق المحيطة بدول الحلف. ويمكن أن تواجه المصالح الأمنية للحلفاء مخاطر ذات طابع أكثر عمومية، تنجم عن الإرهاب والتخريب والجريمة المنظمة وانقطاع وصول الموارد الحيوية".

أما التغيير فكان في المفهوم التالي:

1. اعتبار صيغة "المصالح الأمنية" هي أساس عمل الحلف، بدلاً من صيغة "أمن الدول الأعضاء". ويعني ذلك، تغلب وجهة النظر الأمريكية أولاً، كما أن تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء حلف وارسو، وسعيّ روسيا الاتحادية ودول أوروبا الشرقية للاندماج مع أوروبا الغربية، ينهي فكرة تهديد الأمن، ويصبح تعبير المصالح الأمنية، بعموميته، أصلح للتعبير عن جوهر وظيفة الدفاع المطلوبة في البيئة الجديدة، فهو يستوعب المتغيرات التي تستجد، حسب رؤية صاحب القرار، ويكون التأثير على المصالح الأمنية للدول الأعضاء هو أساس الدفاع.

2. يحدد المفهوم الجديد، التهديدات الجديدة، للمصالح الأمنية، لدول الحلف في:

أ. انتشار أسلحة الدمار الشامل.

ب. الإرهاب الدولي.

ج. انقطاع وصول الموارد الحيوية.

د. نشوء أزمات إقليمية قابلة للتطور السريع في المناطق المحيطة بدول الحلف.

هـ. انتهاك حقوق الإنسان.

و. التهديد باستخدام القوة المسلحة أو قيام دولة ما باستخدامها فعلاً ضد أراضي أي دولة أخرى.

3. يبدأ الحلف مرحلة جديدة في تاريخه، يكون له فيها المبادرة بشن الهجوم، ضد الطرف (أو الأطراف) الذي ترى القيادة السياسية للحلف خطورته على مصالح دول الحلف.

رابعاً: التجديد في البنيان العسكري:

الحلف في تنظيمه، تدريجياً، خلال السنوات التي تلت انهيار الكتلة الشرقية، ليكيف أجهزته بما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة. وكان التغيير الأكبر في الهيكل العسكري للحلف. (أُنظر شكل الهيكل التنظيمي للحلف حتى 1992) و(شكل هيئة أركان الحلف الدولية) و(شكل أقسام هيئة الأركان الدولية) و(شكل اللجان الرئيسية للمجلس) و(شكل الهيكل التنظيمي العسكري 1992) و(شكل هيئة الأركان العسكرية للحلف 1992) و(ملحق القيادة العسكرية والقوات لحلف الناتو (التقليدية والنووية)).

أصبحت السمة الجديدة للقوات المسلحة بالحلف، هو الاعتماد على الجنسيات المتعددة، وقد أقر رؤساء الدول والحكومات الأوروبية ذلك الاتجاه، في اجتماعهم في روما (7 ـ 8 نوفمبر 1991)، وأصبحت الظاهرة الرئيسية، لتطور قوات الحلف.

منذ الخمسينيات، كانت القوات المتحالفة في وسط أوروبا (AFCENT) مكونة من ثمانية فيالق، من دول مختلفة، كل فيلق ذو جنسية واحدة. وشكلت جيوش ميدانية من تلك الفيالق، روعيّ أن تكون ثنائية الجنسية. تشكلت مجموعة جيوش الشمال من 4 فيالق من دول بلجيكا والمملكة المتحدة وهولندا وألمانيا الغربية (كل فيلقين في جيش)، ومجموعة الجيوش المركزية من 4 فيالق كذلك، من دول الولايات المتحدة (فيلقان) وألمانيا الغربية (فيلقان). لذلك كان كل فيلق، يختلف عن نظيره من الجنسيات الأخرى، في التشكيل والتنظيم، وعدد الأسلحة، ونوع المركبات، وحجم قواته، وأسلوب إعاشته، وأسلوب تدريبه، وأسلوب قتاله كذلك. ولم يشكل ذلك انخفاضاً للكفاءة القتالية، إذ كان كل فيلق، يتولى توفير احتياجاته الإدارية والفنية، من دولته، لذلك أمكن لقيادة قوات التحالف في وسط أوروبا الاحتفاظ بكفاءة قواتها القتالية، عالية.

