المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 38 لسنة 11 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:38 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 28 يوليه سنة 1990م.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الحريم غنيم وحمدى محمد علي أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 38 لسنة 11 قضائية"دستورية".


"الإجراءات"
بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1989 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 4431 لسنة 39 قضائية – قضاء إدارى – بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 22 يونيو سنة 1989 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة السادسة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 135 لسنة 1964 بتنظيم المؤسسات العلاجية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى وإحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 4431 لسنة 39 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة التقييم المشكلة طبقاً لنص المادة السادسة من القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 بتنظيم المؤسسات العلاجية فيما تضمنه من تقدير قيمة مستشفى جمعية ثمرة التوفيق القبطية الخيرية والتعويض عنها، وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية تلك المادة من القانون رقم 135 لسنة 1964 المشار إليه، فيما نصت عليه من أن قرارات لجان التقييم – المشكلة طبقاً لأحكامه – تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، لما بدا للمحكمة من مخالفة هذا الحكم الذى أوردته لنص المادتين 40، 68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 22 نوفمبر سنة 1989 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريتها.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى إستناداً إلى أن هذه المحكمة سبق أن قضت فى الدعوى رقم 30 لسنة 2 قضائية دستورية بالطعن فى دستورية القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 المشار إليه برفض الدعوى، وهو دفع مردود بما هو مقرر قانوناً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية والمانعة من نظر أى طعن دستورى جديد يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم يكن مثاراً للنزاع أمامها، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم فى الدعوى الدستورية السابقة، ولما كان الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الدعوى رقم 30 لسنة 2 قضائية دستورية، قد اقتصر على الفصل فيما أثير من نزاع حول مدى اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 استناداً إلى نص المادة 53 من دستور سنة 1958 وفيما أثير من طعن على الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 فحسب، دون أن تعرض المحكمة لما ورد فيه من نصوص أخرى ودون أن يتضمن حكمها السابق بالتالى فصلاً قضائياً فى دستوريتها، فإن حجية هذا الحكم تكون مقصورة فى هذا النطاق دون أن تمتد إلى المادة السادسة من القانون رقم 135 لسنة 1964 المطعون عليها فى هذه الدعوى ويكون الدفع بعدم القبول على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 فى شأن تنظيم المؤسسات العلاجية بنص فى مادته الأولى على أن "تؤول ملكية المستشفيات المبينة فى الكشف المرافق لهذا القانون إلى الدولة...." وفى مادته السادسة على أن "تتولى تقدير قيمة هذه المستشفيات لجان تشكل على الوجه الآتي: مستشار من مجلس الدولة رئيساً، ممثل لوزارة الصحة، ممثل من المستشفى تختاره الجهة التى كانت تديره أعضاء، ويجوز للجنة أن تستعين فى أداء مهمتها بمن ترى لزوماً للاستعانة بهم من الموظفين أو غيرهم، وتصدر قرارات اللجنة بالأغلبية، وعند التساوى يرجح الجانب الذى منه الرئيس وتكون هذه القرارات نهائية غير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن".
وحيث إن مؤدى هذا النص أن المشرع لم يسبغ على لجان التقييم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 سالف البيان – ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات وضمانات معينة، وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تقدير قيمة المستشفيات التى آلت ملكيتها نفاذاً لهذا القرار بقانون للدولة توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لأصحابها مقابل أيلولة ملكيتها إلى الدولة، دون أن يفرض على تلك اللجان أخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدر من قرارات، إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضي، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية.
وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن "التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء" وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات، وقد ردد النص المشار إليه ما قررته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد، وذلك حين خولهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمياتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة 40 منه، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
لما كان ذلك، فإن نص المادة السادسة من القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 بتنظيم المؤسسات العلاجية، إذ نصت على أن قرارات لجان التقييم – المشكلة طبقاً لأحكامه – وهى قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن وهى قرارات إدارية – على ما سلف بيانه – تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة السادسة من القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964بتنظيم المؤسسات العلاجية فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقييم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن.