المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 9 لسنة 2 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:45 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمــة الدستورية العليـــا


بالجلسة العلنية المنعقدة أول يونيه سنة 1991م.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ الدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد علي. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة الـمفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 2 قضائية "دستورية" .
"الإجــــــراءات"

بتاريخ 16 مارس سنة 1980 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً فى ختامها: الحكم بعدم دستورية كافة القرارات الصادرة من وزير المالية الخاصة بالسعر التشجيعى للعملة، خاصة القرار رقم 477 لسنة 1973 فى شأن إنشاء سوق موازية للنقد، والقرار رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازية للنقد، والقرار رقم 123 لسنة 1976 فى شأن تحديد قيمة البضائع للأغراض الجمركية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمــة"

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد تقدم إلى محكمة ميناء البصل الجزئية بأمر على عريضة قيد برقم 47 لسنة 1978 طالباً محاسبته جمركياً على أساس تحديد قيمة الشاسيهات التى سبق أن استوردها بالنقد الأجنبي، مقومة طبقاً للسعر الرسمى وليس السعر التشجيعى للعملة، وبالتالى صرف الفروق المستحقة له على هذا الأساس والبالغة 17017.52 جنيهاً، وبتاريخ أول يونيه سنة 1978 صدر الأمر المشار إليه بصرف تلك الفروق إلى المدعى، وقامت مصلحة الجمارك بتنفيذ هذا الأمر فعلاً، ثم تظلمت منه أمام قاضى الأمور الوقتية طالبة إلغاءه، فأقام المدعى الدعوى رقم 3362 لسنة 1979 تجارى كلى إسكندرية ضد وزيرى المالية والتجارة ومصلحة الجمارك، طالباً الحكم ببراءة ذمته من الفروق المشار إليه، وخلال نظر هذه الدعوى دفع الحاضر عن المدعى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم دستورية قرارات وزير المالية الصادرة بتنظيم السعر التشجيعى للعملة، وخاصة القرارات رقم 477 لسنة 1973 ورقم 64لسنة 1974 ورقم 123 لسنة 1976، وبجلسة 16 يناير سنة 1980 صرحت المحكمة للمدعى بالطعن بعدم دستورية القرار موضوع الدعوى، فأقام الدعوى الماثلة، مستهدفاً الحكم فيها بعدم دستورية القرارات اللائحية الصادرة عن وزير المالية والمتعلقة بالسعر التشجيعى للعملة وعلى الأخص القرارات الثلاثة المشار إليها.
وحيث إن المدعى أقام دعواه الموضوعية رقم 3362 لسنة 1979 تجارى كلى إسكندرية طالباً فى صحيفتها الحكم ببراءة ذمته من مبلغ الفروق سالف الذكر، قولاً منه بأن مصلحة الجمارك قومت البضائع التى استوردها بالنقد الأجنبي- توطئة لحساب الضريبة الجمركية المستحقة عليها - بما يعادل قيمتها بالعملة المصرية محسوبة على أساس سعر الصرف التشجيعى ، حال أن سعر الصرف الرسمى للعملة هو الذى يتعين الاعتداد به - فى مجال الأغراض الجمركية - لتحديد قيمة البضاعة التى استوردها، وأن الفرق بين هذين السعرين،يمثل المبلغ الذى يطلب الحكم ببراءة ذمته منه.
لما كان ذلك، وكان مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية هو إرتباطها بالمصلحة القائمة فى دعوى الموضوع، وذلك بأن يؤثر الحكم الصادر فى المسألة الدستورية، فى الطلبات الموضوعية المبداة أمام محكمة الموضوع، وكان قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 فى شأن تحديد قيمة البضائع المستوردة للأغراض الجمركية ينص فى مادته الأولى على أن تقدر قيمة البضائع المحددة قيمتها بالنقد الأجنبى أو بحسابات غير مقيمة" على أساس القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول، محسوبة بسعر الصرف التشجيعي، فيما عدا البضائع المحولة قيمتها بسعر الصرف الرسمي، فتقدر قيمتها على أساس السعر الرسمى " وكانت دعوى براءة الذمة المقامة من المدعى، ترتكز فى جوهرها على المنازعة فى سريان السعر التشجيعى الذى تضمنه هذا القرار فى شأن تقدير قيمة البضائع التى قام المدعى باستيرادها بالعملة الأجنبية، وكان المركز القانونى للمدعى - بالنسبة إلى الضريبة الجمركية المطالب بها - قد تحدد على مقتضى أحكام هذه المادة بعد أن إلتزمت بها مصلحة الجمارك فى مجال تحديد الضرائب الجمركية المستحقة عليه، فإن الفصل فى دعوى براءة الذمة يتوقف على الفصل فى دستورية القرار رقم 123 لسنة 1976 المشار إليه دون غيره من القرارات الأخرى المطعون عليها وذلك فيما تضمنه من تقدير قيمة البضائع على أساس القيمة الفعلية محسوبة بسعر الصرف التشجيعى وبحسبان أن هذه القرارات لا تتصل بالطلبات الموضوعية، وليس من شأن الفصل فى دستوريتها أن يؤثر فى تلك الطلبات، ذلك أن تلك القرارات لا تعدو أن تكون تنظيماً عاماً يتوخى إنشاء سوق موازية للسوق الرسمية القائمة على أساس سعر الصرف الرسمي، تقوم من خلالها البنوك التجارية المصرية بشراء وبيع ما يعرض عليها من العملات الأجنبية التى يحددها البنك المركزى وذلك بسعر صرف تشجيعى يتحدد على ضوء الاعتبارات والمؤشرات النقدية السائدة طبقاً للمادتين (1)، (8) من القرار رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازية للنقد، ومن ثم فإن هذا القرار - والذى حل محل القرار السابق رقم 477 لسنة 1973 بشأن إنشاء سوق موازية للنقد - يكون قد استهدف وضع التنظيم القانونى لهذه السوق بتعيين مواردها واستخداماتها المنظورة وغير المنظورة، فضلاً عن سائر القواعد الأخرى المتصلة بتلك السوق، والتى لا شأن لها بأسس تحديد وتقدير وتحصيل الضريبة الجمركية أو شروط استحقاقها، وإذ كان ذلك، فإن نطاق الطعن - فى الدعوى الماثلة - إنما ينحصر فى قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 المشار إليه ولا يتعداه إلى غيرهم من القرارات المطعون عليها فى صحيفة الدعوى الدستورية، حيث تنعدم مصلحة الطاعن- فى هذه الدعوى - فى الطعن عليها ، ويتعين بالتالى عدم قبول الدعوى فى هذا الشق لانتفاء المصلحة.
وحيث إن المدعى أسس طعنه بعدم الدستورية على سند من القول بأن نقد الدولة المصرية قد نظم دوماً- فيما يتعلق بسعر صرفه فى مواجهة العملات الأجنبية - عن طريق سلطة التشريع التى يتولاها مجلس الشعب دون غيره، وأنه إذ أصدر وزير المالية القرار رقم 123 لسنة 1976 المشار إليه محدداً به سعر صرف العملة المصرية فى مواجهة العملات الأخرى بمناسبة تقدير قيمة البضاعة المستوردة لحساب الضريبة الجمركية عليها، فإنه يكون قد انتحل إختصاصاً مقرراً للسلطة التشريعية، هذا بالإضافة إلى أن القرار المشار إليه قد تضمن تعديلاً للضريبة الجمركية بالزيادة وأخل بذلك بالمادتين (119)، (120) من الدستور التى تنص أولاهما على أن إنشاء الضرائب وتعديلها وإلغائها لا يكون إلا بقانون، وتنص الثانية على أن تنظم القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها بقانون.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأن تحديد سعر صرف الجنيه المصرى فى مواجهة العملات الأجنبية قد تم دائماً بقرار من وزير المالية منذ صدور القانون رقم 25 لسنة 1916 بنظام النقود فى البلاد المصرية، حيث نصت المادة (11) منه على أن الليرة الإسترلينية سعر قانونى فى القطر المصرى بقيمة تحدد بقرار من وزير المالية، ثم صدر القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبي، وأصدر وزير المالية تنفيذاً له قراره رقم 53 فى 16 يوليه سنة1947 بتحديد أسعار العملات الأجنبية بالنسبة للعملة المصرية.... وفضلاً عن ذلك كله، فإن هذا الوجه من النعى - بفرض صحته - إنما يتصل بمجال المشروعية إذا تم تحديد سعر صرف العملة المصرية بالنسبة إلى العملات الأخرى بقرار إدارى على خلاف القانون - ما دام هذا التحديد ليس محجوزاً بنص الدستور للسلطة التشريعية - ومن ثم فإن الأمر لا يمثل فى حد ذاته بالنسبة للدعوى الماثلة مخالفة دستورية مما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيها.
وحيث إنه عن النعى بمخالفة القرار الطعين للمادتين (119) ، (120) من الدستور - على الوجه سالف البيان - فإن هذا النعى بدوره مردود بأنه ولئن كان الأصل فى الضريبة العامة أنه لا يجوز تحصيلها - كدين فى ذمة الممول - إذا كان القانون لم يجز فرضها، إلا أن الحالة الماثلة تستند مباشرة إلى قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 33 لسنة 1966 الذى تضمن أسس الضريبة الجمركية العامة على البضائع الواردة وأحكام الإلتزام بها - وهى ضريبة لم ينازع المدعى فى حق الدولة فى فرضها ولا فى كونه مخاطباً كمستورد بأحكامها - وإن كان قد شرط لقيام هذا الحق أن تقوم العملة الأجنبية التى تم الاستيراد بها بسعر صرفها الرسمى وليس على أساس السعر التشجيعى الذى نص عليه القرار الطعين، بمقولة أن تقرير هذا السعر يخرج من جهة عن اختصاص وزير المالية، وينطوى من ناحية أخرى على تعديل لقيمة الضريبة الجمركية التى فرضها القانون عن طريق زيادة قيمتها.
وحيث إن الضريبة محل الدعوى الماثلة هى ضريبة جمركية تتناول البضاعة عند عبورها الحدود وبمناسبة ورودها، ومصدرها المباشر هو نص المادة (5) من قانون الجمارك المشار إليه التى تنص على إخضاع البضائع الواردة التى تدخل أراضى الجمهورية لضرائب الواردات المقررة فى التعريفة الجمركية، وقد نظم القانون هذه الضريبة بأركانها سواء فيما يتعلق بالأشخاص الخاضعين لها أو الأموال والبضائع التى تتناولها، وكذلك شروط سريانها وسعرها وكيفية تحصيلها فضلاً عن الواقعة المنشئة لها، لما كان ذلك، وكان ورود البضاعة - فى نطاق الدعوى الماثلة - يقتضى تقييمها توطئة لإخضاعها لضريبة قيمية تعتد بالحالة التى تكون عليها البضاعة وقت تطبيق التعريفة الجمركية عليها وطبقاً لجداول هذه التعريفة ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة (22) من قانون الجمارك قد بينت بوضوح وعاء الضريبة التى تستحق بمناسبة ورود البضاعة، فحصرت ذلك الوعاء فى القيمة الفعلية للبضاعة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء أو مكان الوصول " وفقاً للشروط والأوضاع التى يقررها وزير الخزانة " وذلك بوصفها بضاعة واردة محددة قيمتها بنقد أجنبي، وكان من المقرر قانوناً أن وعاء الضريبة هو المال الذى تفرض عليه، وقد حدد قانون الجمارك هذا الوعاء بأنه القيمة الفعلية للبضاعة الواردة مقومة بالعملة المصرية فى ميناء الوصول، وإذ كان تحديد الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع للضريبة، فقد كان من المنطقى أن يعهد قانون الجمارك إلى وزير المالية تحديد شروط وأوضاع تطبيقه باختيار الوسيلة الملائمة لتقدير هذا الوعاء من أجل التوصل إلى حقيقته على أكل وجه ممكن، لما هو مقرر من أن تقدير وعاء الضريبة على أسس واقعية يعتبر شرطاً لازماً لكفالة العدالة وصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة.
وإذ أصدر وزير المالية - ابتغاء تقدير قيمة البضاعة الواردة بنقد أجنبى تقديراً واقعياً - القرار رقم 123 لسنة 1976 المشار إليه مستهدفاً تقدير قيمة هذا الوعاء على أسس واقعية فى إطار السلطة المخولة له قانوناً بالمادة (22) من قانون الجمارك، وذلك بأن اتخذ من السعر التشجيعى الذى يجرى به التعامل فى السوق الموازية معياراً لتقييم العملة الأجنبية التى تم الاستيراد بها بالعملة المصرية - وذلك بالطبع ما لم تكن البضاعة الواردة قد حولت قيمتها بسعر الصرف الرسمى حيث تقدر قيمتها عندئذ على أساس هذا السعر - لما كان ذلك وكان الاستيراد فى الدعوى الماثلة قد تم بدون تحويل عملة بما يعنيه ذلك من عدم إلتزام الدولة بتدبيرها على أساس سعر الصرف الرسمى ولجوء المدعى - فى سبيل الحصول على العملة - إلى مصادر خارج نطاق السوق الرسمية للصرف حيث لا يتصور أن يقل السعر المتداول فيها عن السعر التشجيعى الذى يجرى التعامل به فى السوق الموازية ، وكانت أسعار الصرف فى السوق الموازية تتحدد على ضوء الاعتبارات والمؤشرات النقدية السارية طبقاً لنص المادة (8) من قرار تطوير تلك السوق رقم 64 لسنة 1974 المشار إليه، بما مؤداه أنها أسعار توجهها العوامل الاقتصادية التى لا تسيطر عليها الدولة أو تستقل بتقديرها، فضلاً عن أن تحديد الأسعار التشجيعية للعملات الأجنبية التى يجرى التعامل بها فى نطاق السوق الموازية، تتولاه لجنة ألزمها القرار المشار إليه فى المادة (8) منه بأن تحدد هذه الأسعار بيعاً على أساس تضمينها عمولة لا تزيد نسبتها على 5% من الأسعار الرسمية شراء، إذ كان ذلك، وكان القرار الطعين قد أحال إلى السعر التشجيعى كمعيار لتقييم البضاعة الواردة بالعملة المصرية، فإن هذا القرار لا يكون قد عدل من الأسس التى يقوم عليها النظام القانونى للضريبة الجمركية المستحقة على المدعى - وبوجه خاص تلك المتعلقة بتحديد وعائها أو الأموال الخاضعة لها أو سعرها - وإنما سعى مصدر القرار بإصداره إلى تقدير قيمتها تقديراً واقعياً فى إطار الشروط والأوضاع التى خوله القانون تحديدها وفقاً لنص المادة (22) منه، والتى تستمد ضوابطها أصلاً من السلطة التى يملكها في مجال حصر وتقدير وعاء الضريبة بما لا مخالفة فيه للدستور.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.