المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضاة المحكمة الجنائية الدولية



هيثم الفقى
09-23-2010, 11:35 PM
القضاء الجنائي الدولي :

كان التعريف الشائع للقانون الدولي الإنساني أنه القانون المطبق على الدول في علاقاتها المتبادلة. وقد وجدت المحاكم الدولية منذ زمن طويل وكانت مهمتها تسوية الخلافات بين الدول. أما تركيز القانون الدولي على الفرد واعتباره موضوع المحاكم الدولية، فيمثل ظاهرة حديثة. ذلك أن قبل نورمبرغ، كانت المسؤولية الشخصية عن الجرائم الدولية مثل القرصنة من اختصاص المؤسسات الوطنية ذات السلطة السيادية، حصراً. ولكن تحول القرصنة إلى "جريمة دولية" نتج عن كون أية دولة تتمكن من اعتقال المرتكب لها الحق في مقاضاته بغض النظر عن جنسيته أو جنسية الضحايا أو مكان الجريمة. وفي فترة أقرب إلينا، طبق هذا المفهوم المعروف الآن بالاختصاص العالمي على جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم حرب معينة، والجرائم ضد الإنسانية.
كانت محكمة نورمبرغ محكمة جنائية خاصة أنشأتها الدول المتحالفة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. أما بعد ذلك فقد لعبت الأمم المتحدة دوراً رائداً في العمل على إنشاء مؤسسات دولية مخصصة لتعيين المسؤولية الجنائية. وأقرّ مجلس الأمن إنشاء محكمتين جنائيتين دوليتين واحدة ليوغوسلافيا السابقة، والثانية لرواندا من أجل معاقبة انتهاكات القانون الدولي خلال نزاع يوغوسلافيا، وجرائم الإبادة الجماعية في رواندا خلال التسعينات. كما أبرمت سيراليون والأمم المتحدة مؤخراً اتفاقاً لإنشاء محكمة خاصة تنظر في الانتهاكات والجرائم الدولية والمحلية التي ارتكبت خلال النزاع الأخير هناك. ويجري الآن التفاوض بشأن إنشاء محكمة مماثلة لمحاكمة جرائم مرحلة الخمير الحمر.

هذا وأنشئت المحكمة الجنائية الدولية الحديثة العهد خارج منظومة الأمم المتحدة. وهذه المؤسسة الدائمة التي أنشئت بموجب معاهدة دولية هي مكملة للمحاكم الوطنية غير القادرة أو غير الراغبة في مقاضاة مرتكبي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

إن الاتجاه نحو تدويل المسؤولية الشخصية بالنسبة إلى بعض الجرائم الشنيعة يعكس الواقع المؤسف لفشل الدول الغالب في محاكمة مرتكبي الجرائم. فاللجنة الدولية بوصفها راعية للقانون الدولي الإنساني تدعم الجهود الرامية إلى إنهاء الحصانة لمثل هذه الجرائم وتولي اهتماماً كبيراً لإنشاء محاكم جنائية دولية وإصدارها الأحكام القضائية. ويهدف هذا القسم إلى تغطية القضايا والتطورات المهمة في القضاء الجنائي الدولي.

*

عن المحكمة الجنائية الدولية : نقلا عن موقع ويكبيديا

تأسست عام 2002 لمقاضات الأفراد المتهمين بالإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجرائم الاعتداء (لكنها الآن لاتستطيع ممارسة دورها فيما يخص الجرم الأخير). تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير. فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/تموز 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.

يبلغ عدد الدول الأعضاء في المحكمة 104 حالياً، وقد وقعت 35 أخرى لكنها لم تصادق بعد على قانون روما. مقرها الرئيس في هولندة، لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان.

تعد هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظيفين والتمويل، وهناك اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية.

يجب عدم الخلط ما بين المحكمة الجنائية الدولية و محكمة العدل الدولية والتي تدعى اختصاراً في بعض الأحيان المحكمة الدولية (وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول)، فهما نظامان قضائيان منفصلان.

*

المحكمة الجنائية الدولية (تأسست 1 يوليو 2002) في لاهاي ، هولندا :

على مدار التاريخ كانت الوسيلة الوحيدة لكي تحاكم الشعوب جلاديها هي أن تنتفض عليهم فتقتلهم أو يموتوا فتنتظر محاكمتهم أمام المحكمة الإلهية في الآخرة. لكن كان هناك دائما حلم بإقامة محكمة للمجرمين بحق الإنسانية. في مدينة لاهاي العاصمة السياسية لهولندا حيث ترفرف أعلام الأمم المتحدة على مبانٍ عدة كنا على موعد مع المحكمة الوليدة التي تقع في مبنى مؤقت ريثما يتم الانتهاء من آخر جديد في غضون خمس سنوات، حسبما قال لي المتحدث باسم المحكمة فاكيسو موكوكو.



المحكمة تعد الأحدث إنشاءً في مدينة تحفل بالمحاكم الدولية؛ ففيها مقر محكمة العدل الدولية المختصة بالفصل في النزاعات بين الدول شريطة احتكام طرفي النزاع لها، بالإضافة إلى محكمة مجرمي الحرب بيوغوسلافيا السابقة.



*

مشروع قديم :

أصبحت المحكمة أمرا واقعا بعد أن دخل "نظام روما الأساسي" المنشئ لها حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، وتم افتتاحها بصورة رسمية الثلاثاء 11-3-2003، حيث أدى 18 قاضيًا اليمين القانونية لتصبح المحكمة أول هيئة دائمة مكلفة بالنظر في جرائم الحرب والإبادة برغم معارضة الولايات المتحدة.

