المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 17 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:29 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 3 من فبراير 1990م الموافق 7 رجب سنة 1410 ه.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسين رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد عوض المر ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 8 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة بني سويف الابتدائية ملف الدعوى رقم 1 لسنة 1985 مأمورية ببا الكلية.


المرفوعة من:
السيد/ رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية.


ضد
1- حسن أبو العزم قمر.
2- سعد أبو العزم قمر.
3- السيد/ رئيس مجلس الوزراء.


"الإجراءات"
بتاريخ 10 يوليه 1986 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 1 لسنة 1985 مأمورية ببا الكلية المرفوع أمام محكمة بني سويف الابتدائية، بعد أن قضت تلك المحكمة بجلسة 29 يونيه 1986 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المواد 226 و 227 و 228 من القانون المدني.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادتين 226 و 227 وبرفض الدعوى بالنسبة للطعن على المادة 228 من القانون المدنى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن بنك الاسكندرية أقام الدعوى رقم 8 لسنة 1985 مدني جزئي ببان طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه الأول والثاني بسداد مبلغ 69.430 جنيهاً والفوائد القانونية، وبجلسة 7 نوفمبر سنة 1985 قضت محكمة ببا الجزئية برفض الدعوى، فطعن البنك فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 لسنة 1985 مأمورية ببا الكلية، وإذ تراءى لمحكمة بني سويف الابتدائية عدم دستورية المواد 226 و 227 و 228 من القانوني المدني فقد قضت بجلسة 29 يونيه 1986 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذه المواد، استناداً إلى أنها إذ تجيز المطالبة بفوائد التأخير تكون قد انطوت على مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – التي تحرم الربا – واليت أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور – بعد تعديلها فى 22 مايو 1980 – المصدر الرئيسي للتشريع، وذلك باعتبار أن تلك الفوائد التي تمثل زيادة فى الدين بغير مقابل، تعد من الربا المتفق على تحريمه أخذاً بقوله تعالى "وأحل الله البيع وحرم الربا".
وحيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 4 مايو 1985 فى الدعوى رقم 20 للسنة الأولى القضائية (دستورية) بفض الطعن بعدم دستورية المادة 226 من القانون المدني، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 16 مايو 1985. كما قضت أيضاً بتاريخ 21 ديسمبر 1985 فى الدعوى رقم 47 للسنة الرابعة قضائية (دستورية) برفض الطعن بعدم دستورية المادة 227 من القانون المدني، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 يناير سنة 1986.
وحيث أن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب عدم الدستورية – تكون لها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ، حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص الشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
لما كان ذلك ، وكان المستهدف من هذه الدعوى هو الفصل فى مدى دستورية المادتين 226 و 227 من القانون المدني، وكان قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بفض الدعوى بعدم دستورية هاتين المادتين على ما سلف بيانه، وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة بشأن دستورية هاتين المادتين حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أي طعن يثور من جديد بشأنهما، فإن المصلحة فى الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن على هاتين المادتين تكون منتفية وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها فى هذا الشق.
وحيث أن القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 فى 16 يوليه 1948 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر 1949 ينص فى المادة 228 منه على أنه "لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير- قانونية كانت أو اتفاقية – أن يثبت الدائن ضرراً لحقه من هذا التأخير".
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو 1980 أن المادة الثانية منه أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بعد أن كان تنص عند صدور الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة فى أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 حتى دستور 1964.
وحيث أنه لما كان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي – بعد تعديل المادة الثانية من الدستور على ما سلف بيانه – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بحيث إذا نطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً قبله، أي فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية.
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة (228) من القانون المدني للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على أنها إذ تجيز تقاضى الفوائد التأخيرية دون أن يثبت الدائن أن ضرراً قد لحقه من التأخير فى سداد الدين، تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً لهذه المادة المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى تلك المادة – والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانهن وكانت المادة 228 من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 والمعمول به اعتباراً من 15 أكتوبر 1949 لم يلحقها أي تعديل بعد هذا التاريخ، فإن النعي عليها وحالتها هذه بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى فى هذا الشق منها.


"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة:-
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادتين 226و 227 من القانون المدني.
ثانياً: برفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية المادة 228 من القانون المدني