المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 17 لسنة 5 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:09 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 15 أبريل سنة 1989.
برئاسة السيد المستشار/ منير أمين عبد المجيد نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ فوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 5 قضائية"دستورية" .


"الإجراءات"
بتاريخ 20 فبراير سنة 1983 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين (157) ، (158) مكرراً فى قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 56 لسنة 1982 مدنى بندر الجيزة طالباً الإذن ببيع عقار مملوك له على الشيوع مع آخر، كما أقام هذا الأخير الدعوى رقم 349 لسنة 1979 مدنى بندر الجيزة طالباً الحكم بقسمة ذلك العقار، وأثناء نظرها قام المدعى بإيداع قلم كتاب المحكمة طلباً برد السيد رئيس الدائرة التى تنظرها، وخلال نظر طلب الرد دفع المدعى بعدم دستورية المادتين 157 و158 مكرراً من قانون المرافعات، وصرحت له المحكمة برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعى ينعى على المادتين 157 و 158 مكرراً من قانون المرافعات مخالفتهما المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن " الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" على سند من القول بأن المشرع قد ميز بين طالب الرد وبين القاضى المطلوب رده فى مجال الحقوق التى كفلها للخصوم فى دعوى الرد، فلم يجز استجواب القاضى المطلوب رده أو توجيه اليمين إليه، فحرم بالتالى طالب الرد من مباشرة هذه الحقوق عد تحقيق طلب الرد مما ينطوى على الإخلال بمبدأ المساواة بين المتخاصمين أمام القضاء، وهو المبدأ الذى كفلته الشريعة الإسلامية، الأمر الذى يترتب عليه تبعاً مخالفة المادتين المطعون عليهما للمادة 64 من الدستور التى تنص على أن "سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة". هذا فضلاً عن مخالفة المادتين المشار إليهما للمادة 68 من الدستور التى تنص على أن "التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي" تأسيساً على أن نظر طلب الرد أمام ذات المحكمة التى يعمل بها القاضى المطلوب رده، لا يحقق لطالب الرد ضمان الحيدة التى يجب أن تتوفر فى القاضى الطبيعي.
وحيث إن المادة 156 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن "على القاضى المطلوب رده أن يجيب بالكتابة على وقائع الرد وأسبابه خلال الأربعة أيام التالية لإطلاعه، وإذا كانت الأسباب تصلح قانوناً للرد ولم يجب عليها القاضى المطلوب رده فى الميعاد المحدد أو اعترف بها فى إجابته، أصدر رئيس المحكمة أمراً بتنحيته" وتنص المادة 157 على أنه " فى غير الأحوال المنصوص عليها فى المادة السابقة يعين رئيس المحكمة فى اليوم التالى لإنقضاء الميعاد، الدائرة التى تتولى نظر طلب الرد، وعلى قلم الكتاب إخطار باقى الخصوم فى الدعوى الأصلية بالجلسة المحددة لنظره وذلك لتقديم ما قد يكون لديهم من طلبات رد طبقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 152، وعلى تلك الدائرة أن تقوم بتحقيق الطلب فى غرفة المشورة ثم تحكم فيه بعد سماع أقوال طالب الرد وملاحظات القاضى عند الاقتضاء وإذا طلب ذلك، وممثل النيابة إذا تدخلت فى الدعوى، ويتلى الحكم مع أسبابه فى جلسة علنية، ولا يجوز فى تحقيق طلب الرد استجواب القاضى ولا توجيه اليمين إليه " كما تنص المادة 158 مكرراً المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 1976 على أنه "على رئيس المحكمة فى حالة تقديم طلبات رد قبل إقفال باب المرافعة فى طلب رد سابق، أن يحيل هذه الطلبات إلى الدائرة ذاتها المنظور أمامها الطلب لتقضى فيها جميعاً بحكم واحد ودون التقيد بأحكام المادتين 156، 158".
وحيث إن نعى المدعى على النصين المطعون عليهما بمخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية إنما يندرج تحت عموم المادة 40 من الدستور فيما نصت عليه من أن المواطنين لدى القانون سواء، وهو مردود بأن القاضى المطلوب رده لا يعتبر طرفاً ذا مصلحة شخصية مباشرة فى خصومة الرد التى لا يتعلق موضوعها بحقوق ذاتية لأطرافها يجرى إثباتها ونفيها وفقاً لقواعد حددها المشرع سلفاً ويتكافأ مركز الخصوم فى مجال تطبيقها وعلى الأخص فيما يتعلق بالأدلة التى يجوز تقديمها وتقدير كل دليل منها، وإنما تقوم خصومة الرد أساساً على تمسك أحد الخصوم فى الدعوى الموضوعية بمخالفة القاضى المطلوب رده - حال نظر تلك الدعوى - للقواعد التى فرضها المشرع لضمان تجريده وبعده عن الميل، نأياً بالعدالة عن أن تتطرق إليها شبهة ممالأة أحد الخصوم أو الانحياز لمصلحته كى يظل القضاء صمام أمن يرعى العدالة - ولا يتصور - والحالة هذه - أن تكون للقاضى المطلوب رده مصلحة فى مخالفة هذه القواعد أو التحلل منها، ولهذا لم يجز المشرع استجوابه أو توجيه اليمين إليه مكتفياً بتمكينه من إبداء رأيه وملاحظاته فى شأن ما أثير من وقائع حتى لا يتخذ طلب الرد سبيلاً للنيل من كرامته بغير حق، فإذا ما صدر الحكم فى هذه الخصومة برد القاضى امتنع عليه الطعن فيه اتساقاً مع الطبيعة الخاصة لتلك الخصومة بالنسبة له، ودفعاً لأى شبهة حول قيام مصلحة للقاضى المحكوم برده فى الاستمرار فى نظر الدعوى، ومتى كان الأمر كذلك وكانت المساواة التى نصت عليها المادة 40 من الدستور تستهدف عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية، وكان المركز القانونى للقاضى المطلوب رده يختلف عن المركز القانونى لطالب الرد فى خصوص هذه الخصومة، فإن الإخلال بمبدأ المساواة لا يكون قائماً على أساس، ويتعين - تبعاً لذلك - رفض ما أثاره المدعى بشأن الإخلال بمبدأ سيادة القانون الذى رتبه على الإخلال بمبدأ المساواة.
وحيث إنه عن النعى على المادتين المطعون عليهما مخالفة المادة 68 من الدستور استناداً إلى أن علاقة الزمالة القائمة بين قضاة المحكمة الواحدة تكفى بذاتها سبباً لتجريد المحكمة التى تتولى نظر طلب الرد من صفة القاضى الطبيعي، فإن هذا النعى مردود بأن كفالة حق المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى أم يتعلق بولاية القضاء، ولا شأن له بتوفر الحيدة التى يجب أن يتحلى بها كل من يجلس مجلس القضاء.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين الحكم برفض الدعوى.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة برفض الدعوى ومصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه أتعاب المحاماة.