ورغم أن المحكمة كانت تطفئ شمعة عيد ميلادها الأول عند زيارتنا لها فإنها لم تصدر أحكاما في أي قضية بعد، وستكون أول قضية تنظرها المحكمة تاريخية، وستنقل وقائع جلساتها تليفزيونيا وعلى شبكة الإنترنت كما قال لنا المتحدث باسمها.

فكرة إنشاء المحكمة وُلدت في عقول الكثيرين بعد الحرب العالمية الأولى، غير أن الحاجة إليها أصبحت ملحة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها؛ فولدت أجنة مشوهة من هذا النوع من المحاكم، كمحكمة نورمبرج لمحاكمة الضباط النازيين التي اعتبرها المراقبون غير كاملة الحياد لكون المنتصر هو الذي يحاكم المهزوم فيها.

بقي المشروع الرامي لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة -والمقرر في معاهدة منع الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948- مجمَّدًا مدة نصف قرن تقريبًا بسبب ظروف الحرب الباردة. وبعد انقشاع ضبابها طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4-12-1989 من لجنة القانون الدولي أن تتناول مسألة إنشاء هذه المحكمة، فباشرت اللجان التحضيرية لمحكمة جنائية أعمالها استنادًا إلى مقترحات اللجنة القانونية.



وقد أشعلت الحروب التي نشبت في التسعينيات من القرن العشرين جذوة هذه التوجهات، وأقنعت الجميع بالحاجة المُلحّة لإنشاء هذه المحكمة، خاصة بعد أن شهدت حروب يوغسلافيا السابقة ورواندا تجاوزات وجرائم منظمة فاقت كل حدود القانون الدولي الإنساني. فانتهى الأمر إلى إنشاء محاكم جنائية مؤقتة استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي لعام 1993 و1994، خُصِّصت لمحاكمة مجرمي الحرب في تلك الدول. غير أن صفة التأقيت غلبت على هذه المحاكم لكونها مختصة بالفصل في نوعية محددة من القضايا وليست محاكم دائمة.



*

قانون روما :

التف الكثيرون حول مشروع المحكمة، وأصبح مطلبا للعديد من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. وبعد محاولات كثيرة مهدت لها اجتماعات عديدة تحضيرية، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية في الفترة من 15-6-1998 إلى 17-7-1998 بمشاركة وفود تمثل 160 دولة، 31 منظمة دولية، 136 منظمة غير حكومية بصفة أعضاء مراقبين. وصدر عنه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والبيان الختامي و6 قرارات أخرى. وانتهى الأمر الآن إلى توقيع 139 دولة وتصديق 90 دولة فقط على النظام الأساسي.



واختصاص المحكمة الزماني (أي وقت بدء ممارستها لاختصاصها) ينطبق فقط على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام أي دولة طرف (دولة مصدقة وليست موقعة فقط على الميثاق). أما الدول أو الأشخاص الذين يمكن للمحكمة ملاحقتهم قضائيا فإن المحكمة تختص بنظر الدعوى متى كانت الجريمة محل الاتهام ارتكبت في إقليم دولة طرف أو بمعرفة أحد رعايا هذه الدولة (م 12/2). كما تختص المحكمة أيضاً بنظر الدعوى عندما توافق دولة ليست طرفاً في المعاهدة على اختصاص المحكمة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت في إقليم هذه الدولة أو يكون المتهم أحد رعاياها (م 12/3).

ويطبق اختصاص المحكمة الجنائية فقط على الأشخاص الطبيعيين (ليس المؤسسات أو الدول) الذين يرتكبون جريمة بعد بلوغهم 18 سنة (المواد 1/25، 1/26). ويلاحظ أنه لا يستثنى شخص من المسئولية الجنائية بسبب صفته الرسمية، حتى ولو كان ذلك وارداً في القانون الداخلي للدولة المعنية (م 27).



ولا يملك أي شخص أو دولة طرف رفع دعوى جنائية أمام المحكمة، لكن يمكن وضع الأدلة تحت يد المدعي العام للمحكمة صاحبة الحق في تقديرها ومن ثم إقامة الدعوى، كما يحق للمدعي العام من تلقاء نفسه تحريك الدعوى بالمحكمة.



وقد تم التدوين والبناء القانوني للمحكمة الجديدة استنادًا إلى موارد ومراجع وأدوات قانونية موجودة سابقًا. فمثلاً تُعَدّ وثيقة محكمة نورمبرج الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية من أهم الأسس والمراجع لها، وتُضاف إليها النظم الأساسية للمحاكم الجنائية المؤقتة التي سبق ذكرها.

وحسب "نظام روما الأساسي" فمن واجبات المحكمة القضاء في الجرائم الأشد خطورة فقط، والتي تتركز على أربعة أنواع من الجرائم:

(1) جرائم الإبادة الجماعية.

(2) الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

(3) جرائم الحرب.

(4) جرائم ما يُسمّى بالعدوان، وهو ما لم يتم توضيحه بعد.



ويندرج تحت كل جريمة من هذه الجرائم شرح وتفصيل للجرائم التي تندرج تحتها كالتعذيب والفصل العنصري والاغتصاب، إضافة لتجريم قيام الدولة القائمة بالاحتلال -على نحو مباشر أو غير مباشر- بنقل أجزاء من سكانها إلى الأرض التي تحتلها أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها، وهي إحدى الجرائم التي تنطبق على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.



أصبحت المحكمة أمرا واقعا بعد أن دخل "نظام روما الأساسي" المنشئ لها حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002، وتم افتتاحها بصورة رسمية الثلاثاء 11-3-2003، حيث أدى 18 قاضيًا اليمين القانونية لتصبح المحكمة أول هيئة دائمة مكلفة بالنظر في جرائم الحرب والإبادة برغم معارضة الولايات المتحدة



(1) المحكمة الجنائية الدولية ، ا/د محمود شريف بسيونى