المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة المتنبي وأحر قلباه



دكتور سامح
05-17-2009, 02:21 PM
مناسبة القصيدة : واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

كان سيف الدولة إذا تأخر عنه مدحه شق عليه وأكثر من أذاه، وأحضر من لا خير فيه، وتقدم إليه بالتعريض له في مجلسه بما لا يحب، فلا يجيب أبو الطيب أحداً عن شيء، فيزيد بذلك في غيظ سيف الدولة. ويتمادى أبو الطيب في ترك قول الشعر، ويلح سيف الدولة فيما يستعمله من هذا القبيح. وزاد الأمر على أبي الطيب، وأكثر عليه مرة بعد أخرى، فقال أبو الطيب وأنشده هذه القصيدة في محفل من العرب والعجم
وَاحَــرَّ قَلبــاهُ مِمَّــن قَلْبُـهُ شَـبِمُ
ومَــن بِجِسـمي وَحـالي عِنْـدَهُ سَـقَمُ
مـا لـي أُكَـتِّمُ حُبّـاً قـد بَـرَى جَسَدي
وتَــدَّعِي حُـبَّ سَـيفِ الدَولـةِ الأُمَـمُ
إِنْ كــانَ يَجمَعُنــا حُــبٌّ لِغُرَّتِــهِ
فَلَيــتَ أَنَّــا بِقَــدْرِ الحُـبِّ نَقتَسِـمُ
قــد زُرتُـه وسُـيُوفُ الهِنـدِ مُغمَـدةٌ
وقــد نَظَــرتُ إليـهِ والسُـيُوفُ دَم
وَكــانَ أَحسَــنَ خَــلقِ اللـه كُـلِّهِمِ
وكـانَ أَحْسَـنَ مـا فـي الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَــوتُ العَــدُوِّ الِّـذي يَمَّمْتَـهُ
ظَفَـرٌ فــي طَيِّـهِ أَسَـفٌ فـي طَيِّـهِ نِعَـمُ
قـد نـابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ
واصطَنَعَتْ لَــكَ المَهابــةُ مـا لا تَصْنـعُ البُهَـمُ
أَلــزَمْتَ نَفْسَــكَ شَـيْئاً لَيسَ يَلْزَمُهـا
أَنْ لا يُـــوارِيَهُم أرضٌ ولا عَلَـــمُ
أَكلمــا رُمـتَ جَيشـاً فـانثَنَى هَرَبـاً
تَصَــرَّفَتْ بِــكَ فـي آثـارِهِ الهِمَـمُ
علَيــكَ هَــزمُهُمُ فـي كُـلِّ مُعْـتَرَكٍ
ومــا عَلَيـكَ بِهِـمْ عـارٌ إِذا انهَزَمـوا
أَمـا تَـرَى ظَفَـراً حُـلواً سِـوَى ظَفَرٍ
تَصـافَحَت ْفيـهِ بيـضُ الهِنْـدِ والِلمَـمُ
يــا أَعـدَلَ النـاسِ إِلاَّ فـي مُعـامَلَتي
فيـكَ الخِصـامُ وأَنـتَ الخَـصْمُ والحَكَمُ
أُعِيذُهــا نَظَــراتٍ مِنْــكَ صادِقَـةً أَنْ تَحْسَـبَ
الشَـحمَ فيمَـن شَـحْمُهُ وَرَمُ
ومــا انتِفـاعُ أَخـي الدُنيـا بِنـاظرِهِ
إِذا اســتَوَتْ عِنـدَهُ الأَنـوارُ والظُلَـمُ
سَــيَعْلَمُ الجَـمْعُ مِمَّـن ضَـمَّ مَجْلِسُـنا
بِــأنَّني خَـيْرُ مَـن تَسْـعَى بِـهِ قـدَمُ
أَنـا الَّـذي نَظَـرَ الأَعمَـى إلـى أَدَبي
وأَســمَعَتْ كَلِمـاتي مَـن بِـهِ صَمَـمُ
أَنـامُ مِـلءَ جُـفُوفي عـن شَـوارِدِها
ويَسْــهَرُ الخَــلْقُ جَرَّاهـا ويَخـتَصِمُ
وَجَــاهِلٍ مَـدَّهُ فـي جَهلِـهِ ضَحِـكِي
حَــتَّى أَتَتْــهُ يَــدٌ فَرَّاســةٌ وفَـمُ
إِذا رَأيــتَ نُيُــوبَ اللّيــثِ بـارِزَةً
فَــلا تَظُنَّــنَ أَنَّ اللَيــثَ يَبْتَسِــمُ
ومُهجـةٍ مُهجـتي مِـن هَـمِّ صاحِبِهـا
أَدرَكْتُهــا بِجَــوادٍ ظَهْــرُهُ حَــرَمُ
رِجـلاهُ فـي الـرَكضِ رِجْلٌ واليَدانِ يَدٌ
وفِعْلُــهُ مــا تُريــدُ الكَـفُّ والقَـدَمُ
ومُـرهَفٍ سِـرتُ بَيـنَ الجَحْـفَلَينِ بِـهِ
حـتَّى ضَـرَبْتُ ومَـوجُ المَـوتِ يَلْتَطِمُ
الخَــيْلُ واللّيــلُ والبَيـداءُ تَعـرِفُني
والسَـيفُ والـرُمْحُ والقِرطـاسُ والقَلَـمُ
صَحِـبتُ فـي الفَلَـواتِ الوَحشَ مُنْفَرِدا
حــتَّى تَعَجَّـبَ منَّـي القُـورُ والأَكَـمُ
يــا مَــن يَعِـزُّ عَلَينـا أن نُفـارِقَهم
وَجداننــا كُـلَّ شَـيءٍ بَعـدَكُمْ عَـدَمُ
مــا كــانَ أَخلَقَنــا مِنكُـم بِتَكرِمـة
لَــو أَن أَمــرَكُمُ مِــن أَمرِنـا أَمَـمُ
إِن كــانَ سَــرَّكُمُ مـا قـالَ حاسِـدُنا
فَمــا لِجُــرْحٍ إِذا أَرضــاكُمُ أَلَــمُ
وبَينَنــا لَــو رَعَيْتُــمْ ذاكَ مَعرِفـةٌ
إِنَّ المَعـارِفَ فـي أَهـلِ النُهَـى ذِمَـمُ
كَــم تَطلُبُــونَ لَنـا عَيبـاً فيُعجِـزُكم
ويَكــرَهُ اللــه مـا تـأْتُونَ والكَـرَمُ
مـا أَبعَـدَ العَيْـبَ والنُقصانَ من شَرَفي
أَنــا الثُرَيَّــا وَذانِ الشَـيبُ والهَـرَمُ
لَيـتَ الغَمـامَ الـذي عِنـدِي صَواعِقُـهُ
يُــزِيلُهُنَّ إلــى مَــن عِنـدَه الـدِيَمُ
أَرَى النَــوَى يَقْتَضِينـي كُـلَّ مَرْحَلـةٍ
لا تَســتَقِلُّ بِهــا الوَخَّــادةُ الرُسُـمُ
لَئِــن تَـرَكْنَ ضُمَـيراً عـن مَيامِنِنـا
لَيَحْـــدُثَنَّ لِمَــنْ ودَّعْتُهُــمْ نَــدَمُ
إذا تَرَحَّــلْتَ عـن قَـومٍ وقـد قَـدَروا
أَن لا تُفـــارِقَهم فــالراحِلُونَ هُــمُ
شَــرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَـديقَ بـهِ
وشَـرُّ مـا يَكْسِـبُ الإِنسـانُ مـا يَصِمُ
وشَــرُّ مـا قَنَصَتْـهُ راحَـتي قَنَـصٌ
شُــهْبُ الـبُزاةِ سَـواءٌ فيـهِ والرَخَـم
بــأَيَّ لَفْــظٍ تَقُـولُ الشِـعْرَ زِعْنِفـةٌ
تجُــوزْ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وِلا عَجَـمُ
هـــذا عِتـــابكَ إِلاَّ أَنَّــهُ مِقَــةٌ
قــد ضُمِّــنَ الــدُرَّ إِلاَّ أَنَّـهُ كَـلِمُ