المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جلد أساتذة القانون الدولي



أم خطاب
11-03-2009, 07:13 PM
جلد أساتذة القانون الدولي


اعتادت وسائل الإعلام العربية، وخاصة على اختلاف توجهاتها وجنسياتها وأنواعها، أن تستعين بأحد أساتذة القانون الدولي أو المختصين فيه كلما حدث اعتداء أو انتهاك للحقوق والمصالح العربية لشرح طبيعة الفعل المرتكب وبيان الآثار القانونية المترتبة على ذلك. وبالفعل يستعد الشخص المستضاف لأداء ما طلب منه ويجهز نفسه بالنصوص القانونية والسوابق القضائية والدولية ليدعم كلامه ويعزز أفكاره ومعتقداته حول ما سيقوله عن القانون الدولي.
ولكن ما إن يبدأ بالكلام ليجيب عن السؤال التقليدي حول موقف القانون الدولي مما جرى وينطق بعبارة «.. إن موقف القانون الدولي..» حتى يقاطعه المذيع متهكماً على هذا القانون الدولي المزعوم البعيد عن التطبيق والعاجز عن حماية من وجد للدفاع عنهم وتوفير الحد الأدنى من متطلبات وجودهم وبقائهم!!! وبقدرة قادر تتحول أيضاً المذيعة الرقيقة الجميلة لوحش كاسر تكاد تفترس من ينطق باسم القانون الدولي ويتحدث عنه وهي تجلده وتلاحقه بعبارة «عن أي قانون دولي تتحدث يا أستاذ؟» رغم أنهم استضافوا الأستاذ للحديث عن القانون الدولي تحديداً ولا شيء سواه.. وإن أفلت المسكين من هجوم وتهكم من استضافه فهذا لا يعني أنه قد نجا و«نفذ بجلده» لأن الأسوأ ما زال بانتظاره وذلك بأن أفسحوا المجال لاتصالات المشاهدين أو ايميلاتهم وفاكساتهم حيث يتم الخلط هنا بين المجرم الذي انتهك قواعد القانون الدولي وبين خبير هذا القانون الذي يتحدث عن توصيف هذا الانتهاك وما يفترض أن يترتب عليه من آثار ونتائج قانونية فيتم توجيه النقد والخطاب القاسي إلى هذا الخبير وكأنه شارون أو جورج بوش أو شريك لأي مجرم دولي في فعلته!! لدرجة أن أستاذ القانون الدولي إن غادر مبنى التلفزيون سالماً أو بالحد الأدنى من الخسائر فلا بد أنه سيسير في الشارع مطأطئ الرأس خجلاً من عمله ومما قاله عن القانون الدولي السيئ السمعة وليس بعيداً أن ينتابه الشعور بأنه بات مستهدفاً وعرضةً للانتقام من قبل أي شخص شاهد أو سمع ما قاله عن هذا القانون الدولي!! في حين ينتاب الجميع الشعور بالفرح والسعادة مما جرى، فالمذيع أو المذيعة مارسا عملهما بأمانة فلم يسمحوا للضيف أن يبث أكاذيبه عن القانون الدولي المزعوم الذي نسمع عنه ولا نراه!!
وقمعا محاولاته في أن يسمم أفكار السادة المشاهدين بما يقول!! في حين أن إخوتنا المتصلين لا بد أن يشعروا بالارتياح بعد أن أفرغوا شحنة الغضب والقهر والشعور بالظلم في هذا المتحدث عما يسمى بالقانون الدولي!! ولا يختلف حال المجرم الذي ارتكب الانتهاك عن حال هؤلاء بعد أن وجد من يشاركه في تحمل الاتهامات والإهانات!! في حين أن بعض حكامنا العرب يكونون أكثر المستفيدين والمنتفعين والمسرورين من هذه المهزلة التي تجري بشكل دوري ودائم باعتبار أن حالة العجز والضعف والهوان التي وصلنا إليها لم تعد تنسب لهم ولخلافاتهم وتبعياتهم وخيانات بعضهم بل إن القانون الدولي الضعيف والعاجز والمشلول والذي لا يطبق هو المسؤول عن كل ما جرى ويجري فلا ذنب لهم فيما وصلنا إليه ولا إثم عليهم في هذه الحالة وعلى الشهداء والجرحى والمقتولين والمفقودين والمعوقين والمحاصرين واللاجئين والنازحين والُمبعدين أن يصبوا جام غضبهم على عجز القانون الدولي لا عجز الحكام العرب وأن يوجهوا دعواتهم ولعناتهم صوب الناطقين باسم القانون الدولي لا صوب المنتهكين لأحكامه أو العاجزين عن الاستفادة والانتفاع بقواعده ونصوصه!!! وهكذا يشعر الجميع بالسعادة والرضا بانتظار انتهاك جديد وجلد مكرر لأستاذ آخر من أساتذة القانون الدولي!!
علماً أن تكرار هذا السيناريو بصورة دورية ومملة هو أمر يخفي عدم إدراكنا- أو عدم رغبتنا- في فهم آلية صنع القرار الدولي. ففي نظام العلاقات الدولية الحالي لا يكفي فقط أن نكون أصحاب حق.. لننال حقوقنا ونضمن رعاية القانون لنا... بل لا بد دوماً من قوّة داعمة لهذا الحق لتحميه وتفرض الحصول عليه.. علماً أن المقصود بالقوّة هنا ليس فقط القوّة العسكرية وإنما كل مظاهر القوّة الأخرى سواء كانت قوّة سياسية أو اقتصادية وقدرة شرائية أو استهلاكية إضافة إلى طبيعة العلاقات والمصالح التي تجمعنا بالخمسة الكبار صنّاع القرار الدولي في مجلس الأمن، وعلينا أن نتذكر هنا أنه حتى بالنسبة للقانون الداخلي فلا يكفي أن تكون صاحب حق لتنال حقك بصورة آلية فورية ومباشرة، بل لا بد من توكيل محام ونفقات إضافية (معلنة وخفية في بعض الدول) على أمل تحقيق الاستفادة القانونية للحق المطلوب حمايته. وإذا كان هذا ما يتم على صعيد القانون الداخلي الوطني حيث لا تعدد سيادات ولا توازن قوى فكيف نتخيل أن يكون الأمر على صعيد التنظيم الدولي.
وبالتالي يتعين على بعض حكامنا وحكوماتنا العربية أن يستوعبوا كيف يصنع القرار الدولي وكيف تصان الحقوق وُتحمى في النظام الدولي القائم وأن يخرجوا من وهم أن القانون الدولي يمثل العدل المطلق وأنه كفيل بتوصيل الحقوق لأصحابها دون أدنى جهد أو عمل ويتعين عليهم أيضاً أن يبحثوا عم كبش فداء آخر، غير القانون الدولي وأساتذته، ليتحمل كل إخفاقاتهم وخياناتهم وآثامهم وهي ذنوب تعجز الجبال عن حملها فكيف بالقانون الدولي وأساتذته!!!








د. إبراهيم درّاجي

2008-12-16




منقول

الا يوجد من يقف ويدافع عن المعنى الحقيقي للقانون الولي !
الجواب لايوجد لانه قانون الذئاب AsMaA T.A

أم خطاب
12-31-2009, 11:45 AM
علماً أن تكرار هذا السيناريو بصورة دورية ومملة هو أمر يخفي عدم إدراكنا- أو عدم رغبتنا- في فهم آلية صنع القرار الدولي.