المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 93 لسنة 4 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-05-2009, 12:09 AM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18 فبراير سنة 1984م.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ فتحى عبد الصبور رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبد الخالق النادى ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعه. أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد إبراهيم أبوالعينين المفوض
وحضور السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 93 لسنة 4 قضائية "دستورية ".


"الإجراءات"
بتاريخ 14 يونيه سنة 1982 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من القرار رقم 1 لسنة 1953 المعدلة بالقرار رقم 1 لسنة 1963 الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بإصدار تفسير تشريعى لبعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
وقدمت ادارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .


"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعيين كانا قد تقدما بإقرار ملكيتهما إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تطبيقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1969 الذى حدد ملكية الفرد للأراضى الزراعية ومافى حكمها من الأراضى البور والصحراوية بخمسين فداناً على الأكثر وأدرجا فى هذا الإقرار مساحة من الأرض ذهبا إلى أنها من أراضى البناء مما دعاهما إلى رفع الاعتراض رقم 833 لسنة 1976 على قرار الاستيلاء على هذه المساحة أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى. واذ ردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعى هذا الاعتراض بأن المادة الثالثة من التفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1953 المعدلة بالتفسير التشريعى رقم 4 لسنة 1953 وبالتفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1963 قد حددت الشروط الواجب توافرها فى الأراضى كى تعد من أراضى البناء وبأن هذه الشروط لا تتوافر فى حالة الأراضى محل الاعتراض سالف الذكر، فقد دفع المدعيان بعدم دستورية القرار رقم 1 لسنة 1963 المشار إليه لمخالفته للمادتين 34، 37 من الدستور، وقررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بتاريخ 9 مايو سنة 1982 وقف الاعتراض حتى يرفع المدعيان الدعوى الدستورية فأقاما الدعوى الماثلة بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى رقم 1 لسنة 1953 المعدل بالقرار رقم 1 لسنة 1963.
وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد فى الأراضى الزراعية وما فى حكمها قد نصت فى فقرتيها الأولى والثانية على أنه "لا يجوز لأى فرد أن يمتلك من الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانا. كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضى جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة الفقرة السابقة".
واذ نصت المادة 14 من هذا القرار بقانون على أنه "تسرى فى شأن الأراضى الخاضعة لأحكام القانون فيما لم يرد بشأنها نص أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الاصلاح الزراعى والقوانين المعدلة له وبما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون"، ومن ذلك- حسبما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور- القواعد الخاصة بأراضى البناء المستثناه من أحكام الاستيلاء طبقاً للتفسير التشريعى الصادر فى هذا الصدد للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه وهو التفسير الصادر بالقرار رقم 1 لسنة 1963 المطعون فيه بعدم الدستورية فيما تضمنه من تعديل للفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من قرار التفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1963 استنادا إلى المادة 12 مكررا من المرسوم بقانون المشار إليه التى أجازت للجنة العليا للاصلاح الزراعى- وقد حل محلها مجلس إدارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بمقتضى المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 614 لسنة 1957 الصادر بإنشاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعى- تفسير أحكام هذا المرسوم بقانون تفسيرا تشريعياً ملزما أوجبت نشره فى الجريدة الرسمية، فان مؤدى هذه النصوص أن أحكام التفسير التشريعى الخاصة بأراضى البناء المشار إليها تسرى كذلك فى شأن الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القرار بقانون وتعتبر جزءا متمماً له طالما أنه لم يأت بحكم جديد.
وحيث أن الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثالثة من القرار رقم 1 لسنة 1953 المعدلة بالقرار رقم 1 لسنة 1963 المطعون فيهما تنصان على أنه "لا يعتبر أرضاً زراعية فى تطبيق أحكام المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعى: 1- الأراضى الداخلة فى كوردون البنادر والبلاد الخاضعة لاحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء وذلك اذا كانت قد صدرت مراسيم بتقسيمها طبقاً لهذا القانون قبل صدور قانون الاصلاح الزراعى 2- الأراضى الداخلة فى كردون البنادر- والبلاد الخاضعة لاحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 سالف الذكر ولم تصدر مراسيم بتقسيمها قبل صدور قانون الإصلاح الزراعى بشرط مراعاة ما يأتى: أ- أن تكون هذه الأراضى عبارة عن قطعة أرض جزئت إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو المبادلة أو التأجير أو التحكير لإقامة مبان عليها، ب- أن تكون هذه التجزئة قد تمت بوجه رسمى أى ثابت التاريخ قبل العمل بقانون الاصلاح الزراعى، ج- أن تكون إحدى القطع الداخلة فى تلك التجزئة واقعة على طريق قائم داخل فى التنظيم ومثل هذه القطعة وحدها هى التى تعتبر من أراضى البناء التى يجوز الاحتفاظ بها زيادة عن الحد الاقصى الجائز تملكه قانوناً.
وحيث إن المدعيين ينعيان على النصين المطعون فيهما أنهما يخالفان المادة 34 من الدستور التى نصت على أن "الملكية الخاصة مصونة" والمادة 37 منه التى فوضت المشرع العادى فى تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية وذلك تأسيساً على أن الدستور لم يجر هذا التحديد الا بشأن ملكية الأراضى الزراعية دون أراضى البناء وأنه بذلك يكون قد وضع قيدا على سلطة التشريع ومن ثم لا يكون تحديد ما يدخل ضمن مدلول الأراضى الزراعية وما لا يدخل من اطلاقات السلطة التشريعية بحيث لا تمتد إليه الرقابة القضائية الدستورية ومن جهة أخرى فان ما أتى به النصان المطعون فيهما من تفسير تشريعى يهدر طبيعة الأرض والغرض من استغلالها ويخالف ما وضعته المادة 37 من الدستور من ضابط لتمييز الأراضى الزراعية عن غيرها حين وصفت هذه الأراضى بوصف "الزراعية" ذلك أن المعياد الذى اتخذه التفسير التشريعى معيار تحكمى من شأنه أن يدخل فى نطاق اللأراضى الزراعية أراض تعتبر بطبيعتها والغرض الذى تستغل فيه أراضى البناء ويخضعها بذلك للحد الأقصى للملكية الزراعية.
وحيث ان الدستور بعد أن نص فى المادة 32 منه على أن "الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى وفى اطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال، ثم نص فى المادة 34 على أن "الملكية الخاصة مصونة" قضى فى المادة 37 بأن "يعين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال..." ومؤدى ذلك أن الدستور قد ناط بالمشرع العادى تعيين الحد الأقصى للملكية الزراعية دون أن يضع معياراً يميز الأراضى الزراعية محل هذه الملكية عن غيرها، أما ما ورد فى المادة 37 من الدستور من وصف الملكية التى يعين القانون حداً أقصى لها بأنها "زراعية" فهو وصف يحتاج إلى تحديد وبيان للضوابط التى يتحقق بها قيامه فى جانب هذه الملكية توصلا إلى تحديد ما يدخل فى نطاق الحد الأقصى للملكية الزراعية، واذ كانت مجالات التشريع الذى تمارسه سلطة التشريع إنما تمتد إلى جميع الموضوعات كما أن ملاءمات التشريع هى من أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادى ما لم يقيده الدستور بحدود وضوابط يتعين على التشريع التزامها وإلا عد مخالفا للدستور ومن ثم يكون من حق المشرع العادى أن يستقل بوضع القواعد القانونية التى يراها محققة للمصلحة العامة متى كان فى ذلك ملتزما بأحكام الدستور وقواعده، وكان البين من النصين المطعون فيهما من التفسير التشريعى الصادر بالقرار رقم 1 لسنة 1963 بتفسير بعض أحكام قانون الاصلاح الزراعى أنهما لم يتضمنا وضع معيار جامع مانع لما يعد أرضا زراعية وما لا يعد كذلك، وانما أورد هذا التفسير التشريعى حالات- ليست على سبيل الحصر- أخرجها من الأراضى الزراعية المنصوص عليها فى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليهما واعتبر هذه الحالات- متى توافرت عناصرها- من أراضى البناء التى لا يشملها الحد الأقصى للملكية الزراعية وترك- فى غير هذه الحالات- تحديد ما إذا كانت الأرض زراعية أم لا- عند النزاع- إلى الجهة القضائية المختصة لتستظهر طبيعتها وفقا للظروف والملابسات التى تحيط بها، لما كان ذلك فان هذا المسلك من قرار التفسير التشريعى سالف الذكر لا يكون متعارضا مع نص المادة 37 من الدستور وبالتالى لم يخرج عن مبدأ أن "الملكية االخاصة مصونة" الذى قررته المادة 34 من الدستور وانما يندرج هذا المسلك ضمن ملاءمات التشريع التى تنأى عن الرقابة الدستورية باعتبار أنها من إطلاقات السلطة التقديرية للمشرع العادى على ما سلف بيانه.
وحيث أنه لما تقدم يكون النعى بعدم دستورية النصين المطعون فيهما على غير أساس الأمر الذى يتعين معه رفض الدعوى.


"لهذه الأسباب"
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة، والزمت المدعيين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.