المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في صعدة الحسم العسكري سيد الموقف و طهران الغائب الحاضر



ساره يوسف
09-02-2009, 08:14 AM
في صعدة الحسم العسكري سيد الموقف و طهران الغائب الحاضر

*‏ صنعاء‏:‏ إبراهيم العشماوي
مع اكتمال الأسبوع الثاني للمواجهات المسلحة بين الحكومة اليمنية والحوثيين يتضح جليا أن لغة الحسم العسكري هي اللغة الوحيدة الممكنة في هذا الوقت وأن فرص التفاوض أو الوساطات بين الجانبين باتت منعدمة لاعتبارات عدة من أهمها أن التراجع الحكومي ـ كما كان يحدث بعد كل جولة من القتال في الحروب الخمس السابقة التي بدأت عام‏2004‏ ـ سيفهمه المتمردون علي أنه ضعف وتراجع يعطيهم الفرصة في إعادة ترتيب صفوفهم من جديد والتقاط الأنفاس استعدادا لمواجهات أشد شراسة وتمدد في مناطق جديدة‏.‏

وبخلاف ذلك فإن تصميم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح علي اجتثاث ما وصفه بسرطان صعدة إلي الأبد يؤكد أن الدولة اليمنية وصلت إلي مرحلة صعبة في خياراتها بأن تكون أو لا تكون في ضوء المخاطر الأخري التي تتهدد الأمن الوطني اليمني‏,‏ خصوصا الدعوات الانفصالية في بعض محافظات الجنوب أو نشاط تنظيم القاعدة الذي يري في الجبال اليمنية والقبائل والتعقيدات الاجتماعية نموذجا أفغانيا جيدا يمكن تكراره‏.‏ويري المراقبون لتطورات الأوضاع اليمنية أن العمليات العسكرية اليمنية ضد المتمردين تلاقي ارتياحا إقليميا وعربيا وخليجيا إلي حد كبير‏,‏ لأن النزوع الشيعي للتوسع المدعوم من إيران يهدد أمن المنطقة ويبعث علي المزيد من المخاوف نتيجة التمدد الديمغرافي الشيعي في جسد الدول الخليجية‏,‏ فضلا عن أن مثل هذا التمرد قد يشجع في حال نجاحه الآخرين علي مواجهة سلطات الدولة واختبار قوتها‏.‏

وبحسب تصريحات خاصة لوزير الخارجية اليمنية الدكتور أبو بكر القربي لـ‏(‏ الأهرام‏)‏ فإن الحكومة تسير حاليا في اتجاهين بشأن التمرد‏,‏ الأول إثبات سيادة الدولة علي كل المناطق‏,‏ والثاني فتح الباب أمام هذه الجماعات للعودة إلي جادة الصواب والقبول بالشروط التي تضمنتها مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح لوقف الحرب مشيرا‏,‏ إلي أن الحكومة حريصة علي السلام وحقن الدماء‏,‏ وهي مستعدة لمعالجة كل التبعات الناجمة عن هذه المواجهات شرط قبول الحوثيين بالشروط المعلنة فالكرة في ملعب الذين يدعون أنهم يريدون السلام من الخارجين علي القانون‏.‏

وتشير معطيات المواجهات العسكرية إلي تفوق القوات اليمنية في سلاح الجو والمدفعية والصواريخ يرجح كفتها في احتمال الحسم‏,‏ كما أنها استفادت كثيرا من أخطاء المواجهات السابقة عندما كانت تعرض قواتها لكمائن الحوثيين والاشتباك معهم داخل الكتل السكنية‏,‏ بل عملت علي استدراجهم إلي الجبال والمزارع والطرقات ليتسني لها التعامل معهم بدقة‏,‏ وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس اليمني في تغيير التكتيك العسكري مع المتمردين الذين تفوقوا في المرات السابقة في أسلوب حرب العصابات والكمائن‏.‏ وفضلا عن ذلك تبدو المساندة الشعبية والقبلية للرئيس صالح هذه المرة أكثر وضوحا وقوة حيث أعلنت قبائل حاشد وقبائل بكيل وهما أكبر القبائل اليمنية وقوفهما مع الحكومة لدحر الانفصال بل وأرسلوا آلاف المتطوعين إلي جبهات القتال ومعسكرات الجيش علي الرغم من مخاطر الركون إلي القبائل التي ستطالب حتما بالثمن عقب الحرب‏,‏

ولهذا لم يكترث صالح كثيرا بموقف المعارضة والأحزاب السياسية التي ما زالت تتخذ موقف المناورة للحصول علي أكبر مكاسب ممكنة والضغط علي صالح للموافقة علي أجندات داخلية تتعلق بالإصلاح السياسي والانتخابات‏.‏ ويسعي الحوثيون في ظل الضربات المتتالية إلي التلق بشماعة الخارج للخروج من المأزق الحالي‏,‏ ولهذا أعلنوا رغبتهم في العودة إلي اتفاق الدوحة العام الماضي الذي وقف مع الحكومة لإنهاء القتال‏,‏ كما طلبوا تدخل الجامعة العربية والدول الكبري‏,‏ غير أن الحكومة سارعت بالقول أن اتفاق الدوحة انتهي وقتل علي يد الحوثيين علي حد تعبير الناطق الرسمي وزير الإعلام حسن اللوزي‏,‏ إذ اتهمت السلطات اليمنية الحوثيين برفض بنوده وعرقلة تنفيذها خصوصا النزول من الجبال وتسليم الأسلحة‏.‏

وفي هذا السياق يقول وزير الخارجية اليمنية‏:‏ أعلن الرئيس علي عبد الله صالح وقف العمليات العسكرية في يوليو عام‏2008‏ والتزمت الحكومة بحزمة إجراءات لإحلال السلام وإعادة الإعمار‏,‏ وكان الأمل أن يلتزم الحوثيون بالاتفاقيات الموقعة ولكنهم تمادوا في خروجهم علي القانون ومارسوا الأعمال الإرهابية ضد المواطنين وقوات الجيش والأمن وإعتدوا علي الممتلكات العامة والخاصة‏,‏ ما واصلوا تماديهم في خرق القانون بقطع الطرق العامة والاستيلاء علي المدارس وإجبار المواطنين علي دفع الزكاة لهم خارج الأطر القانونية‏,‏ ويكفي أن حصيلة ضحاياهم في عام واحد بلغت‏328‏ قتيلا و‏200‏ جريح وأكثر من‏500‏ مواطن تعرضوا للخطف بينهم نساء وأطفال‏.‏

وتبدو إيران الحاضر الغائب في الحرب اليمنية‏,‏ وكالعادة يلمح مسئولون يمنيون بتورط طهران وبالذات المرجعيات الدينية في دعم التمرد في صعدة من خلال دلائل مادية مثل الأسلحة والمنشورات والأموال ثم يسارع الإيرانيون بالنفي ويؤكدون أنهم لا يتدخلون في الشأن الداخلي اليمني ويدعون إلي الحل السلمي للقضية‏,‏ وعلي الرغم أن هذا السجال حدث في مختلف الحروب الخمس السابقة مع الحوثيين ووصل إلي حد سحب السفير اليمني من طهران إلا أن صنعاء تحرص كثيرا علي عدم رفع الخصومة مع إيران إلي الحد الذي يجعلهما في مواجهة ساخنة لاعتبارات قد يكون من بينها عدم إعطاء الولايات المتحدة ذريعة للتدخل في الشأن اليمني وهي التي تضغط حاليا علي النظام اليمني للخروج بأكبر قدر من التنازلات الممكنة في التنسيق الأمني والعسكري‏,‏ أو أن صنعاء لا تريد أن تكون أرضها ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وتسعي لأن تنأي بنفسها عن أن تكون مجرد ورقة علي أجندات الغير‏.‏ وعندما سألت‏'‏ الأهرام‏'‏ وزير الخارجية اليمنية عما تردد عن ضبط أسلحة إيرانية في مخازن للحوثيين وضلوع طهران في الحرب الحالية أجاب بدبلوماسية وحذر بقوله‏:‏ اليمن نبهت من البداية لخطورة التدخل الخارجي في
الشأن الداخلي من أية جهة كانت‏,‏ لأن هذه التدخلات تضر بأمن واستقرار المنطقة وتضر بعلاقات دول المنطقة بعضها ببعض‏,‏ وتثير الكثير من القلق والمخاوف حول أبعاد هذه التدخلات‏,‏ لكنه رفض في الوقت نفسه التعليق حول الأدلة بشأن التدخل الأجنبي في الوقت الحاضر لافتا إلي أنه يتم حاليا استكمال توثيقها وستتخذ الإجراءات في وقتها‏.‏ وحول دعوة بعض الدول وخصوصا الولايات المتحدة للحكومة اليمنية والمتمردين بوقف القتال أوضح وزير الخارجية اليمنية أن هناك بالفعل دعوات لوقف الحرب من قبل الطرفين‏,‏ ونحن نريد قبل غيرنا وقف الحرب‏,‏ ولكن يجب ألا ينظر إلي الحكومة وإلي هذه الجماعات المخربة بنفس النظرة وعلي نفس الدرجة من الندية‏,‏

فالحكومة اليمنية تطبق سلطة القانون والدستور بينما هذه الجماعات خارجة عن الدستور والقانون ولا يمكن تحت أي عرف أن نقبل بحمل السلاح لتحقيق مطالب مهما كانت شرعيتها‏,‏ مبديا استغرابه من الذين يحاولون وضع الحكومة وهذه الجماعات في كفة واحدة‏,‏ فإذا قبلوا بهذا التصنيف‏,‏ فمعني هذا أنهم يقبلون به في كثير من البلدان التي تواجه تمردا وتخريبا وإرهابا‏,‏ والمطلوب من هذه الدول أن تؤكد رفضها لكل حركة تمرد تنهج العنف وحمل السلح في وجه الدولة مهما كانت مطالبها‏.‏ ويري الباحث اليمني سامي الأهدل إن الدعم الإيراني للحوثيين لم يأت وليد الساعة ولم يكن أبدا حبا في الحوثيين أو حبا في مذهبهم أو ليساعدهم في الدفاع عن أنفسهم في حق البقاء‏.‏ بل هي خطة مدروسة ومعدة سلفا في إطار معادلة سياسية باتت واضحة المعالم‏,‏ وهي تقول إن النظام الإيراني يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف‏.‏ ويعرف جيدا انه لن يتمكن من زعزعة النظام السعودي الذي يؤرقه كثيرا من الجهة الجنوبية‏,‏ أي من جنوب المملكة وحدودها مع اليمن‏.‏ ويضيف الأهدل‏:‏ بعد أن يئس النظام بزرع الفتن والضغائن بين دول الخليج نفسها‏,‏ وانتصار إرادة تلك الدول بحكمة قادتها‏,‏ ويئس ذلك النظام أيضا بالتعا
مل مع بعض الجبهات الحدودية للمملكة من عدة جهات مختلفة‏,‏ كون جميع تلك الجهات تكاد تكون شبه محصنة بطريقة أو بأخري‏,‏ لجأ النظام الإيراني لاستخدام الجهة الجنوبية مستغلا حالتي الفقر والولاء في تلك المناطق ليصل إلي هدفه المنشود وهو نقل الاضطرابات إلي كبري الدول الخليجية‏,‏ ومن ثم يمتد هذا السرطان وينتشر لبقية أعضاء الجسد الخليجي الواحد‏.‏

في المشهد اليمني الدامي تظهر صورة أخري قاتمة لنحو‏150‏ ألف نازح من لهيب النار في صعدة أجبروا علي ترك ديارهم ومزارعهم والبقاء في العراء علي أمل أن تضع الحرب أوزارها في القريب‏,‏ ويشكو الآلاف من أن الحوثيين لايتركون لهم الفرصة حتي للهروب من جحيم المعارك‏,‏ كما تشكو المنظمات الدولية ومؤسسات الإغاثة من صعوبة الوصول إليهم لمساعدتهم‏.‏

وإجمالا فإن المعارك الدائرة في صعدة تعتبر من وجهة النظر الرسمية والشعبية الكي الذي هو آخر الدواء علي رغم فداحة الخسائر المادية والإنسانية فيها لتحقيق الاستقرار في اليمن والتخلص من صداع دائم للنظام اليمني الذي يواجه تحديات كثيرة علي المستوي الإقتصادي والظروف الحياتية للمواطنين أو علي مستوي الوضع الأمني وترتيب البيت اليمني من الداخل بما يكفل الحفاظ علي وحدة البلاد وأمنها‏,‏ وتبقي الكلمة الأولي والأخيرة للجيش اليمني الذي سيحدد بالضبط من خلال مواصلة عملياته ساعة وقف القتال تمهيدا للوصول إلي سلام دائم‏,‏ وليس هدنة هزيلة تتقاذفها الأمواج‏,‏ وتبقي آمال اليمنيين معلقة علي إمكانية مثول المتمردين لسلطة الدولة وقوانينها وموافقتهم علي شروط وقف القتال والنزول من الجبال وتفكيك ميليشياتهم المسلحة حقنا للدماء اليمنية التي تسيل من الجانبين‏.‏

أم خطاب
09-02-2009, 12:13 PM
شكرا اختي

والله لايوجد سرطان مثل ايران
اللهم اجعل جبل من نار بين العراق وايران وبين دول العربية وايران