بتغير طبيعة التهديد، قل الاعتماد على نشر قوات كبيرة الحجم في مسارح العمليات لوسط أوروبا، في الخطوط الأمامية. واستبدل ذلك الأسلوب استخدام قوات سريعة الحركة (قوات الرد السريع)، وانخفضت أعداد القوات في وسط أوروبا من 28 فرقة إلى 16 فرقة، مشكلة في سبعة فيالق بالاعتماد على الفيالق المتعددة الجنسيات، على أن تكون العناصر الأساسية لقيادة الفيلق من دولة واحدة، هي نفسها دولة قائد الفيلق. (أُنظر شكل تنظيم التحالف بوسط أوروبا)

أقترح وزراء دفاع دول حلف الناتو، في اجتماعهم في 28 ـ 29 مايو 1991 إنشاء قوة تدخل سريع، يمكنها التعامل مع الأخطار التي قد يواجهها الحلف، سواء من جانب دول أوروبا الشرقية، أو من الشرق الأوسط. وفي 7 ـ 8 نوفمبر 1991، وافق رؤساء الدول والحكومات على المقترح. كان المقترح يحدد تشكيل الفيلق (فيلق الرد السريعARRC ) من أربع فرق، اثنان بريطانية الجنسية، وواحدة متعددة الجنسيات من وسط أوروبا، والأخيرة متعددة الجنسيات من جنوب أوروبا، وتشكل القيادة من المملكة المتحدة (القوة الأكبر في التشكيل) وتوفر الولايات المتحدة المساندة الجوية في منطقة التدخل التي يكلف الفيلق بالعمل فيها (أُنظر شكل تنظيم التحالف بوسط أوروبا)

خامساً: العلاقات مع المنظمات الأوروبية الأخرى:

1. العلاقة مع اتحاد أوروبا الغربية: :

كانت قمة "ماستريخت (9 - 10 ديسمبر 1991) Maastricht European Council"، ميلاداً جديداً لاتحاد أوروبا الغربية، إذ تحدد فيها العلاقة القانونية بين الاتحاد الأوروبي، واتحاد أوروبا الغربية، وحلف شمال الأطلسي. وصدر في نهاية اجتماع المجلس الأوروبي إعلاناً يحدد:

أ. دور الاتحاد، وعلاقاته مع الاتحاد الأوروبي، حيث وافقت دول الاتحاد الأوروبي على إسناد مهمة الدفاع والأمن، لاتحاد أوروبا الغربية.

ب. تطوير العلاقة مع منظمة حلف شمال الأطلسي، ليعتبر اتحاد أوروبا الغربية الإطار الدفاعي لأوروبا، في حالة انتهاء حلف الأطلسي وحله.

ج. نقل مقر الاتحاد من بروكسل إلى لندن.

د. ضرورة دعم الجهاز التنفيذي للاتحاد، وإنشاء وحدة تخطيط وتجهيز وحدات عسكرية، داخل كل دولة، تخصص لتنفيذ مهام الاتحاد.

على الجانب الآخر، رحب مجلس شمال الأطلسي في الاجتماع الوزاري، الذي عقد في ديسمبر 1994، بهذا الإعلان، ودعا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، للانضمام إلى اتحاد أوروبا الغربية، الذي تقرر فيه توسيع الاتحاد، حيث التحقت كل من أيسلندا والنرويج وتركيا " كأعضاء مشاركينAssociated Members"، وحصلت اليونان على العضوية الكاملة ـ أما الدانمارك وأيسلندا فقد انضمتا بصفة مراقبين "Observers "، وقد انضمت إليه بعد ذلك عام 1995 كل من فنلندا والسويد والنمسا بعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. أما دول أوروبا الشرقية فقد سمح لها بالانضمام بصفة " شريك منضمAssociate Partner"

عقد أول اجتماع رسمي ببروكسل بمقر الحلف، لاتحاد أوروبا الغربية مع مجلس الحلف، في مايو 1995 من أجل مناقشة العلاقة، وإنشاء الروابط المؤسسية بينهما. ترتب علي ذلك الحضور المنتظم لسكرتير عام اتحاد أوروبا الغربية، للاجتماعات الوزارية لمجلس الحلف، وبالمثل يحضر كذلك سكرتير عام الحلف، الاجتماعات الوزارية لاتحاد أوروبا الغربية.

