المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكومة



أم خطاب
01-25-2010, 12:12 PM
الحكومة

إن الشعب والإقليم بدون حكومة لا يشكلان وحدهما دولة ، ولا دولة بدون حكومة . والدولة مجتمع سياسي ، وأي مجتمع سياسي يحتاج إلى سلطة منظمة تمارس صلاحيات الحكم فيه . وتتجسد الحكومة بالسلطات العامة المنظمة القادرة على القيام بوظائف الدولة في الداخل والخارج . وحيث أن الدولة شخص اعتباري لابد من وجود من يمثله ويعبر عن إرادته . وهكذا تعد الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية عناصر لازمة لأمكان ممارسة الدولة لصلاحياتها . وتؤخذ الحكومة في النطاق الدولي بالمعنى الواسع فهي لا تنحصر في السلطة التنفيذية وحسب وانما في مجموع السلطات العمومية ايضاً التي تؤلف تنظيماً حكومياً يتولى الأشراف على الشعب والإقليم وادارة المرافق العامة اللازمة لحفظ كيانها وتحقيق استقرارها ونموها بما تملكه من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية . ويجب أن تتوافر عدة شروط في الحكومة ، هي الفعلية ، السيادة والاستقلال .
1. الفعلية :
يقصد بشرط الفعلية ، وجود سلطة قادرة على إقامة نظام قانوني نافذ في نطاق إقليم الدولة بكامله ، وقادرة على الوفاء بالالتزامات التي يفرضها القانون الدولي عليها . وفي حالة حدوث تغييرات في تنظيم السلطات العامة أو في الأشخاص القائمين بها ، فالذي يهم القانون الدولي في مثل هذه الأوضاع قيام السلطات العامة الجديدة في الدولة فعلاً بالواجبات التي يفرضها القانون الدولي على الدولة . وتوضيح ذلك ، هو أن الدولة – كما هو معروف – باقية في جوهر كيانها مهما حدث في داخلها من تغييرات في تنظيم السلطة أو في أشخاص القابضين عليها. وهذا ما يلق عليه مبدأ استمرارية الدولة أو وحدة هويتها ، رغم التغيير الذي قد يطرأ على السلطة وأشخاص الحاكمين . كذلك فان الفعلية تفترض الشمولية والمانعية ، بمعنى أن يكون سلطان حكام الدولة شاملاً كامل الإقليم ومن عليه بشكل مانع ، أي لا يشاركها فيه مشارك . كما أن القانون الدولي لا يعني بالأساس الدستوري أو الشرعي للسلطة ولا بالشكل السياسي للحكم ، ولا في الفلسفة السياسية للسلطة ولا بعلاقة المواطنين بها . ذلك لان المبدأ هو حرية اختيار شكل الحكم وللدول أن تختارما تشاء من أشكال الحكم شريطة أن لا يمس حقوق الدول الأخرى أو يتعارض مع الثوابت في الحضارة الدولية . وكل ما يعني القانون الدولي– في هذا المجال – هو استمرار وجود السلطة عن طريق قيامها فعلاً باختصاصات الدولة الكفيلة ببقائها واستمرارها .

2. السيادة و الاستقلال :
السيادة والاستقلال مصطلح يستعمل للدلالة على حق الدولة بأن تتخذ أي قرار تراه دون أن تخضع لسلطة خارجية ، مع تقيّدها بالالتزامات المنبثقة عن قواعد القانون الدولي . وقد ظهرت فكرة السيادة في البداية كمبدأ أساسي يجعل من الملك صاحب كل السلطات في مملكته . وعرفها المفكّر الفرنسي ( جان بودان ) بأنـــها (السلطة العليا على المواطنين التي لا تخضع للقوانين ) . واعتبرت السيادة فيما مضى سلطة مطلقة لا يقيّد الدولة في ممارستها غير أرادتها . وبقيت هذه الفكرة سائدة إلى عهد قريب ، وقد ترتب على هذا المفهوم نتائج خطيرة أدت إلى اشتعال الحروب بشكل مستمر ، كما أن الدول لم تعرف فيما بينها علاقات التعاون وكانت الريادة دائماً للدولة القوية ، ومثل هذا الوضع لم يساعد على إيجاد قواعد قانونية دولية لتنظيم علاقات الدول وضبطها . ونتيجة لتطور العلاقات الدولية تطور مفهوم السيادة واصبح ذا معنى قانوني ، ووجدت قواعد قانونية تحكم هذه العلاقات بين الدول ، وفي ضوء هذه التغييرات الجديدة اصبح يُنظر للسيادة من خلال هذه القواعد ، وغدت الدول تتقيد في تصرفاتها بما للدول الأخرى من حقوق يتعين عدم الإخلال بها في ضوء قواعد القانون الدولي . ومثل هذا التقيّد في تصرفات الدولة ليس فيه انتقاص من هذه السيادة ، وذلك لأن هذا التقيد عام يشمل الدول كافة وفي صالحها جميعاً ، والسيادة لا تتنافى مع الخضوع للقانون ، إنما الذي يتنافى معها هو الخضوع لارادة دولة أخرى . ولا يزال مبدأ السيادة من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي المعاصر ، بل ومن المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي الراهن ، وهذا ما تضمنه مضمون المادة الثانية / الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي جاء بها ( تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها) . ويرتبط مبدأ السيادة بمبدأ الاستقلال ، وقد أكدت على ذلك القرارات الصادرة عن القضاء الدولي التي شدّدت على مبدأ السيادة وتماثله بالاستقلال ، ففي قضية جزيرة (( بالماس)) صرح المحكم (( ماكس هوبر )) ( إن السيادة في العلاقات القائمة بين الدول تفيد استقلالهم ) .

صفات السيادة
لابد من توافر صفات معينة في السيادة هي :
1. وحدة السيادة ، بمعنى أن السيادة هي بحكم الضرورة ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية يتوجب على الدول الأخرى احترامها . وقد أكدت محكمة العدل الدولية على ذلك في الحكم الذي أصدرته في قضية مضيق كورفو في العام 1949م بقولها ( إن احترام السيادة الإقليمية بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهرياً من أسس العلاقات الدولية ) .
2. السيادة لا تقبل التجزئة ، يعني أنها لا تتعدد . وحتى في الدول المركبة ( أي الاتحادية ) فان السيادة تبقى واحدة بيد السلطة المركزية وكل ما هنالك هو تعدد مراكز ممارسة السيادة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية في هذه الحالة .
3. السيادة لا تقبل التصرف ، أي عدم جواز التنازل عنها ، لأن الدولة التي تتنازل عن سيادتها تفقد وصفاً لشخصية الدولة القانونية .
4. واخيراً ، فان التقادم المكسب والتقادم المسقط لا محل لهما في نقل السيادة من دولة إلى أخرى ، فالسيادة لا تكتسب بمجرد مرور الوقت ولا تسقط لعدم ممارستها بالمدة الطويلة .

التمييز بين السيادة ومظاهرها
يتعين عدم الخلط بين السيادة كوضع قانوني وبين ممارستها في مختلف مضاهرها من الناحية الواقعية ، ذلك أن هناك دولاً تتولى إدارة شؤونها كلها أو بعضها دول أجنبية . ومثل هذا الوضع لا يؤدي إلى تجريد هذه الدولة من سيادتها ، بل على العكس تبقى محتفظة بشخصيتها الدولية المتميزة عن شخصية الدولة التي تتولى الإدارة والإشراف نيابةً عنها وهناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الحالة ، منها البلاد المشمولة بنظام الوصاية ، حيث إنها تظل محتفظة بسيادتها القانونية على الرغم من تولي الدول ذات الولاية عليها ممارسة كل أو بعض مظاهر هذه السيادة ومن ذلك ايضاً ، انه في حالة الاحتلال الحربي تباشر سلطات الاحتلال السلطة الفعلية على الأراضي المحتلة ، إلا أن السيادة – كوضع قانوني – تظل محفوظة للدولة صاحبة الإقليم الأصلية .

مظاهر السيادة
كنتيجة طبيعية لتوافر عنصر السيادة أو الاستقلال ، يكون للدولة الحق في مباشرة الاختصاصات المتعلقة بوجودها كافة كدولة على الصعيدين الداخلي و الخارجي .
1. المظهر الداخلي : ويتمثل في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم مرافقها العامة وفرض سلطاتها كافة على ما يوجد في إقليمها من أشخاص واموال وحقها في التشريع والقضاء .
2. المظهر الخارجي : ويتجلّى في أن تتولى الدولة إدارة علاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى بإرادتها الحرة النابعة من ذاتها دون أن تخضع لسلطة أجنبية فتتبادل التمثيل الدبلوماسي مع الدول الأخرى وتشترك في المؤتمرات وتبرم المعاهدات وتنضم إلى المنضمات الدولية أو الإقليمية إلى غير ذلك من ممارسة النشاطات الدولية الخارجية .




منقول
أم خطــــasــاب