المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعليم المفتوح: محاضرة عن (أسبـــاب الإباحة)



د.شيماء عطاالله
06-07-2010, 12:53 PM
أسباب الإباحة

- فكرة الإباحة :
لم يضع قانون العقوبات تعريفا أو يحدد مفهوما معينا لاصطلاح " أسباب الإباحة " على الرغم من أنه وضع عنوان الباب التاسع من الباب الكتاب الأول " أسباب الإباحة وتجاوز حدودها " ، واستخدم تعبير " أسباب الإباحة " ، معتمدا على معالجة كل سبب من أسباب على حده . وتعتمد فكرة أسباب الإباحة على أنه قد يقع الفعل تحت طائلة التجريم لوجود نص يعاقب عليه، ومع ذلك فإن المسئولية الجنائية لا تنشأ عن هذا الفعل وذلك لوجود نص آخر يبيح هذا الفعل في الظروف التي وقع فيها . وسوف نعرض فيما يلي من شرح لتلك الأسباب التي ترفع عن الفعل صفة التجريم وبالتالي تنفي المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية . بيد أننا سوف نبدأ بعرض المفاهيم العامة التي تسري على أسباب الإباحة بوجه عام دون مخصص ، وذلك ببيان مفهوم الإباحة بوجه عام والتمييز بينها وبين غيرها من موانع المسئولية وموانع العقاب ، وبيان فكرة الغلط في الإباحة ثم نتبع ذلك بتوضيح الأثر الذي يخلفه سبب الإباحة على المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية.
- الإباحة الأصلية والإباحة الاستثنائية :
يُقصد بالإباحة هنا الإباحة الاستثنائية ، ويُطلق عليها هذا التعبير لتمييزها عن الإباحة الأصلية . هذا النوع الأخير من الإباحة يُقصد به عدم تجريم الفعل بداءة . أما الإباحة الاستثنائية فهي التي نقصدها في هذا المقام حيث يقع الفعل تحت طائلة التجريم ، ولكن القانون يرفع عنه صفة التجريم بعد ذلك إذا حدث هذا الفعل في ظروف معينة وبشروط معينة ارتأى المشرع فيها أن مصلحة أقوى يجدر حمايتها بعدم تجريم الفعل في تلك الظروف ، وأسمى ذلك أسباب الإباحة . فلا شك أن القتل يشكل جريمة ، بيد أنه إذا قام به شخص دفاعا عن نفسه أو عن الغير ، فإنه يصبح مباحا وتنتفي كل مسئولية جنائية أو مدنية تترتب عليه .
- الطبيعة القانونية لأسباب الإباحة :
الإباحة ذات طبيعة موضوعية . يترتب على ذلك النتائج القانونية التالية : 1- لا يلزم أن يتوافر علم الفاعل بها لكي يستفيد منها . فهي تحقق أثرها في رفع الصفة التجريمية عن الفعل ، سواء علم بها الفاعل أو لم يعلم ، أي ولو جهل بها . فمن يطلق على آخر الرصاص وهو يجهل أنه يقوم هو الآخر بالاعتداء عليه بشكل يبيح الدفاع بالقتل ، فإن الإباحة تنتج أثرها رغم هذا الجهل . 2- إذا توافر سبب من أسباب الإباحة فإنه يرفع عن الفعل صفة التجريم وبالتالي فإن المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية تنتفي بأركانهما المعتمدة على ركن الخطأ .
وفي بعض الحالات يقرر المشرع سببا من أسباب الإباحة يرتبط بصفة الجاني ، أي أنه سبب نسبي من أسباب الإباحة : إذا مارسه شخص معين ممن حددهم القانون فإن الإباحة تنتج أثرها ، وإذا باشره شخص آخر بصفته فاعلا فإنه لا يستفيد من الإباحة . من ذلك ممارسة العمل الطبي الذي يتطلب ممن يقوم به أن يكون قد رُخص له بالقيام بذلك العمل . ومع ذلك فإنه إذا توافرت الصفة واجتمعت شروط الإباحة فإن الغير يستفيد من هذا السبب باعتباره شريكا في الفعل وليس فاعلا أصليا فيه ، وبالتالي فإن هذا السبب ينتج آثاره الموضوعية آنذاك .
- الغلط في الإباحة :
يُقصد بالغلط في الإباحة أن يعتقد الفاعل خطأ أنه يتمتع بسبب معين من أسباب الإباحة فيقوم بممارسة فعل يقع تحت طائلة التجريم كمن يعتقد أن آخر يعتدي عليه فيهب لرد الاعتداء وذلك بالاعتداء عليه .
ما دام أن أسباب الإباحة ذات طبيعة موضوعية ، فإن مؤدى ذلك أن الغلط في الإباحة لا يعدل الإباحة ، وبالتالي فإن من يقوم بفعل ردا على جريمة ظنية ليست حقيقية تقع في مواجهته لا يستفيد من سبب من أسباب الإباحة .
يترتب على ذلك مسئولية الفاعلعن جريمة غير عمدية باعتبار أنه لا يستفيد بسبب من أسباب الإباحة ، كما أنه لم يكن متعمدا ارتكاب الجريمة. ولما هو مقرر بأن الغلط ينفي القصد الجنائي. ومن البداهة أن تلك المسئولية لا تقوم إلاّ إذا كان القانون يعاقب على الفعل بوصف الجريمة غير العمدية كما هو الحال في القتل . أما إذا كان القانون لا يعاقب على الفعل بوصف الجريمة غير العمدية فإنه لا مسئولية جنائية تقع على الفاعل عندئذ. فمن اعتقد أن من واجبات وظيفته أن يدون معلومات معينة في المستندات التي بحوزته بسبب عمله واتضح أن ذلك هو من قبيل التزوير ، فإنه لا يسأل عن جريمة التزوير ، ذلك أن التزوير جريمة عمدية ، لا تقع إلاّ بتوافر القصد الجنائي ، وليس بالخطأ غير العمدي .
- التمييز بين أسباب الإباحة وموانع المسئولية :
موانع المسئولية هي تلك التي تحول دون مساءلة الفاعل على الرغم من ارتكابه للجريمة . فالصغير والمجنون لا يُسألان جنائيا على الرغم من ارتكاب الجريمة . فالأمر يتعلق بمانع من موانع الأهلية الجنائية التي هي شرط للمسئولية الجنائية .
ويمكن تمييز موانع المسئولية عن أسباب الإباحة في الجوانب التالية :
1- أسباب الإباحة ترفع عن الفعل صفة التجريم ، أما موانع المسئولية فإنها لا تنفي أن الجريمة وقعت وأن هناك خطأ ينسب إلى الفاعل .
2 - أسباب الإباحة موضوعية يمتد أثرها إلى الفاعل والشريك ، أما موانع المسئولية فأثرها محدود في شخص من توافر لديه دون غيره . فإذا اشترك أكثر من شخص في الجريمة فإن كل منهم يُسأل وفقا لمدى توافر واكتمال أهليته الجنائية . وقد سبق القول بأن من يحرض شخصا غير مسئول جنائيا يسأل جنائيا بوصفه فاعلا أصليا في الجريمة .
3 - توافر الإباحة يحول دون قيام المسئولية المدنية ، أما موانع المسئولية فإنها لا تحول دون توافر المسئولية المدنية بالتعويض باعتبار أن الشخص غير المسئول (صغيرا مميزا أو مجنونا) يسأل مدنيا بالتعويض . فالمسئولية المدنية ترمي إلى جبر الضرر وليس عقاب المسئول .
4 - لا محل لإخضاع من يستفيد من سبب من أسباب الإباحة لتدبير من التدابير المقررة قانونا ، أما الصغير غير المميز أو المجنون فهناك من التدابير ما يأمر بها في مواجهته . فتنص المادة (128 ) من قانون الطفل على أنه "إذا رأت المحكمة أن حالة الطفل البدنية أو العقلية أو النفسية تستلزم فحصه قبل الفصل في الدعوى قررت وضعه تحت الملاحظة في أحد الأماكن المناسبة المدة التي تلزم لذلك. وتوقف السير في الدعوى إلى أن يتم هذا الفحص". في ذلك تنص المادة (339 ) إجراءات جنائية على أنه".. ويجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظور أمامها الدعوى ، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس إصدار الأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله ".
- التمييز بين الإباحة والإعفاء من العقاب :
قد يُعفى الفاعل من العقاب إذا نص القانون على ذلك كمكافأة له على قيامه بسلوك معين بعد ارتكاب الجريمة مثل الراشي والوسيط الذي يبادر بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية عن جريمة الرشوة أو يعترف بها قبل اتصال المحكمة بالدعوى (مادة 107 مكررا عقوبات).
وفيما يلي عرض للصور الهامة لأسباب الإباحة والتي تتمثل في :
- الدفاع الشرعي
- استعمال الحق



