المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المستشارأحمد مكى: أزمة القضاة والمحامين ستظل مشتعلة بسبب (المبرراتية)



هيثم الفقى
06-16-2010, 09:02 PM
أحمد البهنساوى - http://www.shorouknews.com/uploadedImages/Sections/Politics/Egypt/Ahmed-Mekki%281%29.jpg

[/URL]



قال القاضى أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض إن أسباب الأزمة التى اندلعت مؤخرا بين القضاة والمحامين سببها شعور المحامين بالظلم البين وبالمهانة خلال ادائهم لعملهم. وأضاف لـ«الشروق» أن من أسباب الأزمة أيضا عدم وجود أماكن تليق بالمحامين سواء فى غرف المداولة، أو فى قاعات الجلسات، ويضطرون للوقوف على السلالم مثل المتقاضين، بخلاف أحوالهم المادية السيئة، لافتا إلى أن كل هذه الأوضاع شكلت ما يمكن أن يطلق عليه ثورة إحباط وتذمر أججتها الأزمة الأخيرة.

ووجه مكى رسالة لطرفى الأزمة ممثلين فى القاضى أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، وحمدى خليفة نقيب المحامين، قال فيها «فى يوم من الأيام فى تاريخنا الإسلامى تشاجر أحد المهاجرين مع أحد الأنصار، وقال أحدهما يا للمهاجرين، والآخر يا للأنصار، فغضب النبى وقال: دعوها فإنها منتنة».

وطالب مكى بتحسين أحوال المحامين وقال إنهم يقفون فى غرفة تحت بير السلم فى المحاكم فى الوقت الذى يتمتع فيه القضاة بسبل الراحة، مما يُشعر المحامين بالدونية والإهانة، كما طالب فى الوقت نفسه بإعادة الانضباط لنقابة المحامين كمؤسسة بدلا من تحولها لأحزاب وشيع على حساب المهنة، فضلا عن وضع ضوابط لإلحاق طلاب الثانوية العامة بكليات الحقوق، حيث تسببت الجامعات فى أن تتحول مهنة المحاماة إلى مهنة من لا مهنة له على حد قوله.

ووجه مكى انتقادات حادة للنظام الحاكم فى مصر واتهمه بإفساد دولة القانون، وقال إن مصر تمر بأزمة فى سيادة القانون فى مجال القاعدة القانونية نفسها، وأن هناك مشكلة أصابت مصر منذ زمن بعيد عندما كان القانون معبرا عن إرادة الأمة وضامنا لحقوق حرياتها وكان القانون كما ينص الدستور هو الأساس الوحيد لمشروعية النظام

وكانت الحكومة قدوة فى الامتثال للقاعدة القانونية التى تصدر من مجلس نواب منتخب انتخابا حقيقيا يمثل إرادة الناخبين، فكان رجال القانون هم قضاة المجتمع من مختلف الاتجاهات والانتماءات الفكرية فى هذا العصر، فى عهود شهدت اسماء بارزة مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين وعبدالخالق ثروت وغيرهم، وأوضح أن الشيخ محمد عبده كان قاضيا فى المجالس الأهلية، وبالتالى كان رجال القانون هم صانعو النهضة حيث استلهموا الحرية والديمقراطية من مصادرها، لتطبيقها فى المجتمع.

وقارن نائب رئيس محكمة النقض الوضع السابق ذكره، بما يحدث الآن، حيث أكد أن السلطة الحاكمة تدير الأمور حاليا بما يشبه الأوامر العسكرية وتحول رجال القانون إلى مجرد «مبرراتية» لقرارات الحاكم، كما تضاءلت قيمتهم فى جميع مؤسسات الدولة، مما أثر على وضع وقيمة كل منظمات المجتمع المدنى خاصة النقابات المهنية، مشددا على أن وطأة الضربة كانت شديدة على كل النقابات خاصة المحامين فضاع الرابط الذى كان يربط المحامين ويجعلهم يحافظون على آداب مهنتهم.

وواصل مكى: عندما يوجد 450 ألف محام فى دولة تسودها البطالة بخلاف عشرات الآلاف من المحامين غير المقيدين بجداول النقابة، كما لا توجد مجالس تأديب ولا أدوات محاسبة فمن الطبيعى أن تحدث أزمات وانفجارات فى مرفق العدالة مثلما يحدث الآن.

وأشار مكى إلى أن الأزمة الأخيرة نتيجة طبيعية لغياب القاعدة القانونية التى تحولت لمجرد أوامر الحاكم الذى لا يخضع لقانون، وبالتالى فإننا نعانى من انهيار غياب القاعدة القانونية وغياب القدوة على حد قوله.

كما استشهد بموقف حدث للرسول صلى الله عليه وسلم قبيل موته، حينما دعا المسلمين فى خطبة بالمسجد وطلب من أى فرد له مظلمة أو حق أن يقتص منه، فقال «من كان له علىَّ دين فهذا مالى فليأخذ ومن شتمته فليرد ومن جلدت له ظهرا فهذا ظهرى فليقتص منى، ولا تقولوا فضوحا لأن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، فصاح أحد المسلمين «يا رسول الله يوم بدر ضربتنى بجريدة، فقال النبى هاتوا عصا ليضربنى فوقف سيدنا على قال له إنك مريض»، لكن النبى أصر على أن يقتص منه حتى يعلى قيمة الخضوع للقانون ليقدم لأمته المثل، وتساءل مكى هل يمكن أن يحدث ذلك فى نظمنا الحاكمة؟ بل وفى دوائر عملنا؟.

وأضاف أن أوجه إهدار القاعدة القانونية كثيرة منها أن الأحكام لا تنفذ، والقاضى لا يحترم، وبالتالى عندما تراجعت قيمة القانون تراجعت مبادئ المحاكمة ونظمها وأول مصاب هم المحامون، كما أن رأس العدالة والقاعدة القانونية الحقيقية، أن يتقبل الناس النظام بالرضا والاقتناع وليس بالطوارئ وأن تخضع الدولة والحاكم للقانون.

وأوضح مكى أن الأزمة الأخيرة التى اندلعت بين المحامين والقضاة ستبقى قائمة كما توقع أن تتكرر مرات عديدة فى المستقبل لأن السبب الحقيقى لانفجارها وهو «غياب دولة القانون» لم تتم معالجته، وأشار إلى أنه إذا استعاد القانون مكانته استعاد العاملون به مكانتهم، لأنه لن يكون للمحامين أو القضاة قيمة ما لم يكن القانون حصنا وحماية حقوق المواطنين وحريتهم، وعقابا لكل مفسد فى البلاد، وأن تخضع رأس الدولة نفسه للقانون.

[URL="http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=248556"]المصدر هنا (http://www.addthis.com/bookmark.php)