المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطعن رقم ١٩١٢٥ لسنة ٨٥ قضائية الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٦/٠١/٠٣ (إكراه)



د.شيماء عطاالله
02-12-2022, 10:52 PM
الطعن رقم ١٩١٢٥ لسنة ٨٥ قضائية
الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٦/٠١/٠٣

العنوان : أسباب الإباحة وموانع العقاب"حالة الضرورة".محكة الموضوع"سلطتها في تقدير توافر حالة الضرورة".دفاع"الدفع بقيام حالة الضرورة".نقض"أسباب الطعن.ما لا يقبل منها".س٣٩ص٥ هيئة عامة

الموجز : اثارة دفاع الطاعن بوقوع اكراه على الطاعن.حقيقه.دفع بامتناع المسئولية الجنائية لقيام حالة الضرورة.المادة ٦١ عقوبات. تقدير توافر حالة الضرورة.موضوعى. مثال لتسبيب سائغ في اطراح دفع بقيام حالة الضرورة

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .

أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين : -

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً .

وحيث ينعى الطاعنون - بمذكرات أسباب طعنهم - على الحكم المطعون فيه بأنه إذ دانهم بجريمة حيازة جوهر مخدر " حشيش " بقصد الاتجار قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على البطلان والخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ومؤدى أدلة الإدانة ولم يورد مؤدى إذن النيابة العامة وكذا مضمون تقرير التحليل بصورة وافية وأن المادة المضبوطة لم يتم تحليلها ، كما جاء الحكم قاصراً فى التدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنين ودفعوا ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددوها إلا أن الحكم أطرحه بما لا يسوغ اطراحه ، كما أحال فى بيان مؤدى شهادة الشهود الثانى والثالث والرابع والخامس إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أدوارهم وعدم اشتراكهم فى إجراء التحريات وعول فى قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها فى شأن التحريات الذى انفرد بإجرائها الشاهد الأول واعتنق تصويرهم للواقعة رغم عدم معقوليتها ، والتفت عن دفعهم بانتفاء صلتهم بالمضبوطات وانعدام سيطرتهم عليها وعدم علمهم بها إيراداً له ورداً عليه ، كما قضى بمصادرة السيارة والأموال دون تحديد مالكها وعلاقتها بالجريمة وأن مسودة الحكم خلت من توقيع أعضاء الدائرة التى أصدرته وأن الحكم صدر من محكمة جنايات القاهرة رغم أن الاختصاص يتعين لمحكمة جنايات الجيزة لأن الجريمة موضوع المحاكمة وقعت بدائرة قسم أول السادس من أكتوبر وألزمت المحكمة الطاعنين بالمصاريف الجنائية دون أن تحدد قيمتها وأضاف الطاعن الأول أنه لم يتم استصدار الإذن بالضبط والتفتيش من النيابة المسائية وإنما استصدره الضابط من وكيل النيابة بمنزله ويقول الطاعن الثانى بأن الحكم أطرح دفعه بتعرضه لإكراه معنوى من باقى المتهمين برد قاصر غير سائغ ، كما أطرح طلب الطاعن الثانى بإعفائه من العقاب بما لا يسوغ اطراحه ، كما أن التحريات التى عول عليها الحكم والتى صدر بناء عليها الإذن لم تشمله وأن تحقيق النيابة جاءت قاصرة فى هذا الشأن ، كما لم تستظهر التحقيقات قائد السيارة محل التحريات أثناء إجرائها ، كما لم يستدل على من يدعى سعيد الذى قام بالاتفاق معه لنقل شحنة السباخ ، كما لم تعن النيابة بإجراء معاينة لمكان تحميل المخدر ، كما أغفل الحكم ما قرره المتهم الأول بعدم سابق معرفته به وكذا شهادة شهود النفى وما حوته الأوراق من إقرارات لهم ، كما التفت المحكمة عن طلبه الاستعلام عن أسماء الشرطة العسكرية وأسماء موظفى تحصيل رسوم الطريق يوم الواقعة وسؤالهم وكذا أرقام السيارات المستخدمة فى ضبط الواقعة ، وأخيراً لم يبين الحكم أوجه الدفاع التى التفت عنها ، ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر مخدر " حشيش " بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة خلافاً لقول الطاعنين ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم بالقصور فى غير محله ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم إغفاله بعض الوقائع التفصيلية التى أشاروا إليها فى أسباب طعنهم ، وهى تعد وقائع ثانوية لا تتعلق بجوهر الواقعة .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير التحليل وأبرز ما جاء به من أن جميع محتوى الصناديق المضبوطة لجوهر الحشيش المخدر فإن ما ينعاه الطاعنين من عدم ايراد مضمون تقرير التحليل كاملاً لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم ايراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة متى كانت قد اطمأنت إلى أن المخدر الذى تم ضبطه وجرى تحريزه هو ما صار تحليله ، واطمأنت كذلك إلى النتيجة التى انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك .
لما كان ذلك ، وكانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار هى واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت فى حدود سلطتها فى تقدير أدلة الدعوى والتى لا تخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى بأن حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار ، فإنه لا يجوز مجادلتها فى ذلك بما يتنافى وواقع الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يستقل به قاضيه بغير معقب ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما دفع به الطاعنين من بطلان الإذن بالتفتيش بقالة أنه لم تسبقه تحريات جدية وأطرحه لما خلصت إليه المحكمة من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وأقرت سلطة التحقيق على إصدارها ذلك الإذن ، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الخصوص يكون غير مجد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً فى حكمها ، وإذ كان الطاعنون لا يجادلون فى أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط له أصله الثابت فى الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهم فلا ضير على الحكم من بعد احالته فى بيان أقوال الشهود الثانى والثالث والرابع والخامس إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ولا يؤثر فيه أن يكون الشهود لم يشتركوا فى إجراء التحريات التى أجراها الشاهد الأول إذ أن مفاد احالة الحكم فى بيان أقوالهم إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات - مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور فى التسبيب .
لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنين فى هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء صلهم بالواقعة وما ساق من شواهد للتدليل عليه واطراحه بأسباب سائغة واتخذ من أقوال الشهود والتى أفصح عن اطمئنانه لها والتى لا يمارى الطاعنين فى سلامة ما حصله الحكم منها سنداً ودعامة كافية وسائغة لاطراح هذا الدفاع ، فإن هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ولا عليه أن يتعقب المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنين على ما يثبت من انبساط سلطانهم على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى والمنطقى ، فإن منعاهم فى هذا يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً على العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته فى حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً فى الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحوزه من المواد المخدرة ، وكان البين من مدونات الحكم أن ما أورده - سواء فى معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو رده على دفاع المتهم بانتفاء هذا العلم - كافياً فى الرد على دفاع المتهمين فى هذا الخصوص وسائغاً فى الدلالة على توافر ذلك العلم فى حقهم .
