المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 5 لسنة 7 قضائية المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:50 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا





بالجلسة العلنية المنعقدة 19 يونيه سنة 1988 .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ أحمد محمد الحفني رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 7 قضائية "منازعة تنفيذ" .
"الإجراءات"

بتاريخ 29 يونيو سنة 1985 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، وذلك باعتبار أنها منازعة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" بجلسة 4 مايو سنة 1985 طالباً الحكم فى مواجهة المدعى عليهم بعدم امتداد قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها إلى الفوائد القانونية التى قررتها النصوص التشريعية الصادرة بعد 22 مايو سنة 1980 – وهو تاريخ نفاذ تعديل المادة الثانية من الدستور.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى – بصفته المهنية كمحام وباعتباره واحداً من الكافة المخاطبين بأحكام المحكمة الدستورية العليا – أقام هذه الدعوى بحسبانها منازعة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" بجلسة 4 مايو1985 قولاً منه بأنه إثر صدور هذا الحكم، اختلف الرأى حول ما إذا كان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها لا يمتد إلى الفوائد التى فرضتها النصوص التشريعية بعد العمل بتعديل المادة الثانية من الدستور فى 22 مايو سنة 1980 وتندرج تحتها القرارات التى أصدرها المدعى عليهما الأول والثانى بتقرير فائدة مقدارها 15% على السندات الحكومية وكذلك الفوائد التى قررتها المادة 172 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، وأضاف المدعى أنه أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية دعوى موضوعية يطلب فيها الحكم ببراءة ذمته من أية ضرائب أو فوائد أو غرامات فرضتها النصوص التشريعية بعد تاريخ 22 مايو 1980 تأسيساً على أن الغرامات هى فى حقيقتها فوائد، وأن الضرائب ذاتها غير دستورية لانطوائها على مصادرة للأموال بغير حكم قضائي، وأن نطاق قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" يقتصر على الفوائد المقررة بمقتضى المادة 226 من القانون المدني، ولا يمتد إلى الفوائد التأخيرية التى عمل بها بعد تعديل المادة الثانية من الدستور، وهو ما يتعين بالتالى على هذه المحكمة أن تقضى به.
ومن حيث إنه من المقرر قانوناً أن تكييف الدعوى هو مما يخضع لرقابة المحكمة التى تعطى الدعوى وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح، متقصية فى سبيل ذلك طلبات المدعى فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها.
وحيث إن ما تغياه المدعى بدعواه – وعلى ما صرح به فى طلباته – هو أن تقرر المحكمة الدستورية العليا عدم امتداد مضمون حكمها الصادر فى الدعوى رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" إلى الفوائد التى فرضتها النصوص التشريعية المعمول بها بعد تعديل المادة الثانية من الدستور، وإذا أسس المدعى هذا الطلب على أن قضاء هذه المحكمة فى تلك الدعوى كان محل تفسيرات متعددة تدور جميعها حول تباين وجهات النظر فى شأن حقيقة ما قصدته المحكمة منه، وكان تصوير المدعى لطلباته وبيانه لدواعيها يرمى إلى تحديد نطاق قضاء المحكمة فى الدعوى المشار إليها باستجلاء ما ظن المدعى وقوعه فى منطوق الحكم الصادر فيها أو فى أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق من غموض أو إبهام، فإن دعواه تنحل فى واقع الأمر إلى طلب تفسير هذا القضاء إعمالاً لحكم المادة 192 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى تنص على أن للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التى أصدرت الحكم، تفسير ما وقع فى منطوقه من غموض أو إبهام، على أن يقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى.
وحيث إن المادة 28 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه " فيما عدا ما نص عليه فى هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها".
كما تقضى المادة 51 من القانون المشار إليه، بأن "تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة – فيما لم يرد به نص فى هذا القانون – القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات".
