المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 1 لسنة 8 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-09-2009, 12:18 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمــة الدستورية العليـــا


بالجلسة العلنية المنعقدة 4 من أبريل سنة 1987م.
برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمود حمدى عبد العزيز ومنير أمين عبد المجيد وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة الـمفوض
وحضور السيد/ رأفت محمـد عبد الواحـــد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 8 قضائية "دستورية".
"الإجــــــراءات"

بتاريخ أول فبراير سنة 1986 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 1544 لسنة 30 قضائية بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 17 ديسمبر سنة 1985 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية ما نصت عليه المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت من أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأى إلى المحكمة.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمـــة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1544 لسنة 30 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإلغاء قرار لجنة تقويم مضرب أرز... المؤمم بمقتضى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1962 وذلك بإضافته إلى الجدول رقم 2 المرفق بالقرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 وبعدم الإعتداد بما انتهى إليه هذا التقويم مع ما يترتب على ذلك من آثار . وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت فيما نصت عليه من أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه- تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، لما بدا لها من مخالفتها لنص المادتين 40 و 68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 17 ديسمبر سنة 1985 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريتها.
وحيث إن القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى مادته الأولى على أنه : " يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية وأن تساهم فيها إحدى المؤسسات العامة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال" . وفى مادته الثانية على أنه: " على الشركات والمنشآت المشار إليها أن توفق أوضاعها مع أحكام هذا القانون فى مهلة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدوره. ويجوز عند الاقتضاء تخفيض حصة كل مساهم أو شريك فى رأس المال بمقدار النصف"، قضى فى مادته الثالثة بأن : " يحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر إقفال ببورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون. وإذا لم تكن الأسهم متداولة فى البورصة. أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد، على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وتصدر كل لجنة قراراتها فى مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، كما تتولى هذه اللجان تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة... " كما تقضى مادته الرابعة بأن: " تؤدى الحكومة قيمة الحصة التى تساهم بها المؤسسات العامة فى رأس مال الشركات والمنشآت المشار إليها بموجب سندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة ...".
وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 سالف البيان – ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات وضمانات معينة، وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التى تتخذ شكل شركات مساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشآت التى لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لأصحابها، دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضي، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية.
وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن : "التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.. ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء" . وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات. وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد، وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة 40 منه، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
لما كان ذلك، فإن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، وهى قرارات إدارية- على ما سلف بيانه – تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40 و 68 من الدستور الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن.