المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 25 لسنة 6 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 02:00 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول فبراير سنة 1992 .
برئاسة السيد المستشار الدكتور /عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم ومحمد على عبدالواحد والدكتور عبدالمجيد فياض وماهر البحيرى
وحضور السيد المستشار / السيد عبدالحميد عمارة المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبدالواحد أمين السر



أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 6 قضائية " دستورية " .



الإجراءات
بتاريخ 31 يناير سنة 1984 أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبين الحكم بعدم دستورية البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين الأول والثانى ومورث المدعية الثالث كانوا قد أقاموا بطريق الادعاء المباشر الدعوى رقم 1398 لسنة 1978 جنح عابدين ضد بعض العسكريين بطلب معاقبتهم بالمواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات وكذلك المواد 24 ، 25 ، 29 ، 32 من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات بوصف أنهم ارتكبوا جرائم قذف وسب المدعين بالحق المدنى بطريق النشر بالعبارات المبينة بصحيفة الادعاء المباشر، مع إلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم تعويضاً مؤقتاً عن الأضرار الأدبية والمادية التى أصابتهم مقداره خمسون ألف جنيه ، وإذ قضت محكمة عابدين بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية ، فقد طعن المدعون بالحق المدنى على حكمها بالاستئناف رقم 2075 لسنة 1982 جنح مستأنف وسط القاهرة ، ثم دفعوا أمام المحكمة الاستئنافية بعدم دستورية نص البند السادس من المادة الثالثة عشرة من قانون العقوبات لأفرادها رجال القوات المسلحة ومن فى حكمهم بتنظيم خاص فى شأن الإعلان يمايز بينهم وبين غيرهم من المواطنين ، فصرحت لهم هذه المحكمة برفع الدعوى الدستورية ، وكان ذات الدفع قد أبدى من رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية بعد ان أقام ضد أحد العسكريين بطريق الادعاء المباشر الدعاوى أرقام 2936 ، 4418 لسنة 1976 ، 268 لسنة 1977 جنح عابدين ، طالباً فيها الحكم بمعاقبته على جرائم القذف والسب التى ارتكبها فى حقه مع إلزامه بالتعويض عما أصابه بسببها من أضرار مادية وأدبية ، وقد قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وأقام المدعون فى الجنحة رقم 2075 لسنة 1982 ، الدعوى الماثلة .

وحيث إن المدعين ينعون على البند السادس من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات إخلالها بمبدأ المساواة أمام القانون الذى كفله الدستور فى المادة 40 منه ، بمقولة أن المشرع عين بموجبه وسيلة بذاتها لا يجوز بغيرها إعلان رجال القوات المسلحة ، ومن فى حكمهم ، ذلك أن صور إعلانهم إنما يجرى تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة ، لتقوم هى بإرسالها إليهم فى وحداتهم ، الأمر الذى ينطوى على التمييز بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين يعلنون وفقاً للقواعد العامة لأشخاصهم أو فى مواطنهم الأصلية أو المختارة ، هذا بالإضافة إلى أن التطبيق العملى لنص البند المذكور أسفر عن إعاقته للتقاضى بالمخالفة لنص المادة 68 من الدستور ، وذلك بالنظر إلى عدم قيام الإدارات القضائية المختصة بالقوات المسلحة بتنفيذ واجبها بتسليم صور الإعلانات التى تقدم إليها إلى أصحابها من العسكريين ، الأمر الذى يطول معه أمد التقاضى سنين عدداً .

وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من انتهاء خدمة المدعى عليهم من العسكريين بالقوات المسلحة .

وحيث إن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص فى الفصل الخامس من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم ، فناط بها دون غيرها – فى المادة 175 منه – مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، كما عقد لها وحدها ولاية تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون .

وحيث إنه إعمالاً لهذا التفويض – الذى يستمد أصله من الدستور – حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التى تباشر هذه المحكمة من خلالها وعلى ضوئها – الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية ، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها بينتها تفصيلاً وحددتها حصراً المادتان 27 ، 29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها من الأشكال الإجرائية الجوهرية التى قررها المشرع لمصلحة عامة ، ولا تجوز مخالفتها بالتالى حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية فى إطارها وبمراعاة أحكامها .

وحيث إن النص التشريعى المطعون عليه قد اتصل بهذه المحكمة من خلال إعمال محكمة الموضوع للمادة 29 من قانونها ، وهى قاطعة فى دلالتها على أن النصوص التشريعية التى يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً ، هى تلك التى تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع ، وتقدر هى جديته أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها فى مخالفتها لأحكام الدستور ، وأنه فى كلتا الحالتين يتعين أن يكون الحكم فى الدعوى الدستورية لازماً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو فى شق منها فى الدعوى الموضوعية ، فإذا لم يكن له بها من صلة كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة ، وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بتوكيدها أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية ، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع .

وحيث إن الطعن فى النصوص التشريعية بالطريق المباشر إنما ينحل إلى دعوى أصلية بعدم الدستورية تقوم بذاتها منفصلة عن أى نزاع مؤثر فى الدعوى الموضوعية ، وتناقض هذه الدعوى مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة وتنافيه ، ذلك أن الغاية المقصودة منها لا تعدو تقرير حكم الدستور مجرداً فى شأن النصوص التشريعية المطعون عليها ، ومن المقرر قانوناً أنه لا يكفى لقيام المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطاً لقبول الدعوى الدستورية ، أن يكون النص التشريعى المطعون عليه مخالفاً فى ذاته للدستور ، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً ، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطاً بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية ، وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة ، ولا يجوز بالتالى الطعن على النصوص التشريعية إلا بعد توافر شرطين أوليين يحددان معاً مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة ، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه ، وإن كان استقلال كل منهما عن غيره لا ينفى تكاملهما ، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية ، أولهما : أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون عليه – الدليل على أن ضرراً واقعياً – اقتصادياً أو غيره – قد لحق به ، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً ، ومستقلاً بعناصره ، ممكناً إدراكه وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً ، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل فى خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية صرفة كتلك التى تتغيا تقرير حكم الدستور مجرداً فى موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية ، أو دفاعاً عن قيم مثالية يرجى تثبيتها ، أو كنوع من التعبير فى الفراغ عن وجهة نظر شخصية ، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون فى مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها ، أو لإرساء مفهوم معين فى شأن مسألة لم يترتب عليها ضرر بالطاعن ولو كانت محل اهتمام عام . وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التى تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التى كفلها ، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية ، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها . ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه ، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئاً عن هذا النص ومترتباً عليه ، فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً ، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه ، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها .

وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ، يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محدداً لفكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية ، ومبلوراً نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها ، ومؤكداً ضرورة أن تكون المنفعة التى يقرها القانون هى محصلتها النهائية ، ومنفصلاً دوماً عن مطابقة النص التشريعى للدستور أو مخالفته لأحكامه .

وحيث إن مؤدى نص البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن صورة الإعلان لا يجوز تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بواسطة النيابة العامة إلا إذا كان الإعلان متعلقاً بأحد أفراد القوات المسلحة أو من فى حكمهم . وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن صفة المدعى عليهم – فى الدعوى الموضوعية – كأفراد بالقوات المسلحة قد انفكت عنهم – قبل الفصل فى الدعوى الماثلة ، إما بالوفاة أو بالإحالة إلى التقاعد ، وكان من المقرر أن شرط المصلحة فى الدعوى لا يكفى أن يتوافر عند رفعها ، بل يتعين أن يظل قائماً حتى الفصل نهائياً فيها ، فإنه أياً كان وجه الرأى فى شأن دستورية النص التشريعى المطعون فيه ، فإنه وقد أضحى غير متعلق بالمدعى عليهم ، صار غير سار فى حقهم ليعود الأمر فى شأن إعلانهم إلى القواعد العامة وذلك بأن يتم الإعلان إما لأشخاصهم أو فى مواطنهم شأنهم فى ذلك شأن غيرهم من المواطنين الذين لا يشملهم تنظيم خاص بالنسبة إلى الإعلان . إذ كان ذلك ، وكان ما قصد إليه المدعون من الطعن على البند السادس المشار إليه هو ألا يعامل المدعى عليهم معاملة خاصة فى شأن الإعلان يمتازون بها عن سواهم ، وهو ما تحقق بعد زوال صفتهم العسكرية وإعلانهم بالتالى وفقاً للقواعد العامة ، فإن مصلحة المدعين فى الطعن على البند السادس سالف البيان تغدو محض مصلحة نظرية ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى .



لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعين المصروفات ، ومبلغ ثلاثين جنيهاَ مقابل أتعاب المحاماة .