المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 32 لسنة 10 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:21 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 4 من نوفمبر سنة 1989 م الموافق 5 ربيع الثانى سنة 1410ه.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد عوض المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 10 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة الجنح المستأنفة بالسويس ملف الدعوى رقم 139 لسنة 1988 جنح قسم فيصل – استئناف رقم 357 لسنة 1988.
المرفوعة من:

- النيابة العامة.


ضد
1- عبد الحميد عبد الفتاح درويش.
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
"الإجراءات"

بتاريخ 17 أغسطس سنة 1988 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 139 سنة 1988 جنح قسم فيصل بالسويس – استئناف رقم 357 لسنة 1988 السويس، بعد أن قضت محكمة الجنح المستأنفة بالسويس فى 25 يونيه سنة 1988 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة 317 البندين ثانياً ورابعاً من قانون العقوبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت (المدعى عليه الأول) وآخر إلى المحاكمة فى الجنحة رقم 139 لسنة 1988 قسم فيصل بالسويس بوصف أنهما سرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر من مسكن المجني عليه وطلبت عقابه بالمادة 317 – البندين ثانياً ورابعاً – من قانون العقوبات، وبجلسة 20 فبراير سنة 1988 حكمت المحكمة معاقبة المتهمين بالحبس ستة أشهر مع الشغل والنفاذ، فطعن المدعى عليه الأول على هذا الحكم بالاستئناف رقم 357 لسنة 1988 السويس، وإذا تراءى لمحكمة الجنح المستأنفة عدم دستورية مادة الاتهام، فقد قضت بجلسة 25 يونيه سنة 1988 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستوريتها استناداً إلى أنها إذ تنص على العقاب على السرقة بالحبس دون قطع اليد تكون قد انطوت على مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور "المصدر الرئيسي للتشريع"، وذلك على اعتبار أن السرقة هي منم جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب القضاء بعقوبة قطع اليد.
وحيث أن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فى الحكم بعدم دستورية المادة 317 من قانون العقوبات فى الدعوى الدستورية رقم 45 لسنة 3 قضائية دستورية ، وقضت برفض الطعن بجلسة 2 أبريل سنة 1988، وإذ كانت الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية لها حجية مطلقة لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، فإن الدعوى الماثلة تكون غير مقبولة.
وحيث أن هذا الدفع مردود، ذلك أن الطعن الماثل ينصب على الدفع بعدم دستورية المادة 317 – البندين "ثانيا" و"رابعاً" – من قانون العقوبات، بينما كان الطعن السابق فى الدعوى الدستورية رقم 45 لسنة 3 قضائية "دستورية" منحصرا؟ً فى الدفع بعدم دستورية المادة 317 البند "أولاً" من القانون المشار إليه، وغذ كان محل الطعن فى كل من الدعويين مختلفاً على ما سلف بيانه، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث أن الطعن على المادة 317 – البندين "ثانياً" و "رابعاً" – من قانون العقوبات يستند إلى أن هذه المادة إذ قضت بمعاقبة السارق بالحبس، تكون قد انطوت على مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للمادة الثانية من الدستور.
وحيث أن قانون العقوبات الصادر بالقانون قم 58 لسنة 1937 – المعمول به اعتباراً من 15 أكتوبر سنة 1937 – ينص فى المادة 317 البندين ثانياً ورابعاً منه على أنه "يعاقب بالحبس مع الشغل: (ثانيا) على السرقات التى تحصل فى مكان مسور بحائط أو بسياج من شجر أخضر أو حطب يابس أو بخنادق، ويكون ذلك بواسطة كسر من الخارج أو تسور أو استعمال مفاتيح مصطنعة " (رابعا) على السرقات التي تحصل ليلاً".
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بعد أن كان تنص عند صدور الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة فى أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 حتى دستور 1964.
وحيث أنه من المقرر –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد. وهو مناط الرقابة الدستورية.
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة (317) "ثانيا" و "رابعاً" من قانون العقوبات للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على السرقة التى تعاقب عليها تلك المادة بالحبس تعد من جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب توقيع عقوبة قطع يد السارق طبقاً لمبادئ تلك الشريعة التي جعلها الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة 317 "ثانياً" و "رابعاً" من قانون العقوبات الصادر فى 31 يوليو سنة 1937 المعمول به ابتداء من 5 أكتوبر سنة 1937 لم يلحقها، ومن ثم فإن النعي عليها، وحالتها هذه – بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدعوى.