المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هدية من الشعب الكويتى لكل نساء العرب



ساره يوسف
05-24-2009, 10:27 AM
هدية من الشعب الكويتي لكل نساء العرب‏..‏
بقلم: أمينة شفيق

جريدة الأهرام 24/5/2009






بعد أربعة عقود من استقلال الكويت‏,‏ وبعد مرور ستة وثلاثين عاما علي أول انتخابات نيابية تجري في الدولة العربية الخليجية‏,‏ وبعد اربع سنوات من حصول المرأة الكويتية علي حقوقها السياسية‏,‏ أهدانا شعب الكويت إحدي اغلي هدية تمنيناها كنساء عربيات‏,‏ انتخب شعب الكويت اربع برلمانيات في الانتخابات التي جرت يوم السابع عشر من مايو عام‏2009,‏ أربع برلمانيات من مجمل عدد اعضاء مجلس الأمة الكويتي والبالغ خمسين عضوا‏.‏ حقق شعب الكويت نسبة جيدة في التمثيل السياسي للمرأة‏.‏ حقق نسبة‏8%‏ كعضوية نسائية منتخبة في برلمانه‏,‏ قد تكون اقل كثيرا من بلدان اخري نامية كرواندا مثلا أو متقدمة صناعيا كأي دولة إسكندنافية كمثل آخر‏,‏ ولكنها بلا شك أعلي من المتوسط العام العربي‏,‏ وهي النسبة العربية التي لا تتجاوز الـ‏5‏ ر‏4%,‏ جزء منها يتم بالتعيين بعد ان تضيق مساحات حركة المرأة عن طريق الانتخابات والاقتراع في الصندوق‏.‏

إنها هدية غالية نزهو ونفخر بها لأنها أخذت بيدنا‏,‏ نحن النساء العربيات‏,‏ لتحقيق خطوات علي الطريق الصحيح‏.‏ نجحت المرأة الكويتية بانتخاب اربع برلمانيات‏,‏ دفعة واحدة‏,‏ في اطار نظام انتخابي عام لم يتبع نظام الحصص أو التخصيص لمقاعد المرأة‏,‏ وإنما كجزء متكامل ومندمج في النظام الانتخابي المبني علي حقوق المواطنة وواجباتها للجميع نساء وذكورا سواء بسواء‏,‏ يتمايز النظام الانتخابي الكويتي بأنه يقسم الدولة كلها إلي خمس دوائر انتخابية يتم الترشيح علي اساسها للنساء كما للذكور‏,‏ دون ان تمنح المرأة البعض من التمييز الايجابي الذي قد يساعدها علي التقدم والفوز‏,‏ بعد اغلاق الصناديق وعند فرز الاصوات يفوز الاعضاء العشرة الحاصلون علي أعلي الاصوات بالمقاعد العشرة البرلمانية‏,‏ رشحت المرأة الكويتية نفسها في الدوائر الخمس وتنافست مع الرجال‏,‏ ونجحت الأربع بأصوات الرجال والإناث معا‏,‏ حالة تعبر عن درجة نضج للعقلية العربية‏.‏

فازت الدكتورة معصومة صالح مبارك بأعلي الاصوات في الدائرة الأولي‏,‏ وفازت الدكتورة أسيل العوضي بالمركز الثاني في الدائرة الثالثة وفازت الدكتورة رولا دشتي بالمركز السادس‏.‏ ثم فازت الدكتورة سلوي الجسار بالمركز الرابع في دائرتها‏.‏ بمعني ان النائبات الأربع لم ينجحن في مواقع تأتي في نهاية القوائم الانتخابية‏,‏ وإنما نجحن بتفوق ملحوظ‏.‏ وكانت هذه النتيجة مستجيبة لعدد من استطلاعات الرأي التي أجرتها إحدي الصحف الكويتية‏.‏ في الاستطلاعات أبدي الشباب من الجنسين حماسا لانتخاب النساء في الوقت الذي ابدي العديد من الرجال اسفهم لعدم انتخابهم لنساء في الانتخابات السابقة‏,‏ بالرغم من ان نفس الاستطلاعات سجلت رفض العديد من النساء انتخاب نساء في مجلس الأمة‏.‏ وقد لوحظ هذا التوجه في تلك الصور المنشورة أو التي تبث علي الفضائيات العربية والاجنبية‏,‏ فقد ضمت صور الالتفاف حول الفائزات خليطا من النساء والرجال‏,‏ من الشباب ومن المتعدين لسن الشباب‏,‏ كان الجميع سعيدا مرحبا بتلك الصفحة الجديدة التي فتحها الشعب الكويتي علي طريق ديمقراطيته‏.‏ وهي الخطوة التي اتخذت مسارا نضاليا منذ سبعينيات القرن الفائت‏.‏

قبل ذلك العقد تعالت اصوات نسائية وذكورية تطلب بحصول المرأة الكويتية علي حقوقها السياسية‏,‏ خاصة بعد انخراط اعداد من النساء في التعليم بكل مستوياته وفي الوظائف في عدة مجالات‏.‏ ولكن بعد العقد السبعيني قويت الحركة النسائية الكويتية‏,‏ ومعها قوي ذكورية ديمقراطية واسعة‏,‏ وكثفت من مطالبها السياسية‏,‏ ولكنها كانت تخفق المرة تلو الأخري‏,‏ وربما كانت الحركة المطلبية العالمية التي صاحبت عقد المرأة الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة دافعا ومشجعا لتصاعد الحركة بكل مطالبها‏,‏ كما يمكن اقرار ان المرأة الكويتية صعدت الي مراكز علمية وعملية مرموقة كنتاج للاتساع في تعليم المرأة في الداخل ثم استكماله في الخارج في تخصصات علمية متنوعة‏,‏ فقد تبوأت مناصب عديدة مهمة كأستاذة جامعية ورئيسة لجامعة وصاحبة اعمال وعضوة في مجالس ادارات شركات ومؤسسات مالية كبيرة ثم كوزيرة‏.‏

بعد حصول المرأة الكويتية علي حقوقها السياسية منذ اربع سنوات‏,‏ قامت الجمعيات النسائية بأكبر حركة تسجيل للمرأة في جداول الانتخاب‏.‏ فمن بين‏384790‏ مسجلا في كشوف الانتخاب في الدوائر الخمس‏,‏ تم تسجيل‏195‏ الف امرأة ناخبة بنسبة تقترب من الـ‏54%‏ من عدد المسجلين‏.‏ وكان التسجيل في المناطق الحضرية كما كان في المناطق القبلية التي تتحكم فيها التقاليد العشائرية التي لايزال صوت المرأة فيها رهنا بإرادة الرجال‏,‏ وبالرغم من هذه الكتلة التصويتية لم تنجح نائبة واحدة في الانتخابات السابقة‏,‏ بحيث إنه لا يمكن القول ان النائبات الأربع اللاتي نجحن في انتخابات عام‏2009‏ اعتمدن علي اصوات النساء فحسب‏,‏ وإلا لكن قد نجحن في الانتخابات السابقة‏.‏

في هذه الانتخابات الاخيرة خاضت‏19‏ مرشحة من بين‏282‏ مرشحا‏,‏ تقدمن في المعركة الانتخابية كمستقلات يقدمن برامج سياسية تدور حول موضوعين اساسيين‏:‏ الأول استقرار الحياة السياسية بعد مرحلة اضطراب واحتكاك بين التيار السلفي في مجلس الأمة السابق وبين الحكومة مما ادي إلي اضطراب الاوضاع الاقتصادي‏,‏ ثم حل البرلمان ثلاث مرات في ثلاث سنوات‏,‏ وكان الموضوع الثاني مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الكويت كناتج للأزمة الاقتصادية العالمية‏.‏

فلا غرابة إذن من ان تقترب النائبات الاربع كثيرا من علوم الاقتصاد والسياسة الدولية والإدارة والتخطيط‏.‏ فالسيرة الذاتية لكل منهن تشير إلي حصولهن علي درجات الماجستير او الدكتوراة في أي من التخصصات المذكورة‏.‏ وفي احيان نجد اعدادا منهن حاملات لعدد من درجات ماجستير في تخصصات مختلفة‏.‏

والآن انتخب الشعب الكويتي نساءه في البرلمان‏,‏ قدم لنا باقة نسائية سياسية من اربع برلمانيات هدية تضرب المثل ليس فقط للمرأة الخليجية وإنما لكل نساء العرب‏,‏ سياسيات مستقلات اقتحمن الحلبة الانتخابية بلا سند حزبي رسمي او معارض يساعدهن في المعركة‏,‏ دخلن الي المجلس التشريعي الكويتي كمواطنات جسورات‏,‏ وبسند حقيقي من اصوات الشعب الكويتي الذي فتح لهن الباب واسعا‏.‏

انجزت البرلمانيات الكويتيات الخطوة الأولي لتأتي بعد ذلك الخطوة الثانية التي ستتركز فيها عليهن الاضواء علي ادائهن البرلماني وعلي تحركاتهن في مجالي التشريع والمحاسبة ستتطلبهن الاصوات التي صعدت بهن الي مقاعد البرلمان ضعف ما تطلبه من زملائهن من البرلمانيين‏.‏ هكذا دائما فالمرأة مطالبة بأن تنجز ضعف ما ينجزه الرجل لتثبت انها جديرة بالموقع الذي وصلت اليه‏,‏ وهي تعلم أن المعايير التي تطبق عليها تختلف عن تلك التي تطبق علي الرجال حتي تنجح في ألا تكون مجرد الأولي في الوصول الي اهدافها‏,‏ وإنما لكي تكون الأولي وفي ذات الوقت لا تكون الاخيرة‏.‏