المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 14 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:08 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 15 أبريل سنة 1989م .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور; السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 8 قضائية"دستورية" .


"الإجراءات"
بتاريخ 14 من يونيه 1986، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 1، 76، 79، 83، 85 ، 86، 97 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق، تتحصل فى أن السيد محافظ الجيزة كان قد أصدر القرار رقم 379 لسنة 1983 بتحديد ميعاد قبول طلبات الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية بدائرة المحافظة وذلك تمهيداً لإجراء الانتخابات فيها. وقد تقدم المدعى - فى الميعاد المحدد - بطلب الترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الجيزة عن قسم بولاق الدكرور، إلا أن الموظف المختص رفض قبول طلبه على أساس أنه لم يرفق به صورة رسمية من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مدرجاً فيها اسمه وذلك طبقاً لما تقضى به المادة (76) من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981، فأقام الدعوى رقم 48 لسنة 31 قضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية والحكم المحلي، مضمناً صحيفتها الدفع بعدم دستورية أحكام المواد 1، 76 ، 79 ، 83 ، 85، 86، 97 من قانون نظام الحكم المحلى المشار إليه بمقولة مخالفتها أحكام المواد 1، 8 ، 40 ، 47 ، 62 ، 87 من الدستور، وطالباً فى ختامها الحكم ببطلان وانعدام قرار محافظ الجيزة رقم 424 لسنة 1983 الصادر فى 6 نوفمبر 1983 فى شأن إعلان انتخاب قوائم الحزب الوطنى المرشحة لعضوية المجالس الشعبية المحلية بمحافظة الجيزة بالتزكية واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ قررت محكمة الموضوع بتاريخ 11 مايو 1986 منح المدعى أجلاً ينتهى فى 15 يونيه 1986 ليقدم صورة من عريضة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية تأسيساً على أن محكمة الموضوع لم تقدر جدية الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعى أمامها، ولم يتضمن قراراه بالتالى أى بيانات تتعلق بنطاق هذا الدفع الأمر الذى تتخلف معه الشروط المنصوص عليها فى البند (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وهو دفع مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مؤدى نص المادة 29/ب المشار إليها، أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التى أتاح للخصوم مباشرتها، وربط بينه وبين الميعاد الذى حدده لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذى ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ميعاد الثلاثة أشهر الذى فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، وكان البين من ملف الدعوى الموضوعية أن المدعى ضمن صحيفتها دفعاً بعدم دستورية النصوص القانونية المطعون عليها لتعارضها مع مواد الدستور التى حددها وكانت محكمة الموضوع قد منحته أجلاً لرفع الدعوى الدستورية وهو ما يفيد بالضرورة تقديرها جدية هذا الدفع ولزومه للفصل فى الدعوى الموضوعية المطروحة عليها، فإن الدعوى الراهنة تكون قد اتصلت بهذه المحكمة وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى البند ب من المادة 29 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ويكون الدفع بعدم قبولها على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 الذى أصبح نظاماً للإدارة المحلية بمقتضى أحكام القانون رقم 145 لسنة 1988 الذى عدل الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، قضى بأن يكون لكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية مجلس شعبى محلى يشكل من أعضاء منتخبين انتخاباً مباشراً، عن طريق الجمع بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، إلا أن ذلك لا يحول دون الفصل فى الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليهم أحكام القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المطعون عليها خلال فترة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليهم تتوافر بإبطالها مصلحتهم الشخصية المباشرة فى الطعن بعدم دستوريتها، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها،و بذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده، لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 - وقبل تعديله بالقانون رقم 145 لسنة 1988 - قد طبق على المدعى وأعملت فى حقه أحكامه إذ حرمه من حق الترشيح لعضوية المجلس الشعبى لمحافظة الجيزة، وظلت آثاره - وهى بقاؤه محروماً من حق الترشيح لعضوية هذا المجلس - قائمة بالنسبة إليه طوال مدة نفاذه، وكانت الدعوى الموضوعية لا تزال مطروحة أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية والحكم المحلى بما تتضمنه من طلبات ترتكز جميعها على الطعن بعدم دستورية أحكام القانون رقم 50 لسنة 1981 المعدل بقانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979،ويعتبر هذا الطعن أساساً لها، ومن ثم فإن مصلحة المدعى فى الطعن بعدم دستورية أحكام القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 قبل تعديلها بالقانون رقم 145 لسنة 1988، تكون قائمة.
وحيث إن المدعى وإن كان قد طعن على المواد 1، 76، 79، 83، 85، 86، 97 من القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 المشار إليه، إلا أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة فى طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى دعوى الموضوع التى اثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكان ما استهدفه المدعى من دعواه الموضوعية هو إلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 424 لسنة 1983 الصادر فى 6 نوفمبر 1983 والمتضمن إعلان إنتخاب قوائم الحزب الوطنى المرشحة لعضوية المجالس الشعبية المحلية بمحافظة الجيزة بالتزكية واعتباره كأن لم يكن تأسيساً على أن الطلب الذى تقدم به للترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى بالجيزة كان قد رفض لأنه لم يرفق به صورة رسمية من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مبيناً بها إدراجه فيها، لما كان ذلك،و كانت المادتان 76 فقرة أولى، 86 فقرة ثالثة هما اللتان تضمنت أحكامهما وجوب استيفاء هذا الشرط، فإن مصلحة المدعى فى دعواه الماثلة تقوم على الطعن بعدم دستورية هاتين الفقرتين فحسب، بتقدير أن الحكم له فى الطلبات الموضوعية يتوقف على ما يسفر عنه القضاء فى الطعن بعدم دستوريتهما، أما باقى مواد القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 - المطعون عليها - فلا مصلحة شخصية ومباشرة للمدعى فى الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة أثر لها فى طلباته أمام محكمة الموضوع، ذلك أن المادة الأولى تعرف بوحدات الحكم المحلى وتتناول كيفية إنشائها وتحديد نطاقها وتغيير أسمائها وإلغائها، وتبين المادة 76 فى فقرتها الثانية المبالغ التى يتعين إيداعها مع طلب الترشيح، وفى فقرتها الثالثة المستندات التى يحددها وزير الداخلية والتى يجب إرفاقها بهذا الطلب لإثبات توافر الشروط اللازمة للترشيح، كما تقضى فقرتها الرابعة باعتبار الأوراق التى يقدمها المرشح أوراقاً رسمية فى تطبيق أحكام قانون العقوبات، وتحدد المادة 79 كيفية عرض الكشوف المتضمنة القوائم المدرجة فيها أسماء المرشحين فى الوحدة المحلية وطريقة الاعتراض على الأسماء المدرجة أو صفاتها وجهة الفصل فى الاعتراض، وتجابه المادة 83 حالة خلو مكان أحد المرشحين بعد الترشيح وقبل إجراءات الانتخابات وتعالج المادة 85 حالة تقديم قائمة حزبية واحدة فى الدائرة الانتخابية، وتعرض المادة 86 فى فقرتها الأولى لسريان أحكام قانون ينظم مباشرة الحقوق السياسية فى المجالس الشعبية المحلية، وتبين فقرتها الثانية اختصاص مديرية الأمن بإجراء عملية الانتخاب لعضوية تلك المجالس،و تخص فقرتها الرابعة المحافظ بإعلان نتيجة الانتخاب، وتعقد فقرتها الخامسة اختصاص الفصل فى الطعون المتعلقة بصحة العضوية للمحكمة الإدارية المختصة، أما المادة 97 فتواجه حالة خلو مكان أحد أعضاء المجلس قبل انتهاء مدته، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذه المواد لانتفاء مصلحة المدعى فى الطعن عليها.