كانت قمة رؤساء دول وحكومات الحلف، ببروكسل، في يناير 1994، نقطة تحول هامة على طريق الاتفاق الأمريكي الأوروبي، لتنشيط دور اتحاد أوروبا الغربية وزيادة فاعليته، واعتباره المكون الأوروبي للحلف، وقد جاء بإعلان الحلف في تلك القمة:

أهمية بلورة منظور دفاعي أوروبي، يتلاءم مع الحلف، ويمكن الأعضاء الأوروبيين من تحمل مزيد من المسؤوليات تجاه أمنهم. والتأكيد على استعداد الحلف لوضع بنيته الأساسية تحت تصرف اتحاد أوروبا الغربية، وبصفة خاصة "قوة العمل المشتركة المجمعة ـCombined & Joint Task Force (CJTF) " التي يتم تشكيلها، لتكون مستعدة للاستخدام من قبل كل من اتحاد أوروبا الغربية والحلف.

جدد بيان قمة الحلف، بمدريد، في يوليه 1997، تأييده لتطوير الهوية الأمنية الدفاعية الأوروبية داخل الحلف، وتنفيذ مفهوم " قوة العمل المشتركة المجمعة ـCJTF ". وقد شارك الاتحاد عملياً بفاعلية في أحداث البوسنة، إذ أشترك مع الحلف في الحظر البحري في الإدرياتيك (العملية Sharp Guard)، كما شارك في قوة البوليس التي تتولى إدارة مدينة موستار "Mostar" جنوب البوسنة والهرسك.

2. العلاقة مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي OSCE:

جاء إعلان هلسنكي عام 1975 ليعلن قيام المنظمة، بعضوية 35 دولة، والتي هدفت إلى:

أ. المساواة في السيادة، والاحترام المتبادل للحقوق السيادية لكل دولة.

ب. الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.

ج. احترام الحدود الدولية.

د. حل المنازعات بالوسائل السلمية.

صدر في عام 1995 "ميثاق باريس لأوروبا الموحدة". ووافقت الدول الأعضاء في المنظمة على إنشاء العديد من الأجهزة، التي تدير نشاط المنظمة، وتحولت بذلك من مؤتمر للتشاور بين الدول الأوروبية، إلى كيان مؤسسي. توسعت عضوية المنظمة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين لتصل عضوية المنظمة إلى 54 دولة أوروبية، ومراقبين هما: اليابان وكوريا الجنوبية، وخمس دول متوسطية غير أعضاء هي: مصر ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا.

أتفق على أن يتشاور الحلف، ويتعاون كذلك، مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مجالات:

أ. معالجة الأزمات في أوروبا الشرقية، ودول الكومنولث المستقلة، والبلقان.

ب. إرساء أسس ومبادئ الأمن والاستقرار في أوروبا.

ج. إمكان مشاركة الناتو (كمنظمة ذات هيكل وبناء عسكري) في عمليات حفظ السلام، لتعزيز مهام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

تقدم منظمة الأمن والتعاون، المعونة الاقتصادية والمشورة الفنية، لدول شرق أوروبا، بهدف تضييق الفجوة التقنية، ودفع عجلة التقدم والتنمية، لتلك الدول، لاحتوائها وربطها بغرب أوروبا.

ظلت مشكلة تحديد وتنسيق العلاقة بين المنظمات الثلاث وهي: الحلف واتحاد غرب أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، مسألة غير محسومة، نتج عنها خلافات في الرؤية، بين حدود المهام والصلاحيات لكل منهم، وقد أدارت كل منظمة، عملية التطوير وفقاً لرؤيتها الخاصة، ولما كانت مهامها متشابهة إلى حد كبير، فيما يتصل بالحفاظ على الاستقرار الأوروبي، ويمكن من خلالها دعم عمليات التحول في شرق ووسط أوروبا، فقد وضح أن هناك تضارب وتناقض أحياناً.

3. مجلس تعاون شمال الأطلسي:

جاء إنشاء مجلس تعاون شمال الأطلسي في 20 ديسمبر 1991، كخطوة لإيجاد علاقة رسمية بين الحلف ودول شرق ووسط أوروبا، وبدا التوجه خلال قمة لندن في 6 يوليه عام 1990 بدعوة حكومات الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا، والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا، لإقامة علاقات دبلوماسية منتظمة مع الحلف. وفي باريس، في 19 نوفمبر من نفس العام، وقع الحلفاء مع هذه الدول إعلاناً مشتركاً، أكد على أنهم لم يعودوا يعتبرون بعضهم البعض كأعداء. وبحث في اجتماع وزراء خارجية دول الحلف بكوبنهاجن (6 ـ 7 يونيه 1991)، قضايا تطوير العلاقات مع دول الشرق
. وعندما اجتمع رؤساء دول وحكومات أعضاء الحلف بروما (7 ـ 8 نوفمبر 1991) "عرضوا إقامة روابط رسمية، مع دول شرق أوروبا، التي كانت أعضاء في حلف وارسو سابقاً. واقترحوا إقامة مجلس تعاون يضم في عضويته 25 دولة هي كل الدول الأعضاء في حلف الناتو (16 دولة)، إضافة إلى الدول التي كانت أعضاء في حلف وارسو (6 دول)، ودول جمهوريات البلطيق الثلاث، تحت مسمىّ "مجلس تعاون شمال الأطلسي". وأتفق على استمرار إجراء اجتماعات واتصالات دورية مع مجلس شمال الأطلسي، واللجنة ا لعسكرية للحلف، ولجان أخرى في الحلف، حيث هدفت دول الحلف من ذلك خلق شبكة من العلاقات، تمكنها من دعم جهود التحول في الشرق، وحفظ الأمن والاستقرار في أوروبا، عبر العمل تحت مظلة مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي.

كانت صيغة مجلس تعاون شمال الأطلسي North Atlantic Cooperation Council NACC هي الصيغة التي جرى استحداثها لتجرى تحت مظلتها هذه الاتصالات، وقد عقد المجلس اجتماعه التأسيسي في 20 ديسمبر عام 1991 بمشاركة 25 دولة. بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، توسعت عضوية المجلس لتشمل: 8 دول من الاتحاد السوفيتي السابق. وكذلك انضمت جورجيا وألبانيا في اجتماع 5 يونيه 1992. بأوسلو، وشاركت فنلندا بصفة مراقب. كما اتفق على أن يعقد المجلس اجتماعاً سنوياً دورياً، واجتماعات أخرى كلما دعت الحاجة، وقد تركز نشاط المجلس، في القضايا السياسية والأمنية، التي رأت دول الحلف أنها ضرورية لحفظ الأمن والاستقرار في أوروبا، ودعم عمليات التحول في دول شرق ووسط أوروبا، والتي شملت:

أ. هياكل القوة والقيادة.

ب. المفاهيم الديموقراطية للعلاقات المدنية والعسكرية.

ج. التنسيق المدني/ العسكري لإدارة النقل الجوي.

د. تحويل الإنتاج العسكري للأغراض المدنية.

هـ. المشاركة في مهام حفظ السلام.

سادساً: الدور الأمريكي في مرحلة التجديد:

عبر الرئيس الأمريكي جورج بوش، عن الدور الذي يتوقع أن تقوم به بلاده، في تلك المرحلة بقوله، أن هناك حاجة لاستمرار الولايات المتحدة في الاحتفاظ بدور رئيسي أمني في أوروبا. وأن الوجود الأمريكي القوي في أوروبا لن يعطل طموحات التكامل الأوروبي، بل أن بلاده تؤيد ذلك التكامل إلى حد إقامة اتحاد سياسي والوصول إلى هوية دفاعية أوروبية.

