المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 4 لسنة 6 قضائية المحكمة الدستورية العليا "تنازع"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:36 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا





بالجلسة العلنية المنعقدة 5 مارس سنة 1988 م.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 6 قضائية "تنازع" .
"الإجراءات"

بتاريخ 15 يوليه سنة 1984 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الاعتداد بالحكم رقم 331 لسنة 1932/ 1933 تصرفات المحكمة الشرعية العليا، وبعدم الاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة النقض فى الطعن رقم 18 لسنة 29 ق أحوال شخصية، والطعن رقم 46 لسنة 51 ق أحوال شخصية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 499 لسنة 1973 أمام محكمة جنوب القاهرة للأحوال الشخصية – الولاية على النفس – طالباً الحكم باستحقاقه فى أعيان وقف المرحوم فقضت له المحكمة بطلباته ولكن طعنت وزارة الأوقاف المدعى عليها فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 130 لسنة 95 قضائية استئناف القاهرة وقضى فيه بتاريخ 3 مايو سنة 1981 بتعديل الحكم المستأنف وباستحقاق المستأنف ضده لثلاثة أرباع أعيان الوقف المشار إليه، وطعنت المدعى عليها فى الحكم المذكور بطريق النقض وقيد الطعن برقم 46 لسنة 51 قضائية أحوال شخصية، وبتاريخ 23 مارس سنة 1982 نقضت المحكمة هذا الحكم وحكمت فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 18 لسنة 29 ق أحوال شخصية بتاريخ 9 مايو سنة 1962، وإذ تراءى للمدعى أن هذين الحكمين الصادرين من محكمة النقض قد خالفا الشريعة الإسلامية، كما خالفا أيضاً الحكم الصادر من المحكمة الشرعية العليا فى الدعوى رقم 331 سنة 1932/ 1933 والذى قضى نهائياً بأن الوقف ليس خيرياً محضاً وأنه وقف أهلى وليس على ناظره أن يقدم حساباً عن إدارته لوزارة الأوقاف، ومن ثم فقد أقام المدعى الدعوى الماثلة طالباً الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الشرعية العليا دون حكمى محكمة النقض سالفى الذكر.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطلب الذى يرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء ليس طريقاً من طرق الطعن فى الأحكام القضائية، كما أن المحكمة الدستورية العليا. وهى بصدد الفصل فى تنازع الاختصاص أو فى النزاع حول تنفيذ الأحكام المتناقضة – لا تعتبر جهة طعن فى هذه الأحكام ولا تمتد ولايتها بالتالى إلى بحث مطابقة تلك الأحكام للقانون أو تصحيحها، بل يقتصر بحثها على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع أو أى الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ.
لما كان ذلك، فإن طعن المدعى على الحكمين الصادرين من محكمة النقض بمخالفتها للشريعة الإسلامية ولقضاء سابق صادر من المحكمة الشرعية العليا لا يكون مشمولاً بولاية هذه المحكمة ويكون الطعن على هذا الأساس حقيقاً بالالتفات عنه.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين – طبقاً للبند ثالثاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أى جهة من جهات القضاء أو هيئات ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكام – وتتوافر شروط قبول دعواه أمام هذه المحكمة – هو النزاع الذى يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا يشمل ذلك التناقض بين الأحكام الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها لأن الإجراءات القضائية فى الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض مثل هذا التناقض إذ صدر حكمان متناقضان من محاكمها، ومقتضى ذلك أنه إذا ألغيت جهة قضائية أصدرت أحد الحكمين المتناقضين وأسند اختصاصها إلى الجهة الأخرى صار الحكمان بمثابة حكمين صادرين من جهة قضائية واحدة ويتخلف بذلك شرط قبول الدعوى لدى المحكمة الدستورية العليا وفقاً لما تتطلبه المادة 25 من قانون المحكمة سالفة الذكر.
لما كان ذلك وكان الثابت أنه بصدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التى تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية فقد أصبحت جهة القضاء العادى هى المختصة وحدها بجميع المسائل التى كانت تختص بها المحاكم الشرعية الملغاة ومنها المسألة التى فصل فيها حكم المحكمة الشرعية العليا سالف البيان، ويصبح الحكمان اللذان يشكلان حدى التناقض فى الدعوى الماثلة بمثابة حكمين صادرين من جهة القضاء العادي، يؤيد ذلك أن القانونين رقمى 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية قد أسندا النزاع بشأن تنفيذ حكمين متناقضين أحدهما صادر من القضاء العادى والآخر من إحدى محاكم الأحوال الشخصية – وهى المحاكم الشرعية الملغاة وفقاً لما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون الأول – إلى الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض دون محكمة التنازع المشكلة وفقاً لأحكام هذين القانونين والتى اقتصر اختصاصها على التناقض بين أحكام القضاء العادى وأحكام القضاء الإدارى والهيئات ذات الاختصاص القضائي، وحين أنشأت المحكمة العليا بالقانون رقم 81 لسنة 1969 وأوكل إليها اختصاص محكمة التنازع ظلت الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض منوطة بنظر المنازعات المشار إليها، وقد دل هذا الاستقراء لأحكام القوانين المشار إليها على أن المشرع اعتبر أحكام المحاكم الشرعية الملغاة وكذلك أحكام المحاكم العادية صادرة من جهة قضائية واحدة هى جهة القضاء العادي.
لما كان ذلك، وكان حكم المحكمة الشرعية العليا رقم 331 لسنة 1932/1933 قد اعتبر بعد إلغاء المحاكم الشرعية صادراً من جهة القضاء العادى وهو شأن حكمى النقض المقول بتناقضهما مع هذا الحكم، ومن ثم فإن هذه الأحكام التى تمثل حدى هذا التناقض تكون صادرة من جهة قضائية واحدة ويتخلف بذلك شرط قبول الدعوى وفقاً للمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليها.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.