المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 4 لسنة 13 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع"



هيثم الفقى
04-09-2009, 02:25 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسـة العلنية المنعقـدة 16 مايو سنة 1992 .
برئاسة السيد المستشار الدكتور /عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين وفاروق عبدالرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبدالرحمن نصير ومحمد على عبدالواحد والدكتور عبدالمجيد فياض
وحضور السيد المستشار / السيد عبدالحميد عمارة المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبدالواحد أمين السر



أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجـدول المحكمة الدستورية العليا برقـم 4 لسنة 13 قضائية " تنازع " .



الإجراءات
بتاريخ 24 من يوليو سنة 1991 أودع المدعى بصفته صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً تعيين جهة القضاء المختصة بنظر القضية رقم 3816 لسنة 1988 جنايات مركز المنيا المقيد برقم 916 لسنة 1988 كلى المنيا .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى عليهما فى الجناية سالفة البيان بأنه فى يوم 16 من يوليو سنة 1988 وليلة 19 من يوليو سنة 1988 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا :
أولاً : سرقا وآخر حدث النقود والأشياء المبينة وصفاً وقيمة فى تحقيقات النيابة العامة من الأشخاص المبينة أسماؤهم فى تلك التحقيقات وذلك بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن أشهروا عليهم سلاحين ناريين وسوطاً وهددوهم بالاعتداء عليهم بتلك الأشياء فتمكنا بتلك الوسيلة من الإكراه من شل مقاومتهم لهما والاستيلاء على المسروقات .
ثانياً : شرعا وآخر حدث فى سرقة الأشخاص الواردة أسماؤهم فى التحقيقات وذلك بطريق الإكراه الواقع عليهم بأ هددوهم بسلاحين ناريين وسوطاً فتمكنا بتلك الوسيلة من الإكراه من شل مقاومتهم وتفتيشهم للاستيلاء على ما بحوزتهم .
وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه ، هو عدم احتفاظ المجنى عليهم بثمة أشياء فى حوزتهم .
ثالثاُ : أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مشخشنين " بندقية وفرد " . وقد طلبت النيابة العامة معاقبتهما بالمواد 45 ، 46 ،315 ، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 26/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1989 قضت محكمة جنايات المنيا حضورياً بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها ، استناداً إلى أن ما نسب إلى المتهمين من جرائم إنما يندرج تحت الأحكام المنصوص عليها فى المادتين الأولى والثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة " طوارئ " ، ومنها الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له فى شأن الأسلحة والذخائر والجرائم المرتبطة بها ، ومن ثم تكون المحكمة المختصة بنظر الدعوى هى محكمة أمن الدولة العليا " دطوارئ " ، وإذ أحالت النيابة العامة أوراق الدعوى إلى محكمة أمن الدولة العليا " طوارئ " بالمنيا تنفيذاً لهذا الحكم فقد قضت الأخيرة بتاريخ 10 من يناير سنة 1989 حضورياً بمعاقبة المدعى عليهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط ، وقد أمر نائب الحاكم العسكرى العام بإلغاء الحكم وإعادة المحاكمة أمام هيئة أخرى ، وبتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1990 قضت المحكمة المذكورة – لدى إعادة المحاكمة – بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها مع استمرار حبس المتهمين على ذمة القضية – وتصدق على الحكم من نائب الحاكم العسكرى العام 0 وكان ذلك على سند من أن المشرع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل فى الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص ، وبالتالى يشمل هذا الاختصاص الفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه ، ومن ثم يكون الاختصاص معقوداً للمحاكم العادية ، وباعتبار أن جريمة إحراز السلاح النارى بغير ترخيص ذات عقوبة أخف فيؤول الاختصاص إلى المحكمة المختصة بالجريمة الأخرى الأشد عقوبة المرتبطة بها ، وهى فى هذه الحالة محكمة الجنايات ، وإذ ارتأى المدعى بصفته أن ثمة تنازعاً سلبياً على اختصاص بين جهتى القضاء العادى " محكمة الجنايات بالمنيا " والاستثنائى " محكمة أمن الدولة العليا طوارئ " فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى وفقاً للبند ( ثانياً ) من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وتخلت كلتاهما عن نظرها ، ولما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى مثار التنازع قد حكم فيها القضاء العادى بعدم الاختصاص ولائياً بنظرها ، وقضت محكمة أمن الدولة العليا " طوارئ " – بعد إحالتها إليها بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها ، فإن كلاً من هاتين الجهتين تكون قد تخلت عن نظر الدعوى ، وذلك ما يتحقق به مناط قبول الفصل فى طلب تعيين الجهة المختصة بالفصل فيها .
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 565 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ ، وأمر رئيس الجمهورية رقمى 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة " طوارئ " ومنها الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قد خلا كلاهما – كما خلا أى تشريع آخر – من النص على اختصاص محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها – دون ما سواها – بالفصل فى جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954آنف البيان ، وكان من المقرر أن محاكم أمن الدولة هذه هى محاكم استثنائية يقتصر اختصاصها طبقاً للمادتين السابعة والتاسعة من قانون حالة الطوارئ الصادر بالقرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 على الفصل فى الجرائم التى تقم بالمخالفة لأحكام الأوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية ، أو من يقوم مقامه ، ولو كانت فى الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها ، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام والتى تحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ، وكان المشرع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البته من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل فى الجرائم كافة – إلا ما استثنى بنص خاص – ومن ثم ينعقد لهذه المحاكم الاختصاص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه .

وحيث إنه لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المسندة على المدعى عليهما تشكل جناية يعاقب عليها بالسجن والغرامة طبقاً لنص المادة 26 من هذا القانون الأخير ، وتشترك فى الاختصاص بنظرها مع القضاء العام صاحب الولاية العامة الأصلية محاكم أمن الدولة العليا المنصوص عليها فى المادة 7 من قانون حالة الطوارئ المشار إليه ، وذلك عملاً بالبند " ثالثاً " من المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 سالف البيان فى حين أن جريمة السرقة بإكراه وباستعمال السلاح المنسوبة إلى المدعى عليهما معاقباً عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة طبقاً للمواد 314 ، 315 ، 316 من قانون العقوبات ، كما يعاقب على جريمة الشروع فيها والمنسوبة كذلك إلى المدعى عليها – وطبقاً للمادة 46 من ذات القانون – بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة وبالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس إذا كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة ، وهما ليستا من الجرائم التى تختص محاكم أمن الدولة العليا " طوارئ " بنظرها ، ومن ثم فإن قالة اختصاص هذه المحاكم بهما لارتباطهما بجريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية مـن أمر رئيس الجمهـورية رقم 1 لسنة 1981 ، والتى يجرى نصها على انه " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد ، وكانت إحدى تلك الجرائم داخلة فى اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة " طوارئ " وتطبق هذه المحاكم المادة 32 مـن قانون العقوبات ، " ، ذلك ان قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحكم الاقتضاء العقلى أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة وتدور فى فلكها ، بموجب الأثر القانونى للارتباط ، بحسبان ان عقوبة الجريمة الأشد هى الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات ، وإذ كان اختصاص الفصل فى جريمة السرقة بإكراه سالفة البيان – وهى ذات العقوبة الأشد – معقوداً لمحكمة الجنايات وحدها ، وتشترك محاكم أمن الدولة العليا " طوارئ " مع القضاء العام فى الاختصاص بنظر الجريمة ذات العقوبة الأخف وهى جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المسندة أيضاً إلى المدعى عليهما فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة ، وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من رفع الدعوى عن الجرائم المرتبطة إذا كان بعضها من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك ، وهى قاعدة عامة واجبة الاتباع فى كل محاكمة جنائية .

وحيث إنه لما كان ما تقدم ، فإن محكمة الجنايات التابعة لجهة القضاء العادى تكون هى المختصة بنظر الجرائم المنسوبة إلى المدعى عليهما باعتبارها المحكمة المختصة بالجريمة ذات العقوبة الأشد منها ، فتختص بنظر جناية السرقة بإكراه ويمتد اختصاصها أيضاً إلى الجرائم الأخـرى المرتبطة بهذه الجناية ، ودون أن يغير من ذلك سبق قضاء محكمة جنايات المنيا بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، ذلك أن المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة القضائية المختصة وفقاً للمادة 25 من قانونها ، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين هذه الجهة هو إسباغ الولاية عليها من جديد بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها بعدم الاختصاص ، ولو أصبح هذا الحكم نهائياً .



فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء العادى بنظر الدعوى .