المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التناسب في الجزاء التأديبي :



القارئة
02-25-2010, 10:07 AM
تأديب – ضرورة تناسب العقوبة مع الذنب الإداري – إن كان لسلطة التأديب تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو – ومن صور الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء أو مقداره ففي هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة المحكمة.
المحكمة:
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 25/9/2005 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية أوراق الدعوى رقم 195 لسنة 47ق. مشتملة على تقرير إتهام ضد :
1-............... (الطاعن الثاني) مهندس أملاك وتنظيم بحي شرق مدينة نصر – الدرجة الثانية.
2-............... (الطاعن الأول) مساعد فني بإدارة أملاك والتنظيم بحي شرق مدينة نصر – الدرجة الثالثة.
لأنهما بتاريخ 19 و 20/10/2004 بوصفهما مسئولي الأملاك والتنظيم بمنطقة عزبة الهجانة بحي شرق مدينة نصر لم يؤديا العمل المنوط بهما بأمانة وسلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة بأن قاما بطلب وأخذ مبلغ 500 جنيه من المواطن ......... على سبيل الرشوة نظير الإخلال بواجبات وظيفتهما بعدم تنفيذ قرار الإزالة رقم 86/2004 الصادر للعقار المملوك للمواطن المذكور.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبياً طبقاً للمواد المبينة بتقرير الإتهام وبجلسة 27/5/2006 حكمت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية بفصل كل من ......... و ........... من الخدمة، أقامت قضاؤها على أن المخالفة المنسوبة إليهما ثبتت في حقهما يقيناً مما يستوجب مؤاخذتهما بالشدة اللازمة جزاء ما اقترفاه وردعاً لأفعالهما عن ارتكاب مثل هذه المخالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعون رقم 28924 لسنة 52ق. عليا أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لعدم إعلان الطاعن للمثول أمام المحكمة التأديبية مما يصم الحكم المطعن فيه بالبطلان، كما أن واقعة الرشوة المنسوبة إلي الطاعن مختلفة ولا توجد أدلة قاطعة عليها فضلاً عن أن الجزاء يشوبه عدم التناسب والغلو.
كما يقوم الطعن رقم 29006 لسنة 52ق. عليا على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون لاستناده في إدانة الطاعن على تحقيقات النيابة العامة دون تمحيص لكافة الأدلة ودفوع الطاعن نظراً لأن واقعة الرشوة المنسوبة إليه مختلفة ولا توجد أدلة قاطعة على ارتكابها.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدئ من الطاعن ..................... ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إعلانه للمثول أمام المحكمة التأديبية، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن المذكور حضر بجلسة 18/3/2006 أمام تلك المحكمة وبذلك تكون الغاية من الإعلان قد تحققت فمن ثم يغدو هذا الدفع في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه يتبين من الإطلاع على الأوراق أن ................ تقدم بتاريخ 19/10/2004 إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة (إدارة مكافحة الرشوة واستغلال النفوذ) وأبلغ عن تلقيه إنذار من حي شرق مدينة نصر لإزالة الأعمال المخالفة بعقاره الكائن في شارع أبو بكر الصديق من شارع الزهور – عزبة الهجانة بحي شرق مدينة نصر وعندما توجه إلى الحي لاستطلاع الأمر في هذا الشأن تقابل مع الطاعنين بوصفهما المختصين بالإنذار الذي تلقاه حيث طلبا منه مبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل عدم تنفيذ قرار الإزالة قم 86 لسنة 2004 الصادر في شأن العقار المملوك له فتفاوض معهما على مبلغ 500 جنيه مقابل التغاضي عن تنفيذ هذا القرار، وقد قامت إدارة مكافحة الرشوة واستغلال النفوذ باستئذان النيابة العامة لمراقبة هاتفي الطاعنين حيث تم تسجيل الاتفاق بينهم على سداد مبلغ الرشوة المتفق عليه (500 جنيه) إلى الطاعنين وبالفعل تم سداد هذا المبلغ إلى الطاعنين بتاريخ 20/10/2004 وأثناء ذلك تم ضبطهما متلبسين بمعرفة إدارة مكافحة الرشوة واستغلال النفوذ، وقد أجرت نيابة شرق القاهرة الكلية تحقيقاً في الواقعة بالقضية رقم 39075 لسنة 2005 جنايات أول مدينة نصر والمقيدة برقم 3152 لسنة 2004 كلي شرق القاهرة وبرقم 944 لسنة 2004 حصر أمن الدولة العليا، وخلصت النيابة العامة في ختام تحقيقاتها إلى أن واقعة الرشوة قد ثبتت في حق الطاعنين ثبوتاً يقينياً حيث أحيلت الأوراق إلى نيابة أمن الدولة العليا التي أعدت بدورها مذكرة مؤرخة 26/3/2005 ضمنتها أو الواقعة – في مجال التكييف القانوني السليم – ولئن كانت تشكل الجناية المؤثمة بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات إلا أنه إزاء تعرض الطاعنين لرهبة الإجراءات الخاصة بالضبط والتحقيق والحبس الاحتياطي وهو ما يعد رادعاً مناسباً لهما فإن نيابة أمن الدولة العليا تكتفي بإرسال الأوراق إلى الجهة الإدارية لمحاكمتهما تأديبياً. وبناء عليه أجرت نيابة الإدارة المحلية (القسم الرابع) تحقيقاً في الواقعة بالقضية رقم 154 لسنة 2005 وخلصت النيابة الإدارية في ختام تحقيقها إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد الطاعنين لارتكابهما المخالفة الواردة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى الطاعنين ثبتت في حقهما ثبوتاً كافياً بما أسفرت عنه واقعة ضبط الطاعنين ومبلغ الرشوة من تطابق فئات وأرقام مبلغ الرشوة بما هو مدون بمحضر التحريات علاوة على ما ورد بالحادثات التليفونية فيما بين المبلغ والطاعنين وما ورد بتقرير خبير بصمات الأصوات بإتحاد الإذاعة والتليفزيون من تطابق أصوات الطاعنين والمبلغ مع ما ورد بتلك المحادثات.
ومن حيث إن ما أتاه الطاعنان على النحو المتقدم بيانه ينطوى ولا شك على إخلال من جانبهم بالواجب الوظيفي الذي يفرض على العامل تأدية أعمال وظيفته بأمانة وأن يحافظ على كرامة وظيفته طبقاً للعرف العام وأن يمتنع عن مخالفة القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها وفقاً لما نصت عليه المادتين 76/1 ، 3و 77/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 مما يستوجب مجازاة الطاعنين بالجزاء المناسب ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جري على أنه ولئن كان لسلطة التأديب تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره ففي هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إن الجزاء الذي قدره الحكم المطعون فيه للطاعنين باعتباره تضمن أقصى عقوبة تأديبية قد شابه عدم التناسب والغلو وذلك في ضوء المبررات التي ذكرتها النيابة العامة والتي بموجبها ارتأت عدم إقامة الدعوى الجنائية، فمن ثم يتعين – والحال كذلك – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة كل من الطاعنين بالفصل من الخدمة وتوقيع الجزاء المناسب حقاً وعدلاً عليهما والذي تقدره المحكمة بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدني مباشرة.
(المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة – الطعنين رقمي 28924 ، 29006 لسنة 52ق.ع - جلسة 27/12/2008).

معمري يوسف رمزي
03-12-2010, 07:16 PM
يحيا العدل في جمهورية مصر العربية، لأن في الجزائر يوجد الطغيان والللاعدالة