المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 26 لسنة 4 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 02:10 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 7 مارس سنة 1992 .
برئاسة السيد المستشار الدكتور /عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم وعبدالرحمن نصير والدكتور عبدالمجيد فياض وماهر البحيرى
وحضور السيد المستشار / السيد عبدالحميد عمارة المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبدالواحد أمين السر



أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 4 قضائية " دستورية " .




الإجراءات
بتاريخ 22 فبراير سنة 1982 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 والمادة 10 من القانون رقم 69 لسنة 1974 .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها رفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات والمداولة .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 6101 لسنة 1981 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المدعى عليهم الثلاثة الأخيرين بطلب الحكم بعدم الاعتداد قبل المدعين بعقد بيع العقار رقم 68 شارع القصر العينى قسم قصر النيل محافظة القاهرة ، وهو العقد الصادر من الحراسة العامة إلى الشركة المدعى عليها الأخيرة وعدم سريان هذا العقد فى حق المدعين وبطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وبجلسة 19 ديسمبر سنة 1981 قررت محكمة جنوب القاهرة إحالة الدعوى المذكورة إلى محكمة القيم حيث قيدت – بعد إحالتها إليها – بجدولها برقم 74 لسنة 2 ق قيم ، ودفع المدعون أمامها بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 والمادة 10 من القانون رقم 69 لسنة 1974 ، وبجلسة 24 يناير سنة 1982 رخصت لهم المحكمة برفع دعواهم الدستورية خلال شهر ، فأقاموا الدعوى الماثلة .

وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه مخالفته للمادتين 108 ، 147 من الدستور لصدوره عن رئيس الجمهورية دون تفويض من مجلس الشعب ، ولعدم توافر حالة الضرورة التى تسوغ سرعة إصداره فى غيبة مجلس الشعب ، إذ فى ذات اليوم الذى أصدر فيه رئيس الجمهورية القرار بقانون المطعون عليه ، أصدر قراراً جمهورياً بدعوة مجلس الشعب للانعقاد وعقد المجلس اجتماعه بعد ستة أيام فقط ، كما ينعون على المادة الثانية منه ابتداء من عبارة " ما لم يكن قد تم بيعها ....." مخالفتها للمواد 34 ، 36 ، 68 ، 178 من الدستور لما تضمنته هذه المادة من اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها لتحصينها البيع الذى سبق أن أجرته الحراسة وهو عمل إدارى باطل ، وإهدارها لحجية الحكم الصادر من هذه المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الخاضعين المشار إليهم فيها إلى ملكية الدولة ، أما المادة السادسة منه فيصمونها بمخالفة المادتين 68 ، 167 من الدستور ، وينعون كذلك على المادة 10 من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 – اشتراطها حداً أقصى قدره ثلاثون ألف جنيه لفسخ البيوع الابتدائية الواردة على العقارات المبينة فيها وتسليمها عيناً إلى مستحقيها ، ومخالفتها بالتالى للمادة 34 من الدستور التى تكفل الحماية للملكية الخاصة ، هذا فضلاً عن تعارضها مع المادة 178 من الدستور لندبها الحجية التى اثبتتها المادة 49 من قانون هذه المحكمة للحكم الصادر عنها بجلسة 16 مايو سنة 1981 فى الدعوى رقم 5 لسنة 1 قضائية " دستورية " وذلك فيما قضى به من عدم دستورية الحد الأقصى لما يرد للخاضعين ، وهو الحد المنصوص عليه فى المادة الرابعة من ذات القانون .

وحيث إن هذه المناعى جميعها – وفيما يتعلق بالقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 – سبق أن تناولتها هذه المحكمة وأصدرت قضاءها فى شأنها بتاريخ 21 يونيو سنة 1986 فى الدعويين رقمى 139 ، 140 لسنة 5 ق " دستورية " المنضمتين " ، والدعوى رقم 142 لسنة 5 ق " دستورية " ، إذ قضت بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فيما نصت عليه من " وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ..... " وبرفض ما عدا ذلك من طلبات . وقد نشر هذان الحكمان فى الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليو سنة 1986 .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه فى هاتين الدعويين – سواء من ناحية العيوب الشكلية او المطاعن الموضوعية إنما يحوز حجية مطلقة فى مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته ، ذلك أن الخصومة فى الدعوى الدستورية – وهى بطبيعتها من الدعوى العينية – إنما توجه إلى النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور ، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء العمل التشريعى لأوضاعه الشكلية أو بتوافق النصوص المطعون عليها أو تعارضها مع الأحكام الموضوعية فى الدستور منصرفاً إلى الخصوم فى الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 وقد حسمتها هذه المحكمة من قبل بحكميها المشار إليهما – وهما مستعصيان على الجدل – تكون منتهية ، وهو ما يتعين الحكم به .

وحيث إن المادة 10 من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 تنص على ان : تلغى اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون عقود البيع الابتدائية المبرمة بين الحراسة العامة أو إدارة الأموال التى آلت إلى الدولة وبين الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو القطاع العام أو الهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها ، والتى لم يتم التصرف فيها لغير هذه الجهات ولو بعقود ابتدائية ، متى طلب مستحقوها استلامها طبقاً لأحكام المواد 1 ، 2 ، 3 ، 4 وذلك فى الأحوال الآتية :
(‌أ) الأراضى الفضاء التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه بشرط ألا تكون قد هيئت لإقامة مبان عليها أو أقيمت عليها مبان .
(‌ب) العقارات المبنية التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ما لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحى أو لغرض قومى أو ذى نفع عام .
(‌ج) العقارات المملوكة على الشيوع إذا كان يترتب على إلغاء عقود بيعها حالة الشيوع مع الجهة المشترية ورد العقارات المبيعة لمستحقيها كاملة .
(‌د) العقارات المتعلقة بحق عينى ضماناً لدين يجاوز ثمن بيعها أو التى لا تجاوز قيمتها بعد خصم هذا الدين ثلاثين ألف جنيه .
(ه) المنشآت الفردية التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ما لم تكن قد أدمجت فى منشآت أخرى أو تغيرت معالمها بحيث لا يمكن ردها بحالتها التى كانت عليها فى تاريخ البيع .
ويعتد فى تحديد هذه العقارات والمنشآت وثمنها بما ورد فى عقود بيعها إلى الجهات المشار إليها ، وفى جميع الأحوال تسلم هذه العقارات أو الأراضى أو المنشآت إلى مستحقيها محملة بعقود الإيجار المبرمة قبل العمل بهذا القانون ".

وحيث إن المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة تنص على أن " تسرى أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه ...... " .

وحيث إنه من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، وكان المدعون قد دفعوا أثناء نظر الدعوى الموضوعية بعدم دستورية المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 – وكان النص المطعون فيه قد جرى تطبيقه فى شأنهم وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم ، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية الدفع بعدم دستورية هذا النص ، وكانت مصلحة المدعين – محددة على ضوء طلباتهم الموضوعية – لا ترتبط بالفصل فى دستورية المادة العاشرة المشار إليها بكامل بنودها ، وإنما تتحقق فقط بالنسبة إلى ما ينطبق من أحكامها على نزاعهم الموضوعى ممثلاً فى البند "ب" منها وذلك فيما تضمنه من عدم جواز رد العقارات المبينة التى يزيد ثمن بيعها على ثلاثين ألف جنيه إلى أصحابها عيناً ، متى كان ذلك فإن الدعوى الماثلة تكون مقبولة بالنسبة إلى هذا البند وحده ، ولا تمتد إلى ما سواه من أحكام المادة العاشرة سالفة البيان .

وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 تنص على أن ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ ، وتنص المادة الثانية منه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها فى المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالى قدره 30 ألف جنيه ، ما لم تكن قيمتها اقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة ، على أنه إذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عائلته بالتبعية له فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الإجمالى السابق بيانه .

وحيث إن البين من المادة الأولى من قانون إصدار تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 أنها تنص على أن تسوى طبقاً لأحكام هذا القانون الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ . كما تنص المادة الثانية من قانون تسوية هذه الأوضاع فى فقرتها الثانية على أن يرد عيناً ما قيمته ثلاثون ألف جنيه لكل خاضع بالتبعية وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة ، إذا كانت هذه الأموال والممتلكات قد آلت إليه عن طريق الخاضع الأصلى . وطبقاً للمادة الثالثة منه يتم التخلى عن عناصر الذمم المالية – أصولاً وخصوماً – للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسة بصفة أصلية أو تبعية وطبقت عليهم أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه إذا كان صافى الذمة المالية لا يزيد على ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة . وتنص مادته الرابعة على أنه أذا كانت الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة مملوكة جميعها للخاضع الأصلى وكان صافى ذمته المالية يزيد على ثلاثين ألف جنيه رد إليه القدر الزائد عيناً بما لا يجاوز ثلاثين ألف جنيه لكل فرد من أفراد أسرته وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة ما لم تكن هذه الأموال قد بيعت ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بأحكام هذا القانون ، أما المادة العاشرة منه فقد نصت فى البند "ب" منها – المطعون فيه – على إلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما فى حكمها إذا كانت العقارات المبنية محلها لا يزيد ثمنها على ثلاثين ألف جنيه وردها عيناً على مستحقيها ، ما لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحى أو لغرض قومى أو ذى نفع عام .

وحيث إنه على ضوء ما تقدم ، فإن ما قرره القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه من أحكام توخى بها تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين ، لا يكون قد تضمن تعديلاً جوهرياً فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، باعتبار أن الأصل الذى التزمه القانون رقم 69 لسنة 1974 هو ايلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة مع تعويضهم عنها فى الحدود المنصوص عليها فيه ، يؤيد هذا النظر ما تضمنته المذكرة الإيضاحية المرافقة لمشروع القانون رقم 69 لسنة 1974 وكذلك تقرير اللجان المختصة بمجلس الشعب عنه ، فقد كشف كلاهما عن الأسس التى التزمها هذا المشروع ومن بينها التقيد بوجه عام بالحد الأقصى المقرر فى القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – وهو ثلاثون ألف جنيه – وذلك لتحديد قيمة ما يرد عيناً أو نقداً باعتبار أن هذا الحد يمثل " خطاً اشتراكياً قصد به تذويب الفوارق بين الطبقات " ، ولأنه بالنظر إلى أن شركات التأمين قد استثمرت جانباً عاماً من احتياطياتها فى شراء العقارات المبنية التى خضعت للقرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فقد استلزم الحفاظ على المركز المالى لهذه الشركات واستقرار مراكزها القانونية وضع ضوابط لردها عيناً ، مما جرى به نص المادة العاشرة – سالفة البيان – من استبعاد العقارات والمنشآت المبيعة للحكومة أو القطاع العام التى تم تسجيل عقودها وتلك التى يزيد ثمنها فى العقد على ثلاثين ألف جنيه من الرد العينى ما لم يترتب على إلغاء عقود بيعها إنهاء حالة الشيوع مع الجهة المشترية .

وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان المشرع قد اقر النص التشريعى المطعون فيه مستلهماً الاعتبارات التى كشفت عنها أعماله التحضيرية ، وعلى ضوء مفهوم التعويض الإجمالى الذى قررته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، مستبعداً بمقتضاه من الإلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما فى حكمها فى شأن العقارات المبنية التى تزيد قيمتها على ثلاثين ألف جنيه ، بما مؤداه بقاء العقارات محلها على ملكية الجهات المذكورة دون ردها عيناً إلى أصحابها وبغير تعويضهم تعويضاً كاملاً عن قيمتها الحقيقية .
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بتاريخ 16 مايو سنة 1981 فى الدعوى رقم 5 لسنة 1 ق " دستورية " بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – سالفة البيان – فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة ، مستندة فى ذلك إلى دعامتين : أولاهما : أن هذه الأيلولة تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة للمادة 34 من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ، ولخروجها على حكم المادة 36 منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم . ثانيتهما : أنه لا يحاج بأن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع ، ذلك أن كلاً من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة ، الأمر الذى يحتم إخضاعمها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية ، وإذ كان القانون رقم 69 لسنة 1974 قد استعاض عن التعويض الجزافى الذى كانت تقضى به أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 بحد اقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه وقرر رد بعض أموال الخاضعين عيناً أو نقداً فى حدود هذا المبلغ للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ، فإنه يكون بما نص عليه فى المادة الرابعة منه من تعيين حد اقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام الدستور القائم الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة 37 منه الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم الماد 34 من الدستور سالفة البيان .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان النص المطعون فيه قد استبعد من الرد العينى العقارات المبينة فيه إذا كان ثمن بيعها يجاوز ثلاثين ألف جنيه ، بما يعنيه ذلك من استمرار أيلولتها وتمكين الجهات الحكومية وما فى حكمها منها وبالتالى بقاء العدوان عليها قائماً ، فإنه يكون منطوياً على مخالفتها لنص المادتين 34 ، 36 من الدستور .

وحيث إنه لا وجه لقالة أن المشرع قد التزم بالحد الأقصى المشار إليه باعتباره يمثل خطاً اشتراكياً قصد به تذويب الفوارق بين الطبقات ، ذلك أن التزام المشرع بالعمل على تحقيق هذا المبدأ – وعلى ما سبق أن جرى به قضاء هذه المحكمة – " لا يعنى ترخصه فى تجاوز الضوابط والخروج على القيود التى تضمنتها مبادئ الدستور الأخرى ومنها صون الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردتها نصوصه ، وفضلاً عن ذلك فإن المشرع الدستورى قد عنى – فى التعديل الصادر بتاريخ 22 مايو سنة 1980 – عند تحديد الأساس الاقتصادى للدولة فى المادة الرابعة من الدستور بأن يستعيض عن عبارة " ويهدف إلى تذويب الفروق بين الطبقات " بعبارة " ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمى الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة " .وهى ذات العبارة التى أوردها فى المادة 23 منه والتى تنص على ان " ينظم الاقتصاد القومى وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع ، ورفع مستوى المعيشة ، والقضاء على البطالة ، وزيادة فرص العمل ، وربط الأجر بالإنتاج ، وضمان حد أدنى للأجور ، ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفوارق بين الدخول " وبذلك يكون الأساس الذى أقام عليه النص المطعون فيه حكمه مصادماً للدستور .

وحيث إنه على ضوء ما سلف بيانه ، فإنه يتعين الحكم بعدم دستورية نص البند "ب" من المادة 10 من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 فيما اشترطه من حد أقصى لقيمة ما يلغى بيعه ويرد عيناً من العقارات المبينة فيه .



فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة فى الدعوى بالنسبة لشقها المتعلق بالطعن على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 ، وبقبولها بالنسبة للطعن على البند "ب" من المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 ، وبعدم دستورية هذا البند فيما نص عليه من " التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه " ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .