المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 13 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:05 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة أول إبريل سنة 1989م.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ فوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر وواصل علاء الدين ومحمد ولى الدين جلال. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 8 قضائية "دستورية".


"الإجراءات"
بتاريخ أول يونيو 1986 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 60 لسنة 1986 مدنى مستأنف الفيوم، بعد أن قررت محكمة الفيوم الابتدائية بجلسة 22 أبريل سنة 1986 وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية كل من قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلي، وقرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 بمد نطاق سريان بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، إلى قرية سنهور القبلية مركز سنورس.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أولاً بعدم قبول الدعوى بالنسبة لقرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 وثانياً تفويض الرأى للمحكمة بالنسبة إلى قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 المشار إليهما.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 12 سبتمبر سنة1984 أقام ورثة المرحوم ....................... الدعوى رقم 1816 لسنة 1984 مدنى كلى الفيوم ضد المدعى عليه وطلبوا فى ختام صحيفتها الحكم بإنهاء عقد إيجار العين المؤجرة إليه الكائنة بقرية سنهور القبلية مركز سنورس الفيوم مع إخلائها وتسليمها إليهم وذلك تأسيساً على أن العلاقة الإيجارية التى قامت بين مورثهم والمدعى عليه فى شأن تلك العين لا تحكمها التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن ولكنها تخضع لأحكام القانون المدنى باعتبار أن العين المؤجرة تقع بقرية سنهور القبلية التى لم يصدر قرار من وزير الإسكان والمرافق بإخضاعها لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن المؤجرة وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. ومحكمة الفيوم الابتدائية قضت بجلسة 28 فبراير سنة 1985 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى المشار إليها وبإحالتها إلى محكمة سنورس الجزئية. وكانت هذه المحكمة قد انتهت بجلستها فى 21 يناير سنة 1986 إلى رفض الدعوى استناداً إلى امتداد نطاق سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه إلى القرية الكائنة بها العين المؤجرة محل النزاع بموجب قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984، وأن عقد إيجار تلك العين يكون بالتالى قد امتد بحكم القانون لمدة غير محددة ويكون طلب إخلائها غير قائم على أساس من القانون، وإذ طعن المدعون فى هذا الحكم أمام محكمة الفيوم الابتدائية، وقيد استئنافهم برقم 60 لسنة 1986 مدنى مستأنف الفيوم، وتراءى لهذه المحكمة عدم دستورية قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 الصادر بناء على التفويض المخول للمحافظين بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلي، فقد قررت بجلستها المنعقدة فى 23 إبريل سنة 1986 وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذين القرارين تأسيساً على ما أوردته فى أسباب قرارها من أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 تجيز لوزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام الباب من هذا القانون كلها أو بعضها على القرى، وأنه إذ كان قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 قد نقل هذا الاختصاص إلى المحافظين بما نص عليه فى الفقرة الثانية من مادته الأولى من استبدال عبارة "المحافظ المختص" بعبارة "وزير الإسكان" أينما وردت فى القوانين واللوائح المعمول بها فى المجالات الموضحة بهذا القرار ومن بينها تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فإن قرار رئيس الجمهورية المشار إليه وقرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 الصادر إستناداً إليه يكونان قد عدلا من حكم القانون رقم 49 لسنة 1977 حال أنهما لم يصدرا عن السلطة التشريعية ولا بتفويض منها، ولا عن رئيس الجمهورية بالتطبيق لأحكام المادة 147 من الدستور، ومن ثم يكون هذان القراران قد خالفا المواد 108، 144 و147 من الدستور.
وحيث إن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على إعمال القوانين وأحكام تنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة أعمالاً تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة 144 من الدستور على أن " يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه". ومؤدى هذا النص أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات التى تختص بإصدار اللوائح التنفيذية، فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه فى ذلك، أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستورى وإلا وقع عمله اللائحى مخالفاً لنص المادة 144 المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القوانين اللازمة لتنفيذه، استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها.
وحيث إن القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن المؤجرة وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981، حدد فى بعض نصوصه الأحكام التى يتوقف تنفيذها على صدور قرار من وزير الإسكان والتعمير، من بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته الأولى من أنه " يجوز بقرار من وزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام الباب الأول منه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى للمحافظة، وكذلك على المناطق السكنية التى لا ينطبق عليها قانون نظام الحكم المحلي......" وطبقاً لهذا النص، وإعمالاً لحكم المادة 114 من الدستور - على ما تقدم بيانه - يكون وزير الإسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى بعد أن نص فى الفقرة الأولى من مادته الأولى على أن " تنقل إلى الوحدات المحلية كل فى دائرة اختصاصها، الاختصاصات التى تباشرها وزارة الإسكان وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها فى المجالات الآتية: ..... تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر......" نص فى الفقرة الثانية منها - المطعون عليها - على أن " ويستبدل بعبارتى وزارة الإسكان ووزير الإسكان عبارتا المحافظة المختصة والمحافظ المختص أينما وردتا فى القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها فى المجالات السابقة "، وكان مؤدى هذا الاستبدال - وفى نطاق الدعوى الراهنة - نقل اختصاصات وزير الإسكان اللائحى المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 إلى المحافظين كل فى نطاق محافظته.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 17 مايو 1986 فى القضية رقم 5 لسنة 5 قضائية "دستورية" بعد دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فيما تضمنته من استبدال عبارة " المحافظ المختص " بعبارة "وزير الإسكان" الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك تأسيساً على مخالفتها لنص المادة 144 من الدستور لانطوائها على تعديل للاختصاص الدستورى بإصدار اللوائح التنفيذية الذى سبق وأن عين القانون رقم 49 لسنة 1977 من له الحق فى ممارسته فحصره فى وزير الإسكان والتعمير الذى يستقل منذ العمل بهذا القانون بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الفقرة الثانية من مادته الأولى، إذ كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة فى هذا النطاق له حجية مطلقة حاسمة للخصومة بشأن دستوريتها حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أى طعن يثور من جديد بشأنها، فإن المصلحة فى هذا الشق من الدعوى الماثلة تكون قد انتفت ويتعين الحكم بعدم قبولها.
وحيث إنه بالنسبة لقرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 المطعون عليه - فإنه وإن كان وزير الإسكان والمرافق قد أصدر القرار الوزارى رقم 440 لسنة 1986 الذى قضى فى مادته الأولى بسريان أحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على بعض قرى مركز سنورس ومن بينها قرية سنهور القبلية، إلا أن هذا القرار الذى عمل به اعتباراً من اليوم التالى لنشره فى 24 سبتمبر 1987 لا ينسحب إلى الفترة الذى كان فيها قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984 قائماً نافذاً، ولا تعتبر به الخصومة الراهنة منتهية، ذلك أن الإلغاء التشريعى لهذا القرار لا يحول دون الفصل فى الطعن عليه بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم تتحقق بإبطالها مصلحتهم الشخصية المباشرة فى الطعن عليه بعدم الدستورية، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو سريانها على الوقائع التى تتم فى ظلها، أى خلال الفترة من تاريخ العلم بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القاعدة القديمة تخضع لحكمها وحدها، لما كان ذلك وكان وزير الإسكان والتعمير - وإعمالاً لنص المادة 144 من الدستور - هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه على ما تقدم بيانه، وكان قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984- وهو القرار المطعون عليه - قد صدر استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 الذى سبق أن انتهت هذه المحكمة إلى عدم دستورية الفقرة الثانية من مادته الأولى فيما تضمنته من استبدال عبارة " المحافظ المختص" بعبارة "وزير الإسكان" الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ومنتحلاً سلطة وزير الإسكان بعد أن عينه القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه لإصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه ، ومن بينها القرارات المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الأولى منه، فإن قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984- بوصفه لائحة تنفيذية لذلك القانون - إذ نص على مد نطاق بعض أحكامه على بعض القرى الواقعة فى دائرة محافظة الفيوم، يكون مشوباً بعيب دستورى لصدوره من سلطة غير مختصة بالمخالفة لحكم المادة 144 من الدستور الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريته.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 من أن " يتولى المحافظ - بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التى تدخل فى اختصاص وحدات الحكم المحلى وفقاً لأحكام هذا القانون - جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون المحافظ فى دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية". ذلك أن القانون المشار إليه استهدف تنظيم الأمور المتعلقة بنظام الحكم المحلى بإنشاء وحدات إدارية تتولى ممارسة السلطات والاختصاصات التنفيذية ذات الطبيعة الإدارية اللازمة لإدارة الأعمال المنوطة بالمرافق العامة الواقعة فى دائرتها نقلاً إليها من الحكومة المركزية لوزاراتها المختلفة، وقصد المشرع بنص المادة 27/1 المشار إليها أن يباشر المحافظون- بوصفهم رؤساء الأجهزة والمرافق العامة التابعة لهم - السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء فى هذا الصدد دون أن يتعدى ذلك على الاختصاص بإصدار اللوائح التنفيذية، والتى تكون القوانين قد عهدت بها إلى الوزراء والتى لا يتسع لها مدلول عبارة السلطات والاختصاصات التنفيذية الواردة بنص المادة (27) المشار إليها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى القرار الجمهورى رقم 272 لسنة 1982 فيما تضمنته الفقرة الثانية من المادة الأولى منه من استبدال عبارة "المحافظ المختص" بعبارة "وزير الإسكان" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ثانياً: بعدم دستورية قرار محافظ الفيوم رقم 277 لسنة 1984.