المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هدم البيوت كعقاب طبقاً لمنظور القانون الدولي



أم خطاب
11-17-2009, 09:55 PM
هدم البيوت كعقاب طبقاً لمنظور القانون الدولي
إن هدم البيوت هو إجراء إداري يتم دونما محاكمة ودونما حاجة الى اثبات تهمة الشخص الذي بسببه يتم الهدم، أمام أية جهة قضائية. في الماضي، وقبل تجديد التطبيق لهذه السياسة خلال انتفاضة الأقصى، تم تنفيذ عمليات هدم البيوت طبقاً لأمر عسكري موقع من قبل القائد العسكري في المنطقة، استناداً الى النظام 119 من أنظمة الطوارئ للعام 1945. ويمنح هذا النظام الصلاحية للقائد العسكري، فيما يمنح، إصدار أمر الهدم لكل بيت في أي بلدة، حي أو شارع قام سكانها بتنفيذ مخالفات عنيفة. وبعد تسليم أمر الهدم أتاح الجيش الإسرائيلي للعائلة تقديم استئناف الى القائد العسكري خلال 48 ساعة. وجاء في الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل العليا في عام 1989، أنه عندما يرفض الإستئناف، يجب إتاحة الفرصة أمام أفراد العائلة للإلتماس الى محكمة العدل العليا قبل تنفيذ الهدم.
وفي مقابل هذا، وخلال الإنتفاضة الحالية، تصرفت اسرائيل كإنما يدور الحديث عن أعمال عسكرية حيوية للغاية. ونفذت معظم عمليات هدم البيوت في ساعات الليل دونما انذار مسبق ودون تقديم أمر الهدم للساكنين، كما هو مقتضى بموجب النظام 119 من أنظمة الطوارئ. وأُعطي سكان البيت بضع دقائق فقط من أجل إخلاء ممتلكاتهم قبل أن تُقبر تحت الأنقاض. ومع هذا فإن اسرائيل انتهجب مسلكاً غامضاً وإمتنعت عن التوضيح بصورة قاطعة فيما إذا كانت عمليات الهدم تتم بموجب النظام 119 أو أنها كانت حيوية للغاية، في اطار النشاط العسكري. غير انه مهما تكن القاعدة القانونية للهدم، فإن هدم البيوت لغرض العقاب، يشكِّلُ خرقاً فاضحاً للقانون الدولي. إن القانون الدولي يحظر هدم البيوت كوسيلة عقابية، ويسمح بهدم المبنى فقط عندما تقتضي العملية العسكرية الصرفة مثل هذا الهدم (البند 53 من اتفاقية جنيف الرابعة). وطبقاً للتفسير الرسمي من قبل الصليب الأحمر لمصطلح "العملية العسكرية" فإن المعنى هو "التحرك، الإنتقال أو أي عملية أخرى تصدر عن الجيش فيما يتعلق بالقتال". إن مثل هذه الشروط لا تنطبق على حالة هدم البيوت كوسيلة عقابية.
إن القانون الدولي يحظر أيضاً العقاب الجماعي، أي عقاب اناس بسبب أفعال اناس آخرين (البند 33 من اتفاقية جنيف الرابعة والنظام 50 من أنظمة هاج). إن هدم البيوت يشكل وسيلة صارخة من العقاب الجماعي، حيث أن المتضررين الأساسيين هم من أبناء الأسرة للمتهمين بتنفيذ المخالفات.
وعلى مدار السنوات تم إصدار أكثر من 150 حكما قضائياً فيما يتعلق بالإلتماسات المقدمة ضد هدم البيوت لغرض العقاب. وقد اشتملت الإلتماسات المقدمة على إدعاءات جوهرية ضد قانونية هذه الوسيلة، وادعاءات تتعلق بالمداولة حول الطريقة التي تم من خلالها التنفيذ وادعاءات ضد استعمال هذه الوسيلة في حالات معينة وخاصة. وبإستثناء بعض الإلتماسات القليلة، فقد ردت محكمة العدل العليا هذه الإلتماسات وقبلت موقف الدولة القائم على أن هذه الوسيلة والهادفة الى ردع الفلسطينيين عن تنفيذ العمليات، قانونية. وقد حددت محكمة العدل العليا، المرة تلو الأخرى، أنه لكون الحديث يدور عن مخالفات خطيرة، هناك حاجة لرد حازم، وأن هدم بيوت المتهمين بتنفيذ مثل هذه المخالفات يُعتبر عقاباً مناسبا وكافياً.
وقد ردت محكمة العدل العليا الإدعاء بأن الحديث يدور عن عقاب جماعي، وحددت أن الهدف من الهدم ليس عقابياً بل الردع. وطبقاً لمحكمة العدل العليا، لا يوجد فرق ما بين عملية الهدم والعقاب بالسجن المفروض على رب الأسرة والذي يُلحق الضرر بأفراد الأسرة. غير أن هذه الموافقة مدحوضة تماماً. إن الهدف من العقاب بالسجن هو سحب حقوق معينة من المُخالف ذاته. وعلى العكس من سياسة هدم البيوت، فإن المعاناة التي تلحق بأفراد أسرة السجين تُعتبر نتيجة عرضية فقط. ولو كان بالإمكان ازالة تأثير السجن عن أفراد الأسرة، لما وقعَ أي مسّ بالهدف المُراد تحقيقه من السجن.
إن الإدعاء بأن النظام 119 من انظمة الطوارئ يناقض اتفاقية هاج واتفاقية جنيف الرابعة تمّ رفضه هو الآخر من قبل محكمة العدل العليا. وقد حددت محكمة العدل العليا عدداً من المرات أن الإتفاقيات ليست ذات صلة لأن نظام 119 هو جزء من القانون المحلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يهيمن، وفقاً للإتفاقيات نفسها، على بنود القانون الدولي. غير أن هذا الموقف يتناقض مع التوجه الدارج في القانون الدولي، والقائم على تقييد الدولة التي تحتل أرضاً من حيث عملياتها طبقاً للقانون الدولي، على الرغم من الصلاحيات الممنوحة لسلطاتها طبقاً للقانون الدولي.
بخصوص القضية التي تتعلق بشطب إعطاء الإنذار المسبق وامكانية الإلتماس الى محكمة العدل العليا قبل تنفيذ الهدم، فقد قبلت محكمة العدل العليا موقف الدولة في أن اعطاء البلاغ المسبق قد يُعرِّض حياة قوات الجيش الإسرائيلي للخطر والتسبب في إحباط العملية. إلا أن هذا المبرر لا يصمد أمام اختبار الواقع على الأقل فيما يتعلق بالضفة الغربية، تمتع الجيش الإسرائيلي في الفترة التي تم خلالها هدم البيوت بسيطرة فعالة على كافة المساحة، ويتواجد بصورة دائمة في جميع المدن تقريباً، والقرى ومخيمات اللاجئين. بالإضافة الى ذلك، فإن تحويل سياسة هدم البيوت الى سياسة علنية مصرَّح بها، أتاح لأفراد العائلات، في جزء من الحالات، التوقع المُسبق لهدم البيوت. في جزء من الحالات، وبعد العمليات الإنتحارية، اذاعت وسائل الإعلام مُسبقاً الأنباء حول نية الجيش الإسرائيلي هدم البيوت التي سكن فيها الأشخاص الذين نفَّذوا العمليات. وبناءاً على ذلك، لم يكن ممكنا تبرير سلب الحق في الطعن بسبب الحاجة الى "عنصر المفاجأة".

منقول


No CoMmEnT ............ AS