لما كان ذلك ، وكانت المصادرة فى حكم المادة ٣٠ من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة جبراً عن صاحبها وبغير مقابل ... وهى عقوبة اختيارية تكميلية فى الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشئ خارج بطبيعته عن دائرة التعامل ، وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائى لا محيص عن اتخاذه فى مواجهة الكافة ، وإذ كان النص فى المادة ٤٢ من القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ بتعديل بعض أحكام القرار بالقانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ، على أن " ... يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الجوهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم ( ٥ ) وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات - ووسائل النقل المضبوطة التى تكون قد استخدمت فى ارتكابها " يدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التى تكون قد استخدمت فى ارتكاب الجريمة ، تلك الأدوات ووسائل النقل التى استخدمها الجاني لكى يستزيد من امكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها ، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استخدمت فى ارتكاب الجريمة بهذا المعنى أم لا إنما يعد من اطلاقات قاضى الموضوع فإن المحكمة إذ قضت بمصادرة المضبوطات جميعها ورشحت مدونات حكمها أن السيارة استخدمت كى يستزيد الجاني من امكاناته لتنفيذ الجريمة وأن النقود المضبوطة متحصلة من الجريمة فإن مفاد ذلك ولازمه أنها رأت أن للسيارة والنقود المضبوطة دوراً وشأناً فى ارتكاب الجريمة ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الصدد على غير أساس .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم فى الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفى أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا فى المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل مانع من حضوره تلاوة الحكم عملاً بنص المادة ١٧٠ من قانون المرافعات المدنية ، ولما كان الطاعنون لا يماروا فى أن رئيس الهيئة التى سمعت المرافعة فى الدعوى واشتركت فى المداولة هو الذى وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البين من الحكم المطعون فيه ومحاضر جلساته أن الحكم تلى من ذات الهيئة التى استمعت للمرافعة واشتركت فى المداولة ، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعنون من عدم توقيع جميع أعضائها على مسودته فإن ذلك لا ينال من صحته .
لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن " تنعقد محكمة الجنايات فى كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ، كما نصت المادة ٢١٦ من قانون الإجراءات الجنائية على أن " تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفى الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طريق النشر فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح المار بيانها التى تقع بدائرة المحكمة الإبتدائية ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة ٣٠ من قانون السلطة القضائية سالف البيان من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر فى توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم ادارى لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، وكان الطاعنون لا يجحدوا أن المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه هى احدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة فإن ما يدعوه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون .
لما كان ذلك ، وكان مفاد المادتين ٣١٣ ، ٣١٨ من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حكم بإدانة المتهم جاز إلزامه بالمصاريف كلها أو بعضها ... أما إذا لم يحكم على المتهم بكل المصاريف وجب أن يحدد فى الحكم مقدار ما يحكم به عليه منها ، كما تنص المادة الأولى من القانون رقم ٩٣ لسنة ١٩٤٤ بشأن الرسوم فى المواد الجنائية المعدل بفرض رسم ثابت على القضايا الجنائية التى تقدم للمحاكم بفئات محددة على القضايا سواء كانت مخالفة أو جنحة أو جناية ... إلخ .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بإدانة الطاعنين فى الجريمة المسندة إليهم وألزمهم الحكم بكل المصاريف الجنائية وليس بجزء منها ، ومن ثم فلا يلتزم الحكم بتحديد مقدارها إذ أنها محددة بموجب القانون رقم ٩٣ لسنة ١٩٤٤ المعدل سالف الإشارة إليه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعنين على الحكم فى هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان لجوء الضابط يوم تحرير محضر التحريات إلى وكيل النيابة فى مكان تواجده - بمنزله - لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالى ليس فيه ما يحمل على الشك فى سلامة إجراءاته ، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن الأول فى هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثانى قد أثار أن إكراهاً قد وقع عليه من المتهمين ، وهو فى حقيقته دفع بامتناع المسئولية الجنائية لقيام حالة الضرورة المنصوص عليها فى المادة ٦١ من قانون العقوبات ، وكان تقدير توافر حالة الضرورة من اطلاقات محكمة الموضوع ، وكان الحكم قد نفى قيام هذه الحالة فى قوله " وحيث أنه عن طلب الدفاع الحاضر مع المتهم الثانى من تطبيق أحكام المادة ٦١ عقوبات لإكراه المتهم معنوياً فى تحميل المخدرات المضبوطة ولخشيته من باقى المتهمين - فمردود - بأنه من المقرر قانوناً طبقاً لنص المادة المذكورة أن الإكراه المعنوى يقوم المكرة تحت تأثير التهديد بضرر جسيم حال بالفعل المكون للجريمة الذى تنعدم مسئوليته عنه ذلك أن الإكراه المعنوى إذ أبلغ تأثيره الحد الذى برغم الشخص المتوسط على سلوك سبيل الجريمة فإنه يعدم القدر اللازم من حرية الاختيار للمساءلة الجنائية .. وإذ كان ذلك ، وكان الثابت أن المتهم المذكور قد أقدم على ارتكاب الجريمة المسندة إليه عن إرادة حرة وطواعية ولم يرد بالأوراق ما ينفى ذلك بشكل قاطع بالإضافة إلى أن ذلك المتهم كان فى امكانه الاستغاثة بأى نقطة مرور أو كمين فى خط السير أو حتى الكمين المنصوب لضبطهم ولكن لم يفعل ذلك وعليه تكون عناصر موانع المسئولية غير متوافرة فى حقه مما يتعين معه اطراح ذلك الطلب وعدم الالتفات إليه " وهو رد سديد وكاف فى اطراح الدفع ، فإن منعى الطاعن الثانى فى هذا الصدد لا يكون له محل .
لما كان ذلك ، وكان ضبط آخر له تشمله التحريات لا يمس ذاتيتها ولا ينال من جديتها ، إذ الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدمتها ، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن الطاعن الثانى لم يتمسك أمام محكمة الموضوع - على ما هو ثابت بمحضر الجلسة - بأن تحريات الشرطة لم تتناوله ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة إمساكها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن الثانى إعفاءه من العقاب وأطرحه فى قوله : " وحيث أنه عن طلب ذلك الدفاع بإعمال نص المادة ٤٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل فى شأن مكافحة المخدرات فإن مفاد نص المادة المذكورة أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة لمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاماً ايجابياً ومنتجاً وجدياً فى معاونة السلطات للتوصل إلى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطرة المنصوص عليها فى المواد ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ من ذات القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة .... وإذ كان ذلك ، وكان المتهم الثانى لم يبلغ عن تلك الواقعة ، كما أنه لم يعاون السلطات فى الكشف عن مصدر المخدرات المضبوطة وأن ما أدلى به فى هذا الشأن عقب القبض عليه ما هى إلا أقوال عامة غير متسمة بالجدية ، ومن ثم يكون قد فقد مقومات الإعفاء لعدم بلوغ النتيجة التى يجزى عنها "

لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاماً ايجابياً ومنتجاً وجدياً فى معاونة السلطات للتوصل إلى ضبط مهربى المخدرات والكشف عن مرتكبى الجرائم الخطيرة المنصوص عليها فى المواد ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ آنف الذكر باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدى وعقيماً فلا يستحق صاحبه الإعفاء ، وكان تقدير توافر موجب الإعفاء أو انتفائه مما تفصل فيه محكمة الموضوع ما دامت تقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى وإذ كان ما أورده الحكم فيما سلف بيانه - صحيحاً فى القانون سائغاً فى العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى شأن ذلك يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثانى لم يثر ما يدعيه من وجود نقص فى تحقيقات النيابة العامة ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن فى الحكم .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، إذ هى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال شهود النفى فأطرحتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى ذلك ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكانت الأدلة فى المواد الجنائية اقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفى التى يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التى أوردها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الثانى فى هذا الشأن يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه ، وكان الدفاع عن الطاعن الثانى لم يتمسك فى مرافعته بطلبات التحقيق التى أبداها فى مستهل المحاكمة والتى تنازل عنها صراحة فلا يحق له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق تنازل عنه ولم تر المحكمة من جانبها حاجة إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا وكان الطاعن الثانى لم يبين ماهية أوجه الدفاع التى استبعدتها المحكمة ودون أن توردها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة ، فان ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه .

ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية : -
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضورياً على الطاعن الأول بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها إلا أن البين من مذكرة أسباب الطعن أنها موقع عليها بنموذج التوقيع لا يقرأ البتة مما يستحيل معه معرفة ما إذا كان موقعها من محامى عام ولا يغير من ذلك التأشير من المحامى العام عليها بالنظر إذ أن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتمادها لها والموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها خلت من إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض فى الميعاد المقرر قانوناً ، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للقضية شكلاً .

لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع تنازل صراحة عن سماع الشهود الغائبين اكتفاء بتلاوة أقوالهم بالتحقيقات ولم يعترض المحكوم عليهم على ذلك وأمرت المحكمة بتلاوة أقوالهم وتليت ثم مضى الدفاع فى مرافعته إلى أن ختمها بطلب البراءة فلا تثريب على المحكمة إن هى قضت فى الدعوى دون مساع الشهود الغائبين ولا يحول عدم سماعهم أمام المحكمة من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم فى التحقيقات ما دامت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة ، ومع هذا فإن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شاهدى الإثبات الأول والثانى .
لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الضابط نور الدين سالم محمد سالم قرر أنه لا يذكر شيئاً عن الواقعة نظراً لسفره للخارج لمدة عام ونصف بعد حصولها ، فكان إن سكت المتهمين والمدافع عنهم من أن يوجهوا له ما يعن لهم من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون أن تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهد بنسيان الواقعة .
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استعملت حقها فى التعويل على أقوال الشاهد فى التحقيقات الأولى فإنها تكون قد استعملت حقها فى ذلك .
لما كان ذلك ، وكان المتهم الأول لا مصلحة له فى شأن مصادرة الحكم المطعون فيه للسيارة التى كان بها المخدر .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل المادة ١٧ من قانون العقوبات فى حق المتهم الثانى وإن لم يشر إليها ونزل بالعقوبة فى الحدود التى تمسح بها المادة ٣٦ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ وهو ما لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التى أوقعها تدخل فى الحدود التى رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته .
لما كان ذلك ، وكان الثابت فى محضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن المتهمين وترافع المحامى مدافعاً عنهم بما هو مدون فى محضر الجلسة ولم يثبت أن أى من المتهمين اعترض على ذلك أو أبدى طلباً فى هذا الشأن ، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامى الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع فى الدعوى ، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بتأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل وهو الحال فى الدعوى الماثلة .

لما كان ذلك ، وكان الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وكان لم يقدم دليلاً على أن أى من المحامين اللذين انتبدتهما محكمة الجنايات وحضر مع المتهمين الأول والثالث وتوليا الدفاع عنها فى الجناية التى دينا بها غير مقبولين للمرافعة أمام المحاكمة الابتدائية ، كما يبين من كتاب نقابة المحامين إلى نيابة النقض والمرفق بملف الطعن أنه تعذر الاستدلال عليهما فإن المنازعة فى هذا الصدد تكون غير سديدة . لما كان ما تقدم ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ، أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليه الأول بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردوده إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة ٣٨١ / ٢ من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه الأول .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : أولاً : بقبول عرض النيابة العامة وطعن المحكوم عليهم شكلاً .
ثانياً : بإقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن عبد الحميد أسليم أمطير سلامة ورفض الطعن لباقى الطاعنين .

المصدر
https://www.cc.gov.eg/judgment_single?id=111287177&&ja=165318