المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 12 لسنة 11 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:21 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 4 من نوفمبر سنة 1989 م الموافق 5 ربيع الثانى سنة 1410ه.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد عوض المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 11 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة جنح الطور بسيناء ملف الدعوى رقم 197 لسنة 1988 جنح دهب.
المرفوعة من:

- النيابة العامة.


ضد
- عوض محمد إسماعيل
- السيد/ رئيس مجلس الوزراء
"الإجراءات"

بتاريخ 12 مارس سنة 1989 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 197 سنة 1988 جنح دهب بعد أن قضت محكمة جنح الطور بسيناء فى 3 يناير 1989 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة 317 – الفقرة الأولى والرابعة - من قانون العقوبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت (المدعى عليه الأول) فى الجنحة رقم 197 لسنة 1988 جنح دهب إلى المحاكمة بوصف أنه سرق مبلغ نقدي قدره 225 جنيهاً من محل "سوبر ماركت" مملوك لخالد إبراهيم مسعد وطلبت عقابه بالمادة 317 فقرة أولى ورابعة من قانون العقوبات، وإذ تراءى لمحكمة جنح الطور بسيناء عدم دستورية مادة الاتهام فقد قضت بجلسة 3 يناير 1989 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية تلك المادة استناداً إلى أنها إذ تنص على عقاب من يسرق بالحبس – تكون قد انطوت على مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور "المصدري الرئيسي للتشريع" ولذلك باعتبار أن السرقة من جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب القضاء بعقوبة قطع اليد.
وحيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 2 أبريل سنة 1988 فى الدعوى رقم 45 لسنة 3 قضائية دستورية برفض الطعن بعدم دستورية المادة 317 أولاً من قانون العقوبات ونشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بتاريخ 14 أبريل سنة 1988.
وحيث أن الفقرة الأولى من المادة 175 من الدستور قد نصت على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح... "كما نصت المادة178 من الدستور بأن" تنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا وفى الدعاوى الدستورية...." ونصت المادة 49/1 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية ... ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ومؤدى ذلك أن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري- تكون لها حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التي صدرت فيها، وأنها ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة، سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، وذلك لعموم نصوص المادتين 175، 178 من الدستور والمادة 49/1 من قانون المحكمة المشار إليه، ولأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين التي اختصت بها المحكمة الدستورية العليا دون غيرها هي رقابة شاملة تمتد إلى الحكم بعدم دستورية النص فتلغى قوة نفاذه أو إلى تقرير دستوريته وبالتالي سلامته من جميع العيوب وأوجه البطلان.
لما كان ذلك وكان المستهدف فى هذا الشق منا لدعوى هو الفصل فى مدى دستورية الفقرة الأولى من المادة 317 من قانون العقوبات، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت برفض النعى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة المشار إليها على ما سلف بيانهن وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة بشأن دستورية هذا النص حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أي طعن يثور من جديد بشأنه، فإن المصلحة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لهذا الشق تكون منتفية، وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها.
وحيث أنه بالنسبة للنعي على المادة 317 فقرة رابعاً من قانون العقوبات أنها إذ قضت أيضاً بعقوبة الحبس على السارق تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية وهي المصدر الرئيسي للتشريع عملا بالمادة الثانية من الدستور.
وحيث أن قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 أو المعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1937 ينص فى المادة 317/ رابعاً منه – محل الطعن – على أنه "يعاقب بالحبس مع الشغل: "رابعاً على السرقات التى تحصل ليلاً.
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بعد أن كان تنص عند صدور الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.
وحيث أنه لما كان من المقرر –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد. وهو مناط الرقابة الدستورية.
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة (317) /رابعاً من قانون العقوبات للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على السرقة التى تعاقب عليها تلك المادة بالحبس تعد من جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب توقيع عقوبة قطع يد السارق طبقاً لمبادئ تلك الشريعة التي جعلها الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة 317 "ثانياً" و "رابعاً" من قانون العقوبات الصادر فى 31 يوليو سنة 1937 المعمول به ابتداء من 5 أكتوبر سنة 1937 لم يلحقها، ومن ثم فإن النعي عليها، وحالتها هذه – بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى بالنسبة لهذا الشق.
"لهذه الأسباب"

أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية البند أولاً من المادة 317 من قانون العقوبات.
ثانياً: برفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية البند "رابعاً" من المادة 317 من قانون العقوبات