المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 67 لسنة 4 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-05-2009, 12:48 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 2 فبراير سنة 1985م.
برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: مصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس وشريف برهام نور. أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ أحمد محمد الحفنى المفوض
وحضور السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 67 لسنة 4 قضائية "دستورية ".
"الإجراءات"

بتاريخ 18 أبريل سنة 1982 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 636 لسنة 98 قضائية بعد أن قضت فيها محكمة استئناف القاهرة فى 14 مارس سنة 1982 بوقف الدعوى، واحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها أصليا الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 15/1/1985 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم الى جلسة اليوم .


"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المستأنف كان قد اقام الدعوى رقم 10688 سنة 1979 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المستأنف عليهما الاول والثانى بصفتهما فى مواجهة المستأنف عليه الثالث ببراءة ذمته من الديون المستحقة على شركة المنتجات والتعبئة المصرية- الجزار اخوان- والغاء الحجز الادارى العقارى الموقع على الاطيان الزراعية المملوكة له والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، واعتباره كأن لم يكن. وبجلسة 19 ديسمبر سنة 1980 قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيساً على أن المستأنف من أبناء اصحاب الشركة المؤممة، وأنه يجوز التنفيذ بالدين على أمواله طبقا لما تقضى به المادة الرابعة من القرار بقانون 72 لسنة 1963 من أن أموال أصحاب الشركات المؤممة وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة عن أصول الشركة- فطعن المستأنف على هذا الحكم بالاستئناف رقم 636 لسنة 98 قضائية القاهرة. وبجلسة 14 مارس سنة 1982 قضت محكمة استئناف القاهرة بوقف الدعوى واحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى استنادا الى أن قرار الاحالة جاء خلوا من بيان أوجه مخالفة النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته لنص المادة 34 من الدستور المدعى بمخالفته خروجا على ما توجبه المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه يبين من قرار الاحالة أن المحكمة تراءى لها عدم دستورية نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 فيما تضمنته من أن أموال زوجات واولاد أصحاب الشركات والمنشآت المبينة بالمادة، تكون ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصولها لمخالفته نص المادة (34) من الدستور مشيرة بذلك الى أن تحميل أموال الزوجات والاولاد بضمان ديون لا شأن لهم بها أصلا مؤداه المساس بملكيتهم لهذه الأموال.
لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اذ أوجبت أن يتضمن القرار الصادر بالاحالة الى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة اليها بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته النص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة. انما تطلبت- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- ذكر هذه البيانات الجوهرية متى تنبئ عن جدية الدعوى الدستورية، ويتحدد به موضوعها، متى يتاح لذوى الشأن فيها ومن بينهم الحكومة أن يتبينوا كافة جوانبها، ويتمكنوا على ضوء ذلك من إبداء ملاحظاتهم وردودهم عليها، بحيث تتولى هيئة المفوضين تحضير الدعوى وتحديد المسائل الدستورية والقانونية المثارة، وتبدى فيها رأيها مسببا، وكان ما ورد فى قرار الاحالة واضح الدلالة فى بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة على النحو الذى يتحقق به ما تغياه المشرع فى المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فان الدفع بعدم قبول الدعوى يكون فى غير محله متعينا رفضه.
وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى مادته الاولى على أن "تؤمم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها الى الدولة....." وفى مادته الثانية على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار اليها الى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا، وتكون السندات قابلة للتداول فى البورصة...." وفى المادة الثالثة على أن "يحدد سعر كل سند بسعر السهم حسب اخر اقفال لبورصة الاوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون" فاذا لم تكن الاسهم متداولة فى البورصة ، أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء.... كما تتولى هذه اللجان تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة" قضى فى المادة الرابعة بأن " لا تسأل الدولة عن التزامات الشركات والمنشآت المشار إليها فى المادة الأولى الا فى حدود ما آل اليها من أموال وحقوقها فى تاريخ التأميم. فاذا لم تكن أسهم هذه الشركات والمنشآت متداولة فى البورصة، أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة أشهر، أو كانت هذه المنشآت غير متخذة شكل شركات مساهمة تكون أموال أصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه المنشآت. ويكون للدائنين حق امتياز على هذه الاموال".
