المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "القاتل التسلسلي" (Serial Killer)،



هيثم الفقى
08-23-2010, 01:01 AM
يُعَرّف بكونه الذي "يقتل ثلاثة أشخاص أو أكثر، في حوادث مختلفة، عبر فترة من الوقت تتخللها فترات تبريد وتهدئة (Cooling-off) قد تستمر أياما أو أسابيع أو شهور".
وطبقا لما يقوله علماء الجريمة والمهتمون بالموضوع من النواحي الاجتماعية والفنية (عبر الأعمال الروائية والسينمائية التي تتناول حالاته)، فإن القاتل التسلسلي هو قاتل محترف، يتمتع بأعصاب باردة في تهيئة عناصر الجريمة، وفي اختيار الضحية. ولا تردعه "عاطفة" أو علاقة إنسانية مع الضحية ذاتها، ويُنتِج الاحتراف عنده "عقلاً ميكانيكيا" مجرداً، وكأنه "غرفة عمليات سوداء" مسكونة بفكرة متسلطة تهتم فقط بالنتائج
ويستكمل هذا القاتل معنى كونه تسلسليا من قدرته على إنجاز عملياته في مناخ من الاطمئنان الذي يضمن له الاستمرار، دون أن يترك أي أثر "جنائي" يستدل منه على الجريمة، فهو لا يترك إلاّ الأثر الذي يشير بوضوح إلى "معنى" الجريمة وخط سيرها ووجهة استثمارها. أي إنه يترك دلائل، تشبه بطاقات الزيارة، في مكان الجريمة بصورة توحي بالفاعل وتشير إليه بدون أن تفضحه.
وتختلف الدوافع والبواعث للقيام بأعمال وحشية مرة بعد الأخرى. فهناك القاتل الرُؤَيُّVisionary) ) الذي يتوهم أن هناك من يدفعونه للقتل ويوجهون حياته عن طريق سماعه لأصواتهم داخل عقله المريض. وهناك من يسمى بـ"صاحب المهمة" ( (Mission-Orientedالذي يؤمن بأن مهمته هي تخليص العالم من العناصر الفاسدة التي تعطل مسيرة الحياة أو لا تحدث فارقاً فيها، وغالباً ما يمتزج بشعوره أنه المُخَلٌِص أو المنقذ للعالم والمجتمع. وهذا النوع يكون غيرَ واعِ بالعالم والمجتمع من حوله، ومنفصلا تماماً عنه حتى وإن اندمج فيه. وهناك أيضا المريض بالصادية، الذي يقتل بدافع الاستمتاع (Thrill-Oriented) وكلما استمر في القتل كلما زادت لذته. ويصعب جدا القبض على القاتل من هذا النوع، فهو يتمتع بذكاء اجتماعي شديد، ومن المستحيل تقريباً التفرقة بينه وبين أي شخص عادي لكثرة اختلاطه بالناس وعدم ظهور صاديته على الملأ. بمعنى آخر فهو مريض نفسي (Psychopath) أي لديه اضطرابات في الشخصية ـ ولكنه ليس مجنونا. وهكذا فإنه غالبا يبدو في صورة طبيعية تماما، بل يمكن أن يكون ساحرا ولطيفا ـ مما يطلق عليه المختصون تعبير ارتداء "قناع السلامة العقلية" (Mask of Sanity).
وأيا كانت الدوافع فإن القاتل التسلسلي لا يتوقف أبداً عن قتل ضحاياه إلا إذا تمت إعادة تأهيله.
أما "المنتهِك (أو المغتصِب) التسلسلي"، الذي يمارس الانتهاك بدلا من القتل، فهو أيضا يقوم بعملياته بطريقة محسوبة، وليس عفوية، أي تدبيرية احتيالية تآمرية. وهو متمرس في القيام بهذه اللعبة الملتوية بتكرار.
ويتميز سلوكه بكونه "متثبتا" (Fixated) أي مستقرا عند مرحلة سابقة من النمو العاطفي والعقلي والثقافي؛ و "افتراسيا" (Predatory) يحب الإغارة، كما كانت تفعل القبائل الهمجية المغيرة. وهو عادة ليس فقط في موقع قوة، بل يهوى السلوك "الاستعراضي" للقوة، إذ يتعمد إهانة الضعيف الذي لا يشكل له خطرا إذ يدرك، بخبرته، عدم قدرته على الرد أو المقاومة، وعدم وجود من هو مستعد لمساعدته. وتشتمل آلية العمل ضد الفريسة على الترهيب والتهديد (Intimidation) والإفزاع، ويَعتبر أي محاولة منها للشكوى تحديا غير مقبول ويجب مجابهته بشدة. وإذا حاولت الفريسة إجباره على احترام "القواعد والأصول" المتعارف عليها، يلجأ إلى اتهامات وادعاءات باطلة بهدف قلب الأمور، ثم المضايقة الاستفزازية (Malicious Harassment) معتمدا على أن أحدا لن يصدق الضحية إذا اشتكت.
والمهم ملاحظة أن شعور الضحية بالظلم لا يفيد، لأن "القواعد" المتبعة معها من قبل المنتهك التسلسلي الذي في موقع القوة، غير القواعد المعلنة والمتعارف عليها ـ والتي هي بغرض "الاستعراض" والتباهي فقط. وإذا قبلت الضحية الخضوع "للقواعد" الحقيقية، كان بها؛ وإن رفضت فهذا في حد ذاته يصبح مطلوبا، لإثبات استحقاقها للعقاب على أي حال!