المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 23 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:07 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 15 أبريل سنة 1989 .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 23 لسنة 8 قضائية "دستورية" .


"الإجراءات"
بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1986 وردت إلى قلم كتاب المحكمة أوراق الدعوى رقم 5190 لسنة 40 قضائية من محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) عبد أن قررت المحكمة بجلسة 23 سبتمبر سنة 1986 وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية النصوص التى تحرم المستقلين من الترشيح لعضوية مجلس الشورى والواردة فى القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبولها أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أنه بتاريخ 19 أغسطس 1986 أقام المدعى الدعوى رقم 5190 لسنة 40 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية رقم 334 لسنة 1986 بشأن تحديد ميعاد 23 أغسطس 1986 موعداً لبدء قبول طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشورى فى انتخابات التجديد النصفى لأعضاء مجلس الشورى المنتخبين والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المدعى عليهم متضامنين أن يؤدوا للمدعى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وأضاف المدعى فى صحيفة دعواه أن دعوة الناخبين للترشيح لعضوية مجلس الشورى بشرط انتماء كل مرشح لأحد الأحزاب السياسية وإدراجه فى قوائمه وفقاً لما يشترطه القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان والمواطن المصرى وإن عدم انتمائه لحزب سياسى واستقلاله فى الفكر والرأى لا يعنى تجريده من حقوقه وحرياته العامة التى كفلها الدستور ومن بينها حق الترشيح لعضوية هذا المجلس ومن ثم فإن حرمانه من هذا الحق ينطوى على مخالفة لأحكام المادتين 40، 62 من الدستور.
وحيث إن محكمة القضاء الإدارى – بعد استعراضها لبعض نصوص القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه- قد استخلصت أن قرار وزير الداخلية المطعون فيه يستند إلى نصوص القانون المذكور وأن هذه النصوص قد تبنت نظام الانتخاب عن طريق القوائم الحزبية وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم دستورية هذا النظام وتراءى لها مخالفته للمواد 8، 40 ، 47 ، 62 من الدستور فقد قضت بجلسة 23 سبتمبر سنة 1986 بقبول الدعوى شكلاً وفى الطلب المستعجل برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية النصوص التى تحرم المستقلين من الترشيح لعضوية مجلس الشورى والواردة فى القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن العدول عن نظام الانتخاب الفردى إلى نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1980 المطعون عليه هو من المسائل السياسية التى تتصل بالنظام السياسى الداخلى الذى أصبح قائماً على نظام تعدد الأحزاب السياسية بعد أن كان قائماً قبل تعديل المادة الخامسة من الدستور فى 22 مايو سنة 1980 على أساس التنظيم السياسى الواحد وهو ينأى بهذه المثابة عن رقابة المحكمة الدستورية العليا ويتأبى عليها لخروجه عن اختصاصها بما يستتبعه من تنظيم عملية الترشيح لانتخابات هذا المجلس.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن القانون رقم 120 لسنة 1980 المطعون عليه قد انطوى على النصوص التى تنظم حق الترشيح لعضوية مجلس الشورى وهو حق من الحقوق الأساسية للمواطن المصرى ويقع موقع الصدارة من الحقوق السياسية ويتبوأ أعلى مكانه وأرفع منزلة منها، وإذ عنى الدستور بالنص عليه فى المادة 62 منه فإن مؤدى ذلك أنه لا ينبغى لسلطة التشريع النيل من هذا الحق وإلا وقع عملها بالضرورة فى حومة المخالفة الدستورية – لكل أولئك فإن ما تناوله القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه فى شأن الترشيح لعضوية مجلس الشورى لا يعتبر من المسائل السياسية التى تنأى عن الرقابة الدستورية وتكون عصية عليها، ومن ثم يكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة قائماً على غير أساس حقيقاً بالرفض.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى إذ لم يقدم فى الميعاد أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشورى فى انتخابات التجديد النصفى لأعضاء المجلس المنتخبين وأنه لن يترتب على الفصل فى الدعوى الدستورية ترشيحه لعضوية المجلس المذكور.