وحيث إنه على مقتضى ما تقدم، وكان نطاق الطعن فى الدعوى الماثلة قد تحدد بالفقرة الأولى من المادة 76 والفقرة الثالثة من المادة 86 من نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 وكانت هاتان الفقرتان - قبل تعديلهما بالقانون رقم 145 لسنة 1988 - تقضيان بما يأتي:
المادة 76 فقرة أولى: " يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى كتابة إلى المحافظة أو إلى إحدى وحدات الحكم المحلى الكائنة بنطاقها مرفقاً به صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مبيناً بها إدراجه فيها وذلك خلال المدة التى يحددها المحافظ على ألا تقل عن عشرة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح".
المادة 86 فقرة ثالثة: "وينتخب أعضاء المجالس الشعبية المحلية طبقاً للقوائم الحزبية التى حصلت على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التى أعطيت فى الانتخاب، فإذا لم تتوافر الأغلبية المطلقة لأى من القوائم أعيد الانتخاب بين القائمتين اللتين حصلتا على أكبر عدد من الأصوات".
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على هاتين الفقرتين أنهما إذ قصرتا حق الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية على المنتمين إلى الأحزاب السياسية، فإنها تكون قد حرمت طائفة من المواطنين وهم غير المنتمين إلى الأحزاب من حق كفله لهم الدستور فى المادة 62 منه وأخلت بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون المنصوص عليهما فى المادتين 8، 40 من الدستور.
وحيث إن المادة 62 من الدستور التى وردت فى الباب الثالث منه الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة تنص على أن " للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني". ومؤدى ذلك أن الحقوق السياسية المنصوص عليها فى هذه المادة - ومن بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة مع حقى الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء - اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، لضمان إسهامهم فى اختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة وذلك بطريق الانتخاب سواء على النطاق القومى فى مجلسى الشعب والشورى أو على النطاق المحلى فى المجالس الشعبية حسبما جرت به نصوص المواد 87 ، 162 ، 196 من الدستور، ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى مباشرة تلك الحقوق، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لإتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة هيئة الناخبين ومن ثم فإن القواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذه الحقوق يتعين ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها وبمراعاة ألا تخل القيود التى يفرضها المشرع فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة 8 من أن " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين" وفى المادة 40 من أن " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة". بما مؤداه امتناع فرض قيود على مباشرة الحقوق السياسية التى نص عليها الدستور فى غير مقتض من طبيعتها أو متطلبات ممارستها.
وحيث إنه لما كان مؤدى الفقرة الأولى من المادة 76 والفقرة الثالثة من المادة 86 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 ، أن المشرع حين نص على أن يكون انتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من النص على اعتباره صورة قائمة الحزب الذى ينتمى إليه المرشح المثبت إدراجه فيها شرطاً حتمياً لقبول طلب ترشيحه، يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسماؤهم بقوائم هذه الأحزاب، وحرم بالتالى غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتض من طبيعته أو متطلبات مباشرته.
لما كان ذلك، وكان حق الترشيح من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فى المادة 62 مه وفقاً لما سبق بيانه، ومن ثم فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوى على إهدار لأصله وإخلال بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون ويشكل بالتالى مخالفة للمواد 8، 40 ، 62 من الدستور.
وحيث إنه لا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت إليه الحكومة من أن الدستور لم يقيد المشرع فى حرية المفاضلة بين نظام الانتخاب الفردى ونظام الانتخاب بالقائمة وأن اختيار المشرع لنظام الانتخاب بالقائمة الحزبية هو مما يدخل في نطاق سلطته التقديرية بما لا معقب عليه فى ذلك من المحكمة الدستورية العليا التى لا يجوز لها أن تحل نفسها محل المشرع فى هذا التقرير، ذلك أنه وإن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة، وكانت الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد إلى ملاءمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور، ومن ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين فى الترشيح ينبغى ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون عليها إذ حرمت غير المدرجة أسماؤهم فى القوائم الحزبية من حق الترشيح ومن ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت منها طائفة من المواطنين، فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 76 والفقرة الثالثة من المادة 86 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 قبل تعديله بالقانون رقم 145 لسنة1988.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 76 والفقرة الثالثة من المادة 86 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.