المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اتِّصَالٌ فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ ، قصة للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج



وهبت عمري لك
11-10-2009, 12:00 PM
اتِّصَالٌ فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ

ـــــــ

قصة قصيرة من مجموعة (أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ)

للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج

ـــــــــــــــــــــــ
مَسْكُونًا بِالأَوْجَاعِ ـ أَتَقَلَّبُ فَوْقَ فِرَاشِي لا يَغْمَضُ لِي جَفْنٌ 0
أَرْتَجِفُ000
أُخَبِّئُ رَأْسِي000
تَزْدَادُ الأَمْطَارُ خَلْفَ الأَسْوَارِ000
تَتَسَاقَطُ فَوْقَ الْجُدْرَانِ 000
تَنْقُرُ النَّافِذَةَ حَبَّاتُهَا الْمُتَتَابِعَةُ فِي إِيقَاعٍ رَتِيبٍ يَعْلُو بِهَا ثُمَّ يَهْبِطُ تَدْرِيجِيًّا سَاحِبًا مَا تَبَقَّى مِنْ رُوحِي عَلَى دَرَجَاتِ سُلَّمِ بَيْتِنَا الْقَدِيمِ 0
أَتَسَاقَطُ عُضْوًا عُضْوًا0
يَشْتَدُّ الْبَرْقُ خَاطِفًا بَقَايَا جَسَدِي0
أَتَدَثَّرُ مُرْتَعِدًا0
ـ أَيْنَ أَنَا ؟
ـ مَا الَّذِي جَاءَ بِي إِلَى هُنَا ؟
دَقَّ الْهَاتِفُ 0
كَانَتْ هِيَ 0
ـ أَيْنَ كُنْتِ ؟
لَقَدْ فَقَدْتُ الأَمَلَ فِي سَمَاعِ صَوْتِكِ الْجَمِيلِ مَرَّةً ثَانِيَةً 0
لِمَاذَا لَمْ تَرُدِّي عَلَيَّ ؟
أَهَانَ عَلَيْكِ قَلْبِي ؟
كِدْتُ أَسْتَسْلِمُ لِلْجُنُونِ أَوْ أَكَادُ 0
ضَحِكَتْ 0
ـ أَنْتِ أَمِيرَتِي الْجَمِيلَةُ ، وَسَاحِرَتِي الْفَاتِنَةُ 0أَصْبَحْتِ كُلَّ شَيْءٍ فِي حَيَاتِي 000
لا أَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَ فِرَاقِكِ الْمُوجِعِ كَشَفْرَةِ
مُوسَى 000
أَرْجُوكِ لا تَمْتَنِعِي ثَانِيَةً !
ـ لا تُبَالِغْ !
ـ أَنْتِ هَبَطْتِ فَجْأَةً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى قَلْبِي ،
فَأَعَدْتِ إِلَى رُوحِي حَيَاتَهَا الضَّائِعَةَ ، وَأَصْبَحَ لِوُجُودِي مَعْنَىً000
أَنْتِ حَيَاتِي 000
لا أَتَصَوَّرُ وُجُودًا لِي دُونَكِ 000
أُرِيدُ أَنْ أَرَاكِ ، وَأَضُمَّكِ إِلَى صَدْرِي ضَمَّةَ غَرِيبٍ لِصَغِيرِهِ عَادَ بَعْدَ سَفَرٍ طَوِيلٍ 0
ـ دَعْنِي أُفَكِّرْ !
ـ هَذِهِ أُمُورٌ لا تَحْتَاجُ إِلَى تَفْكِيرٍ ، بَلْ عَاطِفَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى أَنْ تَمْنَحَ دُونَ مُقَابِلٍ 000
تَسْبَحُ عَكْسَ التَّيَّارِ دَافِعَةً أَمْوَاجَ الْبَحْرِ ، وَتُلْقِي بِالْقَارِبِ فِي اللُّجَّةِ 000
ـ أَنْتَ تُفَاجِئُنِي 0
ـ فَاجِئِينِي أَنْتِ أَيْضًا وَكُونِي لِي 0
ـ غَدًا سَأُعَاوِدُ الاتِّصَالَ بِكَ 0
أَغْلَقَتِ الْهَاتِفَ ، وَأَلْقَتْنِي فِي اللُّجَّةِ وَحْدِي
مُشْتَعِلاً 000
000000
000000
000000
نَفَضْتُ دِثَارِي 000
أَتَنَقَّلُ مُلْتَاعًا بَيْنَ الْحُجُرَاتِ 000
تَزْدَادُ الأَوْجَاعُ 000
تُلْقِينِي فِي أَتُونِ اللَّحْظَةِ 0
عَيْنَاهَا اللامِعَتَانِ تَذْبَحَانِ فِي حُنُوٍّ وَرِقَّةٍ
مُسْتَحِيلَةٍ 000
شَفَتَاهَا نِيرَانٌ مُلْتَهِبَةٌ ، تُشْعِلُ رَغْبَةً كَادَتْ أَنْ
تُنْسَى 000
أَنْفُهَا دَقِيقٌ كَنَبْقَةٍ طَازَجَةٍ فَوْقَ شَطِّ تُرْعَةٍ
حَانِيَةٍ 000
خَدَّاهَا تُفَّاحَتَانِ نَاضِرَتَانِ فِي حُمْرَةِ الْغُرُوبِ ، تَأْخُذَانِ إِلَى حُقُولِ الْقَرْيَةِ الْمُتَرَامِيَةِ أَمَامَ الْبُيُوتِ الطِّينِيَّةِ الْقَدِيمَةِ 000
وَشَعْرُهَا سَحَابَةٌ نَاعِمَةٌ مَرَّتْ فَوْقَ أَشْجَارِ الصَّفْصَافِ فِي سَلامٍ 000
بِمِيزَانٍ دَقِيقٍ وُزِّعَتْ أَعْضَاؤُهَا فَوْقَ الْجَسَدِ الْمُشْتَعِلِ بِلُطْفٍ بَالِغٍ 0
تُحَاصِرُنِي ـ وَحْدِي ـ كُلَّ مَسَاءٍ بِأَعْضَائِهَا
الْمُتَّقِدَةِ 000
000000
000000
000000
أُلْقِي بِجَسَدِي خَارِجًا ، مُصْطَدِمًا بِالْهَوَاءِ الْبَارِدِ وَالأَمْطَارِ الْمُتَسَاقِطَةِ 0
أَتَمَاسَكُ 000
أَدْخُلُ تَحْتَ الأَمْطَارِ 000
تَبْتَلُّ ثِيَابِي 000
أَتَقَوْقَعُ أَمَامَ الْعَاصِفَةِ 000
تَنْزَلِقُ قَدَمِي إِلَى حَافَّةِ الرَّصِيفِ الْحَزِينِ 000
000000
000000
000000
أُعَاوِدُ الرُّجُوعَ لِلْوَرَاءِ 000
ثَمَّةَ مُدُنٌ سِحْرِيَّةٌ وَرَاءَ جَزَائِرِ الْمُحِيطِ 000
فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ لِلْجَزِيرَةِ الْبَعِيدَةِ ، وَعَلَى
امْتِدَادِ مَرْمَى الْبَصَرِ ، خَلْفَ أَشْجَارِ التِّينِ
الْمُتَشَابِكَةِ ـ يَقْبَعُ بَيْتٌ طِينِيٌّ أَخْضَرُ تَسْكُنُهُ بِنْتَا شُعَيْبٍ 0
الْبَابُ الْخَلْفِيُّ يُفْضِي إِلَى أَعْمَاقِ الْمُحِيطِ 000
الشُّرْطَةُ تَبْحَثُ عَنْ وَجْهِي
تُطَارِدُ مَلامِحِي الْمُخَبَّأَةَ بَيْنَ كَافُورِ النِّيلِ 000
تُدْخِلُنِي الصُّغْرَى حُجْرَتَهَا 000
يُدَقُّ الْبَابُ الْمَغْلُوقُ 000
أَخْرُجُ مُتَلَفِّتًا خَلْفِي 000
تَدْفَعُنِي الْكُبْرَى إِلَى اللُّجَّةِ 000
أَسْتَلْقِي فَوْقَ الْقَارِبِ 000
نَسْبَحُ عَكْسَ التَّيَّارِ 000
نَتَجَاوَزُ عَتَبَةَ دَاوُدَ 000
000000
000000
000000
دَقَّ الْهَاتِفُ !
أَفْزَعُ عَنْ فِرَاشِي 000
أُلْقِي دِثَارِي 000
أُسْرِعُ ـ مُتَلَهِّفًا ـ نَحْوَ الْهَاتِفِ 0000
ـ كَيْفَ أَنْتِ ؟
ـ فِي انْتِظَارِ وُصُولِكَ لِلْقَارِبِ فَوْقَ اللُّجَّةِ 000 لَكِنِّي أَخْشَى الشُّرْطَةَ 000 مَتَى تَأْتِي ؟
ـ الآنَ أَكُونُ 0
000000
000000
000000
فَتَحْتُ الْبَابَ 000
أَلْقَيْتُ بِجَسَدِي الْمُنْهَكِ تَحْتَ الأَمْطَارِ 0
تَزْدَادُ الآلامُ 000
فِي رَغْبَةٍ مَجْنُونَةٍ إِلَى اللُّجَّةِ
أَشُقُّ طَرِيقِي
نَحْوَ وَجْهِهَا الْجَمِيلِ 0


