المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 68 لسنة 3 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 01:00 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 4 مارس سنة 1989.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 68 لسنة 3 قضائية "دستورية" والقضية المضمومة إليها رقم 69 لسنة 3 قضائية "دستورية" .


"الإجراءات"
بتاريخ 20 و21 ديسمبر سنة 1981 أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى رقم 68 لسنة 3 قضائية "دستورية" وصحيفة الدعوى رقم 69 لسنة 3 قضائية "دستورية" طالبين فى كل منهما الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فى كل من الدعويين طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
كما قدمت الشركة المدعى عليها الخامسة مذكرة بالرد على الدعوى الأولى طلبت فيها الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعويين أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها فى كل منهما.
ونظرت الدعويان على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى وإصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفتى الدعويين وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعويين رقمى 3991 لسنة 1981 و 3992 لسنة 1981 مدنى كلى جنوب القاهرة طالبين فى الدعوى الأولى الحكم ببطلان التصرفات الصادرة من الحراسة العامة فيما كان يملكه المرحوم ووالدهم من أراضى فضاء وحصة فى أحد الفنادق بمدينة الأقصر ورد هذه الممتلكات إليهم، وطالبين فى الدعوى الثانية الحكم بتسليمهم الأطيان الزراعية المملوكة لهم ولأخويهم المرحومين.... والتى قام جهاز الحراسة العامة بالاستيلاء عليها وتسليمها للهيئة العامة للإصلاح الزراعى اعتقاداً بأن فرض الحراسة على والدهم ينسحب إليهم بالتبعية، غير أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أحالت الدعويين إلى محكمة القيم للاختصاص بنظرهما إعمالاً للقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وقيدت الدعويان برقمى 78 لسنة 1 قضائية قيم و79 لسنة 1 قضائية قيم حيث دفع المدعون فى كلتا الدعويين بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه، وصرحت لهم محكمة القيم برفع الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعويين الماثلتين.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعويين استناداً إلى أن هذه المحكمة سبق أن قضت فى الدعويين رقمى 139 ، 140 لسنة 5 قضائية دستورية والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية، بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه من " وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ... وبرفض ما عدا ذلك من طلبات" مما يعنى أن جميع نصوص القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما عدا نص المادة الثانية منه التى قضت المحكمة بعدم دستورية شق منها، هى نصوص دستورية، وإذ كان الفصل فيما إذا كان هذا القضاء السابق تنصرف حجيته إلى ما عدا نصى المادتين الثانية والسادسة - وقد كانا محل الطعن فى الدعاوى المشار إليها - أم يقتصر أثرها على هاتين المادتين فحسب هو مما تختص به محكمة الموضوع إعمالاً لأثر الحكم ولا تمتد إليه ولاية المحكمة الدستورية العليا، فإن هذه المحكمة تكون غير مختصة بنظر الدعويين الماثلتين.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المدعين لا يبتغون إعمال أثر الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى أرقام 139 و 140 و142 لسنة 5 قضائية دستورية على دعوى موضوعية غير مطروحة على هذه المحكمة ولا تدخل فى ولايتها، وإنما يستهدفون الحكم بعدم دستورية بعض نصوص القرار بقانون قم 141 لسنة 1981 المشار إليه.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية والمانعة من نظر أى طعن دستورى جديد يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماًبقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم يكن مثاراً للنزاع أمامها، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم الصادر فى الدعوى الدستورية السابقة، ولما كان الحكمان الصادران من هذه المحكمة فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، وفى الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية قد اقتصر كلاهما على الفصل فيما أثير من نزاع حول مدى اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 استناداً إلى المادة 147 من الدستور، وفيما أثير من طعن دستورى على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فحسب، دون أن تعرض المحكمة لما ورد فيه من نصوص أخرى ودون أن يتضمن حكماها السابقان بالتالى فصلاً قضائياً فى دستوريتها، فإن حجية هذين الحكمين تكون مقصورة على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون المشار إليه ولا تتعداها إلى باقى نصوصه الأخرى، ومن ثم لا تمنع من نظر أى طعن دستورى يثار بشأنها، ولما كانت المحكمة الدستورية العليا هى المختصة وحدها بنظر الدعاوى الدستورية طبقاً للمادة 175 من الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، ومن ثم ينعقد الاختصاص لها بنظر الدعويين الماثلتين، ويكون الدفع بعدم الاختصاص على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن المدعين طلبوا بعد رفع الدعوى الحكم بعدم دستورية المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981، ولما كانت ولاية هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونياً مطابقاً للأوضاع المقررة فى المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التى رسمت سبيل التداعى فى شأن الدعاوى الدستورية، وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التى تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً فى دستورية التشريعات، وكان الطعن على المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 الذى أثاره المدعون فى المذكرات المقدمة فى 26 أبريل سنة 1982 و 20 أبريل سنة 1985 و5 مارس سنة 1987 و 9 أبريل سنة 1988، يعتبر طلباً عارضاً، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً ويتعين الالتفات عنه.