وحيث إن مؤدى حكم هاتين المادتين أن شرط انطباق القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى التى تدخل فى اختصاص هذه المحكمة، وكذلك بالنسبة إلى الأحكام الصادرة فيها، هو أن يكون إعمال هذه القواعد غير متعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها، لما كان ذلك، وكانت الدعاوى الدستورية هى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى، وكانت الأحكام الصادرة فى هذه الدعاوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تحوز حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى الدستورية التى صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت تلك الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعى المطعون عليه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، لما كان ذلك، فإن قصر الحق فى طلب تفسير الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية على الخصوم فيها وفقاً لما تقضى به المادة 192 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إنما يتعارض وطبيعة الأحكام الصادرة فى تلك الدعاوى، إذ لا يستقيم هذا القصر إلا فى إطار قاعدة نسبية الأحكام التى لا تقوم بها حجيتها إلا بين من كان طرفاً فيها، وهى قاعدة تناقضها الحجية المطلقة المتعدية إلى الكافة التى تحوزها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية، والتى تتطلب ترتيباً عليها – ألا يكون الحق فى طلب تفسيرها وقفاً على الخصوم فى الدعاوى الدستورية، وإنما يتعين أن ينسحب هذا الحق كذلك إلى غيرهم ممن يكون الحكم المطلوب تفسيره – بتطبيقه عليهم – ذا أثر مباشر على مصالحهم الشخصية، ذلك إن طلب التفسير الذى يقدم إلى هذه المحكمة، لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقاً للأوضاع المقررة فى قانونها، ولا يتصور أن تكون المصلحة فيها محض مصلحة نظرية غايتها إرساء حكم القانون مجرداً توكيداً للشرعية الدستورية وإعمالاً لمضمونها، إنما يجب أن تعود على المدعى فى الطلب، منفعة يقرها القانون حتى تتحقق بها ومن خلالها مصلحته الشخصية، وترتبط المصلحة فى طلب التفسير بالمصلحة فى الدعوى الموضوعية التى أثير طلب التفسير بمناسبتها، والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، ذلك أن الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متمماً من كل الوجوه للحكم الذى يفسره، وكلاهما لازم للفصل فى الدعوى الموضوعية لا ينفكان عنها، لأنهما يتعلقان بالقاعدة القانونية التى يقوم عليها أو يستند إليها الفصل فى النزاع الموضوعي.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا لا تتصل بالدعاوى والطلبات التى تدخل فى اختصاصها، إلا وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن إعمال آثار الأحكام التى تصدرها فى المسائل الدستورية هو من اختصاص محكمة الموضوع، وذلك إبتناء على أن محكمة الموضوع هى التى تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن المسألة الدستورية باعتباره مفترضاً أولياً للفصل فى النزاع الموضوعى الدائر حولها، وبمراعاة ما قد يبديه الخصوم من دفوع أو أوجه دفاع فى شأنها، فإذا أدعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجهاً، كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه ذلك أن تقدير محكمة الموضوع غموض هذا القضاء يولد لديها صعوبة قانونية تحول فى اعتقادها دون تطبيقه بالحالة التى هو عليها على وقاعة النزاع، ومن ثم يظل أمر حسمها معلقاً إلى أن تدلى المحكمة الدستورية العليا بكلمتها النهائية فى شأن حقيقة قضائها ومراميه.
ولمحكمة الموضوع كذلك – وقد خولتها المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الحق فى أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التى يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها – أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير، باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه ويعوق بالتالى مهمتها فى شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها.
لما كان ذلك، وكان طلب التفسير – وعلى ما سلف البيان – لا يقدم إلا من ذى شأن بمناسبة دعوى موضوعية يتوقف الفصل فيها على الحكم الصادر فى المسألة الدستورية وتقدر محكمة الموضوع غموض الحكم الصادر فيها، وكان المدعى بعد أن أقام دعواه الموضوعية قد تقدم مباشرة إلى هذه المحكمة بطلب تفسير حكمها الصادر فى الدعوى رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً على ما سلف البيان ويغدو الطلب من ثم غير مقبول.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصاريف ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة