المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 7 لسنة 3 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-04-2009, 11:47 PM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 30 أبريل سنة 1983م.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق سيف النصر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: د. فتحى عبدالصبور ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبدالخالق النادى ومنير أمين عبدالمجيد ورابح لطفى جمعه أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد إبراهيم أبوالعينين المفوض
وحضور السيد/ احمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 7 لسنة 3 قضائية "دستورية".
"الإجراءات"

بتاريخ 24 يناير 1981 وردت إلى قلم كتاب المحكمة الدعوى رقم 771 لسنة 31 ق بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 9 ديسمبر سنة 1980 بوقفها واحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ما نصت عليه المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت من أن قرارات لجان التقويم –المشكلة طبقاً لأحكامه- نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى أستوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من قرار الاحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى 771 لسنة 31 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى –طالبين الحكم ببطلان قرار تقويم محلج ".... بالسنبلاوين"- المؤمم بمقتضى القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963- واعادة تقويمه وفقاً للأسس المبينة بصحيفة الدعوى. وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت فيما نصت عليه من أن قرارات لجان التقويم- المشكلة طبقاً لأحكامه- نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن لما بدا لها من مخالفتها لنص المادة 68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 9 ديسمبر سنة 1980 بوقف الدعوى واحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريتها.
وحيث إن القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت ينص فى مادته الاولى على أن "تؤمم منشآت تصدير القطن وكذلك محالج القطن الموجودة بالجمهورية العربية المتحدة وتؤول ملكيتها إلى الدولة...." وفى مادته الثانية على أن "تتولى تقييم رؤوس أموال المنشآت المشار إليها فى المادة السابقة لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف يختاره وزير العدل، وتصدر كل لجنة قراراتها فى مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن". كما تقضى مادته الثالثة بأن "تؤدى الدولة قيمة ما آل إليها من أموال المنشآت المشار إليها بموجب سندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة... وتكون السندات قابلة للتداول فى البورصة....".
وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم- المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 سالف البيان- ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لاجراءات وضمانات معينة، وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تقويم رؤوس أموال المنشآت المؤممة بموجبه لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لاصحابها مقابل تأميمها، دون أن يفرض على تلك اللجان اخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات او غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضى، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية. ولا يغير من ذلك ما ذهبت إليه الحكومة من أن تشكيل هذه اللجان برئاسة أحد المستشارين يضفى على أعمالها الصفة القضائية ويوفر منذ البداية الرقابة القضائية عليها ذلك أن مجرد مشاركة أحد رجال القضاء فى تلك اللجان- التى يغلب على تشكيلها العنصر الإدارى- لا يخلع عليها الصفة القضائية طالما أن المشرع لم يخولها سلطة الفصل فى خصومة، وما دامت لا تتبع فى مباشرة عملها اجراءات لها سمات اجراءات التقاضى وضماناته على نحو ما تقدم.
وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن "التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى.... ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء". وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم انه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسما لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات، وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقا لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصا على أن المواطنين لدى القانون سواء، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة 40 منه. ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه –وهو قيام المنازعة فى حق من حقوق أفرادها- ينطوى علىإهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
لما كان ذلك، فإن المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقا لأحكامه- قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن –وهى قرارات إدارية على ما سلف بيانه- تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى واخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت- فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم "نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن".
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 -بتأميم بعض المنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم "نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن"، والزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.