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المدعى بادر – أثر صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 337 لسنة 1986 بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشورى الذين يحلون محل من انتهت عضويتهم من الأعضاء المنتخبين – برفع دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى طاعنا على قرار وزير الداخلية رقم 334 لسنة 1986 بشأن تحديد ميعاد قبول طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشورى الذى ارتكز على نصوص تشريعية تمثل بذاتها عقبة قانونية تحول بينه وبين تقديم أوراق ترشيحه إذ توجب أن تطوى هذه الأوراق على ما يثبت انتماء المرشح إلى حزب سياسى متمثلاً فى صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها كشرط حتمى لقبول هذه الأوراق، ومن ثم فلا سند للقول بإلزام المدعى – حتى تتحقق مصلحته فى الدعوى الماثلة – بضرورة تقديم أوراق ترشيحه حتى ترفض حتماً من الجهة المختصة بتلقى هذه الأوراق تنفيذاً لنصوص قانونية هى بذاتها محل الطعن الدستورى الماثل وقد اتخذ المدعى سبيله إلى الطعن فيها أمام الجهة القضائية المختصة فور صدور القرار الجمهورى بدعوة الناخبين ومن ثم فإن مصلحة المدعى في الطعن الماثل تكون قائمة دون أن يقدح فى ذلك ما رددته الحكومة من أنه لن يترتب على الفصل فى الدعوى الدستورية ترشيح المدعى لعضوية المجلس سالف الذكر ذلك أن مصلحة المدعى فى الطعن تتحقق بأعمال أحكام القانون المطعون عليه فى حقه خاصة وأن الدعوى الموضوعية ما زالت مطروحة أمام محكمة القضاء الإدارى بما تضمنته من طلبات ترتكز جميعها على الطعن بعدم دستورية القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه، ويعتبر هذا الطعن أساساً لها، ومن ثم فإن طلب الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة يكون فى غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن تعديل بعض أحكام القانون رقم 120 لسنة 1980 – المطعون فيه – بمقتضى القانون رقم 10 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية فى شأن من طبق عليهم القانون رقم 120لسنة 1980 خلال فترة نفاذه قبل تعديله وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا إلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده، لما كان ذلك وكان القانون رقم 120 لسنة 1980 المطعون فيه قد طبق على المدعى وأعملت فى حقه أحكامه إذ حرمه من حق الترشيح لعضوية مجلس الشورى، وظلت آثاره – وهى بقاؤه محروماً من حق الترشيح لعضوية مجلس الشورى- قائمة بالنسبة إليه طوال مدة نفاذه وكانت الدعوى الموضوعية ما زالت مطروحة أمام محكمة القضاء الإدارى بما تضمنته من طلبات تستند جميعها على الطعن بعدم دستورية القانون رقم 120 لسنة 1980 المطعون فيه ويعتبر هذا الطعن أساساً لها على ما سلف بيانه، ومن ثم فإن مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة تظل قائمة.
وحيث إن المواد 7، 8 فقرة أولى و10، 12 فقرة أولى وثانية من القانون رقم 120 لسنة 1980 كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 10 لسنة 1989 المشار إليه على ما يأتي:
المادة 7:
"يكون انتخاب أعضاء مجلس الشورى عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية ويعين لكل قائمة رمز يصدر به قرار من وزير الداخلية.
ويجب أن تتضمن كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً للعدد المطلوب انتخابه فى الدائرة وعدداً من الاحتياطيين طبقاً للجدول المرافق على أن يكون نصف المرشحين أصلياً واحتياطياً على الأقل من العمال والفلاحين.
وعلى الناخب أن يبدى رأيه باختيار أحدى القوائم بأكملها، وتبطل الأصوات التى تنتخب أكثر من قائمة أو مرشحين من أكثر من قائمة.
وكذلك تبطل جميع الآراء المعلقة على شرط أو التى تعطى لأكثر أو أقل من العدد المطلوب انتخابه أو إذا أثبت الناخب رأيه على قائمة غير التى سلمها إليه رئيس اللجنة أو على ورقة عليها توقيع الناخب أو أية إشارة أو علامة أخرى تدل عليه".
المادة 8 فقرة 1:
"يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرشح فى دائرتها مرفقاً بها صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها، وذلك خلال المدة التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا تقل عن خمسة عشر يوماً من تاريخ فتح باب الترشيح".
المادة (10):
"إذا لم تقدم فى الدائرة الانتخابية أكثر من قائمة حزبية أجرى الانتخاب فى ميعاده ويعلن انتخاب المرشحين الواردة أسماؤهم بالقائمة المقدمة ما دامت قد حصلت على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة التى أعطيت بشرط ألا يقل عدد هذه الأصوات عن 20% من مجموعة الناخبين".
المادة 12 فقرة 1 و 2:
"ينتخب أعضاء مجلس الشورى طبقاً للقوائم الحزبية التى حصلت على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التى أعطيت فى الانتخاب.
فإذا لم تتوفر الأغلبية المطلقة لأى من القوائم فى الدائرة الانتخابية أعيد الانتخاب بين القائمتين اللتين حصلتا على أكبر عدد من الأصوات".
وحيث إن مبنى الطعن على النصوص التشريعية سالفة الذكر أنها قصرت حق الترشيح لعضوية مجلس الشورى على المنتمين إلى الأحزاب السياسية وبذلك تكون قد حرمت طائفة من المواطنين وهم غير المنتمين إلى الأحزاب السياسية من حق كفله لهم الدستور فى المادة 62 منه وأخلت بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فى المادتين 8 ، 40 من الدستور.
وحيث إن المادة (62) من الدستور التى وردت فى الباب الثالث منه الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة تنص على أن " للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني".
ومؤدى ذلك أن الحقوق السياسية المنصوص عليها فى هذه المادة – ومن بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة من حقى الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء – اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها لضمان إسهامهم فى اختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة وذلك بطريق الانتخاب، ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى مباشرة تلك الحقوق، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة هيئة الناخبين ومن ثم فإن القواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذه الحقوق يتعين ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها كما يتعين ألا تخل القيود التى يفرضها المشرع فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة (8) من أن "تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين" وفى المادة (40) من أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"، بما مؤداه امتناع فرض قيود على مباشرة الحقوق السياسية التى نص عليها الدستور فى غير مقتض من طبيعتها أو متطلبات ممارستها.
وحيث إنه لما كان مؤدى المادة (7) والفقرة الأولى من المادة (8) والمادة(10) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12) من القانون رقم 120 لسنة 1980 المطعون عليها – قبل تعديلها بالقانون رقم 10 لسنة 1989 المشار إليه – أن المشرع حين نص على أن يكون انتخاب أعضاء مجلس الشورى عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من النص على اعتبار صورة قائمة الحزب الذى ينتمى إليه المرشح المثبت إدراجه فيها شرطاً حتمياً لقبول طلب ترشيحه، يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية مجلس الشورى على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسماؤهم بقوائم هذه الأحزاب، وحرم بالتالى غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتض من طبيعته أو متطلبات مباشرته.
لما كان ذلك، وكان حق الترشيح من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فى المادة (62) منه وفقاً لما سبق بيانه، ومن ثم فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوى على إهدار لأصله وإخلال بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون ويشكل بالتالى مخالفة للمواد 8، 40، 62 من الدستور.
وحيث إنه لا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت إليه الحكومة من أن الدستور لم يقيد المشرع فى حرية المفاضلة بين نظام الانتخاب الفردى ونظام الانتخاب بالقائمة وأن اختيار المشرع لنظام الانتخاب بالقائمة هو مما يدخل فى نطاق سلطته التقديرية بما لا معقب عليه فى ذلك من المحكمة الدستورية العليا التى لا يجوز أن تحل نفسها محل المشرع فى هذا التقدير، ذلك أنه وإن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة، وكانت الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد إلى ملاءمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور، ومن ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين فى الترشيح ينبغى ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون عليها إذ حرمت غير المدرجة أسماؤهم فى القوائم الحزبية من حق الترشيح ومن ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت منها طائفة من المواطنين فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
وحيث أنه لا ينال كذلك مما تقدم ما أثارته الحكومة من أن مباشرة الحقوق السياسية ومن بينها حق الترشيح أصبح غير جائز إلا من خلال الانتماء إلى الأحزاب السياسية بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور ونصها على أن النظام السياسى يقوم على أساس تعدد الأحزاب السياسية، ذلك أن الدستور إنما يستهدف من النص على تعدد الأحزاب العدول عن صيغة التنظيم السياسى الوحيد التى كانت متمثلة فى الاتحاد الاشتراكى العربى الذى اضطلع بمسئوليات العمل الوطنى فى المجالات المختلفة دون أن يجاوز ذلك إلى المساس بالحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور ومن بينها حق المواطن فى الترشيح المنصوص عليه فى المادة 62 منه باعتبار أن نصوص الدستور لا تنفصل عن أهدافها ويتعين تطبيقها مترابطة متكاملة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المادة (7) والفقرة الأولى من المادة (8) والمادة (10) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى قبل تعديله بالقانون رقم 10 لسنة 1989.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة (7) والفقرة الأولى من المادة (8) والمادة(10) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى قبل تعديله بالقانون رقم 10 لسنة 1989.