المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 45 لسنة 3 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:38 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 2 من إبريل سنة 1988 م الموافق 15 شعبان سنة 1408ه.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفي جمعة وفوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام وواصل علاء الدين أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 45 لسنة 3 قضائية "دستورية".
بعد أن أحالت محكمة جنح بندر بني سويف ملف الدعوى رقم 8961 لسنة 1980 جنح بندر بني سويف.
المرفوعة من:

- النيابة العامة.


ضد
السيد/ عمر محمد حسن.
السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
"الإجراءات"

بتاريخ 17 أغسطس سنة 1981 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 8961 سنة 1980 جنح بندر بني سويف بعد أن قضت محكمة جنح بندر بني سويف فى 20 يونيو سنة 1981 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة 317 فقرة أولى من قانون العقوبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت المتهم (المدعى عليه الأول) فى الجنحة رقم 8961 لسنة 1980 بندر بني سويف إلى المحاكمة بوصف أنه سرق المنقول المبين وصفاً وقيمة بالمحضر من مسكن المجني عليه وطلبت عقابه بالمادة 317 فقرة أولى من قانون العقوبات، وإذا تراءى لمحكمة جنح بندر بني سويف عدم دستورية مادة الاتهام فقد قضت بجلسة 2 يونيو سنة 1981 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية تلك المادة استناداً إلى أنها إذ تنص على ع4قاب من يسرق بالحبس- تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور" المصدر الرئيسي للتشريع" وذلك باعتبار أن السرقة من جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب القضاء بعقوبة قطع اليد.
وحيث أن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فى الحكم بعدم دستورية المادة 317 أولاً من قانون العقوبات تأسيسا على أن القضاء بذلك لا يحقق ما قصده قرار الإحالة من إثارة المسألة الدستورية توصلاً لتوقيع حد قطع اليد على المتهم، ذلك أن مؤدى هذا القضاء أن تصبح السرقة بلا عقوبة إلى أن تقنن عقوبة قطع اليد فى نص تشريعي جديد، وأنه حتى بعد تقنين مثل هذا النص، فإن تلك العقوبة لن تكون سارية إلا من وقت العمل بالنص الجديد دون أثر رجعي إعمالاً لنص المادة 66 من الدستور.
وحيث أن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بعد أن نصت فى صدرها على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح حددت فى فقرتها (أ) السبيل الأول لتحقيق هذه الرقابة فنصت على أنه "إذا تراءى لأحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، أوقفت الدعوى أحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية" ومؤدى هذه الفقرة أن مناط قبول الدعوى الدستوري المحالة إلى هذه المحكمة إعمالاً لها هو أن يكون نص القانون أو اللائحة المعروض على المحكمة للفصل فى دستوريته- لازماً للفصل فى النزاع فى الدعوى الموضوعية التي أثيرت المسألة الدستورية بمناسبتها – بأن يكون من شأن الحكم فى هذه المسألة أن يؤثر فى الحكم فى دعوى الموضوع.
لما كان ذلك، وكانت المادة 317 أولاً من قانون العقوبات المعروضة للفصل فى دستوريتها تتضمن بيان العقوبة التي طلبت النيابة العامة إلى محكمة الجنح توقيعها على المتهم جزاء لما أسند إليه من اتهام فى الجنحة المشار إليها، وهي على هذا الأساس لازمه للفصل فيهان ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الذى أثارته الحكومة قائماً على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن المدعى ينعي على المادة 317 أولاً من قانون العقوبات أنها إذ قضت بعقوبة الحبس على السارق تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية وهي المصدر الرئيسي للتشريع عملاً بالمادة الثانية من الدستور.
وحيث أن قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة1937 ينص فى المادة 317 أولاً منه – محل الطعن – على أنه "يعاقب بالحبس مع الشغل: (أولاً) على السرقات ليت تحصل فى مكان مسكون أو معدم للسكنى أو فى ملحقاته أو فى أحد المحلات المعدة للعبادة.
وحيث أنه يبين من تعديل ادلستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بعد أن كان تنص عند صدور الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة فى أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 حتى دستور 1964.
لما كان ذلك، وكان إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد. وهو مناط الرقابة الدستورية.
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة (317) أولاً من قانون العقوبات للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على السرقة التى تعاقب عليها تلك المادة بالحبس تعد من جرائم الحدود فى الشريعة الإسلامية التي توجب توقيع عقوبة قطع يد السارق طبقاً لمبادئ تلك الشريعة التي جعلها الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة 317 أولاً من قانون العقوبات الصادر فى 31 يوليو سنة 1937 المعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1937 لم يلحقها، ومن ثم فإن النعي عليها، وحالتها هذه – بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدعوى.