المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 7 لسنة 1 قضائية المحكمة العليا "تنازع"



هيثم الفقى
04-19-2009, 01:23 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 5 من ديسمبر سنة 1970.
برئاسة السيد المستشار/ بدوي إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: عمر حافظ شريف وحسين حسين قاسم وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة وعلى أحمد كامل. أعضاء
وحضور المستشار/ عادل عزيز زخاري نائب رئيس المحكمة ورئيس هيئة مفوضي الدولة
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر




أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 7 لسنة 1قضائية عليا "تنازع".


"الوقائع"
في 12 من مارس سنة 1966 قضت محكمة جنايات الجيزة بحبس الطالب سنتين مع الشغل لاتهامه بسرقة في القضية رقم 8551 لسنة 1962 جنايات الجيزة وبدأ تنفيذ الحكم يوم صدوره، وحدد للإفراج عن الطالب يوم 21 من فبراير سنة 1968 بعد حساب المدة التي قضاها في الحبس الاحتياطي، وتنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 2065 لسنة 1966 بالعفو عن باقي العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم ابتهاجاً بالعيد الرابع عشر لثورة 23 يوليو سنة 1952 متى توافرت فيهم شروط من بينها قضاء نصف مدة العقوبة المحكوم بها، وتنفيذاً لهذا القرار أفرجت النيابة العامة عن الطالب استنادا إلى أنه استوفى حتى يوم 23 من يوليو سنة 1966 نصف مدة العقوبة المقضي بها، وتنفيذاً لهذا القرار أفرجت النيابة العامة عن الطالب إستناداً إلى أنه استوفى حتى يوم23 من يوليو سنة 1966 نصف مدة العقوبة المقضي بها.
وقد تبين للنيابة العامة بعد ذلك أن الطالب لم يستوف نصف مدة العقوبة المحكوم بها وأن الإفراج عنه تم بسبب خطأ في حساب تلك المدة فأمرت في 10 من فبراير سنة 1969 – بعد إجراء تحقيق في هذا الموضوع قيد برقم 88 لسنة 1968 حصر تحقيق نيابة الجيزة – بإيداعه السجن لتنفيذ باقي مدة العقوبة المحكوم بها، وعندئذ أقام الطالب الدعوى رقم 601 لسنة 23 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير العدل ووزير الداخلية ورئيس نيابة الجيزة الكلية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 19 من فبراير سنة 1969 طلب فيها الحكم بصحة النفاذ لقرار الإفراج المشار إليه باعتباره أمضى نصف مدة العقوبة المحكوم بها في الدعوى رقم 8551 لسنة 1962 جنايات الجيزة لاكتساب هذا القرار الحصانة التي نص عليها القانون واعتبار هذا الحكم مانعاً من التعرض له بإجراءات التحقيق رقم 88 لسنة 1968 حصر تحقيق نيابة الجيزة لانعدام آثاره بالنسبة إليه. وبنى دعواه هذه على أنه أمضى بالسجن حتى يوم 23 من يوليو سنة 1966 مدة تزيد على نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليه، ومن ثم فقد توافرت في حقه شروط الإعفاء من باقي العقوبة المحكوم بها وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 2065 لسنة 1966، ولذلك يكون القرار الصادر بالإفراج عنه تنفيذاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر قد اكتسب حصانة تعمه من الإلغاء، وقد تداولت هذه الدعوى في عدة جلسات وأجل نظرها أخيراً إلى جلسة 23 من ديسمبر سنة 1970.
وفي 23 من فبراير سنة 1969 أودع الطالب صحيفة هذا الطلب قلم كتاب محكمة تنازع الاختصاص وطلب الحكم:
أولاً: بعدم اختصاص النيابة " نيابة الجيزة الكلية" بنظر هذا النزاع لعدم وجود جريمة جنائية يعاقب عليها القانون ولعدم وجود نص قانوني ينطبق على الواقعة.