أولاً: الدفاع الشــــرعي


شروط الدفاع الشرعي
يلزم توافر عدة شروط حتى ينشأ الحق في الدفاع الشرعي ، هذه الشروط منها ما يتعلق بالاعتداء ومنها ما يتعلق بالدفاع .



شروط تتعلق بالاعتداء

يبين من مراجعة المادة (245) عقوبات أن شروط الاعتداء الذي يبرر الدفاع الشرعي تتمثل في التالي :
1 - أن يكون هناك خطر بوقوع جريمة على النفس أو على المال
2 - أن يكون الخطر حالا
وجود خطر بجريمة
على النفس أو المال

- عبرت المادة (245) عقوبات عن هذا الشرط بقولها : " إذا واجه المدافع خطرا حالا من جريمة على نفسه أو على ماله أو نفس أو غيره أو ماله أو اعتقد قيام هذا الخطر وكان اعتقده مبنيا على أسباب معقولة ".
- يكفي وجود الخطر : وجود اعتداء فعلي أمر غير لازم :
لا يلزم لوجود الدفاع الشرعي أن يكون الاعتداء قد بدأ فعلا ، بل إنه يكفي وجود خطر يدل على أن الاعتداء وشيك الوقوع . فالدفاع الشرعي قد شرع لدرء الاعتداء ولا يتصور أن يُطالب المجني عليه بالانتظار حتى يبدأ هذا العدوان ويصبح في وضع لا يسمح له بأن يمارس حقه في الدفاع .
- لا دفاع بعد انتهاء الاعتداء :
فالحق في الدفاع ينشأ منذ أن يظهر الخطر بالاعتداء إلى أن ينتهي هذا الاعتداء . فلا يجوز للمجني عليه أن يمارس حقا في الدفاع إذا انتهى الاعتداء الواقع عليه . ذلك أن الدفاع الشرعي لم يُشرع لكي يكون وسيلة للانتقام أو لكي يقيم كل شخص العدالة لنفسه ، بل إنه شرع لرد اعتداء قائم .
- يلزم أن يكون الاعتداء مشكلا لجريمة :
الدفاع الشرعي سبب من أسباب إباحة جريمة المدافع ، وهو لا ينتج هذا الأثر إلاّ إذا كان العدوان مشكلا لجريمة ، عندئذ يظهر صراع المصالح بين مصلحة المعتدي ومصلحة المدافع . في حله لهذا التصارع تُرجح مصلحة المدافع على مصلحة المعتدي .
- لا دفاع ضد فعل مباح :
لا يجوز ممارسة الدفاع الشرعي إذا كان الفعل مباحا ، أي لا يشكل جريمة أصلا ، كما في حالة الإباحة الأصلية ، كما لو كان الفعل يقع أصلا تحت طائلة التجريم. كما لا يجوز ممارسة الدفاع الشرعي ضد فعل يسري عليه سبب من أسباب الإباحة الاستثنائية : الدفاع الشرعي ، استعمال الحق ، أداء الواجب ... . فعندما يقوم الأب بتأديب ابنه ، فلا يجوز لهذا الأخير أن يدافع عن نفسه بممارسة العنف في مواجهة أبيه .

شرط حلول الخطر

- الأساس القانوني لهذا الشرط :

يستند شرط حلول الخطر في الدفاع الشرعي إلى أن هذا الأخير شُرع لرد الاعتداء الذي لم يكن في وسع المعتدي أن يلجأ إلى السلطات العامة لتوقيه .
- المقصود بهذا الشرط :
يُقصد بهذا الشرط المعنى الآتي :
- أن يكون الخطر قد بدأ بالفعل

- يبقى الحق في الدفاع ما دام الخطر قائما
- لا دفاع ضد الخطر المستقبلي
- لا دفاع ضد الخطر الذي انتهى
وسوف نوضح تلك المعاني فيما يلي من بيان :

أولا - أن يكون الخطر قد بدأ فعلا :
لا يقوم الحق في الدفاع الشرعي إذا لم يتعد الخطر مجرد تهديدات صدرت من المتهم بأنه سوف يقوم بارتكاب جريمة في مواجهة المجني عليه . هذه المرحلة من التهديدات لا تشكل سوى التفكير وربما التصميم على ارتكاب الجريمة ، بينما يُقصد بالخطر أكثر من مجرد التفكير أو التصميم أو حتى الأعمال التحضيرية. فيلزم أن يكون الأمر قد تعدى ذلك إلى مرحلة البدء في التنفيذ.
ثانيا – يبقى الدفاع ما دام الخطر قائما :
- إذا بدأ الخطر نشأ الحق في الدفاع ويستمر وجود هذا الحق ما دام الخطر مستمرا . وتقدير استمرار الخطر أو انتهائه أمر موضوعي تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام استخلاصها سائغا . ومحكمة الموضوع في ذلك تقدر ظروف الواقعة لتستخلص ما إذا كان الخطر قائما أم أنه انتهى . فمجرد سقوط السكين من المتهم وهو يحاول أن يطعن بها المجني عليه لا يعني زوال الخطر ما دام التقاطها من جانبه كان متاحا في ظروف الواقعة واضطر المجني عليه إلى استعمال العنف في مواجهة المعتدي حتى يمنعه من التقاط تلك السكين .

ثالثا – لا دفاع ضد الخطر المستقبلي :
إذا كان الخطر أكيدا ولكنه مستقبلي ، فإن ذلك لا يسوغّ للطرف الثاني أن يبادر إلى استعمال الدفاع ، ذلك أن من واجبه أن يلجأ إلى السلطات لكي يمنع هذا الخطر من الحدوث .
رابعا – لا دفاع ضد الخطر الذي انتهى :
- إذا انتهى الخطر لم يعد هناك محل لوجود الدفاع الشرعي . وينتهي الخطر في حالتين :
الحالة الأولى- إذا تمكن المدافع من وقف الاعتداء
- قد يتمكن المدافع من وقف الاعتداء إذا تمكن من انتزاع السلاح من يد المعتدي . فإذا توقف المعتدي عن المهاجمة ، فإن ذلك يدل على تمكن المدافع من إنهاء الخطر بوسيلة غير عنيفة. فلا يجوز له أن يستعمل السلاح في مواجهة المعتدي وإلاّ كان ذلك اعتداء .
الحالة الثانية – إذا وقع الاعتداء بالفعل وانتهى
- لا محل لوجود الدفاع الشرعي إذا كان العدوان قد انتهى بالفعل . تطبيقا لذلك قُضي بأنه " إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهم كان يغازل فتاة فاستجارت بالمجني عليه فعنّف المتهم على مسلكه معها وضربه بعصا ، فاستل المتهم بعد ذلك مديته وطعن المجني عليه بها ، فليس في ذلك ما يثبت أن المتهم كان في حالة دفاع عن النفس ، بل فيه ما يفيد أن ما وقع منه بعد أن كان المجني عليه قد كفّ عن ضربه ولم يعد ثمة محل للتخوف منه ، إنما كان انتقاما ".
وتتحدد لحظة انتهاء الاعتداء وفقا لطبيعة الجريمة . فإذا كانت جريمة وقتيه فإنها تتم في لحظة معينة وهي حدوث النتيجة إذا كانت من الجرائم ذات النتيجة المادية ، ومن لحظة وقوع النشاط في جرائم الخطر . والمعروف أن جريمة السرقة من الجرائم ذات النتيجة المادية وهي خروج المال المسروق من حيازة صاحبه ودخوله إلى حيازة الفاعل . فلا تنتهي حالة الدفاع الشرعي إذا خرج الفاعل وهو يفر بالمال المسروق من المنزل الذي دخله بقصد السرقة . وبالتالي لصاحب المنزل وكذلك لأي شخص آخر أن يمارس الحق في الدفاع الشرعي ضد هذا المال . يُضاف إلى ذلك ما هو مقرر لكل فرد من حق القبض على الشخص الذي ضبط في حالة تلبس بارتكاب الجريمة لتسليمه إلى رجال للشرطة. وإذا كانت الجريمة متتابعة ، كالضرب ، فلا تنتهي الجريمة إلاّ بانتهاء الضربات المتوالية . وفي الجريمة المستمرة لا تنتهي الجريمة إلاّ بانتهاء حالة الاستمرار . وذلك كله وفقا للقواعد العامة في الركن المادي في الجريمة.



توجيه الخطر إلى النفس أو المال


- المقصود بجرائم النفس أو المال :
استخدمت المادة (46) عقوبات تعبير " جريمة على النفس" ، بينما جاء عنوان الباب الأول من الكتاب الثالث من قانون العقوبات " القتل والجرح والضرب " .
- الجرائم الواقعة على نفس الغير أو على ماله :
لا يقتصر مجال الدفاع الشرعي على الجرائم الموجهة إلى نفس المجني عليه أو ماله فقط ، بل يجوز لكل شخص آخر أن يمارس الدفاع الشرعي ولو لم تكن الجريمة موجهة إلى نفسه هو أو إلى ماله ، بل موجهة إلى نفس شخص آخر أو إلى ماله .
شروط تتعلق بالدفاع

- إذا توافرت شروط الاعتداء ، فإن ذلك لا يكفي للثبوت الحق في استعمال الدفاع الشرعي . بل إنه يلزم توافر شروط في الدفاع . هذه الشروط تتمثل في شرطين : الشرط الأول؛ وهو شرط اللزوم والشرط الثاني وهو شرط التناسب .

أولاً: شرط اللزوم
المقصود بشرط اللزوم :
يُقصد بشرط اللزوم أن يكون ارتكاب جريمة هو الوسيلة الوحيدة لدرء الاعتداء . ويؤكد ذلك أن استعمال هذا الحق هو من الصور الاستثنائية وأن الأصل هو القبض على المعتدي لتقديمه للعدالة ، فإذا لم يتسن ذلك لوقف اعتدائه ، فإنه لا لوم على المجني عليه عندما يستعمل حقه في الدفاع الشرعي.
- النتائج القانونية المترتبة على شرط اللزوم :
يترتب على اللزوم كشرط في الدفاع النتائج الآتية :
1 – انتهاء العدوان يجعل الدفاع غير لازم :
إذا وقع العدوان وانتهى لم يبق سوى القبض على المعتدي وتقديمه إلى العدالة . فإذا قام المجني عليه أو أقاربه أو أي شخص آخر بممارسة العنف في مواجهة المعتدي عندئذ ، فإن شرط اللزوم لا يكون متوافرا . ولا تكون حالة الدفاع الشرعي قائمة ، وتنعقد المسئولية الجنائية والمدنية للمجني عليه باعتباره معتديا
2 – لا دفاع إذا تيسر اللجوء إلى السلطات العامة :
- إذا كان الخطر مستقبليا فإن الدفاع يصبح غير جائز باعتبار أن الوقت لا يزال يسمح باللجوء إلى السلطات العامة لدرء احتمال وقوع الخطر . فليس هناك مسوغ إذن للدفاع . ذلك أن هذا الدفاع غير لازم .
3 – يتوافر شرط اللزوم مع استطاعة هر ب المجني عليه :
- إذا كان من المتيسر للمجني عليه أن يهرب من أمام المعتدي ، فإن ذلك قد يدل على أن الدفاع غير لازم . بيد أن ذلك تكليف بما لا يُطاق ، حيث تأبى كرامة المجني عليه أن يهرب من مواجهة العدوان . لذا فإن تلك المكنة ليس من شأنها أن تنفي توافر شرط اللزوم .

أما إذا كان الهرب لا يتنافى مع الكرامة الإنسانية ، فإن الدفاع لا يكون لازما . من ذلك أن يكون المعتدي صغيرا أو مجنونا . ويُثار التساؤل لو أن المعتدي امرأة : هل يعتبر الدفاع لازما لو في مواجهة امرأة معتدية أم أنه لا يشين الرجل أن يهرب أمام هذا النوع من المعتدين ؟ والحق أن الأمر يتعلق بمسألة موضوع يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب عليه في ذلك مادام تسبيبه لما انتهى إليه يعتبر سائغا في القانون . والرأي عندنا أنه مما يشين المرء أن يهرب أمام امرأة معتدية وأنه وإن كان من المشين أن يبدأ الرجل بالاعتداء على المرأة ، إلاّ أنه من المشين أيضا بالنسبة للرجل أن يولي الأدبار أمامها .
4 – لا يجوز توجيه الدفاع إلى غير المعتدي :

- لا يكون الدفاع لازما إذا لرد العدوان إذا مارسه المدافع نحو شخص غير آخر غير المعتدي كأن يكون أحد أقاربه . فمن يهاجمه " كلب لا يجوز له أن يترك الكلب ويطلق النار على مالكه . ومن تدخل في أرضه دواب لا يجوز له أن يتركها ثم يوجه دفاعه إلى حائزها ".
بيد أنه إذا قد يضطر المدافع إلى توجيه فعله نحو شخص غير المعتدي ، عندئذ يكون هناك محل لحالة الضرورة إذا توافرت شروطها. من ذلك أن تضطر المرأة التي تتعرض لخطر الاغتصاب إلى الخروج إلى الشارع وهي عارية بعد أن جردها المعتدي من ملابسها . فارتكابها لجريمة الفعل الفاضح هو من قبيل حالة الضرورة ولا يدخل في عداد الدفاع الشرعي . وبالمثل لو أن شخصا احتجز آخر في مكان لا يملك أن يبرحه فاضطر إلى السرقة حتى يقيم أوده ، فإن الأمر يتعلق بحالة الضرورة عندئذ .


ثانياً: شرط التناسب
المقصود بشرط التناسب :
يُقصد بهذا الشرط أن يكون الدفاع متمشيا في مقدار جسامته مع الاعتداء، فلا يكون متجاوزا بشكل واضح فعل الاعتداء ، وبالتالي فإن ممارسة الدفاع يتعين أن يتم بالقدر اللازم لرد العدوان ، بلا زيادة . ومن ثم فإن شرط التناسب يُعد متخلفا إذا استعمل المجني عليه بندقية للرد على الاعتداء بعصا .
- القواعد التي تحكم التناسب :
للقول بتوافر التناسب أو عدم توافره يتعين الاهتداء بالقواعد التالية :
1 – ينظر إلى الوسيلة التي استعان بها المجني عليه في رده على تلك التي استعان بها المعتدي . فاستعانة المعتدي بعصا لا تسوغ رد عدوانه ببندقية .
2 – لا يشترط التماثل بين الوسيلتين : فإذا استعان المعتدي بعصا فإن ذلك ليس معناه ضرورة أن يستعين المجني عليه بعصا مثله ، بل له أن يستعين بسكين وخاصة إذا كانت العصا غليظة تشكل خطورة على المجني عليه ليس من السائغ أن يُطالب بتحملها وهو لا يملك عصا مثلها .
3 – يؤخذ في تقدير التناسب بظروف الواقعة التي كان المجني عليه يتواجد فيها في أثناء العدوان عليه . فإذا لم يكن معه عصا لمقاومة المعتدي وليس في متناول يديه سوى سكين فإن لا حرج عليه إن هو استعان بالسكين لرد العدوان في حدود المقدار اللازم لذلك .
4 – يؤخذ في الاعتبار الحالة الجسمية للمجني عليه في مقارنتها بتلك التي تخص المعتدي . فإذا كان المجني عليه صغيرا أو ضعيف البنية أو امرأة لا تقوى على مقاومة المهاجم ، ولم يكن أمامها سوى وسيلة السكين ، فإن ذلك لا يعتبر منها خروجا على شرط التناسب إن هي لم تجد من الوسائل الأخرى ما تقاوم بها عدوان المعتدي إلا تلك الوسيلة .
5 – لا يتوافر شرط التناسب إذا كان عدم التناسب ظاهرا بين الوسيلتين . فإذا استعان المعتدي بعصا ، فإن ذلك لا يخول للمجني عليه أن يطلق النار عليه .
- تجاوز الدفاع الشرعي :
إذا أخلّ المجني عليه بشرط التجاوز ، فإن ذلك ينفي في مواجهته الحق في استعمال الدفاع الشرعي . بيد أنه لما كان هناك اعتداء أصلا قد وقع عليه ، وتوافرت كافة شروط الدفاع الشرعي الأخرى وتخلف شرط التناسب ، فإن المشرع قد قدر ظروف المجني عليه الذي خرج على حدود الدفاع الشرعي وقرر له عذرا مخففا للعقوبة عما وقع منه من فعل لم يعد يسري عليه سبب من أسباب الإباحة . فتنص المادة ( 251) عقوبات على أنه " لا يعفى من العقاب بالكلية من تعدى بنية سليمة حدود الدفاع الشرعي …. ومع ذلك يجوز للقاضي إذا كان الفعل جناية أن يعده معذورا إذا رأى لذلك محلا وأن يحكم عليه بالحبس بدلا من العقوبة المقررة في القانون " .




القيود الواردة على استعمال الدفاع الشرعي

على الرغم من توافر شروط الدفاع الشرعي ، ما يتعلق منها بالاعتداء أو بالدفاع ، فإن يرد على استعمال الحق في الدفاع الشرعي نوعان من القيود ؛ النوع الأول يتعلق بحالات يُحظر فيها استعمال الدفاع الشرعي ، والنوع الثاني يُقيد فيها الدفاع الشرعي بالقتل في حالات محددة على سبيل الحصر . وسوف نتعرض لهذين النوعين من القيود فيما يلي من بيان :



حظر استعمال الدفاع الشرعي لمقاومة


السلطات العامة

- تبرير هذا الحظر :
يجد هذا الحظر تبريره في رغبة المشرع في تمكين رجال السلطة العامة من القيام بأعمالهم ومنها القبض على المتهمين ، حتى ولو ارتكبوا في أثناء قيامهم بتلك الأعمال بعض الأخطاء القانونية كأن يقوم بالقبض أو التفتيش في غير الأحوال التي يسمح بها القانون . وبالتالي فإن الأمر يتعلق بدعوى الجمهور إلى التعاون معهم والتمسك بعد ذلك ببطلان أعمالهم أو مساءلتهم تأديبيا أو جنائيا .
- اقتصار مجال الحظر على رجال الضبط القضائي :
يقتصر مجال هذا الحظر على أعمال رجال الضبط القضائي، فلا يتسع لتشمل جميع رجال السلطة العامة . ويبين ذلك من صريح نص المادة ( 248) من قانون العقوبات .
- الخروج على قاعدة الحظر :
أوردت المادة (248) عقوبات حالة خرج فيها المشرع على قاعدة الحظر وتتمثل في حالة ما إذا " خيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جراح بالغة وكان لهذا الخوف سبب معقول " .
وبناء عليه فإن الخروج على هذا الحظر مشروط بشرطين : الأول – أن ينشأ تخوف أن يؤدي فعل رجل السلطة العامة إلى الموت أو جروح بالغة . ومؤدى ذلك أن فعل رجل الشرطة غير مشروع ، وأن عدم مشروعيته ظاهرة بشكل وصل به إلى درجة احتمال أن ينشأ عنه الموت أو جراح بالغة ، لا يمكن أن يطالب المشرع الجمهور بتحمل هذه النتائج الخطيرة . وواضح أن الأمر يتعلق بحالات استثنائية وليس بما هو معتاد من أخطاء يقع فيها رجال السلطة العامة . ومن ذلك أن يأمر رجل الشرطة بالقبض على رجل أجريت له عملية جراحية من وقت قصير لنقله إلى مركز الشرطة.
ويلزم ثانيا أن يكون التخوف من حدوث الموت أو جراح بالغة مستندا إلى سبب معقول يبرر هذا التخوف لدى من يقاوم مأمور الضبط القضائي .



تقييد استعمال الدفاع بالقتل

- حصرت المادة (250) عقوبات الحالات التي يجوز فيها الدفاع الشرعي بالقتل . بعض هذه الحالات تنتمي إلى حالات الدفاع عن النفس والبعض الآخر ينتمي إلى الدفاع عن المال .

أولا - حالات الدفاع عن النفس التي تبيح القتل :
- حددت المادة (250) عقوبات حالات الدفاع عن النفس التي تبيح القتل في التالي :
1 – فعل يتخوف أن يحدث عنه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة
2- اتيان امرأة كرها أو هتك عرض إنسان بالقوة .
3 – اختطاف إنسان
فإذا توافرت حالة من الحالات السابقة كان للمجني عليه أن يدافع عن نفسه وذلك بقتل المعتدي ، مادامت شروط الاعتداء وشروط الدفاع قد توافرت، فكان الخطر قائما ولم ينته والدفاع لازما . عندئذ يعتبر القتل متناسبا مع هذا النوع من الاعتداء . إذن فالأمر يتعلق بتقدير تشريعي للتناسب ، فبدلا من ترك تقدير ذلك الأمر الذي يتعلق بالحق في الحياة أراد المشرع التدخل لتحديد ذلك التناسب إذا وصل إلى حد قتل المعتدي .
ثانيا – حالات الدفاع عن المال التي تبيح القتل :
- حددت المادة (250) عقوبات تلك الحالات في التالي:
1 – فعل من الأفعال المبينة في الباب الثاني من هذا الكتاب
2- سرقة من السرقات المعدودة من الجنايات
3 – الدخول ليلا في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته
4- فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة .
ويشترط في إباحة الدفاع الشرعي بالقتل في الحالة الأخيرة أن يتعلق الأمر بمنزل وليس بغيره من الأماكن كالمخازن والمحلات مثلا، وأن يكون المنزل مسكونا ، فلا يكفي أن يكون معدا للسكنى إذا لم يكن يقيم به أحد . بيد أنه لا يشترط أن يكون النزلاء في هذا المنزل موجودين به لحظة الدخول. ويتوافر الشرط إذا لم يكن الدخول إلى المنزل نفسه بل كان إلى أحد ملحقاته كالحديقة أو جراج السيارة . وقد يُلحق بالمنزل حظيرة للحيوانات، فيتحقق الشرط إذن بدخولها . بيد أن حالة الدخول التي تبرر الدفاع الشرعي بالقتل تفترض أن هناك خطرا جسيما بارتكاب جريمة لا يعرفها المدافع. فإذا كان البين من الظروف أن قصد الجاني بالدخول هو سرقة الحيوانات أو السيارة وذلك بالتوجه إلى هذا المكان ومحاولة الاستيلاء عليها ، فإن الدفاع بالقتل لا يكون مباحا إلاّ بشرط توافر حالة من حالات جنايات السرقة ، وبالتالي لا يكون الدفاع الشرعي بالحق مباحا في تلك الحالة مادام الجاني لم يستعمل الإكراه في مواجهة المدافع بغرض السرقة أو قام بفعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة للمدافع .