ـــــــــــــــــــــــ

قصة قصيرة من مجموعة (أَمِيرَةٌ مِنْ كَفْرِ خَضْرٍ)

للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج

ياسمين
11-14-2009, 02:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك علي هذه القصة الرائعة
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

وهبت عمري لك
11-15-2009, 11:16 AM
شكرا للصديقة الكريمة / ياسمين ، على مروركم الرقيق ، مع خالص تحياتي .

ايمان السيد
12-02-2009, 12:38 PM
شكرا للصديق الكريم على اختيار تلك القصة الراقية ، ونرجو من حضرتك نشر مزيد من قصصه الجميلة ، مع خالص تحياتي وتقديري .

كان اسمه حبيبي
05-03-2010, 09:17 PM
عزف منفرد على أوتار الكلمات يعيد لي بنتا طيبة غاصت في أعماق ذاتي منذ سنين ، سلمت أناملك يا أبا عمر

صفاء عطاالله
05-04-2010, 07:39 PM
قصة مشوقة وجذابة
سلمت أناملك دكتور عزت سراج
جزاك الله خيرا
لك مني وافر التحية والتقدير

براء
05-05-2010, 09:09 AM
كلمات رقيقة معبرة عن أجمل المعاني
سلمت أناملك شاعرنا الكبير
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .