المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأباطرة الحمصيون في روما



هيثم الفقى
06-09-2010, 03:03 AM
استلام الحمصيون مقاليد الحكم في روما مع الإمبراطورة الحمصية جوليا دومنا عندما تزوجها القائد العسكري الروماني الليبي الأصل سيبتموس سيفيروس .. فعندما شاءت الأقدار عام 197 م أن يصبح سيبتيموس إمبراطورا ساعدته هذه السيدة الجميلة ( وهذا هو معنى جوليا دومنا ) في إدارة شؤون البلاد
وبشهادة الكثير من المؤرخين كان لجوليا دومنا دور هام في الحياة الثقافية في روما والمقاطعات .. إذ شكلت ما يشبه ندوة ثقافية ضمت نخبة من الفلاسفة والعلماء الكبار في تلك الفترة .. ثم توفي زوجها عام 211 م فتسلم ولديها كاراكالا وغيتا مقاليد الحكم وقيل إنها كانت وراء تعديل قانون الجنسية وإصدار القانون التاريخي الذي كان مفصل في تاريخ الإمبراطورية والذي يقضي باعتبار كل رعايا الإمبراطورية مواطنين رومان كاملي الحقوق إلا أن قيام كاراكالا بقتل أخيه غيتا في حضرتها وتفرده بالحكم كان سبباً في اعتكافها وزوال دورها في الحياة العامة

إلى هنا لم يكن الدور الحمصي في البلاط فعالاً إلا من خلال هذه المرأة الجميلة والقادرة ويجب ألا ننسى أن سيبتيموس ليبي الأصل وليس سورياً لكنه مع أولاده لم يقصروا عن دعم حمص مادياً ومعنوياً وأعطوها حق صك العملات وأعطوا معبدها حق الحماية والاستقلال المالي هذا المعبد الذي كان والد جوليا دومنا كاهنا رئيساً.له
أما الدور الحمصي الحقيقي في حياة الإمبراطورية الرومانية فقد بدأ مع جوليا ميسا أخت جوليا دومنا التي رافقتها إلى روما وعاشت حياة الأباطرة وتعلمت أساليب الإدارة وفنون السياسة ففي عام 217 م وعند مقتل كاراكالا تصدى لمهمة الحكم هناك قائد عسكري آخر اسمه مكرينوس الذي ما أن جلس على العرش حتى بدأ بتقليص النفوذ السياسي للحمصيين وطلب من جوليا ميسا وعائلتها العودة إلى ديارهم ..
نفذت ميسا الأمر وعادت إلى سوريا لكن عينها كانت على روما ,, فلما وصلت إلى حمص حيث كان يتمركز جيش شرق الروماني حتى قررت لقاء الضباط وتحريضهم على احتلال روما وخلع مغتصب العرش مكرينوس ,, مولت ميسا حملتها من كنوز معبد حمص حيث كان يحتفظ بالحجر الأسود النيزكي الشهير وتوجهت إلى معسكر الفرقة وخطبت فيهم خطاباً حماسياً طالبت فيه بتنصيب حفيدها كاهن المعبد حمص الصغير ( إلاكابالوس ) إله الجبل أو الجابل أمبراطوراً فأيدها القادة وقرروا خوض الحرب معها ( ركبت ميسا جوادها وحمَّلت عرباتها بذهب الهيكل وقادت الفرقة السورية باتجاه الشمال لتقابل جيش مكرينوس الذي قدم من روما للقضاء على الفتنة فالتقى الجيشان في سهل قرب أنطاكيا وكانت الغلية لإبنة حمص البطلة وفر مكرينوس منفرداً متنكراً بزي آخر لكن تنكره لم يخفيه عن أعين الذين أمرتهم بملاحقته .. فوصلوا إليه وقطعوا رأسه وأرسلوه لسيدتهم ليرتاح بالها .
نصبت جوليا ميسا حفيدها إيلاكابال إمبراطوراً على روما وهو في الرابعة عشرة من عمره وبدأ بذلك حكم الحمصيين الحقيقي الذي دام سبعة عشر عاماً من 218 حتى222 فترة حكم إبلاكابال ومن 222 حتى 235 وهي فترة حكم الكسندر سيفيروس وهو حفيدها الآخر من ابنتها الثانية .
عمل إلاكابال بنصيحة جدته وأرسل بعد الانتصار الحاسم على مكرينوس رسالة تاريخية إلى مجلس الشيوخ الروماني يعلن فيه نفسه أمبراطوراً ويبشرهم بنقل الحجر الأسود الحمصي إلى روما حيث ستتم عبادته في العاصمة معتبراً ديانته ديانة من الدرجة الأولى
لم يكن اختيار جوليا ميسا لهذا الحفيد موافقاً فقد كان صغير السن فغلبته مغريات حياة الأباطرة فأساء استخدام السلطة وقام بأعمال جعلت من أغلب الشيوخ أعداء له .
شعرت ميسا باقتراب نهاية حفيدها إيلاكابال فطلبت منه اختيار حفيدها الآخر أليكسندر سيفيروس ولياً للعهد الذي كانت قد بدأت بإعداده للحكم من خلال تثقيفه وتدريبه إذ اختارت له أهم الفلاسفة والمربين في تلك الفترة ليكونوا عوناً له في مهمته القادمة وفعلاً صدق حدسها فعندما اغتيل إلاكابال كان حفيدها الثاني جاهز لاستلام الحكم فتمكن من قيادة الرومان ثلاثة عشرة عام كانت بشهادة المؤرخين من أفضل السنين في حياة الرومان . ..
تناوب بعد أليكساندر سيفيروس على عرش روما عدة أباطرة منهم فيليب العربي وجورديان وغيرهم إلى أن قام حمصي آخر كان أحد القادة العسكريين في الشرق اسمه ( أوروانوس أنطونينوس ) بتنصيب نفسه إمبراطورا على روما عام 253 لكن الإمبراطور فاليريان قضى عليه عام 254 ومات بطريقة غامضة والمرجح أنه غرق في مياه الفرات لدى محاولة العبور
أما المحاولة الأخيرة للحمصيين في اعتلاء عرش روما فكانت بطلتها زنوبيا الشهيرة التي كانت تعتبر جوليا ميسا قدوة لها فحاولت أن تجعل من ابنهاوهب اللت أمبراطوراً لكنها فشلت وبفشلها بدأ دور حمص بالحياة الرومانية بالانحسار



من مجلة أبناء حمص العدد 1 لعام 2006 م قرص ليزري