المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 99 لسنة 4 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:48 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 4 يونيو سنة 1988.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس وشريف برهام نور والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 99 لسنة4قضائية"دستورية".


"الإجراءات"
بتاريخ 24 يونيو سنة 1986 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى قدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


"المحكمة"
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 5251 لسنة 1980 مدنى كلى جنوب القاهرة يطلبون فيها الحكم ببطلان عقود البيع الصادرة من الحراسة العامة ببيع العقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع كل ما يترتب على بطلان عقود البيع سالفة الذكر من آثار وتسليم الأعيان سالفة الذكر لهم خالية مما يعوق انتفاعهم بها.
وبجلسة 30 يونيه سنة 1981 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها فى الدعوى سالفة الذكر بإجابة المدعين إلى طلباتهم فاستأنف المدعى عليهم السادس والسابع والثامن الحكم المذكور، غير أن محكمة استئناف القاهرة أحالت الدعوى إلى محكمة القيم للاختصاص بنظرها إعمالاً للقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة وقيدت الدعوى برقم 33 لسنة 2 ق قيم حيث دفعت المدعية الأولى بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه وصرحت لها المحكمة برفع دعواها الدستورية، فأقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن المدعين فيها من الأجانب الذين يكفل المشرع العادى حقوقهم فى النصوص التشريعية المختلفة دون نصوص الدستور التى تختص المحكمة الدستورية العليا بإعمال الرقابة القضائية من خلالها والتى اقتصرت على كفالة حقوق المصريين وحرياتهم.
وحيث إن ما تستهدفه الحكومة بهذا الدفع هو إنكار حق المدعين فى رفع الدعوى الدستورية، وهو دفع مردود بما نصت عليه المادة 68 من الدستور من أن "التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة...." وظاهر هذا النص كما تفصح صيغته أن الدستور قرر حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ولم يجعله وقفاً على المصريين وحدهم بل كفل هذا الحق أيضاً للأجانب وقد ردد النص الدستورى المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد – وطنيين وأجانب – وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمياتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة هى المختصة وحدها بنظر الدعاوى الدستورية إعمالاً للمادة 175 من الدستور والمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اللتين عقدتا لها دون غيرها ولاية الرقابة القضائية عل دستورية القوانين واللوائح بما يؤكد أنها المختصة وحدها بنظر أى طعون بمخالفة القوانين أو اللوائح للدستور،و من ثم ينعقد الاختصاص لهذه المحكمة بنظر الدعوى الماثلة ويكون الدفع بعدم الاختصاص قائماً على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية المشار إليه تنص على أن :
تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي:
(أ) ...................................
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن ثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن".
وكان مؤدى هذا النص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التى أتاح للخصوم مباشرتها وربط بينه وبين الميعاد الذى حدده لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذى ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر وكانت هذه الأوضاع الإجرائية- سواء ما إتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها وفى الموعد الذى عينه وإلا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة.
لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لم ترخص للمدعين من الثانى إلى الخامس برفع الدعوى الدستورية، ومن ثم لا تكون دعواهم قد اتصلت بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً وتكون بالتالى غير مقبولة بالنسبة إليهم.
وحيث إن المدعية – وهى يونانية الجنسية عوضت وفقاً لأحكام الاتفاقية المصرية اليونانية- تنعى على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه مخالفته للمادتين 108، و147 من الدستور لعدم توافر الحالة التى تسوغ لرئيس الجمهورية إصداره فى غيبة مجلس الشعب، كما تنعى على المادة السادسة منه عقدها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالأموال والممتلكات التى خضعت للحراسة لمحكمة القيم دون القضاء المدنى وهو قاضيها الطبيعى بالمخالفة لحكم المادة 68 من الدستور فضلاً عن مخالفة المادة 167 من الدستور التى توجب أن يكون تحديد الهيئات القضائية وبيان اختصاصاتها بقانون.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 فى الدعويين رقمى 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، وفى الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية – والتى يتضمن موضوع كل منها الطعن على المادة الثانية من القرار بقانون سالف الذكر فضلاً عن الطعون الأخرى المشار إليها المثارة فى الدعوى المثالة – بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه "وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ... " وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد نشر هذان الحكمان فى الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليه سنة 1986.
وحيث إن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستورى تكون لها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
لما كان ذلك، وكان قد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت حكميها المتقدمين بصدد الطعون سالفة الذكر، وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة الدستورية بشأن هذه الطعون حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أى طعن مماثل يثور من جديد فإن المصلحة فى الدعوى الماثلة بصدد هذه الطعون تكون منتفية وبالتالى يتعين الحكم بعدم قبولها.
وحيث إن المدعية تطعن كذلك بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه والتى تنص على أن " يستمر تطبيق أحكام اتفاقيات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية على رعايا هذه الدول الذين خضعوا لتدابير الحراسة المشار إليها فى المادة الأولى من هذا القانون". وتنعى المدعية على هذه الفقرة مخالفتها للمادتين 34، 36 من الدستور لما تضمنته من استمرار سريان أحكام اتفاقيات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية لتعويض رعايا هذه الدول من أموالهم التى خضعت لتدابير الحراسة دون رد هذه الأموال عيناً لأصحابها وذلك بعد اعتبار هذه الحراسة كأن لم تكن.
وحيث إن البين من هذا النص أنه لم يغير من المراكز القانونية للأجانب الذين أبرمت مع دولهم إتفاقيات للتعويضات بل قصد إلى استمرار سريان أحكام تلك الاتفاقيات على رعايا هذه الدول بصريح نصه، هى اتفاقيات لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، ومن ثم يكون هذا النص المطعون عليه كاشفاً عن الأصل العام فى التفسير الذى يقضى بعدم إعمال القواعد العامة فيما ورد بشأنه نص خاص، وإذ كان القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه هو القانون العام فى شأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فإنه يكون القانون الواجب التطبيق على جميع الحالات التى يحددها نطاق تطبيقه عدا ما استثنى بنصوص خاصة.
لما كان ذلك، وكان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه أن المشرع استهدف منها – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقرار بقانون سالف الذكر – مجرد تأكيد سريان أحكام الاتفاقيات المشار إليها على رعايا الدول التى أبرمتها، وتعد أحكامها بهذه المثابة نصوصاً خاصة واجبة الإعمال فى نطاقها استثناء من القواعد العامة لتصفية الحراسات الصادر بها القانون المشار إليه.
وحيث إنه من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن مصلحة شخصية مباشرة فى طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى الدعوى الموضوعية التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وإذ كان ما تستهدفه المدعية من دعواها الموضوعية هو الرد العينى لأموالها وممتلكاتها التى وضعت تحت الحراسة، وكان البين من نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه – على ما سلف بيانه – أن مضمونه قد انصرف إلى تطبيق أحكام الاتفاقيات المشار إليها والتى لا يؤثر هذا القانون على سريانها حتى ولو خلا من النص المطعون عليه ومن ثم فإن مصلحة المدعية فى النعى على الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه تكون منتفية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا الشق أيضاً.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.