ثانياً: استعمال الحق


- الأساس القانوني للإباحة في حالة استعمال الحق :
يستند وجود هذا السبب من أسباب الإباحة إلى نص المادة (60) عقوبات الذي يجري على أنه " لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة" .
- تبرير الإباحة في حالة استعمال الحق :
يرجع تبرير هذه السبب من أسباب الإباحة إلى حقيقة أنه لا يمكن أن يسمح القانون بعمل معين وفي نفس الوقت يعاقب على القيام به . فالفعل إذن مع أنه يشكل جريمة إلاّ أنه إذا توافرت حالة من الحالات التي يجعل القانون فيها حقا للفرد أن يقوم به ، فإن صفة التجريم ترتفع في هذه الحالة ، وهذا هو مؤدى الإباحة . فالزوج الذي يؤدب زوجته يستفيد من سبب من أسباب إباحة جريمة الضرب.
- الشروط العامة لاستعمال الحق كسبب للإباحة :
لكي يستفيد صاحب حق معين من الإباحة يتعين توافر شرطين:
الشرط الأول – أن يكون الحق مقررا بمقتضى القانون أو الشريعة أو العرف : فقد يجد الحق مصدره في القانون كالحق في ممارسة العمل الطبي حيث يضع القانون شروط لممارسة العمل الطبي ، وقد تكون الشريعة الإسلامية مصدر هذا الحق كالحق في تأديب الزوجة ، وقد يرجع هذا الحق إلى ما تعارف عليه الناس مثل إباحة أعمال العنف في ممارسة الألعاب الرياضية .
الشرط الثاني – حسن النية : صرحت المادة (60) عقوبات بهذا الشرط بقولها "بنية سليمة". والحقيقة أن من يقوم باستعمال الحق بطريقة متعسفة تتنافي مع حسن النية ، يخرج على الحدود التي تجد تبريرها في تحقيق غاية معينة لا يتمشى معها التعسف في الحق كاستعماله للإضرار بالغير .
- تطبيقات على استعمال الحق كسبب للإباحة :
لم تورد المادة (60) عقوبات حالات استعمال الحق ، تاركة هذا الأمر للقوانين المختلفة بل والأعراف بالإضافة للشريعة الإسلامية . كل هذه المصادر تورد تطبيقات لاستعمال الحق ، ذلك أنه وإن كان مصدر التجريم محدد في القانون أو بناء على القانون، فإن الأمر غير ذلك بالنسبة لمصادر الإباحة . ومن أهم تلك التطبيقات ما يلي :
1 – حق التأديب :
من الواضح أن هذا الحق يجد مصدره في الشريعة الإسلامية باعتبار أن للرجل حق تأديب زوجته . أما إذا كان الرجل ينتمي إلى ديانة أخرى غير الإسلام ، فإن الشريعة لا تكون مصدرا لحقه . وهنا نلجأ إلى العرف السائد بين هؤلاء القوم . فإذا كانت أعراف هؤلاء – كما هو الحال بين الأوربيين - تنكر على الرجل أن يصفع امرأته عندما ينسب إليها خطأ ، فإن الرجل لا يتمتع بسبب من أسباب الإباحة . وإذا كان الرجل مسلما والمرأة غير ذلك ، فإننا نرى أن له الحق في التأديب يستمده من الشريعة الإسلامية التي لا تستلزم موافقة من المرأة أو اتحاد الدين لكي يمارس حقه الشخصي .
بيد أنه يلزم للاستفادة من هذا الحق التزام الرجل بالحدود المقررة في الشريعة الإسلامية لاستعمال ذلك الحق . فلا يجوز اللجوء إلى تأديب الزوجة إلاّ بالشروط التالية :
(أ) صدور سلوك خاطئ من الزوجة . ولا يشترط جسامة معينة من الخطأ ، فقد يتمثل في عدم طاعة الزوج كالخروج من منزل الزوجية بدون إذن الزوج .
(ب) أن يكون التأديب لازما ، فمن المتعين أن يلجأ الرجل إلى وسائل أخرى غير التأديب وهي الوعظ والهجر في المضاجع ثم الضرب ، فلا تجدي تلك الوسائل في تقويم الزوجة . فيقول تعالى " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " .
(جـ) الالتزام بحدود التأديب : يخرج صاحب الحق في التأديب عن حدود حقه إذا تعدى فعله حدود الضرب الخفيف . فلا يجوز اللجوء إلى الضرب المبرح الذي يترك أثرا يدل على العنف الشديد . فتقوم المسئولية الجنائية إذا لم يلتزم الزوج حدود التأديب تاركا أثرًا على جسم الزوجة ولو سحجات بسيطة.