ثانياً: انعقاد الاختصاص الولائي في النزاع الموضوعي ابتداء وبصفة أصلية لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة مع الغاء كافة إجراءات التحقيق رقم 88 لسنة 1968 حصر تحقيق نيابة الجيزة الكلية. وقال بياناً لهذا الطلب أن النيابة العامة أصدرت في 10 من فبراير سنة 1969 قراراً بالقبض عليه لتنفيذ باقي مدة العقوبة المحكوم بها عليه استناداً إلى أنه لم يمض في الحبس المدة التي شرطها قرار رئيس الجمهورية رقم 2065 لسنة 1962 للإعفاء من باقي العقوبة، ولما كان تصرف النيابة مخالفاً للقانون، فقد أقام الدعوى رقم 601 لسنة 23 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بصحة القرار الصادر بإعفائه من باقي العقوبة واعتبار هذا الحكم مانعاً من التعرض له بإجراءات التحقيق رقم 88 لسنة 1968 حصر تحقيق نيابة الجيزة الكلية لانعدام آثاره بالنسبة إليه، ولما كان النزاع الذي أثارته النيابة في التحقيق سالف الذكر وموضوع الدعوى رقم 601 لسنة 23 القضائية المعروضة أمام محكمة القضاء الإداري يتصلان بموضوع واحد وهو القرار الصادر بالإفراج عنه لذلك فإنه يطلب الفصل في تنازع الاختصاص بين هاتين الجهتين.
وفي 24 من فبراير سنة 1969 وبعد إيداع صحيفة الطلب استشكل الطالب في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 8551 لسنة 1962 جنايات الجيزة أمام محكمة الجيزة الابتدائية منعقدة بهيئة غرفة مشورة طالباً وقف تنفيذ القرار الصادر من نيابة الجيزة في 10 من فبراير سنة 1969 بالقبض عليه لتنفيذ باقي العقوبة المحكوم بها عليه في الدعوى سالفة الذكر وذلك حتى يتم الفصل في الدعوى رقم 601 لسنة 23 القضائية المرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري. وقد قضت تلك المحكمة في 3 من مارس سنة 1969 بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع برفضه والاستمرار في التنفيذ وأقامت قضاءها على أنه طبقاً للمواد 478 و 479 و 490 من قانون الإجراءات الجنائية تختص النيابة العامة بالإشراف على تنفيذ العقوبة المحكوم بها وأنه يجوز لها العدول عن الإفراج إذا تبين أنه تم بسبب خطأ مادي كما هو الشأن في النزاع المعروض.
وفي 22 من مارس سنة 1969 أستشكل الطالب مرة أخرى في تنفيذ الحكم المشار إليه أمام المحكمة ذاتها فقضت في 9 من أبريل سنة 1969 بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع برفضه والاستمرار في التنفيذ وبنت قضاءها على أن تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعاوى الجنائية ومراقبة سلامة هذا التنفيذ منوط بالنيابة العامة، وأن الطالب كان قد أفرج عنه قبل استيفاء مدة العقوبة وهو أمر غير جائز طبقاً للمادة 490 من قانون الإجراءات الجنائية، إذ أنه لم يكن قد أمضى في السجن حتى 23 من يوليو سنة 1966 نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليه إلا أن موظف النيابة أثبت على خلاف الحقيقة في كتاب بعث به إلى السجن أنه أمضى المدة التي شرطها قرار رئيس الجمهورية المشار إليه للإعفاء من باقي العقوبة، ولذلك فلا يجوز للمستشكل أن يفيد من هذا التزوير أو الخطأ وتكون الإجراءات التي اتخذتها النيابة تنفيذا‌ً للعقوبة المقضي بها – بعد أن أتضح عدم توافر شروط الإعفاء من باقي العقوبة المحكوم بها – مطابقة للقانون. وقد طعن الطالب بطريق النقض في الحكم الأول الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية منعقدة بهيئة غرفة مشورة في 3 من مارس سنة 1969 وقيد الطعن برقم 1842 لسنة 39 القضائية وقضت محكمة النقض (الدائرة الجنائية) في 29 من مارس سنة 1970 بعدم جواز الطعن.
وبعد صدور القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا الذي نقل إلى هذه المحكمة ولاية الفصل في تنازع الاختصاص، أحيل الطلب عليها وقيد بجدولها برقم 7 لسنة 7 عليا تنازع اختصاص- وقدم الطالب بعد إحالة الطلب إلى هذه المحكمة مذكرات جاء فيها فضلاً عما تقدم أن صدور حكمين في الإشكالين سالفي الذكر مع قيام النزاع ذاته أمام محكمة القضاء الإداري ينطوي على تنازع هاتين الجهتين القضائيتين حول الاختصاص، كما نعى على الحكمين مخالفتهما للقانون وقدمت الحكومة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطلب استنادا إلى أنه لا يندرج تحت أية صورة من صور تنازع الاختصاص المنصوص عليها في المادة 17 من قانون السلطة القضائية. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه رفض الطلب.
وقد نظر الطلب أمام هذه المحكمة بجلستها المنعقدة في 10 من أكتوبر سنة 1970 على الوجه المبين بمحضر الجلسة وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطلب قد استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن مبنى طلب الفصل في تنازع الاختصاص حسبما يستفاد من صحيفة الطلب والمذكرات المقدمة من الطالب أن النزاع يدور حول موضوع واحد، بين جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري، وقد ثار هذا النزاع ابتداءاً بين النيابة العامة حيث أصدرت قرارها بالقبض عليه لتنفيذ باقي العقوبة المحكوم بها وبين محكمة القضاء الإداري التي رفع الطالب إليها الدعوى رقم 601 لسنة 23 القضائية بطلب الحكم بصحة القرار الصادر في شهر يوليو سنة1966 بالإفراج عنه استناداً إلى أنه أمضى نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليه في الدعوى رقم 8551 لسنة 1962 جنايات الجيزة، ثم ثار النزاع مرة أخرى عند رفع الإشكالين في تنفيذ الحكم الصادر في هذه الدعوى أمام محكمة الجيزة الابتدائية منعقدة بهيئة غرفة مشورة وكانت الدعوى لا تزال مطروحة على محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الطلب لعدم توافر شروط قبوله المنصوص عليها في المادة 17 من قانون السلطة القضائية.
ومن حيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية التي أحالت إليها الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 أن تكون دعوى الموضوع الواحد مطروحة أمام القضاء العادي وأمام جهة القضاء الإداري أو أية جهة قضائية أخرى وأن تكون كلتا الجهتين قضت باختصاصها بنظرها أو تكون كل منهما قد تخلت عنها، فإذا صدر حكم نهائي حاسم للخصومة من إحدى جهتي القضاء لا يكون ثمت تنازع على الاختصاص بينهما بعد أن استنفذت إحداهما ولايتها في نظر الخصومة.
ومن حيث أنه بالنسبة إلى الصورة الأولى من صورتي التنازع، وفقاً لتصوير الطالب فإن النيابة العامة إذ تتخذ إجراءات تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 8551 لسنة 1962 جنايات الجيزة وتصدر قرارها بالقبض على الطالب لتنفيذ باقي العقوبة المحكوم بها عليه، فإنها إذ تمارس سلطتها هذه التي خولها إياها قانون الإجراءات الجنائية لتنفيذ الأحكام الجنائية لا تعتبر جهة قضاء ولا هيئة ذات اختصاص قضائي في مفهوم المادة 17 من قانون السلطة القضائية . ذلك أن المشرع يعني في هذا النص أن يكون النزاع مطروحاً أمام هيئتين تستمد كلتاهما ولاية القضاء من قانون محدد لاختصاصها مبين لإجراءات نظر الخصومة ويصدر الحكم على أساس قاعدة قانونية حاسمة للخصومة بحيث يعتبر عنواناً للحقيقة فيما قضى به متى حاز قوة الشيء المحكوم فيه، وليس هذا شأن النيابة العامة عند ممارسة سلطتها في تنفيذ الأحكام الجنائية.
ومن حيث أنه بالنسبة إلى الصورة الثانية من صورتي تنازع الاختصاص حيث يقوم التنازع بين محكمة القضاء الإداري من جهة ومحكمة الجيزة الابتدائية منعقدة بهيئة غرفة مشورة من جهة أخرى، فإنه يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن محكمة الجيزة الابتدائية قد قضت برفض الإشكالين اللذين رفعهما الطالب ولما طعن بطريق النقض في الحكم الصادر في الإشكال الأول قضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن، وبذلك استنفذ القضاء العادي ولايته وخرجت الخصومة من يده، ولم يعد ثمة تنازع على الاختصاص بين جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري، أما ما ينعاه الطالب على الحكمين الصادرين في الإشكالين اللذين أقامهما أمام محكمة الجيزة الابتدائية منعقدة بهيئة مشورة لمخالفتهما القانون، فهو نعي مردود بأن هذه المحكمة إذ تفصل في مسائل تنازع الاختصاص ليست جهة طعن ولا يدخل في ولايتها تصحيح الأحكام.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن التنازع في صورته الأولى لا يقوم بين جهتين قضائيتين وأنه في صورته الثانية لم يعد قائماً بعد استنفاذ ولاية القضاء العادي في نظر الدعوى والفصل فيها؛ ومن ثم يكون طلب الفصل في تنازع الاختصاص غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك عدم قبوله.


"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم قبول الطلب.