كذلك تمسك الرئيس بوش باستمرار حلف شمال الأطلسي، ولا بديل لذلك، ومن خلاله سيستمر إسهام الولايات المتحدة في الدفاع (وغيره من المجالات) في أوروبا، وحتى بعد التوصل إلى ترتيبات مستقبلية، وإقامة اتحاد أوروبي.

كانت النظرة الأمريكية للتعاون والتقارب في الجانب الأوروبي لشمال الأطلسي، لا تعني انتهاء الدور الأمريكي بالقارة الأمريكية، وإنما يمكن أن يتم التعاون والتقارب بالتوازي مع تطوير حلف الناتو، ليتعاونا معاً في مواجهة التحديات المستقبلية، والتي لم يفصح عنها أحد في تلك الآونة.

كان الأوروبيون يشعرون بحاجتهم لوجود القوات الأمريكية، على قارتهم. فبعد 40 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان في أوروبا أكثر من 300 ألف جندي أمريكي، وعدة آلاف من الدبابات والطائرات الأحدث في العالم. كما كانت قوة الردع للحلف تعتمد على الصواريخ المتوسطة المدى الأمريكية، المقامة في قواعد في أنحاء أوروبا الغربية. بل أن ذلك الواقع انعكس على اهتمام دول غرب أوروبا بتحديث قواتهم البرية سلباً، وهو ما يعني استمرارهم في الاعتماد على القوة النووية الأمريكية في أوروبا.

سابعاً: تأثير المشكلات المعاصرة على الحلف:

1. الحلف وحرب الخليج الثانية:

نَبّه الغزو العراقي للكويت (2 أغسطس 1990) الولايات المتحدة ودول الحلف الأخرى، للأخطار التي يمكن أن تمثل تهديدات جديدة لمصالحهم خارج النطاق الجغرافي لعمل حلف الأطلسي في أوروبا الغربية، وكان ذلك بداية التفكير في ضرورة توسيع نطاق عمل الحلف.

رغم اتفاق دول الحلف على إدانة العدوان العراقي، إلا أنهم اختلفوا في كيفية التعامل مع الأزمة. كان الحدث خارج نطاق عمل الحلف، ولكنه يمس مصلحة حيوية لدوله، ويتطلب تدخل لحماية تلك المصلحة.

طالب الجميع بسرعة سحب القوات العراقية الغازية من الكويت. عدا بريطانيا التي تطابق موقفها مع الولايات المتحدة، الذي ينادى بالعمل العسكري ضد العراق. حرصت دول الحلف الأوروبية (فرنسا - إيطاليا ـ ألمانيا) على تجنب الخيار العسكري، (وهو ما أكده قرار البرلمان الأوروبي برفض العمل العسكري وضرورة إتاحة الفرصة أمام العقوبات الاقتصادية، التي اتخذتها الأمم المتحدة). غير أن بريطانيا والولايات المتحدة طالبوا باستخدام القوة لإجبار القوات العراقية على الانسحاب وتوقيع عقاب صارم وقاسي عليها، لإرهاب دول المنطقة والعالم، والتنبيه لرد الفعل الذي سيلاقونه في ظل النظام الجديد الذي بدأت تظهر بوادره.

انضم عدد من دول حلف الأطلسي للمشاركة في العمل العسكري تحت مظلة الأمم المتحدة، بينما اكتفي البعض الآخر بمساعدات، اختلفت كذلك، ما بين مساندة كاملة بالقوات، أو دعم بمعدات أو وحدات غير مقاتلة (طبية أو إدارية أو فنية)، أو مشاركة في التكلفة، أو اكتفاء ببيان. وقد وضح من ذلك اختلاف وجهات نظر دول الحلف، واتجاه بعضها للعمل خارج الحلف، بينما ساندت دول أخرى، الدول المشاركة من الحلف في العمل العسكري، في إطار ميثاق الحلف. ففرنسا وألمانيا، على سبيل المثال، من منظور مصلحتيهما الكبيرة في العراق، حاولتا تجنب اللجوء للخيار العسكري في البداية، وتمسكت ألمانيا بنصوص دستورها، الذي يحظر إرسال قوات ألمانية للقتال في الخارج، إلا في إطار معاهدة حلف الأطلسي، لذلك زادت مشاركتها في تكاليف الحشد العسكري. وأرسلت ألمانيا وبلجيكا طائرات إلى تركيا، دفاعاً عنها، واشترطت عدم مشاركة طائراتهما في العمليات الهجومية، وذلك في إطار مبدأ الدفاع الجماعي بموجب معاهدة الحلف، أما فرنسا فبالرغم من مواقفها المبدئية في معارضة العمل العسكري، إلا أنها لحقت بالركب خشية تهميشها، وأرسلت هي وبريطانيا وإيطاليا قوات برية وجوية وبحرية إلى الخليج للمشاركة في الحرب، ورغم اشتراط فرنسا عدم مشاركة قواتها في مهاجمة العراق، إلا أنها سرعان ما نحت هذا الشرط جانباً.

شارك العديد من دول الحلف بشكل أو آخر في العمل ضد العراق، إلا أن ذلك لم يكن تحت مظلة الحلف، وإنما بشكل فردي، طبقاً للظروف الذاتية لكل دولة، عدا ألمانيا وبلجيكا اللتين شاركتا في الدفاع عن تركيا في إطار الحلف. كما شاركت بعض دول الحلف بطريقة غير مباشرة من خلال استخدام الولايات المتحدة القواعد الجوية والبرية بأراضيهم، في غرب وجنوب أوروبا.

أوضحت حرب الخليج الثانية ضرورة تكييف هياكل وعقائد الحلف، لكي يتمكن من التعامل مع الأزمات المشابهة، في ظل عالم ما بعد الحرب الباردة، بالعمل خارج نطاق عمل الحلف في أوروبا الغربية، كما أبرزت هذه الحرب كذلك ضرورة أن يعقد الحلف اتفاقيات أمنية مع بعض دول منطقة الشرق الأوسط المحورية، توفر لها التسهيلات العسكرية اللازمة، وهو الأمر الذي أدى إلى طرح الحلف، بعد ذلك، لمستوى معين من العلاقات (الشراكة)، مع بعض دول المنطقة، خاصة جنوب المتوسط، والتي يمكن أن تكون ذات نفع للحلف، في أزمات مشابهة.

2. حلف الناتو، والأزمة في البوسنة والهرسك:

تختلف أزمة البوسنة والهرسك، عن أزمة الغزو العراقي للكويت (حرب الخليج الثانية)، بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، في كون الأولى في نطاق عمل الحلف في أوروبا، وهو ما يجعل لتلك الأزمة أهمية أكبر، تطبيقاً لما سنه الحلف، من تحديد لنطاق عمله في وسط وشرق أوروبا. وتحقق تلك الأزمة، ظن قادة الحلف، بتحسبهم للقلاقل الداخلية بالدول الأوروبية، أو تلك القريبة منها ـ رغم أنها قلاقل داخلية.

لم يتدخل الحلف في البوسنة والهرسك، في البدء، تاركاً القوات الأوروبية فقط، لتحاول حل الأزمة وإنهائها، وهو ما يحقق للأوروبيين وجهة نظرهم في الاستقلال عن الولايات المتحدة، فيما يخص قارتهم، وكذلك يحقق وجهة نظر الأمريكيون، التي حرصوا على أن تتضح عملياً، بفشل الأوروبيين في الاعتماد على قوتهم الذاتية، وهو ما حدث بالفعل، رغم أن القوات الأوروبية كانت تعمل في إطار منظمتي مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي (CSCE)، واتحاد أوروبا الغربية (WEU) الأوروبيتين.

في مؤتمر أوسلو (4 يونيه 1992)، أعلن مجلس الحلف استعداده لدعم عمليات حفظ السلام في البوسنة، تحت إشراف منظمة مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي، كما بدأ اعتباراً من يوليه 1992، التعاون مع اتحاد أوروبا الغربية في تطبيق العقوبات الاقتصادية ضد الصرب، بمراقبة الملاحة في البحر الأدرياتيكي، ومنع المواد ذات الصبغة (أو الفائدة) العسكرية إليها. وجاء قرار مجلس الأمن في نهاية 1992، بالموافقة على استخدام الحلف لقواته، وبالتعاون مع قوات اتحاد غرب أوروبا في فرض تنفيذ قرار مجلس الأمن بالقوة في البحر الأدرياتيكي، ليضيف شرعية، كانت لازمة لتدخل الحلف. وقد بدء الحلف في التخطيط للتدخل العسكري في البوسنة بعد موافقة وزراء الخارجية على دعم عمليات حفظ السلام في المنطقة.

اشترك الحلف بطائراته كذلك في فرض حصار جوي، في الشهور الأولى من عام 1993، كما أمدت طائرات الحلف، البوسنة، بمواد الإغاثة الضرورية، ووفرت حماية جوية لقوات الحلف، التي كانت تسيطر على المناطق الآمنة في البوسنة، طبقاً لخطة الأمم المتحدة.

أجاز مجلس الحلف اشتراك طائرات الحلف في أعمال قتال جوية، وقصف جوي ضد أهداف حربية عسكرية، بدأت في فبراير 1994وبتوقيع اتفاق "دايتون" شكل حلف الناتو قوات لتطبيق الاتفاق، من 14 دولة بالحلف، إضافة إلى 4 دول أوروبية من خارج الحلف.

أوضحت أزمة البوسنة، للمرة الثانية، بعد حرب الخليج الثانية، ضرورة تطوير هياكل الحلف وعقائده وآلياته، للتكيف مع البيئة الدولية، في مناخها الجديد، خاصة بعد الخلاف الذي كاد أن يطيح بالجهود التي بذلت للسيطرة على الموقف من قبل الحلف، إذ اعترضت القوات الدولية (التابعة للأمم المتحدة) على التدخل المنفرد للأمريكيين وفرضهم آراءهم وكادت الولايات المتحدة أن توقف تدخلها العسكري.



--------------------------------------------------------------------------------

وقعت دول الكوميكون، بروتوكولاً في 28 يونيه 1991، في بودابست لإنهاؤه، ثم وقع بروتوكول آخر في 1 يونيه 1991 لإنهاء حلف وارسو، وفي 31 يناير 1992، أعلن حل الاتحاد السوفيتي وإحلال روسيا الاتحادية بدلاً منه، في مسؤولياته الدولية.

يعني ذلك أن تقلل الولايات المتحدة من مسؤولياتها، والتكاليف التي تتحملها.

اتحاد غرب أوروبا: 1. وقعت اتفاقيته عام 1948 ببروكسل (بلجيكا - فرنسا - لوكسمبرج - هولندا - المملكة المتحدة)، انضمت إليه بعد ذلك كل من إيطاليا وألمانيا عام 1954، وفي عام 1988 انضمت كل من أسبانيا والبرتغال، ثم انضمت ليونان عام 1992. 2. أهدافه: أ. إرساء أسس قوية لدعم اقتصاد دول أوروبا الغربية. ب. توفير المساعدة والمساندة لمقاومة أي سياسة عدائية. ج. تشجيع الوحدة والعمل على الوصول للاندماج الأوروبي. 3. شهدت الفترة من 1973 إلى 1984 انخفاضا ملحوظا في نشاطه حتى صدر إعلان روما في أكتوبر 1984 الذي حدد هدفه في `تعريف الأمن الأوروبي والتدرج في التوفيق بين السياسة الدفاعية للدول الأعضاء.

يعتمد اتحاد أوروبا الغربية، على الهيكل العسكري للناتو، ويتم التعاون بينهما بشكل كامل خاصة فيما يتعلق بالمعلومات والتنسيق العسكري، وتعمل كلتا المنظمتين في تعاون وثيق للحفاظ على الأمن والسلم في أوروبا، فضلا عن أن عضوية اتحاد غرب أوروبا ترتبط بعضوية الدولة في الناتو.

أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش George H.W.Bush عن استعداده لتجاوز مرحلة احتواء الشيوعية وتبني سياسة تهدف إلى ضم الاتحاد السوفيتي للمجتمع الدولي، وأنه يشارك دول الحلف في الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

أسقطت طائرات حلف الناتو أربع طائرات عسكرية حربية، انتهكت مناطق الحظر الجوي.

هيثم الفقى
10-06-2010, 11:39 AM
يتبع)))))))))))))))))))))