2 – ممارسة العمل الطبي :
- الأساس القانوني للعمل الطبي :
من المقرر أن الطبيب له الحق في القيام بالأعمال الطبية ، ويستند ذلك إلى قوانين ممارسة مهنة الطب ، بالإضافة إلى الأعراف الطبية. ومن هنا فإن الطبيب له الحق في القيام بأعمال قد تشكل جرائم إذا قام بها شخص غير طبيب كما لو قام بعملية جراحية أو أعطى أدوية .
- شروط إباحة العمل الطبي :
يشترط لإباحة العمل الطبي توافر عدة شروط هي :
1 – نوع العمل : العمل الطبي
يلزم أن يكون العمل طبيا كإجراء عملية جراحية أو غير ذلك من الأعمال الطبية. ويُعتبر العمل طبيا مادام أن غرضه معالجة المريض، وما دام أنه قد أُجرى بإتباع أصول المهنة الطبية.
فإذا كان العمل الطبي مخالفا لأصول المهنة الطبية ، فإن ذلك يولد المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية .
ولا يدخل في عداد العمل الطبي إجراء تجارب طبية على الإنسان . من هذه التجارب إجراء اختبارات على غير المرضى لمعرفة تأثير دواء جديد عليهم . ويحظر الدستور القيام بالأعمال الطبية . فتنص المادة (43) من الدستور على أنه " لا يجوز إجراء أي تجربة طبية أو علمية على أي إنسان بغير رضائه الحر"
ولا يعتبر عملا طبيا أن يقوم المتهم ببتر عضو من أعضاء المجني عليه حتى يساعده على الحصول على الإعفاء من الخدمة العسكرية . فقد قُضي بأنه " يُعد جريمة معاقبا عليها على أساس العمد قيام الطبيب بإجراء عملية بتر عضو من أعضاء جسم شخص بقصد تسهيل تخلصه من الخدمة العسكرية حتى ولو تم ذلك برضاء المجني عليه أو بناء على رجائه " .
2 – الترخيص بالعمل الطبي لمن يمارسه :
لا يُباح لأي شخص – دون ترخيص - ممارسة العمل الطبي ، بل يتعين على من يقوم بذلك أن يُرخص له بمزاولة المهنة وفقا للأوضاع القانونية.
3 – رضاء المريض :
لا يُباح العمل الطبي – وفقا لقوانين ممارسة مهنة الطب - إلاّ إذا كان المريض موافقا على إجراء العملية أو ممارسة العمل الطبي على جسمه. ويُكتفى برضاء النائب عن المريض إذا لم يكن هذا الأخير في حالة تسمح له بإعطاء ذلك الرضاء أو كان صغيرا. في هذه الحالة فإن الولي أو الوصي ينوب في التعبير عن إرادته . وإذا كانت حالة المريض حرجة وكان من الضروري إجراء تدخل جراحي مثلا ، فإن حالة الضرورة تجيز القيام بالعمل الطبي دون موافقة المريض أو النائب عنه وفقا للقواعد العامة .
ويشترط أن يكون الرضاء صحيحا حتى ينتج أثره أي أن يكون رضاء حرا وكذلك رضاءً مستنيرا أي متبصرا بأبعاد العملية الجراحية كما هو متوقع من قبيل الطبيب الجراح.
ولم يشترط القانون شكلا معينا لرضاء المريض أو النائب عنه ، فقد يكون الرضاء صريحا أو ضمنيا . وبالتالي لا يلزم أن يكون هذا الرضاء مكتوبا . ويُعد من قبيل الرضاء الضمني أن يتحدث الطبيب عن ضرورة إجراء عملية معينة فيسمع المريض ذلك وهو غير فاقد للوعي أو يسمع النائب عنه ذلك ولا يعترض .

3 – ممارسة الألعاب الرياضية :
- الأساس القانوني للإباحة :
يستند وجود هذا الحق إلى الأعراف الرياضية .
- شروط إباحة الألعاب الرياضية :
يستفيد اللاعب من إباحة بعض صور العنف التي تقع في أثناء الألعاب الرياضية بالشروط التالية :
1 – أن يتعلق الأمر بلعبة من الألعاب المسموح بها وفقا للقانون أو اللوائح أو القرارات الوزارية أو العرف الرياضي في البلاد . وبالتالي فإنه إذا لم يكن القانون أو اللوائح أو القرارات تسمح بممارسة لعبة معينة مثل المصارعة الحرة فإن اللاعبين لا يستفيدون بسبب من أسباب الإباحة ، حتى ولو كانوا من الأجانب الذين حضورا لكي يستعرضوا هذا النوع من الألعاب العنيفة .
2 – أن يقوم الممارس لتلك اللعبة بعدم الخروج على الحدود المقررة لتلك اللعبة . بيد أن ذلك ليس معناه أن يُحرم اللاعب من الإباحة عندما يخطئ في أثناء قيامه بممارسة تلك اللعبة ، مادام أن قواعد اللعبة تجيز له أن يستمر في اللعبة بعد ارتكاب الخطأ مع توقيع الجزاء المقرر عليه ( إعطائه كارت أصفر)، كما لو أخطأ لاعب الكرة ولم يقصد إلى دفع اللاعب الآخر ولكن سرعته أو سوء تقديره أدى إلى سقوطه . أما إذا تعمد ذلك وارتأى الحكم أنه يجب أن يخرج من اللعبة ( فأعطاه كارتا أحمر ) ، فإن ذلك معناه أن سلوكه قد تجاوز حدود اللعب المقررة، ومن ثم فإنه يُسأل عن إصابة هذا اللاعب جنائيا ومدنيا.
ومن الواضح أنه إذا قام اللاعب بممارسة العنف على آخر قبل المباراة أو بعد انتهاء المباراة ، فإن ذلك مؤداه عدم استفادته بسبب من أسباب الإباحة .

pepo emil
06-26-2010, 06:07 PM
شكراااااااااااا

pepo emil
06-26-2010, 06:07 PM
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااا

الخيال77
06-28-2010, 02:43 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sniper2010
07-06-2010, 02:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

abohelmy
12-12-2010, 11:15 PM
جزاكي الله خيرا د/ شيماء وجعله الله في ميزان حسناتك

وبعد اذن حضرتك مرفق ملف ورد للمحاضرة جاهز للطباعة للتسهيل علي الاخوة الطلاب