المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج يرثي أخته هويدا



وهبت عمري لك
10-30-2009, 12:07 PM
إلى أختي هويدا

زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها

ولما تزل تفوح بالعبير

ـــــــ

عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ




وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ


وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ




تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ


وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا




وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ


وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ




يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ


يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ




وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ


يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا




وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ


يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ




عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ


يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ




وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ


فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا




وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ


وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ




وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ


فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ




وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ


وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ




وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ


فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا




وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ


تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ




وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ


فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا




وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ


فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ




أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ


إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى




فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ


أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ




وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟


ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا




وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ




وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ


يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً




فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً




فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ


فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ




فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ


وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ




فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ


وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ




فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ


وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا




تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ


وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً




عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ


وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا




وَأَحْمُلُهَا غَصْبًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ


تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا




وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ


وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا




وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ


فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي




وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ


فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا




فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ


تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ




سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ


تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ




وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ


تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا




وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ


وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ




إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ


وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا




رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ


فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا




عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ


يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ




وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ


يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ




وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ


فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ




يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ


أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا




وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ


يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ




وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ


فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ




يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ


وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا




وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ


فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ




إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ


يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا




إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ


وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ




فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ


تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ




وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ


وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا




وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ


وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ




تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ


وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي




إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ


وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ




يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ


وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا




وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ


يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا




وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ


فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ




وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ


فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ




وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ


فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى




وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ


سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا




وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

شعر الدكتور /عزت سراج

أستاذ الأدب والنقد المساعد

كلية التربية ـ جامعة الملك خالد

20/10/2009م

إلى أختي هويدا

زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها

ولما تزل تفوح بالعبير

ـــــــ

عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ




وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ


وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ




تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ


وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا




وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ


وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ




يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ


يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ




وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ


يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا




وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ


يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ




عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ


يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ




وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ


فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا




وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ


وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ




وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ


فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ




وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ


وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ




وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ


فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا




وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ


تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ




وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ


فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا




وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ


فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ




أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ


إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى




فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ


أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ




وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟


ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا




وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ




وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ


يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً




فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً




فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ


فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ




فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ


وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ




فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ


وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ




فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ


وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا




تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ


وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً




عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ


وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا




وَأَحْمُلُهَا غَصْبًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ


تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا




وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ


وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا




وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ


فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي




وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ


فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا




فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ


تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ




سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ


تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ




وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ


تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا




وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ


وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ




إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ


وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا




رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ


فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا




عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ


يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ




وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ


يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ




وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ


فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ




يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ


أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا




وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ


يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ




وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ


فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ




يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ


وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا




وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ


فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ




إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ


يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا




إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ


وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ




فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ


تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ




وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ


وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا




وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ


وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ




تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ


وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي




إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ


وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ




يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ


وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا




وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ


يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا




وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ


فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ




وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ


فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ




وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ


فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى




وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ


سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا




وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

شعر الدكتور /عزت سراج

أستاذ الأدب والنقد المساعد

كلية التربية ـ جامعة الملك خالد

20/10/2009م

صفاء عطاالله
11-01-2009, 05:45 PM
وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ

فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ

تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ

وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ

يالروعة هذه الأبيات التي تعبر عن مدى الوفاء والصدق
رحم الله الفقيــــدة.....وأسكنها فسيح جناته
وألهم ذويها الصبر والسلوان
تقبلوا مروري

وهبت عمري لك
11-02-2009, 09:20 PM
شكرا للرقيقة صفاء عطا الله على مرورها الكريم ، متمنيا دوام التواصل .

ناصر الحق
11-19-2009, 11:49 PM
قصيدة رائعة تستحق الثناء والتقدير ، لا فض فوك

ايمان السيد
12-02-2009, 12:52 AM
من أجمل ما قيل في الرثاء
حقيقة قصيدة رائعة تعبر عن مشاعر وأحاسيس دفينة
رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته
وألهم ذويها الصبر والسلوان
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

امان الواصل
12-15-2010, 10:31 PM
السلام عليكم
الشاعر الغالي عزت سرج قرأت كثيرامن اشعارك وقصصك وقد اعجبني قصيدة امي ما اجملها فهي معبرة ورائعة في تعبيراتك عن فضل الام
واعجبتني ايضا شعر الريثاء وانت ترثي الغالية اختك فقد استخدمت كل المعاني الجميلة من اخ يعشق اختة رحمها اللة واسكنها فسيح جناتة
وذكرتنا بالاخرة لعلها عظة لمن لم يتعظ
ومعذرةا فأنا لي تعليق علي قصصك الجميلة الممتعة فهي علي قدرما فيها من تشويق وايثار
الا انك دائما تعتمدعلي اظهارمفاتن المرأة وجمالها وهذا يثير الغرائز
نرجوان تقلل من هذة الاثارة العميقة الشباب مش ممستحمل ايها الكاتب
نشكرك علي سعة صدرك
امان الواصل

هدي السماك
12-16-2010, 07:35 PM
الى من احمل له( اصدق المشاعر والاحاسيس الرائعه بداخلى) اتمنى ان لااْقلل من حقك علينا فاذااْطلت فى الكلمات فلن اْوفيه حقه الكبير علينا موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .واجمل الامانى المليئه( بالحب )

د.شيماء عطاالله
04-30-2023, 08:16 AM
رحم الله الشاعر الكبير الدكتور عزت سراج وأدخله فسيح جناته