المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 55 لسنة 5 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-05-2009, 12:38 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16 يونيه سنة 1984م.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ فتحى عبد الصبور رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد إبراهيم أبوالعينين المفوض
وحضور السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 55 لسنة 5 قضائية "دستورية".
"الإجراءات"

بتاريخ 6 إبريل سنة 1983 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف القضية رقم 1362 سنة 26 قضائية بعد أن قضت فيها محكمة القضاء الادارى بجلسة 9 نوفمبر سنة 1982 بوقف الدعوى وبإحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 50 لسنة 1982 فيما تضمنته من إحالة جميع الدعاوى والتظلمات من أوامر الاعتقال والمنظورة أمام أية جهة قضائية إلى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ".
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .


"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن وزير الداخلية أصدر بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1981 أمرا باعتقال المدعى وذلك استناداً الى قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، فى جميع أنحاء الجمهورية لمدة سنة اعتبارا من 6 أكتوبر سنة 1981 والى قرار رئيس الجمهورية رقم 562 لسنة 1981 بتفويض وزير الداخلية فى اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون حالة الطوارئ الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958. فأقام المدعى الدعوى رقم 1362 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الادارى طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الامر الصادر باعتقاله وفى الموضوع بالغائه. واذ صدر القانون رقم 50 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ وقد قضت الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه بان محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) هى التى تختص وحدها بنظر كافة التظلمات والطعون من الاوامر والقرارات الصادرة بالقبض أو الاعتقال وفقا لقانون حالة الطوارئ، ثم نصت الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه "وتحال إلى هذه المحكمة- بحالتها- جميع الدعاوى والطعون والتظلمات المشار إليها والمنظورة أمام أية جهة قضائية أو غير قضائية"، فقد تراءى لمحكمة القضاء الادارى- بجلسة 9 نوفمبر 1982- عدم دستورية الفقرة الثانية المشار إليها لمخالفتها حكم المادتين 68 ، 172 من الدستور وذلك تأسيساً على أن دعوى الطعن فى قرار الاعتقال أو القبض الصدار طبقاً لاحكام قانون حالة الطوارئ لا تخرج- فى طبيعتها- عن كونها منازعة ادارية مما يدخل اصلا فى اختصاص مجلس الدولة وفقا لنص المادة 172 من الدستور فلا يصح نزعها منه الا لضرورة تدعو الى اسناد هذا الاختصاص الى جهة قضائية أخرى والى أن محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" وأن كانت جهة قضائية الا أن اختصاصها بنظر التظلمات من أوامر القبض أو الاعتقال لا يعتبر اختصاصا قضائياً وما تصدره فيها ليس أحكاما لها حجية الاحكام وقوتها التنفيذية إذ أن التظلم من أمر الاعتقال لا يعدو أن يكون تظلما اداريا لا يمنع من اختصاص مجلس الدولة، وبذلك يكون مقتضى الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 50 لسنة 1982 حجب مجلس الدولة عن اختصاصه الاصيل بنظر دعوى الطعن فى قرار الاعتقال بدعوى الالغاء. ومن ثم فقد احالت محكمة القضاء الادارى الدعوى الماثلة الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 50 لسنة 1982- محل النعى بعدم الدستورية- اذ قضت بإحالة الدعاوى والطعون والتظلمات المشار اليها فى الفقرة الاولى من ذات المادة والمنظورة أمام أية جهة قضائية أو غير قضائية الى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" بحالتها عند صدور ذلك القانون، فقد جاء حكمها ترتيبا على ما قررته الفقرة الاولى سالفة الذكر من اختصاص محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" دون غيرها بنظر كافة الطعون والتظلمات من الاوامر والقرارات المبينة بالمادة 3 مكررا من القانون رقم 162 لسنة 1958 والمعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1983 وهى التى تتعلق بالقبض أو الاعتقال استناداً الى اعلان حالة الطوارئ. ومن ثم فان المسألة الدستورية المثارة- حسبما جاء بأسباب قرار الإحالة- هى نزع الاختصاص بالطعن فى قرارات الاعتقال- بدعوى الالغاء- من القضاء الادارى واسناد هذا الاختصاص الى محكمة أمن الدولة العليا(طوارئ) ومدى مخالفة ذلك لنصوص المادتين 86 و172 من الدستور.
وحيث إن المادة 172 من الدستور حين نصت على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل فى المنازعات الادارية والدعاوى التأديبية" فقد افادت تقرير الولاية العامة لمجلس الدولة على المنازعات الادارية والدعاوى التأديبية بحيث يكون هو قاضى القانون العام بالنسبة لهذه الدعاوى والمنازعات وأن اختصاصه لم يعد مقيدا بمسائل محددة على سبيل الحصر كما كان منذ انشائه، غير أن هذا النص لا يعنى غل يد المشرع العادى عن اسناد الفصل فى بعض المنازعات الادارية والدعاوى التأديبية الى جهات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح العام واعمالا للتفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها.