وحيث إن المدعين طلبوا إصدار تفسير ملزم لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 رفعاً لما يدعونه من تناقض بين أعمال هذا النص ونص الفقرة الثانية من المادة الأولى والمادة الثانية منه، فإن قانون المحكمة الدستورية العليا قد قصر الحق فى تقديم طلبات التفسير على جهات محددة بما نص عليه فى المادة 33 منه على أن " يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية". لما كان ذلك وكان طلب التفسير المشار إليه قد قدم إلى المحكمة مباشرة من المدعين خلافاً لما نصت عليه المادة 33 سالفة الذكر، ومن ثم لم يتصل بها اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً لتقديم طلبات التفسير، فإنه يتعين الالتفات عنه.
وحيث إن المدعين طلبوا أيضاً تفسير منطوق الحكمين الصادرين من هذه المحكمة بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه " وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ..."، فإن لهذه المحكمة قضاء سابق بأن الطلب الذى يقدم إليها بتفسير الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقاً للأوضاع المقررة فى قانونها، ولما كان أعمال آثار الأحكام المشار إليها هو من اختصاص محكمة الموضوع، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجه، كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ولمحكمة الموضوع كذلك وقد خولتها المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق فى أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التى يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه وبالتالى يعوق مهمتها فى شأن أعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها، لما كان ذلك، وكان طلب التفسير المشار إليه لم تحله محكمة الموضوع ولم يقدم بناء على تصريح منها للمدعين برفع دعوى التفسير إلى المحكمة الدستورية العليا، وإنما قدم مباشرة إلى هذه المحكمة بمذكرة وردت إليها بتاريخ 4 أبريل سنة 1987، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة إتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناًن وبالتالى يكون غير مقبول.
وحيث إن .......... المدعين فى الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية والمدعى فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، قد طلبوا بجلسة 6 فبراير سنة1988 قبول تدخلهم خصوماً منضمين للمدعين فى طلب تفسير هذين الحكمين، ولما كانت الخصومة فى طلب التدخل الإنضمامى تابعة للخصومة الأصلية فى طلب التفسير، ومن ثم فإن عدم قبول طلب التفسير يستتبع عدم قبول طلب التدخل الإنضمامي.
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه مخالفته للمادتين 108 و147 من الدستور لصدوره من رئيس الجمهورية مجاوزاً نطاق التفويض التشريعى المخول له وعدم توافر الحالة التى تسوغ سرعة إصداره فى غيبة مجلس الشعب، وينعون على المادة الثانية منه مخالفتها للمواد 34، 36، 40، 68 و 178 من الدستور، كما ينعون على المادة السادسة منه مخالفتها للمادتين 68 و 167 من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية - والتى يتضمن موضوع كل منها الطعون المثارة فى الدعويين الماثلتين بشأن القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه والمادتين الثانية والسادسة منه - بعدم دستورية المادة الثانية من هذا القرار بقانون فيما نصت عليه " وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ...." وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد نشر هذان الحكمان فى الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليه سنة 1986.
وحيث إن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية، وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري، تكون لها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
لما كان ذلك وكان مما استهدفه المدعون فى الدعويين الماثلتين الفصل فى مدى دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فى مدى دستورية المادتين الثانية والسادسة منه، وقد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت حكمها المتقدم بصدد هذه الطعون على ما سلف بيانه وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة الدستورية بشأن هذه الطعون حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أى طعن يثور بشأنها من جديد، فإن المصلحة فى الدعويين الماثلتين بالنسبة إلى الطعون المشار إليها تكون قد انتفت، وبالتالى تكون كل من هاتين الدعويين فى ذلك الشق من طلبات المدعين غير مقبولة.
وحيث إن المدعين ينعون على الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة ضمن العائلة التى شملتها تدابير الحراسة، مخالفتها للمادة الثانية من الدستور لتعارض هذا المدلول مع مفهوم العائلة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية، التى تعتبر مبادؤها المصدر الرئيسى للتشريع، ومخالفتها أيضاً لما تقضى به المادتان 34 و36 من الدستور من كفالة صون الملكية الخاصة وحظر المصادرة العامة للأموال وعدم جواز المصادرة الخاصة بغير حكم قضائي.
وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون سالف الذكر تنص على أن "تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم إستناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 فى شأن حالة الطوارئ وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين فى هذا القانون.
ويقصد بالعائلة - فى أحكام هذا القانون - كل من شملتهم تدابير الحراسة من زوج وزوجة وأولاد قصر أو بالغين وغيرهم من الورثة".
وحيث إن البين من استظهار نص الفقرة الثانية من المادة الأولى السالف إيرادها - بالمقارنة لنص الفقرة الأولى منها - إن مقصود المشرع بالورثة الذين عنتهم الفقرة الثانية هم أفراد لم تصدر فى شأنهم أوامر بفض الحراسة على أموالهم كخاضعين أصليين بوصفهم "ورثة"، وإنما امتدت إليهم تدابير الحراسة فى تاريخ فضها باعتبارهم أفراداً فى "عائلة" خضعت للحراسة بعد وفاة مورثها لمجرد كونهم ورثة، إذ لا تتحقق للشخص صفة "الوارث" فى تاريخ فرض الحراسة إلا إذا كان مورثه قد توفى من قبل، ومؤدى هذا أيضاً أنه إذا نص قرار الحراسة على فرضها على ورثة أحد الأشخاص، فهؤلاء الورثة يكونون من الخاضعين الأصليين ويخرجون بالتالى عن مدلول الورثة المعنيين بالفقرة الثانية المشار إليها وفقاً لما تقدم.
وحيث إن الحراسة التى فرضت على الأموال والممتلكات بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 فى شأن حالة الطوارئ كانت تستهدف غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته فهى نظام استثنائى ورد على خلاف الأصل المقرر من أن لمالك الشيء وحده فى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ومن ثم ينبغى تفسير النصوص الخاصة بالحراسة والأوامر الصادرة بفرضها - عند غموضها - تفسيراً ضيقاً غير موسع صوناً للملكية الخاصة وحماية لها من أن تمس بغير نص صريح متفق مع الدستور، خاصة إذا ما تعلق الأمر بحراسة منعدمة، كما هى الحال فى الحراسة التى فرضت على والد المدعين وغيره من الأشخاص الطبيعيين على خلاف ما تجيزه أحكام قانون الطوارئ المشار إليه، إذ جاءت الأوامر الصادرة بفرض هذه الحراسة فاقدة لسندها القانونى ومشوبة بعيب جسيم يجردها من شرعيتها وينحدر بها إلى مرتبة الفعل المادى المعدوم الأثر قانونا.
وحيث إن الأوامر الصادرة فى شأن الحراسة بالإستناد إلى أحكام قانون الطوارئ المشار إليه، قد تضمنت فرضها على أموال بعض الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم، مثلما نص على ذلك الأمر رقم 140 لسنة 1961 الذى تضمن - فيمن شملهم بفرض الحراسة - النص على والد المدعين "وعائلته" ، إلا أن هذه الأوامر- شأنها فى ذلك شأن جميع القوانين والقرارات السابقة على صدور القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المطعون عليه - قد خلت جميعها من تحديد صريح للمقصود " العائلة" المعنية في مجال تطبيق الأوامر الصادرة بفرض الحراسة.
وحيث إن النص فى الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على لفظ "العائلة" دون لفظ " الأسرة" إنما يدل على أن "العائلة" المعنية بفرض الحراسة هى غير "الأسرة" بمفهومها المقرر فى القانون المدنى والذى يتسع مدلولها طبقاً لأحكام هذا القانون ليشمل كافة الأقارب الذين يجمعهم أصل مشترك، سواء أكانت قرابة مباشرة تتسلسل من الأصل إلى الفروع أم كانت قرابة حواشى لا تسلسل فيها وإن كان يجمعهم أصل مشترك وما يرتبط بهؤلاء وهؤلاء بطريق المصاهرة، وإذ كان تحديد مفهوم "العائلة" فى هذا الشأن أمراً يتوقف على الخضوع لتدابير الحراسة، فإنه ينبغى التحرز فى توسيع مدلولها وحصره فى نطاقه الضيق الذى يتفق مع دلالته اللغوية، بحيث يقتصر مفهوم العائلة على الأفراد الذين يرتبطون بالخاضع الأصلى برابطة الإعالة والذى يكون له عليهم بحكم هذه الرابطة سلطة الهيمنة والولاية، وهم الزوجة التى يلتزم الزوج بإعالتها شرعاً وكذلك الأولاد القصر وهم الذين يعتمدون عادة على والدهم فى حياتهم المعيشية ويكونون بسبب نقص أهليتهم مشمولين بولاية والدهم قانونا، وأن ما يمتلكونه من أموال خاصة تكون خاضعة لإشرافه وواقعة تحت سيطرته الفعلية مما أدى إلى بسط الحراسة على أموال الزوجة والأولاد القصر بالتبعية للخاضع الأصلي، دون أن يشمل مدلول "العائلة" فى هذا الشأن ولا يخضع بالتالى للحراسة بالتبعية - لانعدام مبررها - من كان من أولاد الخاضع فى تاريخ فرض الحراسة بالغاً سن الرشد، إذ ببلوغ الولد هذه السن تتحقق له الأهلية الكاملة لمباشرة حقوقه المدنية فى إدارة أمواله والتصرف فيها وتنحصر عنه ولاية والده قانوناً، ومن ثم يكون المقصود بلفظ " العائلة" فى مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة هم الزوج والزوجة والأولاد القصر فى تاريخ فرض الحراسة فحسب، دون أن ينسحب هذا المدلول إلى من كان من الأولاد بالغاً سن الرشد فى تاريخ فرض الحراسة ولا إلى غيرهم من الورثة الذين عنتهم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه.
يؤيد ذلك اتجاه المشرع فى قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 حين حدد فى المادة الخامسة منه المقصود "بالأسرة" فى مجال تحديد ما يرد نقداً أو عيناً من أموال الخاضع الأصلى له ولأفراد أسرته، إذ أخرج من مفهوم الأسرة فى هذا المجال أولاده البالغين وقصر مدلولها على الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين، كما يؤيده أيضاً ما ورد فى المذكرة الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب عن القانون رقم 22 لسنة 1975 بإضافة مادة جديدة برقم (5) مكرراً إلى قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة سالفة الذكر تقضى بالاعتداد بمدلول الأسرة المنصوص عليه فى المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 188 لسنة 1966........ متى كان ذلك أصلح للخاضع، بقصد التوسعة على أفراد أسرة الخاضع فى الإفادة من الحد الذى كان مسموحاً به للرد نقداً أو عيناً من الأموال التى خضعت للحراسة وذلك بإدخال الأولاد البالغين غير المتزوجين ضمن أفراد أسرة الخاضع الأصلى مما يدل على أن المشرع لم يتجه أصلا إلى اعتبار الأولاد البالغين ضمن أفراد عائلة الخاضع، وإنما أضافهم بموجب هذا القانون لمجرد التيسير.
لما كان ذلك وكان المقصود " بالعائلة" فى مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة المشار إليها هم الزوج والزوجة والأولاد القصر فى تاريخ فرض الحراسة، وكانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، قد تضمن نصها اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة - بالمعنى الذى سلف بيانه - ضمن "العائلة" التى خضعت للحراسة، مع أنهم لا يدخلون فى "العائلة" طبقاً لمفهومها الصحيح ويخرجون بالتالى عن مجال تطبيق القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فإن حكم الفقرة المذكورة فيما تضمنه من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – الذين عناهم نصها – ضمن "العائلة" التي خضعت للحراسة يكون فى واقع من الأمر، قد تغول على أموال لأشخاص لم تشملهم أوامر فرض الحراسة، ولم تكن تنسحب عليهم آثارها، وأخضعها ابتداء وبحكم جديد للأحكام التى تضمنها القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم من زوجات وأولاد قصر، الأمر الذى يشكل عدواناً صارخاً على الملكية الخاصة بالمخالفة لما تقضى به المادة 34 من الدستور من صون الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها بغير حكم قضائي، مما يعيب النص المطعون عليه فى هذا الخصوص ويصمه بعدم الدستورية.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة - الذين عناهم نصها - ضمن "العائلة" التى خضعت للحراسة.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة ضمن العائلة التى خضعت للحراسة.
وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ستين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة