المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 26 لسنة 2 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:49 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 19 يونيه سنة 1988م .
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور / أحمد محمد الحفني رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 2 قضائية"دستورية".


"الإجراءات"
بتاريخ 9 يوليه سنة 1980، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 33 مكرراً (ز) 35، 36 مكرراً (ب)، 36 مكرراً (ز)، 39 مكرراً، 39 مكرراً (أ) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3178 لسنة 1978 مدنى كلى جنوب القاهرة طالباً الحكم بإلزام رئيس الجمعية التعاونية الزراعية بشبرا هارس وآخرين بتسليمه ما تحت يدهم من مبالغ تسلموها من مستأجرى أرضه الزراعية منذ سنة 1966 وحتى تاريخ الحكم فى الدعوى، مع إلزامهم متضامنين بدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، إستناداً إلى أنهم تسببوا فى تعطيل تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة لمصلحته ضد هؤلاء المستأجرين، مما حال بينه وبين إستلام الأجرة المستحقة له- غير أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أحالت الدعوى إلى محكمة بنها الابتدائية للاختصاص بنظرها وقيدت الدعوى برقم 3944 لسنة 1979 مدنى كلى بنها، حيث دفع المدعى أمامها بعدم دستورية المواد 33 مكرراً (ز)، 35، 36 مكرراً (ب)، 36 مكرراً (ز) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وبجلسة 22 إبريل سنة 1980 قضت محكمة بنها الابتدائية بوقف الدعوى،و صرحت للمدعى برفع دعواه الدستورية، كما أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 555 لسنة 1979 مدنى جزئى طوخ طالباً الحكم بفسخ عقد المزارعة وطرد المستأجر من الأرض وتسليمها إليه، وقد دفع فى هذه الدعوى أيضاً بعدم دستورية المادتين 35، 36 مكرراً (ز) سالفتى الذكر، وبجلسة 25 مايو سنة 1980 قضت محكمة طوخ الجزئية بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر. وأقام المدعى بعد ذلك الدعوى الماثلة.
وحيث إن ولاية المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقاً للأوضاع المقررة فى المادة 29 من قانون إنشائها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل فى المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية مقامة دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، فرخصت له برفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا.
لما كان ذلك، وكانت محكمة طوخ الجزئية فى الدعوى رقم 555 لسنة 1979 مدنى لم تصرح برفع الدعوى الدستورية، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الماثلة بالمواد 33 مكرراً (ز)، 35، 36 مكرراً، 36 مكرراً (ب)، 36 مكرراً (ز) التى صرحت محكمة بنها الابتدائية فى الدعوى رقم 3944 لسنة 1979 مدنى كلى برفع الدعوى الدستورية بشأنها، أما بالنسبة للمادتين 39 مكرراً، 39 مكرراً (أ) اللتين أضافهما المدعى فى صحيفة الدعوى الدستورية فإن الدعوى بشأنهما تكون غير مقبولة إذا لم يتحقق إتصال المحكمة بهذا الشق من الطلبات اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً.
وحيث إن المدعى وإن كان قد طعن بعدم دستورية المواد 33 مكرراً (ز)، 35 ، 36 مكرراً، 36 مكرراً (ب) ، 36 مكرراً (ز)، إلا أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة فى طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى دعوى الموضوع التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها، والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكان ما استهدفه المدعى من دعواه الموضوعية، هو الحكم بتسليمه مبالغ الأجرة التى تم إيداعها الجمعية التعاونية الزراعية بمعرفة مستأجرى أرضه وكانت المادة 36 مكرراً (ز) هى التى ترتبط بطلبات المدعى بما تضمنته من قواعد تتعلق بامتناع المؤجر عن تسلم الأجرة وإيداعها مقر الجمعية التعاونية الزراعية، وعرضها على المؤجر أو وكيله، ومن ثم فإن مصلحة المدعى إنما تقوم على الطعن بعدم دستورية هذه المادة فحسب بتقدير أن الحكم له فى الطلبات الموضوعية يرتبط بما يسفر عنه القضاء فى الطعن بعدم دستوريتها، أما المواد 33 مكرراً (ز)، 35، 36 مكرراً، 36 مكرراً (ب) فلا مصلحة شخصية ومباشرة له فى الطعن بعدم دستوريتها، ذلك أن المادة 33 مكرراً (ز) تتعلق بعدم انتهاء عقد الإيجار نقداً أو مزارعة بموت المستأجر أو المؤجر، وانتقال الإيجار إلى ورثة المستأجر عند وفاته، وتنص المادة 35 على عدم جواز إخلاء الأطيان المؤجرة ، ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها فى العقد إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهرى يقضى به القانون أو العقد، وأنه يجب الحكم بالفسخ متى تكرر تأخير المستأجر فى الوفاء بالأجرة، كما تنص على انتهاء الإجارة بالنسبة للأراضى المرخص فى زراعتها ذرة أو أرزاً لغذاء المرخص له أو برسيماً لمواشيه والأراضى المرخص فى زراعتها زرعة واحدة فى السنة عند انتهاء المدة المتفق عليها، وتعالج المادة 36 مكرراً أحكام الامتناع عن إيداع عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة أو توقعيه وتقضى المادة 36 مكرراً (ب) بعدم قبول المنازعات والدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضى الزراعية ما لم يكن عقد الإيجار مودعاً الجمعية، ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة بالنسبة إلى هذه المواد.
وحيث إن الدعوى فى شقها الخاص بالطعن على المادة 36 مكرراً (ز) قد استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن المدعى ينعى بداءة على المادة المشار إليها تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية التى جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيس للتشريع باعتبار أن المادة المطعون عليها تؤدى إلى سلب أموال المالك وحرمانه من الالتجاء إلى القضاء.
وحيث إن المادة 36 مكرراً (ز) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 قد أضيفت بالقانون رقم 17 لسنة 1963 وعدلت بالقانون رقم 52 لسنة 1966 الذى تم العمل به ابتداء من 8 سبتمبر سنة 1966.
وإذا كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع بعد تعديل المادة الثانية من الدستور بتاريخ 22 مايو سنة 1980 لا ينصرف سوى إلى التشريعات التى تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام، بحيث إذا انطوى أى منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبل، أى فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، لما كان ذلك،و كانت المادة المطعون عليها لم يلحقها أى تعديل بعد التاريخ المشار إليه، فإن النعى عليها وحالتها هذه بمخالفة المادة الثانية من الدستور، وأيا كان وجه الرأى فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، يكون فى غير محله.
وحيث إن المدعى ينعى أيضاً على المادة 36 مكرراً (ز) عدم دستوريتها فيما تضمنته من خصم رسوم إيداع المبالغ المحصلة من المستأجر خزانة المحكمة، إستناداً إلى أن هذا الخصم يتعارض مع نص الفقرة الثالثة من المادة 119 من الدستور التى تقضى بأنه لا يجوز تكليف أحد أداء رسم إلا فى حدود القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن فرض رسم على ما يودع خزائن المحاكم قد تقرر بمقتضى القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية فى المواد المدنية، ومن ثم فإن القانون هو الذى فرض رسم الإيداع ويعتبر المصدر المنشئ لهذا الرسم وبالتالى يكون النعى بعدم دستورية المادة المذكورة فيما قضت به من خصم رسوم الإيداع فى غير محله.
وحيث إن ما ينعاه المدعى كذلك على نص المادة 36 مكرراً (ز) من مخالفتها لنص المادة (25) من الدستور التى تنص على أن "لكل مواطن نصيب فى الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة" مردود بأن حكم هذه المادة لا يستهدف سوى مجرد التيسير على المستأجر فى الوفاء بالأجرة عند امتناع المؤجر عن قبولها بحيث يتجنب إجراءات وأحكام العرض والإيداع التى نظمها قانون المرافعات والقانون المدنى ومن ثم، فإن حكم هذه المادة لا يمس حق المدعى فى ناتج أرضه.
وحيث إنه عما ينعاه المدعى على نص المادة المطعون عليها من مخالفتها لبعض نصوص القانون المدنى وقانون المرافعات، فإنه لما كان من المقرر أن مناط اختصاص هذه المحكمة بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح، أن يكون أساس الطعن هو مخالفة التشريع لنص دستوري، فلا يمتد لحالات التعارض بين اللوائح والقوانين ولا بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة،و من ثم، فإن هذا النعى - أيا كان وجه الرأى فى قيام هذا التعارض- لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قانون لقانون، وهو ما لا تمتد إليه ولاية المحكمة، ولا يشكل بذلك خروجاً على أحكام الدستور.
وحيث إنه لا محل لما يثيره المدعى من أن تطبيق النصوص المطعون عليها ترتب عليها عدم تنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحته، والحيلولة بينه وبين الوصول إلى حقه، ذلك أن هذه المطاعن - أيا كان وجه الرأى فيها - لا تعدو أن تكون نعياً على كيفية تطبيق القانون وإجراءات تنفيذه، وجدلاً حول مشروعية هذه الإجراءات، مما لا يجوز التعرض له أمام هذه المحكمة، إذ لا يشكل بدوره عيباً دستورياً يصم القانون المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم ، يتعين رفض الدعوى.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.