وحيث أن محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لقانون حالة الطوارئ الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958 هى جهة قضاء اقتضى انشاءها قيام حالة الطوارئ وما يقترن بها من ظروف استثنائية. فقد رأى المشرع بسلطته التقديرية أن يسند الى هذه المحاكم- فضلا عن اختصاصها بالفصل فى الجرائم التى تقع بالمخالفة لاحكام الاوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه وفقا للقانون سالف الذكر وما قد يحيله عليها من الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام وذلك على الوجه المبين بأحكام ذلك القانون- الاختصاص بالفصل فى كافة التظلمات والطعون من الاوامر الصادرة بالقبض أو الاعتقال وفقا لقانون حالة الطوارئ، فنصت المادة الثالثة من القانون رقم 50 لسنة 1982 فى فقرتها الاولى على أنه "تختص محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" دون غيرها بنظر كافة الطعون والتظلمات من الاوامر والقرارات المشار اليها بالمادة 3 مكررا من القانون رقم 162 سنة 1985 المشار اليه". وذلك باعتبار أن المحكمة المذكورة اقدر على الفصل فى التظلمات والطعون التى ترفع عن أوامر القبض أو الاعتقال التى يتخذها رئيس الجمهورية كتدبير من التدابير المخولة له بعد اعلان حالة الطوارئ، ولما تنطوى عليه هذه التدابير من تقييد الحرية الشخصية التى كفلها الدستور واعتبرها حقا طبيعياً لكل مواطن فى حدود أحكام القانون وما تتطلبه المصلحة العامة من الحيلولة دون تعويض الامن أو النظام العام للخطر خلال الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد عند إعلان حالة الطوارئ، فضلا عن أن المادة 57 من الدستور ترى فى الاعتداء على الحرية الشخصية جريمة تكفل الدولة تعويضا عادلا لمن يقع عليه هذا الاعتداء. واذ كان المشرع فى المادة 3 مكررا من قانون حالة الطوارئ الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958 المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1982- قد كفل للمعتقل كافة ضمانات التقاضى من ابداء دفاعه وسماع أقواله حين نصت فى فقراتها الاربعة الاولى- تنظيما لحق التظلم- على أنه "يبلغ فورا كتابة كل من يقبض عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو اعتقاله ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام ويعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا وللمعتقل ولغيره من ذوى الشأن أن يتظلم من القبض أو الاعتقال اذا انقضى ثلاثون يوما من تاريخ صدوره دون أن يفرج عنه. ويكون التظلم بطلب يقدم بدون رسوم الى محكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لاحكام هذا القانون. وتفصل المحكمة فى التظلم بقرار مسبب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم التظلم وذلك بعد سماع أقوال المقبوض عليه أو المعتقل والا تعين الافراج عنه فورا". وهو ما يتفق ونص المادة 71 من الدستور التى تقضى بأن التظلم من اجراءات القبض أو الاعتقال يكون أمام القضاء ووفقا للقانون الذى ينظم حق التظلم، وكان التظلم من أمر الاعتقال انما يشكل "خصومة قضائية" تدور بين السلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه واحقيتها فى اتخاذ تدبير الاعتقال وفقا لقانون حالة الطوارئ وبين المعتقل- أو غيره- الذى يتظلم من أمر الاعتقال على أساس عدم مشروعيته أو انتفاء المبرر للاشتباه فى المعتقل أو عدم توفر الدلائل على خطورته على الأمن والنظام العام، وتفصل المحكمة فى هذه الخصومة بقرار مسبب خلال أجل محدد حتى اذا ما صدر قرار المحكمة بالافراج عن المعتقل كان لوزير الداخلية- باعتباره المسئول عن الأمن العام وطبقا للفقرتين الخامسة والسادسة من المادة 3 مكررا سالفة الذكر- أن يطعن على هذا القرار خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره ويحال الطعن الى دائرة أخرى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه على أن يفصل فيه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الاحالة والا وجب الافراج عن المعتقل فورا ويكون قرار المحكمة فى هذه الحالة واجب النفاذ. كما نصت الفقرة الاخيرة من تلك المادة على أنه "فى جميع الاحوال يكون لمن رفض تظلمه الحق فى أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضى ثلاثون يوما من تاريخ رفض التظلم" وذلك لمواجهة تغير الظروف التى قد تبرر استمرار الاعتقال من عدمه. لما كان ذلك جميعه، فأن التظلم من أمر الاعتقال يعد "تظلما قضائيا" أسند اختصاص الفصل فيه الى جهة قضاء وفقا لما تقضى به المادة 71 من الدستور، ومن ثم يكون القرار الذى تصدره محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" فى هذا التظلم- وما يثور فى شأنه من نزاع- قرارا قضائيا نافذا بعد استنفاد طريق الطعن او اعادة النظر فيه على ما سلف بيانه.
وحيث أنه يبين مما تقدم أن المشرع اذ كفل للمعتقل حق التقاضى بما يخوله له من التظلم من الامر الصادر باعتقاله أمام جهة قضائية وذلك فى حدود ما يملكه المشرع- وفقا لنص المادة 197 من الدستور- من إسناد الفصل فى بعض المنازعات الادارية الى جهات قضائية أخرى غير مجلس الدولة تحقيقاً للصالح العام على ما سبق ذكره، فانه لا يكون قد خالف حكم المادة 172 من الدستور. ومن جهة أخرى فان محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" وقد خصها المشرع وحدها بولاية الفصل فى التظلمات من أوامر الاعتقال فصلا قضائيا قد أضحت هى القاضى الطبيعى الذى يحق لكل معتقل- أو لغيره من ذوى الشأن- الالتجاء اليه بالنسبة لهذه التظلمات، كما أنه ليس فى اسناد الفصل فى هذه التظلمات الى محكمة امن الدولة العليا (طوارئ) أى تحصين لامر الاعتقال- وهو قرار ادارى- من رقابة القضاء طالما أن المشرع قد جعل التظلم منه أمام جهة قضاء هى محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، الامر الذى لا ينطوى على أى مخالفة لحكم المادة 68 من الدستور.
وحيث أنه لما تقدم فان الدعوى بعدم الدستورية لا تقوم على أساس سليم ومن ثم يتعين رفضها.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة برفض الدعوى.