وحيث أنه يبين من أحكام القرار بقانون رقم 117 لسنة 61 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وقوانين التأميم اللاحقة، ومن بينها القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 السالف الاشارة اليه، أن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميم المشروعات جزئيا أو كليا صورة نقل ملكيتها مباشرة الى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضى تبعا لذلك شخصيتها الاعتبارية التى كانت لها قبل التأميم، وانما رأى أن يكون تأميمها عن طريق نقل ملكية اسهمها- جميعها أو جزء منها بحسب نطاق التأميم- الى الدولة مع الابقاء على شخصيتها الاعتبارية التى كانت تتمتع بها قبل التأميم بحيث تظل هذه المشروعات محتفظة بنظامها القانونى وذمتها المالية مستقلين عن شخصية وذمة الدولة، وتستمر فى مباشرة نشاطها وتبقى بالتالى مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن جميع الالتزامات التى تحملت بها قبل التأميم. ومن ناحية أخرى فان المشرع رغبة منه فى تنظيم حقوق دائنى هذه الشركات والمنشآت- وحتى لا تتأثر بسبب ما طرأ عليها من تحول نتيجة خضوعها للقرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 سالف البيان- قرر مسئولية الدولة عن التزامات هذه المشروعات فى حدود ما آل اليها من أموالها وحقوقها فى تاريخ صدور التأميم مرددا بذلك حكم القواعد العامة فى شأن استقلال ذمة المساهم عن ذمة المشروعات المؤممة، وعدم مسئوليته عن التزاماتها الا عند التصفية، وفى حدود قيمة أسهمه، ثم جاوز المشرع ذلك بالنسبة الى الشركات التى لم تكن أسهمها متداولة فى البورصة أو التى مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور أو المنشآت غير المتخذة شكل شركة مساهمة- الى النص على أن تكون أموال زوجات وأولاد أصحاب المشروعات المؤممة ضامنة للوفاء بالتزاماتها الزائدة على أصولها، فأنشأ بذلك ضماناً آخر استثنائيا- هو محل الطعن فى الدعوى الماثلة- أجاز بمقتضاه لدائنى هذه المشروعات الرجوع على تلك الأموال اذا لم تكن أصول المشروع- المسئول أصلا عن التزاماته مسئولية كاملة- كافية للوفاء بها.
وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة، وعدم المساس بها الا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التى اوردتها، وذلك باعتبارها فى الاصل ثمرة النشاط الفردى، وحافزه على الانطلاق والتقدم، فضلا عن أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التى يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى، ومن أجل ذلك، حظرت الدساتير نزع الملكية الخاصة جبرا عن صاحبها الا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون (المادة 9 من كل من دستور سنة 1923، ودستور سنة 1930 والمادة 11 من دستور سنة 1956، والمادة 5 من دستور سنة 1958، والمادة 16 من دستور سنة 1964، والمادة 34 من دستور سنة 1971) كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم الا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض- (المادة 35)- وحظر المصادرة العامة حظرا مطلقا، ولم يجز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائى (المادة 36).
وحيث إنه لما كان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 حسبما يبين من عبارتها المطلقة تحميل أموال الزوجات والاولاد بضمان الوفاء بالتزامات الشركات والمنشآت المشار اليها فى هذه الفقرة الزائدة على أصولها، حال أنه لا علاقة لهم بها ودون أن يكون ثمة وجه لمسئوليتهم عنها، فضلا عما اتسم به هذا الضمان من شمول لجميع أموال الزوجات والاولاد ولو كانت فى مصدرها منبته الصلة بالشركة أو بأصحابها.
لما كان ذلك، وكان خلق هذا الضمان الاستثنائى الذى حمل به المشرع أموال الزوجات والاولاد وفاء لديون لا شأن لهم بها، مؤداه الحتمى تجريد هؤلاء من ملكيتهم لهذه الاموال ونزعها جبرا عنهم عند التنفيذ عليها اقتضاء لتلك الديون بما قد يصل الى حد حرمانهم منها جميعا عند استغراق الديون لقيمة الاموال، واذ كان ذلك لا يعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة، ولا يعتبر من صور تأميم المشروعات، فان النص التشريعى المطعون عليه يشكل اعتداد على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور التى تقضى بأن الملكية الخاصة مصونة.
ولا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت اليه الحكومة من أن النص محل الطعن يبرره ويسانده ما قرره المشرع من أن حقوق دائنى تلك الشركات والمنشآت أولى بالرعاية والتفضيل على حقوق زوجات وأولاد أصحابها وذلك فى أطار السلطة التقديرية المخولة له عند وضع القواعد المنظمة للحقوق ومنها حق الملكية الخاصة التى لا يحول دون صونها ترتيب حقوق للغير عليها وفق الملاءمات التى يراها محققا للمصلحة العامة ولا تمتد اليها الرقابة الدستورية، ذلك أنه وأن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، وأن الرقابة القضائية على دستورية التشريعات لا تمتد الى ملاءمة إصدارها الا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور- هذا فضلاً عن أن تنظيم المشرع لحق الملكية فى اطار وظيفتها الاجتماعية ينبغى الا يعصف بهذا الحق أو يؤثر على بقائه على نحو ما سلكه النص المطعون عليه، اذ تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها حدودا وقواعد معينة على ما سلف بيانه الامر الذى يحتم اخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
وحيث أنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية النص المطعون عليه.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت، فيما تضمنته من النص على أن تكون أموال زوجات وأولاد أصحاب الشركات والمنشآت المبينة بها ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات والمنشآت.